30‏/9‏/2016

المواصفات التقنية لمحرك الدبابة الروسية T-72 .

المواصفـــــــات التقنيـــــــــة لمحــــــرك الدبابــــــــة الروسيـــــــة T-72

في العام 1971 ظهر المحرك V-46 سوية مع الدبابة الجديدة T-72 . فلتجاوز سباق قابلية الحركة مع الدبابة المنافسة T-64 ، محرك ديزل جديد عالي القوة جرى تطويره واستخدامه . هذا الاختيار جرى اشتقاقه عن نموذج المحرك V-45K . مع ذلك هو قدم تعديلان رئيسان عن سابقه (1) قابلية استخدام وقود متعدد الأنواع (2) استعمال معزز شحن ميكانيكي supercharger . المحرك V-46 هو محرك ديزل مبرد بالماء ذو 12 اسطوانة على هيئة V (الزاوية بين الاسطوانات تبلغ 60 درجة) مع وزن إجمالي من 980 كلغم . جسم المحرك وعلبة المرفق ورؤوس الاسطوانات صنعا من سبيكة الألمنيوم aluminum alloy ، بينما بطانة الأسطوانات وعمود المرفق وذراع المكبس جرى تصنيعهما من الفولاذ . أما المكابس فتصنع من سبيكة الألمنيوم والنحاس duralumin . كل اسطوانة لها صمامي إدخال وصمامي إخراج ، تتم السيطرة عليهما من قبل أعمدة كامات رأسيه . المحرك V-46 يستخدم أذرع توصيل مفصلية لربط المكابس إلى عمود المرفق ، حيث ذراع المكبس الأيمن يوصل إلى عمود المرفق crank shaft ، بينما ذراع الأسطوانة في الجهة المقابلة أو المعاكسة موصول إلى "مُحمِل" أو دحروج Bearing في ذراع المكبس الأيمن .

قوة المحرك وطاقة خرجه التي بلغت 780 حصان موفرة عبر عمود المرفق إلى علبة التروس أو المسننات الوسطية intermediate gearbox ، وعبر علبة تروس بالسرعة المتغيرة variable speed gearboxes (أداة تعمل على تنظيم السرعة والقوة التدويرية ، أو ناتج عزم الدوران للمحرك) . إضافة إلى ذلك ، يعرض المحرك V-46 قابلية تشغيل يدوية ، حيث تستخدم هذه لتشغيل بعض الأجزاء المساعدة في المحرك ، بضمن ذلك أعمدة الكامات الرأسية ، مضخة حقن وقود ، وكذلك مضخات الماء والتشحيم . لقد حرص المصممين على عدم ربط وإيصال بعض التجهيزات مثل ضاغط الهواء ومولد بادئ التشغيل ومروحة التبريد مباشرة إلى المحرك .. وبينما النسخ السابقة للمحرك كانت محركات ديزل صافية (بمعنى تستخدم وقود الديزل فقط) ، فإن المحرك V-46 قادر على الاشتغال والعمل أيضاً بوقود البنزين أو الكيروسين أو مزيج من الاثنان . ونتيجة لهذا التحول والقدرة على إحراق أنواع أخرى من الوقود ، مضخة الوقود fuel pump كان لزاما عليها أن تحسن وتطور ، وهذا بشكل رئيس بسبب حقيقة أن الديزل مستعمل كمزيت أو مشحم lubricator للمضخة . ولتمكين المحرك من الدوران بوقود البنزين ، بدا التشحيم الخارجي مطلوب ضروري . لهذا السبب مضخة وقود مشغلة ميكانيكياً من نوع NK-12M جرى إيصالها مباشرة إلى نظام تشحيم المحرك . إن النظام مصمم كمضخة تعمل في اتجاه واحد مع عدد إثنا عشر عنصر أو مكون ضخ فردي ، كل منهم موصول إلى اسطوانة واحدة . ولمعالجة أنواع الوقود المختلفة , فإن هناك مقود يدوي صغير hand-wheel يسمح باختيار النوع المطلوب من وقود الديزل ، الكيروسين أو البنزين . بشكل عام ، كان لنظام الوقود في المحرك V-46 آلية إعداد بسيطة جدا ، فالوقود مسلم بواسطة مضخة كهربائية من خزانات العربات عبر مسار تدفقي لمرشحات رفيعة للتصفية fine filters ومن ثم إلى مضخة حقن الوقود . إن الجزء الأكبر من الوقود يقحم بعد ذلك من خلال صمامي حقن إلى كل اسطوانة ، ويصب جزء أقل في خزان تعويض مركزي أسفل المحرك ، الذي يستخدم أيضاً لتحرير الضغط release pressure من نظام الوقود في حالة تعرض الوقود لزيادة التسخين أو التمدد والانتشار .
تغيير مهم آخر قدم مع المحرك V-46 تمثل باستخدام ضاغط طارد مركزي centrifugal compressor مدار بطريقة ميكانيكية من طراز N-46 . هذا الضاغط الذي يطلق عليه أحياناً اسم الضاغط الدائري ، هو بشكله المبسط عبارة عن مضخة تتولى ضغط غازات المبردات عن طريق قوى الطرد المركزي . هو مصعد على الجانب الأيمن من المحرك بالقرب من الاسطوانات ، حيث يتولى ناقل حركة بترس مستقيم (ترس أسنانه موازية للمحور) ومعشق تروس clutches ، توصيل وربط ضاغط الطرد المركزي إلى عمود المرفق (الضاغط يستطيع العمل عند أي سرعة للمحرك) . ويتولى الضاغط سحب الهواء من خلال مرشحات الهواء ، ثم يعيد ضغطه إلى تقريباً 19 رطل لكل بوصة مربعة ويدفعه بقوة خلال صمامات الإدخال إلى غرفة احتراق المحرك . بالنتيجة ، هواء أكثر متوفر لكل خطوة أو مرحلة احتراق ، التي تسمح باستعمال وقود أكثر ، مما يزيد بالضرورة من ناتج عزم الدوران torque output وقوة خرج المحرك . إن القوة القصوى المعطاة للمحرك تبلغ 780 حصان أو 574 كيلووات عند 2000 دورة/دقيقة ، مع عزم دوران أقصى حتى 3.087 نيوتن متر . لقد تطلبت عملية تنظيف الهواء الداخل إلى اسطوانات المحرك وجوب وضع مرشح هوائي من مرحلتين مع آلية للفظ وطرد ذرات الغبار والشوائب الأخرى من أداة جمع الغبار dust collector . المرحلة الأولى للعملية تعتمد على وحدة حلزونية متعددة الدوامات cyclone unit ، تشتمل على عدد 96 فاصل حلزوني بالحجم الصغير مع مدخل ومخرج هواء مشترك . إن فكرة عمل هذه الوحدة تقوم على خلق وإحداث زوبعة قوية لفصل جزيئات الغبار الخشنة عن الرفيعة من جدول الهواء بواسطة قوة الطرد المركزية (توفر افتراق وفصل أفضل لجزيئات الغبار dust particles) . فالدوامة الرئيسة تدور بشكل لولبي نحو الأسفل حامله معها أغلب جزيئات الغبار الخشنة . أما الدوامة الداخلية ، فتحدث بالقرب من قاع الزوبعة أو الدوامة ، وتتصاعد بطريقة لولبية نحو الأعلى ناقلة معها جزيئات الغبار الأدق . وحدة الدوامة الحلزونية هذه قادرة على توفير نسبة تنقية من ذرات الغبار لنحو 99.4% . بعد عبور الهواء وتوجهه نحو المرحلة الثانية للمعالجة ، يتم أخيراً التصفية والتنقية لنسبة أعظم تبلغ 99.8% من الهواء الذي سوف يجهز أسطوانات المحرك .

27‏/9‏/2016

مجسات التحذير الليزريه المثبتة فوق سقف برج الدبابة T-90 .

مجســات التحذيــر الليزريــه المثبتــة فــوق سقــف بــرج الدبابــة T-90

مجسات أو مستقبلات التحذير الليزريه LWR المثبتة فوق سقف برج الدبابة T-90 تضطلع بدور الحماية الأهم وذلك عبر تفعيلها عمل الإجراءات المضادة ككل في الدبابة . هذه المجسات تعمل في الظروف المناخية المتراوحة ما بين -50 و+60 درجة مئوية ، وهي المسئولة عن إصدار الإنذار الابتدائي ما يمكن تسميته "بالاستجابة الفورية" immediate response وبعد ذلك تفعيل الإجراءات المضادة كخطوة لاحقة نحو الأخطار المصوبة باتجاه الدبابة والتحذير من أن العربة أصبحت في وضع الاستهداف والإنارة المعادية . المجسات الليزريه من نوع TSHU-1-1 التي يبلغ وزن كل منها 3.2 كلغم وتخص جانبي البرج ، قادرة على مسح وتغطية قطاع أفقي حتى 135 درجة (استهلاك كهربائي ليس أكثر من 7.5 وات) ، في حين النوع الآخر المثبت للأعلى من مقدمة قمة البرج ويحمل التعيين TSHU-1-11 فإن وزن كل من وحداته يبلغ 3.5 كلغم ، وهو قادر على تغطية قطاع أفقي فقط حتى 45 درجة (استهلاك كهربائي ليس أكثر من 15 وات) ، مع حقل رؤية عمودي من -5 وحتى +25 لكلا النوعين . هذه المجسات تعمل في الطول الموجي 0.65-1.6 مايكرو بالنسبة للنوع الأول ، و2.55 مايكرو بالنسبة للنوع الثاني ، وهي مزودة بأغطية واقية من الشظايا قابلة للرفع يدويا قبل الاستعمال . المجسات قابلة للاستثارة والتنشيط activates بمجرد تسليط شعاع ليزر خارجي على الدبابة حاملة للنظام ، سواء أكان هذا الشعاع صادر عن منظومة تعيين ليزري أو محددة مدى ليزريه (قدرة على مواصلة العمل التشغيلي operating time لنحو 6 ساعات) . في هذه الحالة تقوم المجسات بإرسال إشارة التحذير للمنظومة المركزية والحاسب الآلي في الدبابة لمواجهة التهديد القادم وتفعيل وسائل الاعتراض المضادة . 
هذه المجسات في الدبابة T-90 يمكنها أن تحدد للنظام مكان النقطة التي انطلق منها التهديد ، وبالتالي توجيه البرج وسلاح الدبابة الرئيس نحوه بشكل آلي .. جدير بالذكر أن اختبارات النسخة التصديرية من الدبابة الروسية T-80U التي جرت في اليونان خلال شهر أغسطس العام 2000 أظهرت بعض نواحي القصور المبكرة لهذه المجسات المدمجة في منظومة الإخماد الكهروبصري Shtora-1 ، عندما أخفقت هذه في تحسس وكشف الإشعاع الليزري لمنظومة تحديد المدى الخاصة بالدبابة الغربية Leopard-2 ، على الرغم من أن المجسات الروسية استجابت سريعاً لإنارة شعاع الليزر الصادر عن ذات المنظومة الخاصة بالدبابة الأوكرانية T-84 والتي يتماثل نظامها للسيطرة على النيران إلى حد كبير مع ما تتجهز به الدبابات الروسية T-80U . بعد هذه الحادثة ، الروس كما تحدثت بعض المصادر طوروا قابلية ردة فعل مجسات المنظومة شتورا وجعلوها قابلة للاستجابة والتفاعل مع الأنظمة الليزرية الغربية .

ردة فعل الدبابة عند كشف المجسات للتهديد


25‏/9‏/2016

القاذفات الكتفية ومعضلة اللفح والعصف الخلفي .

القاذفــــــــــات الكتفيـــــــــــة ومعضلـــــــــــة اللفـــــــــــح والعصـــــــــف الخلفــــــــــي 

عند إطلاق النار من سلاح عديم الارتداد أو سلاح صاروخي ، تتشكل موجة مخروطية الشكل خلف منصة الإطلاق ، يطلق عليها منطقة العصف أو اللفح الخلفي Back blast . حيث تتكون هذه المنطقة عند طرد السلاح لغازات الدافع لحظة خروج المقذوف وانطلاقه للأمام من فوهة القاذف (يعمل الضغط المعزز والمتصاعد في حجرة الانفجار على تحطيم وتمزيق غطاء قاعدة سبطانة السلاح ، وعند تمزق هذه القشرة فإن الغازات الساخنة تخرج مسرعة جهة الخلف لتشكل العصف الخلفي وتمنع الارتداد) . ويتفاوت مدى منطقة العصف هذه بين 20-100 م ، ومع زاوية تغطية لنحو 80-90 درجة ، حسب نوع السلاح المستخدم وحجم شحنة الدافع ونوعها (عند التشغيل في درجات الحرارة ما دون حالة التجمد ، فإن منطقة الأمان للعصف الخلفي تتضاعف) . إلا أنه ما من شك في خطورة هذه المنطقة على أفراد القوة البرية المرافقين لرامي السلاح ، حيث يمكن أن يتعرض هؤلاء للحروق نتيجة الغازات الساخنة ، أو أن يكونوا عرضة للضغوط العالية والمفرطة over-pressure الناتجة عن الانفجار . لذا عند استخدامهم في الفراغات المحصورة والمقيدة ، فإن هذا النمط من الأسلحة يمكن أن يعرض حياة مشغليها للخطر ، ناهيك عن خطر كشف موقع الرامي للرصد المعادي . وقد تعمل منطقة العصف الخلفي في العراء على إثارة الحطام وكتل الحجارة الصغيرة مما قد يتسبب معه بجروح خطيرة للأفراد المتواجدين مباشرة خلف منطقة الرمي (كما يجب مراعاة عدم توفر مواد قابلة للاشتعال في نفس المنطقة) .
القاذف الروسي RPG-7 على سبيل المثال يمتلك منطقة خطر وعصف خلفي بعمق 20 م وعرض 15 م ، مع منطقة تحذير في كافة الأنحاء بعرض 25 م أخرى . أي موقع إطلاق نار يجب أن يختار بعناية بحيث يوفر منطقة خالية على الأقل لنحو 2 م من أي شكل من أشكال العوائق والعقبات ، في مقدمة ومؤخرة السلاح . فوهة القاذف هي الأخرى يجب أن تتحصل على فسحة محيطة لنحو 20 سم من العوائق للسماح بانتشار الزعانف المطوية folding fins . تتطلب عملية الرمي توفر منفذ خارجي بمساحة لا تقل عن متر واحد مربع (باب أو نافذة) إلى الخلف للتنفيس عن ضغط الانفجار العالي . أما إذا تم الإطلاق من مواقع قتالية ، كالخنادق ، أو الحفر التقليدية ، فإن عقب السلاح يجب أن يبعد عن حاجز الخلفي للموقع لتفادي الارتداد الحاد لعصف الانفجار . ويوصى الرماة عند الرمي من موضع منكفئ أو منبطح ، عادة بوجوب إمالة سيقانهم لنحو 45 درجة جهة اليسار لإبقائها في أمان من طاقة الانفجار الخلفي .هناك كرة نارية ونفث دخاني أبيض مائل للزرقة بقطر 0.9-1.2 م في المنطقة الخلفية للسلاح أثناء الرمي ، التي قَد تحتاج عادة لنحو ثمان ثواني مع الرياح الخفيفة ، لكي تتفرق وتتبدد . واعتماداً على ظروف ومدى تماسك التربة ، قد يكون هناك آثار غبار كثيف ومعتبر ، وفي ظروف أخرى ، دفع كتل الثلج للأعلى أو طرطشة لرذاذ المطر ينشأ عندما تتم عملية إطلاق النار من موقع منكفئ أو راكع . عملية الرمي تتحصل أيضاً على وميض محدود عند فوهة القاذف muzzle flash ، بالإضافة لأثر اشتعال شحنة الدافع بعد 11 م أمام الفوهة ، مما يخلق معه نفخة دخان صغيرة .
أحد أبرز الأسلحة الكتفية المضادة للدروع التي تم معها تجاوز معضلة العصف الخلفي ، ويمكن إطلاقها من الأماكن المحصورة ، القاذف الألماني Armbrust . فهذا السلاح من إنتاج شركة Messerschmitt-Blohm ، التي لاحقاً باعت حقوق تصنيعه لسنغافورة . وهو عبارة عن نظام كتفي خفيف مضاد للدروع من عيار 67 ملم ، يستجيب تماماً للمعنى الألماني لاسمه "القوس النشاب" Crossbow . فهو يتميز بالخفة والكتامة ، كما أن الرمي به لا يترك دخاناً ، ولا يرسل وميضاً ، ولا يخلف نفثاً أو عصفاً إلى الوراء ، وهي خصائص مشتركة تميز بعض أنواع القواذف الكلاسيكية الكتفية الحديثة . أما الصوت الذي يحدثه عند الإطلاق ، فهو أكثر كتامة من الصوت الذي تحدثه طلقة مسدس عيار 9 ملم . هذا السلاح لا يتعدى وزنه 6.3 كلغم ، وطوله في وضع الرمي 850 ملم ، وهو سلاح مثالي لعمليات القتال في المدن ، لأن عدم وجود لهيب وموجة صدم في المؤخرة ، يتيح الإطلاق من مكان مغلق أو من غرف صغيرة ، كما أن عدم وجود أي إشارات دالة لعملية الإطلاق ، يسمح لمستخدم السلاح بالاستمرار في موقعه ، والتعامل مع أهداف متتالية من دون أن يكشف موضعه ، والسلاح بشكل عام لا يحتاج إلى صيانة مسبقة ، علماً أنه من أسلحة الرمية الواحدة .
طريقة استخدام القاذف Armbrust بسيطة جداً ، وتعتمد على مبدأ ديفس المطور Davis . ففي قلب سبطانة الإطلاق المصنوعة من الفولاذ ، توجد شحنة الدافع مضغوطة بين مكبسين pistons، وعند اشتعال الشحنة ، فإن ضغط الغاز يدفع أحد المكبسين نحو الطرف المناسب له من السبطانة ، فيما يقذف المكبس الخلفي وزناً مضاداً ، مكون من حزمة من 5000 قصاصة بلاستيكية Plastic Flakes ، التي تتناثر للخارج (كتلة القذيفة مساوية إلى كتلة الموازنة ، ويقذف الاثنان من السبطانة في نفس السرعة الأولية البالغة 220 م/ث) ، وبفضل هذه الطريقة يبقي الوميض الضوئي والدخان ، محصوران داخل السبطانة ، فيما يقل صوت الإطلاق إلى درجة كبيرة ويخرج مخنوقاً .
يوجد للسلاح Armbrust قذيفة ثانوية متشظية ، مضادة للأفراد والمركبات غير المصفحة ، مداها العملي حتى 1500 م ، وتنثر هذه كراتها الفولاذية ضمن دائرة مميتة شعاعها 14 م . في حين أن الذخيرة القياسية ، عبارة عن قذيفة مضادة للدروع ذات شحنة مشكلة ، يبلغ وزنها 0.99 كلغم ، قادرة على اختراق 300 ملم من التصفيح المتجانس . وتؤكد الشركة المنتجة أن دقة سلاحها في إصابة هدف ثابت مساحته 1.5×1.5 م من مسافة 300 م تصل إلى 80% . يستخدم السلاح Armbrust حالياً من قبل القوات الألمانية ، كما أن قوات دلتا الأمريكية Delta force تستخدمه أيضاً ، وقد شوهد كثيراً في أيدي القوات المتصارعة في البوسنة والهرسك ، كما استخدم أثناء الحرب الكمبودية الفيتنامية .
سلاح آخر غير موجه ، يحمل نفس الفكرة في كبح العصف الخلفي ، هو القاذف السويدي AT4 CS (هي اختصار confined space أو الفضاء المحصور) . هذا السلاح المحمول من قبل الأفراد من إنتاج شركة Saab Bofors Dynamics ، ومصمم خصيصاً للاستخدام في البيئات والتضاريس الحضرية . القصد من تبنيه ، إعطاء وحدات المشاة إعطاء قابليات كافية على تحطيم أو تعطيل العربات المدرعة والتحصينات الأخرى ، على الرغم من عدم كفايته لهزيمة ودحر دبابات المعركة الرئيسة الحديثة MBT . وبدلاً من استخدام قصاصات بلاستيكية ككتلة موازنة ، كما في القاذف Armbrust العامل بمبدأ Davis المطور ، فإن القاذف AT4 CS يطلق عند استخدامه كتلة من الماء المالح ككتلة مضادة من مؤخرة القاذفة ، لامتصاص واستيعاب الانفجار الخلفي ، حيث يعمل الرذاذ الناتج على الاستحواذ وإبطاء موجة الضغط بشكل مثير ، مما يتيح استخدام السلاح من غرف لا يتجاوز مساحتها 3×3 م ، دون تعريض سلامة الرامي للخطر .

23‏/9‏/2016

بداية البحث الغربي في مجال الشحنـات المشكلـة .

بدايــــــــــات البحــــــــث الغربـــــــي فـــــــــي مجــــــــال الشحنـــــات المشكلـــــة

الإشارة الأسبق لمبدأ الشحنة المشكلة Shaped Charge ظهر في العام 1792 ، عندما لاحظ مهندس تعدين ألماني هو "فرانز فون بادر" Franz von Baader هذا التأثير ، الذي يفترض بأنه نشره على ورقة بحثية في مجلة "عمال المناجم" Miner's في شهر مارس من نفس السنة ، تحت اسم "التحقيق في نظرية الانفجار" Investigation of a Theory of Blasting . وكما هو منصوص تاريخياً ، فإن مهندسي التعدين آنذاك ، الذين استخدموا المتفجرات كثيراً في عملهم ، كانوا على دراية ومعرفة بإمكانيات أدوات الشحنات المشكلة ، حيث دأب هؤلاء على ملاحظة أن إدخال تجويف فارغ في مقدمة مادة متفجرة يسمح بتركيز قوة الانفجار وطاقته في اتجاه واحد وفي منطقة صغيرة نسبياً . مع ذلك ، الاكتشاف الحقيقي لتأثير الشحنة المشكلة يعود إلى العام 1883 (هذه الظاهرة معروفة في أوروبا باسم تأثير فون فوستر von Foerster أو نيومان Neumann) ، عندما قام دكتور صيدلي أمريكي يعمل بالقوة البحرية الأمريكية ، هو "تشارلز إدوارد مونرو" Charles Edward Munroe (مخترع المتفجرات بدون دخان ومؤلف أكثر من 100 كتاب في المتفجرات والكيمياء) ، بإجراء اختباراته في مجال المتفجرات الخاصة بالرؤوس الحربية للطوربيدات في ميناء Newport ، ولكن نتائج اكتشافه لم تلقى أي اهتمام أو تطبيقات عملية . قبل ذلك ، لاحظ مونرو قابليات استخدام أدوات الحفر بالمتفجرات ، ووصف تأثير التجويف في تركيز طاقة الانفجار العام 1888 ، عندما لاحظ أن إضافة تجويف لهذه الأدوات يؤدي إلى اختراق أعمق في الصفائح المعدنية . مونرو صنع أداة استخدمت هذه الأفكار مع صحيفة من القصدير أحاطت بأعواد الديناميت المتفجرة ، واستعمل هذه لفتح ثغرة في خزانة معدنية (العمل وتأثيرات هذه التجربة وصفت في مجلة العلوم الشعبية ، العام 1900) . أعيد في مرحلة لاحقة إحياء الابتكار أو تأثير مونرو من طرف عالم آخر ، هو الألماني "فون نيومان" Von Neumann في العام 1911 ، الذي طور الفكرة باستخدام متفجرات من نوع TNT . لقد أكتشف نيومان أن اسطوانة بتجويف مخروطي مع 247 غرام من المواد المتفجرة ، تنتج اختراق أعظم من اسطوانة صلبة (شحنة مسطحة ومنبسطة) مع مادة متفجرة بوزن 310 غرام . وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914-1918) بدأ الاهتمام الحقيقي بهذا النوع من الرؤوس الحربية ، عندما طورت أسلحة جديدة كوسائل فعاله مضادة للدبابات ، وتحديداً في العام 1935 ، عندما قام مهندس كيميائي سويسري هو الدكتور "هنري موهابت" Henry Mohaupt بتطوير المفهوم من جديد ، حيث أسس الرجل مختبر في زيوريخ/سويسرا لتطوير الأسلحة المضادة للدبابات التي يمكن أن تستخدم من قبل جنود المشاة . انتقل موهابت في 18 أكتوبر العام 1940 للعمل في الولايات المتحدة على مشروع أول سلاح أمريكي مضاد للدبابات مع شحنة مشكلة ، هو القاذف الكتفي "بازوكا" bazooka . لقد جاء موهابت بفكرة وضع بطانة داخلية في أواخر العام 1935 كاكتشاف عرضي على ما يبدو ، وكما هو الحال مع العديد من الاكتشافات الأخرى المهمة (رغم أن هناك من ينسب هذا الفضل للألماني فرانز تومانك Franz Thomanek) ، حيث أجرى اختباراته بالمخاريط الفولاذية المجوفة hollow steel cones في الزوايا من 22 وحتى 45 درجة ، وسجل براءة اختراعه في تاريخ 9 نوفمبر العام 1939 . وفي الحقيقة ، ينسب البعض لهذا العالم الفضل في تطوير الشحنة المشكلة بمعناها الحديث .
مفهوم الشحنة المشكلة جذب انتباه البحرية البريطانية . وتظهر سجلات المدفعية البحرية Naval Ordnance بأن العام 1913 شهد دراسة استخدام الشحنات المشكلة كرؤوس للطوربيدات الحربية torpedo warheads . الجيش البريطاني في المقابل كان أكثر شكاً في قابليات التركيب الجديد ، واعتبر أن استخدام الشحن المشكلة في المقذوفات كان غير عملي ، لأنه سيكون من الصعب منع وإعاقة الحركة الأمامية للشحنة عند الاصطدام بالهدف . بالإضافة إلى أن صمام القاعدة base fuse ما كان ميزة مقبولة في ذلك الوقت .. هكذا وعلى الرغم من الفوائد الظاهرة والمثبتة للشحنات المشكلة ، هم لم يستخدموا في الحرب العالمية الأولى . أثناء السنوات من 1941 إلى 1945 ، بحث تجريبي ونظري شامل افترض في بريطانيا ، الذي أدى إلى زيادة كبيرة في معرفة الآليات المعقدة complex mechanisms لتشكيل النفاث والتفاعل الحاصل بينه وبين الهدف . ومع نهاية العام 1942 ، ظهر جلياً أن تأثير الشحنة المشكلة لم يكن ببساطة نتيجة تركيز الطاقة المتفجرة فقط ، لكن كان بالأحرى ضمن عملية معقدة تشمل : نوع وشكل وحجم الشحنة المتفجرة ، المسافة بين المبطن والهدف ، والوسط الذي سيعبر خلاله النفاث قبل وصوله للهدف . هكذا ، عند نهاية الحرب العالمية الثانية ، النظرية الأساس للشحنات المشكلة basic fundamental theory فهمت وتم إدراكها لحد كبير .
العلماء الألمان أمثال "كارل كرانز" Carl Cranz ، "هوبرت سكاردين" Hubert Schardin و "فرانز تومانك" Franz Thomanek درسوا بدورهم في الفترة 1926-1929 تأثير الشحنة المشكلة ، وسجلوا العديد من ملاحظاتهم الخاصة والمثرية حول هذا الموضوع . وفي الثلاثينات ، مبدأ الشحنة المشكلة أخذ بجدية في الدوائر العسكرية الألمانية ، وبدأت مدفعية الجيش تطويراً بحثياً في ثلاث اتجاهات ، الأول يخص شحنات وعبوات التهديم demolition charges والتجاويف نصف كروية للشحنات المختلفة . المسار الثاني تمحور حول قنابل البنادق مع الشحنات الكروية غير العميقة shallow spherical . وأخيرا بحث العلماء الألمان في تطوير مقذوفات الشحنة المشكلة للمدافع المضادة للدبابات anti-tank guns . وبحلول العام 1937 ، كان لدى بعض العلماء الألمان أمثال سكاردين بعض الأفكار الاحتمالية والتفسير العلمي لتأثير الشحنة المشكلة . من جهة أخرى ، وفي التجارب المعدة لاختبار الفرضيات ، عمل الدكتور فرانز تومانك في فبراير العام 1938 على اكتشاف أهمية بطانة التجويف cavity liner بعد ملاحظة عرضية (سجل براءة اختراع ألمانية بشكل سري بتاريخ 9 ديسمبر 1939 وطلب منه الرايخ تحسين أداء البطانة) . حيث استخدم أولاً مادة الزجاج في التجربة وبحث التأثير . الاختبارات اللاحقة أجريت فوراً بالمواد الأخرى كالفولاذ والنحاس الخفيف وأمكن تحصيل عامل اختراق بلغ نحو ضعفي قطر الشحنة المستخدمة في الاختبارات الأولية . أختبر تومانك البطانات ناقوسية الشكل والنصف كروية والمخروطية المصنوعة من النحاس ، وأنتجت هذه تحسين لنحو خمسة أضعاف قابلية الاختراق بالمقارنة مع الشحنات غير المخططة unlined charges . لقد كشفت التجارب على الأهمية الحرجة لسماكة مبطن المخروط والحاجة للسيطرة عليه (بمعنى آخر دقة الصناعة) . أشكال البطانة درست أيضاً ، وأثبت المبطن نصف الكروي hemispherical liner أن يكون أحد الأشكال الفعالة التي تم تبنيها من قبل المهندسين الألمان . تأثير مسافة المباعدة standoff قرر أيضاً وأمكن حسابه . أسس تومانك بعد ذلك شركة لتطوير وصناعة أسلحة الشحنة المشكلة لحساب الرايخ الألماني ، حيث تولت شركته تطوير وتصنيع أكثر من خمسة ملايين عنصر ذخيرة ، بضمن ذلك قذائف المدفعية ، قنابل البنادق ، الألغام الأرضية ، الذخيرة الفرعية للطائرات .. وغيرها . أما أول سلاح مضاد للدروع دخل الخدمة الفعلية وهو مجهز بهذا النوع من الرؤوس ، فهو الألماني Panzerfaust ، عندما أطلق الألمان على هذا النوع من الرؤوس اسم Hohlladung .
ويذكر التاريخ كيف صمم المهندسين الألمان في أواخر الحرب العالمية الثانية وأنتجوا أضخم سلاح جوي في العالم بشحنة مشكلة ، أطلق عليه Mistel ، للاستخدام ضد السفن والتحصينات الأرضية . هذا السلاح عبارة عن طائرة مملوءة بالمتفجرات تحمل من قبل طائرة مقاتلة أخرى صعدت بالأعلى منها . حيث تضمن المخطط استبدال كامل مقصورة الطاقم الواقعة في مقدمة هيكل طائرة بشحنة تفجير مشكلة التي بلغ إجمالي وزنها 3500 كلغم . وتتولى المقاتلة إطلاق هذه القنبلة الطائرة نحو هدفها ثم بعد ذلك تعود لقاعدتها . المبطن المخروطي مشابه في تصميمه للرأس الحربي لسلاح Panzerfaust الكتفي المضاد للدروع ، وهو مصنوع من مادة من الألمنيوم أو النحاس مع قطر أقصى يبلغ 2 م ، في حين بلغت سماكته 30 ملم وزاوية انفراجه 120 درجة ، أما المادة المتفجر فكانت بزنة 1720 كلغم . حسب ما صرح به الألمان فإن الشحنة المشكلة لهذا السلاح كانت قادرة على اختراق 7 أمتار من التدريع الفولاذي للسفن المعادية الحربية ، أو نحو 18.5 م من الخرسانة المقساة . وحتى نهاية الحرب ، كان هناك نحو 85 وحدة من السلاح Mistel تم بنائها . فقط بضعة منها طيرت في مهمات ، حيث استخدم بعضها في تحطيم جسور Oder في أوائل العام 1945 . على الرغم من هذا ، حوالي 50 وحدة تم الاستيلاء عليها من قبل الحلفاء مع نهاية الحرب ، كما استولت القوات الروسية على بعض النماذج .


بدايــــــــــــات البحـــــــــــــث السوفييتــــــــــــــــــــي 

في العام 1941 فوجئ أطقم الدبابات السوفييتية وأصيبوا بالذهول وهم يرون القذائف الألمانية وهي ترتطم بدباباتهم لتترك ثقوباً عميقة على الهياكل والأبراج . أطلق الألمان على هذا النوع من الذخائر تسمية Hohlladungsgeschoss والتي تعني القذيفة ذات الشحنة المجوفة . لقد عملت الماكنة الحربية الألمانية في السنوات 1939-1943 على تطوير أسلحة وذخائر بشحنات مشكلة من أنواع وأعيرة مختلفة ، كوسيلة مبتكرة لهزيمة ودحر دروع دبابات الحلفاء . على أية حال ، الاحتكار الألماني لم يدم طويل ، وفي تاريخ 23 مايو من العام 1942 تم اختبار أول مكافئ سوفييتي لقذائف المدفعية الألمانية ، وكان من عيار 76.2 ملم ، ليدخل الخدمة بعد ثلاثة أيام فقط تحت التعيين الرسمي BR-353A . هذه القذيفة التي جرى استنساخها بتقنية الهندسة العكسية reverse engineering ، كانت قادرة على اختراق تدريع بسماكة 75-90 ملم عند الارتطام بزاوية 90 درجة . كما طور السوفييت قذائف مماثلة أكبر قطراً من عيار 122 ملم حملت التعيين BR-460A مع قابلية اختراق حتى 200 ملم . السوفييت ابتكروا أيضاً أول سلاح يدوي لهم يعمل بتقنية الشحنة المشكلة كما تذكر بعض المصادر في العام 1943 ، عندما طوروا القنبلة اليدوية نوع RPG-43 كسلاح مؤثر مضاد للدروع وكبديل ناجح عن القنبلة اليدوية الأقدم من نوع RPG-40 التي اعتمدت في مفعولها على شحنة شديدة الانفجار . زودت القنبلة اليدوية RPG-43 بصمام تصادمي مع شحنة مشكلة بقطر 95 ملم مع 612 غرام من مادة TNT شديدة الانفجار ، وكان لها القدرة على اختراق نحو 75 ملم من الفولاذ ، لتحسن في مراحل لاحقة من الحرب بالسلاح RPG-6 الذي أدخل الخدمة في أكتوبر العام 1943 . هم أيضاً طوروا اللغم الأرضي الطائر المدعو LMG (اختصار flying mine Galitskiy) مع شحنة مشكلة ومتفجرات من نوع TNT . هذا اللغم استعمل من قبل السوفييت بنجاح كبير ضد الدروع الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية ، حيث صعد المقذوف على منصة خشبية ثابتة في تجويف أرضي غير عميق ، وهو مصوب باتجاه الطريق المحتمل لمرور الدبابة . عملية المشاغلة وإطلاق المقذوف تتم عندما يتم جذب سلك إعثار ملحق بصمام في قاعدة المقذوف .
أطلق السوفييت على تأثير الشحنة المشكلة اسم الشحنة المتراكمة Cumulative Charge ، والكلمة لاتينية الأصل cumulatio وتعني التكدس أو التزايد في إشارة إلى آلية عمل هذا النوع من الشحنات والقائمة على تركيز طاقة الانفجار . التأثير التراكمي لوحظ بداية في العام 1864 من قبل المهندس والجنرال العسكري الروسي "ميخائيل بورسكوف" M. Boreskov الذي استخدم هذه الظاهرة لثقب الصخور وألواح الأشجار الصلبة لبناء التحصينات . بورسكوف عمل في مجال زراعة الألغام واكتشف أن شحنة متفجرة من النتروغلسرين nitroglycerine مع تجويف موجه ستمتلك بشكل ملحوظ تأثير تدميري أعلى بكثير من الشحنات التقليدية . التأثير شوهد أيضاً من قبل قائد عسكري سوفييتي آخر هو "ديمتري أندريفسكي" Dmitry Andrievskiy ، الذي عمل العام 1865 على تفجير شحنة من الديناميت ملئت بورق مقوى كرتوني مع تجويف محشو بنشارة الخشب . نتائج الدراسات العملية المتعلقة بتأثير طاقة المواد المتفجرة ظهرت في الإتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية ، حيث ينسب الفضل في تطوير الرؤوس الحربية المشكلة للبروفسور "سيكورفسكي" M.J. Sukharevsky ، الذي أجرى أول دراسة منظمة حول التأثير التراكمي cumulative effect وأصدر أول أبحاثه ورسائله العلمية في هذا المجال العام 1923-1926 . عمل الرجل على الشحنات المشكلة التي احتوت على تجاويف بدون كساء أو غلاف معدني ، واستطاع معرفة وإيجاد الرابط بين عملية اختراق الدروع بهذه الشحنات وشكل التجاويف ، بالإضافة للعوامل المؤثرة الأخرى . لقد وصف سيكورفسكي تجاربه الشاملة بالتجاويف غير المبطنة في أنواع مختلفة من الأشكال والزوايا ، حيث لاحظ بأنه يمكن لتجويف مخروطي أن يولد تأثير اختراق صغير (لشحنة غير مبطنة unlined charge) ، كما دون في سجلاته العلمية أن الأهمية العملية الكبرى لقذائف الشحنة المشكلة تكمن في إمكانية تحويل وزن قذيفة مدفعية إلى النصف ، وزيادة التأثير المتفجر من قبل عامل 3 إلى 5 . لكن للأسف وبشكل مأساوي ، انتهت بحوث سيكورفسكي العلمية في هذا المجال مع سقوطه كضحية لإحدى حملات التطهير الستالينيه Stalin's purges .

20‏/9‏/2016

لمهاجمة هدف ما .. الصــاروخ الموجــه أم القذيفــة الصمــاء !!

لمهاجمـــــــة هـــــــدف مـــــــا .. الصــــــاروخ الموجـــــه أم القذيفــــــة الصمـــــــاء !!

يرى المنظرون في دبابة المعركة الرئيسة أفضل وسيلة لمواجهة دبابة معركة أخرى معادية ، فهم يرون أن قدرات هذا السلاح الممزوجة بأكثر أشكال القتال مناورة ، كما هو الحال مع المعركة التصادمية impact battle يتيح لها الاشتباك مع دبابات الخصم في معظم مراحل الهجوم والدفاع ، وفي جميع الاتجاهات بفضل البرج الدوار . هي قادرة على إطلاق قذائفها بسرعة تتجاوز 1700 م/ث ، بحيث لا تعطي أي فرصة لدبابات الخصم للمناورة maneuver أو الاختفاء . وبالمقارنة مع صواريخ الجيل الثاني المضادة للدروع ، فإن هذه تحتاج في المتوسط لنحو 15-20 ثانية للوصول لمداها الأقصى ، في حين تستطيع قذيفة الدبابة الوصول لمداها المؤثر خلال ثانيتين فقط . إن أطقم الدبابات الآن مدربون على ضرب المواقع المشتبه بها بأنفسهم أو بطلب نيران المدفعية الداعمة ، قبل دخول التشكيلات المدرعة ضمن مدى الصواريخ المضادة للدروع . النتائج الباهرة خصوصاً ما يخص القوة النارية fire power ، تم الوصول لها نتيجة التطور التقني المتحقق في مجال أنظمة السيطرة على النيران FCS ، فالدبابات الحديثة تحتاج لقذيفة واحدة فقط لإصابة هدف على مسافة 1500-2000 م ، في حيت كانت الدبابات في الحرب العالمية الثانية تحتاج لنحو 13 قذيفة لإنجاز نفس الغرض . الدبابات لا تشكل سلاحاً فعالاً في مقاومة الدبابات فحسب ، بل ونظراً لما تتمتع به من خصائص ، فإن باستطاعتها السيطرة على الأرض سواء ذلك في النهار أو الليل . هي تستطيع القيام بذلك عند الضرورة ، ولحد معين ، دون إسناد الأسلحة الأخرى . إلا أن ميزتها الرئيسة تكمن في جمعها لعناصر الكثافة النارية وقابلية الحركة والقدرة على ردة الفعل السريع . إن الجمع بين هذه العناصر الثلاثة ، ضروري لمواجهة أي سرعة انتقال وتحول من الموضع الدفاعي ، لشن الهجوم على العدو الذي قد يظهر بشكل مباغت ، على الرغم من جميع المنظومات المتوافرة المحسنة لكشف الأهداف .
كبديل عن أسلحة الدبابة الرئيسة ، تعرض الصواريخ الموجهة المضادة للدروع Anti-tank guided missile فائدة الوزن الخفيف والدقة العالية . كما هم يتضمنون في الواقع ، رؤوس حربية قوية وشديدة الفاعلية ، عملياً مع مستوى ارتداد منخفض ، لذلك هم يمكن أن يثبتوا على العربات الخفيفة نسبياً . ولكونهم موجهون guided ، فإنهم يعرضون أيضاً احتمالات مرتفعة لضرب وإصابة أهدافهم ، حتى عند مدى توجيههم الأقصى . وفي معظم الأوجه ، مثلت هذه الأسلحة أبسط فئات الصواريخ ، فالمدرعات المعادية كانت ولا تزال تهاجم دوماً على مدى قريب وبعد تصويب بصري مباشر ، فهي تشكل أهدافاً من كتل معدنية كبيرة وبطيئة نسبياً ، وغير قادرة على الهرب أو التراجع بالسرعة المطلوبة (وإن كان مشهدها في ساحة المعركة يعكس منظراً مفزعاً fearsome sight) . وبالمقارنة مع السفن والطائرات ، فإن قدرتها على التشويش الإلكتروني والحراري منخفضة جداً في أحسن الأحوال وغير موجودة في معظمها ، وليس من الصعب على رأس حربي أن يخترق تصفيحها ويسبب الدمار بداخلها . ويؤكد أنصار الصواريخ الموجهة المضادة للدروع أن مدى مقذوفاتهم يتزايد ، وإنه يزيد كثيراً عن مدى مدافع الدبابات ، وهذا العامل بالإضافة إلى المراقبة المحسنة للهدف ، سوف تزيد كثيراً من مساحة المنطقة المهددة للقوى المدرعة . وميادين المعارك تؤكد وتثبت أن الصواريخ المضادة للدروع ، خصوصاً تلك المنطلقة من منصات أرضية متحركة ، لا تترك أي فرصة للدبابة للإفلات ، فهي تتميز بدقة عند مداها الأقصى الذي يتراوح في معظمها عند 4-5 كلم ، يعجز مدفع الدبابة عن مجاراتها .
مع ذلك ، جزئية زيادة "مدى النيران" firing range تحتاج للمزيد من الإيضاح والتفسير وهي أحد الأسئلة القابلة للنقاش اليوم ، فبعض الأنظمة الصاروخية الموجهة المضادة للدروع الأحدث ضوعف مداها القتالي إلى 8-10 كلم ، مثل الروسي Kornet-EM . مع ذلك ، يرى العديد من الاختصاصيين العسكريين أن معالم وسمات التضاريس وكذلك الأهداف المحجوبة والمخفية بالمناظر الطبيعية في أكثر المناطق المناسبة للعمليات القتالية ، تضمن رؤية مباشرة direct visibility في مديات قصوى لا تتجاوز عادة 3-4 كلم . لذا ، زيادة مدى الإطلاق فوق هذه الحدود تبدو لكي تكون غير منطقية للأنظمة التي تطلق نيرانها مباشرة ضد الأهداف المنظورة (ناهيك عن صعوبة تعيين الأهداف وتحديد هويتها وماهيتها عند هذا المدى) . على أية حال ، تحليل النزاعات المسلحة في العقود الأخيرة كشف بأن عمليات الاستهداف يمكن أن تتم في الصحاري المنبسطة الممتدة ، وبشكل استثنائي في الوديان الواسعة wide valleys وفي التلال بين الجبال ، في المديات التي تزيد عن 10-15 كلم . إن الحرص على الاستفادة من مزايا ومظاهر التضاريس يكون بالاستيلاء واستغلال المواقع الممزوجة بقطاعات المراقبة في المديات القصوى والبعيدة ، وهذه إحدى الشروط الرئيسة لنجاح العمليات المقاتلة combat operation . ففي مثل تلك المناطق ، يمكن أن تظهر مواقف عملياتية معينة تسهل كشف ورصد الأهداف المعادية وإطلاق النار عليها في المديات الأطول (أكثر من 5-6 كلم) . لذلك ، يعتقد الكثير من المنظرين بأنه يجب على كافة وحدات الأسلحة النارية ، بما في ذلك الأنظمة الصاروخية الموجهة المضادة للدبابات ، أن تضمن إطلاق النار على حدود المدى الأعلى لإحداث الضرر الهام والرئيس significant damage في قوات العدو قبل أن تشترك هذه الأخيرة في معركة مباشرة أو تنظم كمائن بدون اشتباك لاحق في معركة .

فائدة الصواريخ الموجهة الرئيسة في الحقيقة أدركت أيضاً مع تزايد احتمالات إصاباتهم hit probability ، خصوصاً في المديات الأطول عندما تنخفض احتمالية إصابة أسلحة الدبابة إلى القيم الأدنى . على سبيل المثال ، اختبارات إطلاق الصاروخ HOT وهو من مقذوفات الجيل الثاني ضد أهداف قياسية standard targets ، أظهرت مستويات دقة عند حدود 80% في المديات التي تتجاوز 500 م ، وقريبة من 100% لبقية المدى . المعلومات التي نشرت بعد ذلك حول عمليات إطلاق هذا الصاروخ في أكثر من صراع وحلقة اختبار أظهرت تحقيق الصاروخ لنسبة 86.7% من دقة إصابة الأهداف ، والتي ارتفعت إلى 90.9% عندما تم استثناء القذائف التي لم تعمل بشكل صحيح (هذه النسب قد تبدوا مبالغ فيها إلى حد ما ، ولكن يمكن توخيها في ظروف مثالية تجاه أهداف ثابتة) . نتائج مماثلة أمكن الحصول عليها مع الصاروخ الأمريكي TOW . فطبقاً لمعلومات أصدرتها شركة "هيوز" Hughes ، فإن أكثر من 1000 صاروخ TOW جرى إطلاقها في اختبارات للجيش الأمريكي ووجهت حتى مدى 3000 م ، حققت نسبة نجاح لنحو 96% تجاه أهداف قياسية بحجم 2.3 ×2.3 م . وإن إجمالي من 10500 صاروخ TOW تم أطلاقها في مختلف أنحاء العالم ، حققت ما نسبته 83% من دقة الإصابة (هذه الأرقام سبقت الصراع السوري الذي استخدم به الصاروخ TOW بشكل  مكثف مع تسجيل نسبة نجاح لا تقل عن 85%) . 
لقد جرى تناول جزئية احتمالية الإصابة لمنظومات الصواريخ المضادة للدروع ضمن إطار ومفهوم مصطلح "reliability" أو الاعتمادية والموثوقية ، بمعنى احتمالات الضربة القابلة للإنجاز مع منظومات الصواريخ الموجهة بالمقارنة مع تلك التي يمكن تحقيقها مع مدفع الدبابة . في الواقع الدراسات أثبتت يقيناً بأن مقذوفات الجيل الثاني شائعة الاستخدام ، تمتلك احتمالية إصابة أعلى إلى حد كبير من المدافع في المديات الطويلة . لكن في المديات القصيرة ، الموقف يتبدل وتصبح المدافع أكثر فاعلية effective . فعند هذه المديات القصيرة نسبياً ، ولأسباب تخص قابلية الاكتساب والتعيين ، يتوقع أن تحدث أكثر الاشتباكات engagements كما يرى الخبراء . سبب آخر مرتبط بطبيعة التضاريس التي تؤدي إلى نتائج كشف ومشاهدة متباينة للأهداف ، ففي ساحات أوربا الوسطى على سبيل المثال ، حيث المزيج المختلط من الامتدادات المنظورة وغير المنظورة ، فإن 50% من الأهداف من المحتمل أن تظهر عند مدى 1000 م أو أقل ، وضمن هذا المدى ، مدافع الدبابات لها احتمالات وأرجحية إصابة من الطلقة الأولى ، أعلى مما تمتلكه قذائف الجيل الثاني المضادة للدروع . مع ذلك ، فإن احتمالية الإصابة من قذيفة مفردة ، ليست هي المقياس النهائي للحكم النسبي على أداء منظومة الصاروخ أو المدفع ، بل هناك أيضاً الزمن المستغرق لإصابة الهدف ، ونسبة الأهداف الممكن مشاغلتها .. وفي الحقيقة تعاني منظومات الصواريخ نسبياً من قلة كثافتها النارية ، ومن ثم قابليتها البطيئة على ردة الفعل ، إذ تستطيع مدافع الدبابات التسديد على أهداف مصوب عليها بمعدل 8 طلقات في الدقيقة ، في حين تستطيع المنظومات الصاروخية مشاغلة أهدافها ضمن نصف هذا المعدل في أفضل الأحوال . هذا إلى جانب عدم ملائمة المنظومات الصاروخية للعمل في كافة الأجواء والظروف المناخية ، ووهنا اتجاه النيران المعادية . هناك أيضاً عامل الكلفة cost ، والذي يبلغ في المعدل لصاروخ متقدم من صواريخ الجيل الثاني المضادة للدروع ، نحو 20 ضعف سعر قذيفة مدفع دبابة خارقة للدروع armour piercing .

إحدى السلبيات الرئيسة المرتبطة بعمل الصواريخ الموجهة المضادة للدروع ، والتي كانت أحد مسوغات أنصار المدفع ، هي تلك المتعلقة بسرعة طيرانها المنخفضة ، خصوصاً مع إمكانية اكتشاف وصول القذيفة من قبل الهدف ، مما يجعل المقذوف عرضة للإجراءات المضادة counter-measures . هذه المعضلة أمكن حقيقتاً تجاوزها لحد كبير ، وذلك بإزالة القيود المفروضة من قبل أسلاك التوجيه التقليدية ، التي تنحل خلف مؤخرة الصاروخ المتسارع ، واستبدالها بتقنية توجيه قائمة في أحد أشكالها على الموجات الراديوية أو وصلة قيادة بشعاع الليزر laser beam command . الصاروخ الروسي AT-14 Kornet على سبيل المثل الذي يوجه بتقنية ركوب شعاع الليزر ، يمتلك سرعة عالية دون سرعة الصوت بقليل ، وهو بذلك لا يمنح هدفه فرصة كافية للتملص أو المناورة . مع ذلك لا تزال هذه المنظومات بحاجة للمشغل والمتابع الأرضي operator ، الذي يجب أن يتعقب الهدف أثناء كامل فترة طيران الصاروخ ، لذا مع الأهداف بعيدة المدى فإنه يمكن أن يتطلب ويستغرق الأمر فترة مهمة وربما حاسمة من الزمن . كل هذا أمكن التغلب مع التوجه إلى الأنظمة ذاتية التوجيه homing guidance ، التي تتضمن قذائف تنقاد إلى أهدافها بشكل تلقائي من خلال مجسات أو بواحث seekers تعمل على الإطباق على الهدف من مسافات بعيدة نسبياً . الإمكانيات التكنولوجية الحديثة وفرت بواحث يمكن أن تكتشف الصورة الحرارية للهدف ، مع قابلية مواجهة الأحوال الجوية المختلفة والإجراءات المضادة . لكن بشكل عام يعاب على هذه المنظومات غلاء ثمنها الذي يحد فعلياً من انتشارها مقارنة بمنظومات الصواريخ الموجهة من الجيل الثاني .. يختم الخبراء والمنظرين رؤيتهم بالقول أن الصاروخ المضاد للدروع سيبقى أداة فعالة جداً لمقاومة الدبابات في المستقبل المنظور ، إلا أنه ليس ملائماً ، كما هو الحال مع الدبابة ، للسيطرة على الأرض دون إسناد ودعم من القوات الأخرى . وهكذا يمكن القول أن المفاضلة بين الصاروخ والمدفع ، هي مسألة نسبية تحددها ساحة المعركة وظروفها ، حيث أن لكل سلاح منهم دور يؤديه .

18‏/9‏/2016

أنظمة توليد الدخان من عادم المحرك .

أنظمــــــــــــة توليــــــــــــد الدخــــــــــان مــــــــــن عــــــــــادم المحـــــــــــرك 

دبابات المعركة الروسية عند الرغبة في إنشاء ستارة من الدخان وحماية نفسها من الأسلحة الحديثة الموجهة المضادة للدبابات ، فإنها تستعين بوسيلتين رئيستين لغرض الحجب والإخفاء concealment . فهي إما أن تعمد إلى حقن مادة وقود الديزل diesel fuel إلى عادم محرك الدبابة ، وهي وسيلة سهلة ورخيصة لتوفير غطاء من الدخان لحجب الدبابة ، رغم أنها تستغرق بعض الوقت لإنجاز هذا الأمر وكذلك كمية من مخزون الوقود الداخلي . الوسيلة الأخرى هي أن تلجأ الدبابة إلى منظومة إطلاق قذائف الدخان الأنبوبية التي تحمل عددا منها على جانبي البرج . الوسيلة الأولى وهي ما يهنا شرحه هنا يطلق عليها في الدبابات الشرقية أسم "مجهز الدخان الحراري" Thermo-smoker equipment واختصارا TDA . المبدأ كما ذكر في السابق مستند على فكرة تبخير الوقود من خلال تمريره على الأجزاء الساخنة للمحرك ، مثل أنصال المحرك التوربيني أو التوربين الغازي أو أنبوب العادم المتفرع من محرك الديزل ، ثم بالتكثيف اللاحق في الجو على هيئة سحابة بيضاء white mist . بسبب طبيعة النظام ، سحابة الدخان لا يمكن توليدها إلا خلال دوران المحرك واشتغاله بحيث يزداد حجم هذه السحابة مع تسريع المحرك ، وعند تباطؤ المحرك وانخفاض تعجيله فإن مقدار الحرارة الناتجة عند التشغيل سينخفض بالنتيجة ، وهذا الأمر ذلك لا يساعد كثيراً على تبخير الوقود . هذا النظام يستعمل فقط عندما المحرك مدار ومشغل running on بوقود الديزل ، والخبراء عادة لا يوصون بإدامة التشغيل لأكثر من 10 دقائق (استهلاك الوقود خلال العملية يبلغ 10 لترات/دقيقة) ، كما أن عملية تمرير الوقود يجب أن يتخللها لحظات توقف مقدرة بنحو 3-5 دقائق لضمان إزالة الوقود الفائض من نظام العادم . السحابة المولدة بواسطة عادم المحرك توفر قابلية إخفاء وحجب جيدة في الجزء المرئي visible part للطيف الكهرومغناطيسي (0.4 - 0.7 مايكرو) ، مع نسبة استهلاك من وقود الديزل تبلغ 0.17 كلغم/ثانية . 
في الولايات المتحدة الأمريكية كانت بداية هذه الأنظمة مع الدبابة M60A1 عندما بوشر العمل على تصميم أول منظومة توليد الدخان من عادم محرك الدبابة ، وأجريت الاختبارات في مركز الجيش الأمريكي لبحث وتطوير الأسلحة الكيميائية والبيولوجية ECBC في منطقة "إيدجوود" Edgewood وذلك خلال شهر أغسطس العام 1975 ، وأثبتت التجهيز نجاحه ليتم إقراره العام 1977 . الاهتمام الأمريكي بمنظومة توليد الدخان من عادم محرك الدبابة جاء على خلفية نتائج حرب أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل والتي أظهرت بوضوح الخطورة المتقدمة للذخيرة الموجهة المضادة للدبابات antitank munitions والدور الذي يمكن أن يلعبه الدخان في تخفيض تلك الخطورة . أطلق على التجهيز الجديد اسم "نظام توليد الدخان من عادم المحرك الخاص بالعربة" Vehicle Engine Exhaust Smoke System واختصاراً VEESS ، حيث أثبتت الاختبارات أنه يضمن توليف ستارة دخان أبيض بارتفاع 10 م وعرض 8 م لفترة 5 ثواني . علماً أن استمرارية الستارة محددة باحتياطي الوقود في الدبابة ، كما أن تطبيقها يعتمد على قوة الرياح واتجاهها وكثافة نور الشمس . التصميم الأمريكي أظهر بوضوح قابلية استخدام مضخة وقود fuel pump لمحرك حالي من أجل رش أو بخ وقود الديزل إلى عادم المحرك . فعند تنشيط النظام ، وقود الديزل يتبخر نتيجة حرارة المحرك المرتفعة ويتكثف باتصاله مع الهواء المحيط الأبرد لتتشكل بالنتيجة ستارة دخان بيضاء كثيفة خلف العربة . نظام توليد الدخان من عادم المحرك أضاف فقط 8 كلغم إلى وزن الدبابة ، وكلف أقل من 400 دولار لكل دبابة . ونتيجة كون معظم الذخيرة المضادة للدبابات يجري توجيهها بصرياً optically guided ، فإن وحدات الدرع يمكن أن تخفض كثيراً عدد عرباتها المكشوفة أثناء التحرك وذلك بتعديل تشكيلاتها والسماح لبضعة دبابات بإخفاء القوة المتقدمة بسواتر الدخان لفترة زمنية كافية .

15‏/9‏/2016

ردة فعــل طاقـــم دبابـــة المعركـــة عنـــد استشعـــار خطـــر الهجـــوم !!

العامــل الأهــم هــو ذلــك المتعلــق بالإجــراءات المضــادة
ردة فعــــــــل طاقـــــــــم دبابــــــــة المعركــــــــة عنـــد استشعــــــــار خطـــــــر الهجــــــوم !!

سؤال كثيراً ما كان يتبادر إلى الأذهان هو ذلك المتعلق بردة فعل أطقم دبابات المعركة الرئيسة وكيفية استجابتهم عند إستشعار خطر الهجوم والإصابة في ساحة المعركة !! المنظرون العسكريون يؤكدون على بضعة عوامل يمكن أن تؤثر على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة في ساحة المعركة ، مثل تدريب الأطقم ، التصميم العام ، الدروع السلبية ، الإجراءات المضادة التي يدخل ضمن مفهومها منظومات الحماية النشطة . بالنسبة للجزئية الأولى المتعلقة بالأطقم ، فيمكن القول أن أعضاء طاقم الدبابة يحرصون على العمل كفريق متكامل integrated team على الرغم من أن لكل واحد منهم له واجباته الأساسية . يعتمد نجاحهم على تأثيرهم وفاعليتهم في العمل كمجموعة واحدة في المعركة والاشتغال سوية لإبقاء وصيانة دبابتهم وأجهزتها . التدريب Training مهم جداً لجميع أفراد الطاقم ، خصوصاً تدريبات العبور والاشتباك ، لذا هم يمكن أن يعملوا في أي موقع . العوامل المهمة الأخرى لنجاح الطاقم مرتبطة بالقيادة الفعالة effective leadership والتحفيز العالي . التدريب يجب أن يهيئ الأطقم للعمل في أرض ذات قابلية عدائية من كافة الاتجاهات . أما بالنسبة لتصميم دبابة المعركة Tank design ، فهناك ثلاثة قواعد رئيسة يجب مراعاتها عند تناول هذا الأمر ، أولها القوة النارية Firepower . فتصميم دبابة المعركة يجب أن يوفر القدرات لمواجهة الأهداف في المسافات القصوى ، بحيث يمكن مشاغلتها بدقة نسبية معتبرة ، وكذلك مهاجمة الأهداف المتحركة وتدمير الأهداف المتعددة مع اختصار وقت المعالجة ، حتى في ظل الأضرار والعطل القائم . ثانياً الحماية Protection ، وهذه تعتبر العامل المهم الآخر في تصميم الدبابة ، من حيث اختيار نوع التدريع وطريق ترتيبه وكمية الحماية المطلوبة لكل موضع من جسم الدبابة . أخيراً قابلية الحركة والمناورة Maneuver ability . فتصميم دبابة يجب أيضاً أن يأخذ في الاعتبار المدى أو حدود التضاريس التي يتوجب تغطيتها ، كذلك حجم العقبات والموانع obstacles مثل الخنادق وبرك المياه التي يمكن التغلب عليه وتجاوزها ، والمسافة القصوى التي يمكن بلوغها وانجازها قبل أن تكون الحاجة لإعادة التزود بالوقود re-fuelling ضرورية وملزمة . إن المساومة والتوفيق بين هذه المبادئ الثلاثة مهم جداً في تصميم الدبابة ، بحيث لا تؤثر خاصية على خاصية أخرى تفقدها أهميتها .. العامل الآخر الذي يمكن أن يقرر قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة هو الدروع السلبية Passive armour . فهذه المركبات مع أطقمها عرضة للتهديدات المختلفة مثل قذائف الطاقة الحركية المطلقة من الدبابات الأخرى ، الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات المقذوفة من المشاة أو الطائرات ، الألغام المضادة للدبابات ، قنابل الطرق الأكبر وضربات المدفعية المباشرة . لقد بدا أن دبابات المعركة الرئيسة يمكن أن توفر حماية نسبية جيدة من شظايا نيرات المدفعية والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات ، لكنها للأسف لا تستطيع توفير الحماية تجاه جميع التهديدات الأخرى المحتملة . فهي يمكن أن تعطل أو تدمر بالأنواع المختلفة الثقيلة من الأسلحة المضادة للدبابات على الرغم من درعها السميك .. أما بالنسبة للعامل الأخير الذي يمكن أن تؤثر إيجاباً على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة في ساحة القتال فهو ذلك المتعلق بالإجراءات المضادة Countermeasures . الإجراءات المضادة هو سلوك يقصد منه القيام بتدابير واستعدادات معينة لدعم قابلية بقاء العربة وتخفيض قابلية الاستهداف من قبل المنظومات المعادية ، مهما كان مصدرها أو آلية عملها . هذه التدابير تتراوح ما بين الاستعانة بعناصر (1) وحدات التشويش (2) ستائر الدخان (3) مناورة الدبابة (4) نيران الإخماد (5) أنظمة الحماية النشطة . 
وحدات التشويش jamming units مصممة لحماية دبابات المعركة من هجمات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ATGM التي تستعين بمرسلة للإشعاع تحت الأحمر . ولكون هذه المشوشات النشطة غير قابلة للاستهلاك بشكل سريع ، فإنها قادرة على تزويد حماية دائمة وطويلة الأمد للدبابة في ساحة المعركة . تستخدم المشوشات باعثات أو مرسلات في الطيف تحت الأحمر infrared emitters لتقليد أو محاكاة تلك المستعملة في أغلب أنظمة صواريخ الجيل الثاني لتسهيل تعقبها أثناء الطيران . بهذه الطريقة ، نظام السيطرة على القذيفة سوف يصدر أوامر توجيه خاطئة إلى القذيفة ، مما يتسبب في انحرافها وضياعها عن هدفها المقصود . المشوشات تحت الحمراء لديها بضعة أنماط تشغيل operational modes لمواجهة التهديدات المختلفة ، ويمكنها أيضا أن تستخدم بالارتباط مع مجسات كاشفه . فعندما تكون الدبابة في وضع التوقف ، تبعث المشوشات شعاعها في اتجاه ثابت fixed direction ، نموذجياً باتجاه القوس الأمامي frontal arc وبتوافق مع السلاح الرئيس . هذه الطريقة تستعمل متى ما كان التهديد معروف المصدر والاتجاه ، والقذائف القادمة في هذه الحالة يمكن أن التشويش عليها بأسرع ما يمكن . أما في وضع حركة الدبابة ، المشوشات تصدر إشعاعها بينما تنفذ مسح أفقي منظم horizontal scan لكي تزيد إلى حد مضاعف من مساحة المنطقة المحمية . هذه الطريقة تستخدم متى ما كان التهديد غير محدد المصدر أو الاتجاه . تشتغل المشوشات عادة من خلال مصدر طاقة بقوة 28 فولت ، على الرغم من أن نسخ ونماذج أخرى مختلفة يمكنها العمل طبقا للتجهيز الكهربائي المتوفر على الدبابة . أحد تدابير الإجراءات المضادة يتعلق بإنشاء ستارة حاجبة من الدخان smoke-screen . إذ يمكن استخدام الدخان لإخفاء حركة دبابات المعركة والعربات القتالية الأخرى وكذلك تغطية مواقع الوحدات العسكرية مثل المشاة أو الوحدات الداعمة الأخرى . أي ستارة دخان ستمكن الدبابة من أداء مناورات المراوغة والتملص evasive maneuvers لمواجهة تهديدات ساحة المعركة . وبشكل عام يمكن نشر غمامة الدخان بواسطة إما قذائف المدفعية أو بواسطة مطلقات خاصة على جانبي برج الدبابة . القذائف تصدر غيمة كثيفة جداً من الدخان الأبيض ، صممت لملئ المنطقة المحيطة حتى في ظل توافر رياح خفيفة . وبينما ستائر دخان تستعمل أصلاً لإخفاء نشاط الحركة عن تقنيات العدو البصرية الحديثة ، فإن ذلك عنى ببساطة أنهم متوفرون أيضاً بأشكال جديدة . هم يمكن أن يعرضوا ستارة حاجزة في طيف الأشعة تحت الحمراء بالإضافة إلى الطيف المرئي للضوء visible spectrum وذلك لمنع الكشف بالمجسات أو المناظير تحت الحمراء . كما يعرض الدخان حاجز إعاقة كثيف للدبابات تجاه ما يستخدمه العدو من معدات ليزرية ، مثل منظومات التعيين أو محددات المدى أو منظومات ركوب الشعاع laser beam-riding . الإجراءات المضادة المتوفرة حالياً في الأسواق التجارية تتضمن الدخان متعدد الأطياف المستمد من الفسفور الأحمر red phosphorus . فعالية هذا الإجراء المضاد اختبرت في تجارب بمجسات الليزر ، حيث أثبت دخان الفسفور الأحمر فاعليته في إخفاء وحجب منصة إطلاقه مع تخفيف وبعثرة طاقة الليزر . 
مناورة الدبابة tank manoeuvre هي شكل آخر من أشكال الإجراءات المضادة لحمايتها من خطر الإصابة . فعندما يعمل نظام التحذير الليزر على تنشيط وتحفيز نظام الإجراء المضاد المثبت على الدبابة لكي يبدأ عمله بصورة آلية ، فإنه في ذات الوقت يعطي تحذير سريع إلى الطاقم لمباشرة المناورة المناسبة proper manoeuvre والخروج من موقعهم الأصلي أو التحرك بعيداً بالسرعة الممكنة . ولإنجاز هذا الأمر بالشكل المطلوب ، زمن الكشف يجب أن يكون قصير جدا لكي يأخذ الطاقم الوقت اللازم للقيام بمناورة المراوغة والتملص evasive manoeuvre . دبابة المعركة أثناء قيامها بالمناورة والسير المتعرج ، يجب أن تحرص على الدوام من إبقاء القوس الأمامي للبرج frontal arc وهو الأكثر سماكة وحماية باتجاه القطاع المحتمل للاستهداف أو الهجوم ، وهي بذلك تعطي فرصة أكبر لتعزيز عنصر البقائية والإفلات من هجوم السلاح المعادي المضاد للدروع . من تدابير الإجراءات المضادة المهمة أيضاً اللجوء لنيران الإخماد suppressive fire . نيران الإخماد هو تعبير عسكري يشير لعملية إطلاق نيران الأسلحة باتجاه مواضع العدو بهدف إجباره على الاختباء أو الاحتماء وتخفيض قدراته على توجيه النيران المضادة ، وكما هو الحال عند مهاجمة مواقع العدو . نيران الإخماد إما أن تصوب نحو هدف منظور وظاهر مثل منصة إطلاق سلاح مضاد للدروع أو مجموعة جنود أو عربات توشك على الهجوم وهكذا ، أو أن تصوب على سبيل المثال باتجاه أحد المباني أو المواقع التي يشتبه في تواجد جنود العدو أو اختفائهم ضمن إطارها . ولكي تكون نيران الإخماد فعالة ومؤثرة ، فإنها يجب أن تكون متواصلة وواسعة الانتشار نسبياً . إخماد نيران العدو وأسلحته الموجهة المضادة للدبابات قضية حيوية أثناء حركة القوات ، خصوصا في الحالات التكتيكية tactical situations مثل التمركز أو الهجوم على مواقع العدو .

فيديو من الصراع السوري يعكس التصرف سليم لأفراد الطاقم عندما استشعروا الخطر


12‏/9‏/2016

تركيب الرأس الحربي في الصاروخ الروسي الموجه كورنيت .

يوصف بأنه الأكثر فتكا بأهدافه المدرعة
تركيــــب الــــرأس الحربــــي فــــي الصــــاروخ الروســــي الموجــــه كورنيــــت


مما لاشك فيه أن الصاروخ الروسي الموجه المضاد للدروع "كورنيت" Kornet (النسخة التصديرية تحمل التعيين 9K129 Kornet-E) هو الأكثر فتكاً بأهدافه المدرعة ، وكما شوهد ووثق من ضرباته القاصمة في العراق وسوريا واليمن . هذا الصاروخ العامل بتقنية ركوب شعاع الليزر هو من تطوير مكتب تصميم الآلات KBP في مدينة "تولا" Tula ، حيث بدأت أعمال تطويره في العام 1988 على يد رئيس المصممين "ليف زاكاروف" Lev Zakharov ، ليعرض السلاح أولاً على الجمهور في أكتوبر العام 1994 ويدخل الخدمة في الجيش الروسي العام 1998 . يبلغ قطر الصاروخ كورنيت 152 ملم ، وطوله 1100 ملم ، ويمكن حمل وتشغيل النظام بالكامل من قبل طاقم مؤلف من فردين فقط مع زمن إعداد للإطلاق لا يتجاوز 1-2 دقيقة . 

مبدئياً ، تتوافر الشحنات الترادفية في الصواريخ المضادة للدروع وفق نمطي توضيب ، فهي إما أن تكون مع محور انفجار أفقي ‎Horizontal axis أو أن تكون مع محور انفجار عمودي Vertical axis (كما هو الحال مع الأمريكي TOW 2B) . في النوع الأول وهو ما يهمنا توضيحه ، يتم تثبت شحنتين مشكلتين ضمن تركيب الرأس الحربي للقذيفة خلف بعضهما البعض ، بتأخير زمني مؤكد ومسافة عازلة تفصل بينهما . الصاروخ الروسي كورنيت يعمل وفق هذا المفهوم ، حيث تنصب شحنة ابتدائية متفجرة في المقدمة المتطرفة لهيكل رأس الصاروخ . وتكمن فكرة هذا التوضيب في تهيئة الطريق أمام الشحنة الرئيسة للتقدم والانفجار في نفس الموقع الذي هاجمت منه الشحنة الابتدائية ، بحيث يمر نفاث الشحنة الرئيسة من ذات الطريق لإكمال مهمة اختراق دروع الهدف .. مع هذا التصميم ، يبدو من الضروري العمل على حماية الشحنة الرئيسة من تأثيرات انفجار الشحنة الابتدائية أثناء الفاصل الزمني بين تلقين وتنشيط الشحنتين . فقد يحمل انفجار الشحنة المشكلة المتقدمة بعض التأثيرات الضارة على الشحنة الرئيسة المتأخرة ، بحيث ينتقص ويؤثر في النهاية على أداء نظام الرأس الحربي ككل . لقد أظهرت الاختبارات الحديثة أن الرؤوس الحربية التي تستخدم شحنتين مشكلتين متتابعتين ، يمكن أن تزيد عملياً من عمق الاختراق لنحو 10-15% في الدروع الفولاذية المتجانسة ، والثقب الشعاعي لنفاث الشحنة الرئيسة سينمو ويتطور بوضوح أثناء عملية شق الطريق في كتلة الهدف .

يتحصل الصاروخ كورنيت على العديد من المغايرات ، خصوصاً الأنواع ذات الشحنة المشكلة . البداية كانت مع النسخة 9M133 التي سجلت مدى اشتباك من 100-5000 وجهزت برأس حربي ترادفي tandem-warhead مع قابلية اختراق في صفائح الفولاذ المتجانس لنحو 1000 ملم . أتبعت هذه النسخة بنوع أكثر تقدماً ثنائي الرؤوس ، حمل التعيين الرسمي 9M133-1 وهو الأكثر انتشاراً حتى الآن (النسخة القياسية Standard Version) . مع هذه النسخة تمت زيادة المدى ليبلغ 100-5500 م ، كما أن قابلية الرأس الحربي الذي حمل التعيين الرسمي 9N156 جرى تعزيزها لتبلغ 1,000-1,200 ملم في صفائح الفولاذ المتجانس . نسخة جديدة من الصاروخ حملت التعيين الرسمي 9M133M-2 وهي خاصة بالمنظومة Kornet-M ، تميزت بزيادة مدى الاشتباك الأقصى ليبلغ 150-8000 م ، كما أن الرأس الحربي أصبح قادراً على اختراق 1100-1300 ملم من صفائح الفولاذ المتجانس .
إن إحدى مزايا تصميم وتخطيط نظام الصاروخ تتمثل في تثبيت محرك الدفع الرئيس ووقوده الصلب في موضع يتوسط الصاروخ ، وتحديداً بين المقدمة التي تحوي الشحنة الابتدائية (مخصصة لاستهلاك وتدمير قرميد الدرع التفاعلي المتفجر) ، وبين الشحنة المشكلة الرئيسة main charge التي وضعت في الثلث الأخير من تركيب جسم الصاروخ . هذا التصميم الغريب قصد منه أولاً تخفيف الضرر الهيكلي على الشحنة الرئيسة نتيجة تطاير الأجزاء بفعل سحق وانفجار مقدمة الصاروخ بسطح الهدف ، ثم ثانياً زيادة مسافة المباعدة stand-off distance عن جسم الهدف وبالتالي زيادة عمق الاختراق (F) . إذ يمكن تعريف مسافة المباعدة على أنها الفضاء الفاصل بين حافة قاعدة البطانة المخروطية للشحنة وبين سطح الهدف . هذا الامتداد ضروري جداً للسماح بتشكيل نفاث الشحنة المشكلة . تصميم الرأس الحربي تضمن ترك قناة مرور أو تجويف مركزي في مقطع المحرك على هيئة حلقة (E) وذلك للسماح بتشكل ومرور نفاث الشحنة المشكلة وعدم إعاقته (نفس الترتيب أستخدم أيضاً في الصاروخ الروسي الموجه المضاد للدروع Metis-M) . التركيب الخاص بالشحنة المشكلة shaped charge في الرأس الحربي للصاروخ كورنيت يتبنى بطانة مخروطية من النحاس الأحمر لصالح شحنتيه المشكلتين الإبتدائية والرئيسة (A) . المصممين الروس اختاروا النحاس بسبب ملكياته وخصائصه المميزة ، خصوصا كثافته الجيدة التي تبلغ 8.9 سم/غرام3 والتوصيل الحراري الجيد ومرونة التشكيل العالية . الشحنة المتفجرة شديدة الانفجار المستخدمة في التركيب هي من نوع "أكفول" OKFOL ويبلغ وزنها 4.6 كلغم (B) والتي تضم في تركيبها 95% من متفجرات HMX و5% من شمع البرافين . هذا النوع من المتفجرات شائع الاستخدام في الذخيرة الروسية المضادة للدروع . في الجزء أو المقطع الأخير للرأس الحربي يتوافر مشكل موجة wave shaper الذي ثبت في قاعدة الشحنة المتفجرة (C) . هذا التجهيز يضمن أن موجات الاهتزاز المتفرقة الناتجة عن الانفجار ، ستتحرك في طريقها للمخروط كموجات مستوية أو متقاربة ، مما يؤدي لانهيار محسن وأكثر كفاءة للمبطن ، وبالتالي هو يساهم في تحسين اختراق طبقات التدريع . صمام القاعدة للشحنة المشكلة هو من النوع PIBD ، أو الاستهلال الرأسي والتفجير القاعدي (I) . بمعنى أن عملية الحث والتحفيز لشحنة الرأس الحربي ستبدأ من المقدمة الطرفية للصاروخ ، في حين أن عملية التفجير ستكون من القاعدة وتحديداً عند الاصطدام . الشحنة الابتدائية الأصغر حجماً في مقدمة الصاروخ معدة لتدمير قرميد الدرع التفاعلي المتفجر وبالتالي تهيئة الطريق لنفاث الشحنة الرئيسة للنفاذ إلى صفيحة التدريع الرئيسة . هذه الشحنة تحمل ترتيب مشابه تقريباً لترتيب الشحنة المشكلة الرئيسة مع تجويف خاص في مقدمة الصاروخ (G) يسمح بمرور نفاث الشحنة المشكلة ، مع ملاحظة افتقادها لتجهيز مشكل موجة الانفجار .
أداة تحفيز وتفعيل الرأس الحربي في الصاروخ كورنيت تعتمد على هيئة قوسية في مقدمة الصاروخ قابلة للانسحاق (H) تعمل وفق مبدأ التشغيل/الإيقاد بالاصطدام . هذا الترتيب يعمل عند الاتصال بسطح الهدف على تنشيط الرأس الحربي وتفجيره . إذ يتبنى الرأس الحربي في الصاروخ صمام تحفيز طرفي وتفجير قاعدي PIBD والذي يصنف ضمن مجموعة صمامات الاصطدام Impact fuzes ، التي تعمل بشكل فوري عند اتصالها المادي بالهدف . وعند ارتطام رأس الصاروخ بجسم الهدف بسرعة عالية نسبياً فإن ذلك سيتسبب في تهشم وانسحاق الغطاء الخارجي المقوس الرقيق outer ogive الذي يحيط بمقدمة الصاروخ ، مما يترتب عليه حدوث اتصال مادي ما بين هذا الغطاء والبطانة المقوسة الداخلية inner ogive التي تليه مباشرة (H) . إن تلامس المقطعين واحتكاكهما ببعض ، سيتسبب في إيصال الدائرة الكهربائية وإيقاد عنصر التفجير القاعدي Base-Detonating element عند مؤخرة الشحنة المشكلة (I) ، مع ملاحظة أن إيصال الدائرة الكهربائية لا يتم إلا بعد تحول أداة الأمان والتسليح safe/arm device إلى وضع التسليح (D) حيث تعمل هذه الأداة على إعداد الصاروخ وتجهيزه للانفجار بعد تجاوز مسافة محددة عن منصة الإطلاق وذلك بتأثير قوى التعجيل المرتفعة acceleration forces الناتجة عن اشتعال وانطلاق محرك دفع الصاروخ .. وللتوضيح فإن مصدر طاقة داخلي جرى وصله بجزأين قابلين لتوصيل التيار على هيئة قبب مقوسة dome-shaped . هذه القبب تم فصلهما عن بعضهما البعض من قبل فارق أو فجوة محددة (H) . الفجوة ستغلق متى ما سحق رأس الصاروخ نتيجة ارتطامه بسطح الهدف الصلب ، مما يؤدي إلى غلق الدائرة الكهربائية التي بدورها ستوفر الطاقة إلى عنصر التفجير القاعدي . 
الرأس الحربي لنسخة الصاروخ 9M133-1 قادر كما تذكر المصادر الرسمية على اختراق نحو 1000-1.200 ملم من التصفيح الفولاذي المتجانس . أما في حال اعتراض دروع تفاعلية متفجرة فإن قابلية الاختراق تنخفض لنحو 980 ملم . رأس الصاروخ الحربي يستطيع أيضاً اختراق ما لا يقل عن 3-3.5 م من تراكيب الخرسانة المسلحة . لقد أظهرت الاختبارات أن مستوى عالي من الضغط المتطور ينجز في كلتا الاتجاهات المحورية والشعاعية axial/radial directions عند موضع ارتطام الرأس الحربي بالهدف الخرساني ، مما يؤدي إلى سحق وتكسير الطبقة السطحية في مؤخرة الحاجز ، وبالتالي توليد شظايا وأجزاء كثيفة .

فيديو للمشاهدة ..