8‏/2‏/2015

تاريخ البحث السوفييتي في مجال منظومات الحماية النشيطة .

تاريــخ البحــث السوفييتــي فـي مجــال منظومــات الحمايــة النشيطــة


البحث السوفييتي في مجال منظومات الحماية النشيطة APS قديم جداً ويعود لأواخر الحرب العالمية الثانية ، حين بحث العلماء السوفييت في مصادر الطاقة القوية بقصد تدمير أو حرف مصادر التهديد التي من الممكن أن تتعرض لها دباباتهم في ساحة المعركة . الوسائل الأكثر مثالية لإنجاز هذا الغرض كان باستخدام المتفجرات explosives ، وأولى هذه الأفكار التقنية جرى اختباره بتاريخ 24 يونيو العام 1944 من قبل معهد البحث العلمي المركزي TsNII-48 (تأسس في العام 1936) وذلك بواسطة تأثير نفاث الشحنات التراكمية cumulative charges effect (التسمية السوفييتية الرسمية للشحنة المشكلة Shaped charge) . حيث اختُبرت آلية التحفيز التلقائي لمجموعة من الشحنات التراكمية الموزعة على الحافة الأمامية لهيكل دبابة معركة بواسطة مصدر كهربائي وذلك أثناء عبور القذيفة المعادية لصفيحة معدنية رقيقة نسبياً موضوعة بشكل أفقي واكتمال الدائرة الكهربائية electric circuit . استمرت الاختبارات خلال السنوات 1948 و1949 وكان لا يزال هناك العديد من المعوقات والمصاعب التقنية .



استمرت الأبحاث والاختبارات السوفييتية خلال الحرب الباردة مع الغرب ، وجرى تجربة أشكال أخرى من الشحنات خصوصاً المتشظية منها ، وتم تطوير آليات جديدة للتحفيز والمشاغلة ليكون النظام أكثر آلية . بين السنوات 1964-1962 جرى تطوير نظام حماية نشيط للتثبيت على الدبابات مع ذخيرة متشظية قابلة للإطلاق من قاذفات خاصة لمواجهة تهديدات المقذوفات المعادية . لقد تم تطوير واختبار تشكيلة من صمامات التحفيز fuses ، بما في ذلك الرادارية والبصرية والتصادمية والتقاربية للبحث عن حالة اعتراض مثالية للتهديد . لاختبار عناصر الحماية النشيطة جرى تجهيز دبابة متوسطة من نوع T-55 لهذا الغرض . فعلى الصفيحة الأمامية العليا لهيكل الدبابة جرى تركيب عدد ثمانية مقذوفات وقائية من النوع المتشظي ، كل منها اشتمل على صمام تقاربي proximity fuze بالإضافة لشحنة متفجرة وعنصر التجزؤ . مبدئياً نمط الحماية الرئيس في هذا النظام كان من النوع الآلي ، لكنه أيضاً زود بنمط سيطرة يدوي Manual control لتفجير الذخيرة الوقائية في أفراد العدو الذين هم على مقربة من الدبابة . وعندما قذيفة معادية تقترب من دروع الدبابة ، فإن مجس الذخيرة الوقائية يكتشفها ويعمل تدفق الشظايا الناتج عن انفجار الذخيرة على اعتراض وعرقلة مسار التهديد وتحطيمه . لقد أظهرت الاختبارات إمكانية رصد القذائف القادمة بواسطة الكاشفات البصرية optical detection ، لكنها في المقابل عرضت بعض العوائق والنقائص . إذ أظهرت الكاشفات أو المجسات البصرية مدى تأثرها عند العمل تحت ظروف الغبار والرمال ، ناهيك عن العمل تحت شروط سطوع الإشعاع الشمسي solar radiation .



قدم العلماء السوفييت أفكار جديدة لصالح منظومات الحماية النشيطة ، منها استخدام نيران المدافع الرشاشة لتدمير المقذوفات المعادية قبل وصولها لدروع الدبابة . هذه الفكرة عرضت نظرياً العام 1959 من قبل معهد البحث المركزي للهندسة الدقيقة NII-61 واقترحت استخدام مدفع رشاش ثقيل من عيار 12.7 ملم لغرض اعتراض وتدمير المقذوفات المضادة . المشاكل التقنية عند تطوير هكذا منظومات تركزت حول كيفية كشف ورصد الصاروخ المعادي detecting threat وآلية التصويب باتجاهه . الدراسة افترضت الحاجة لمدفع رشاش بمعدل نيران مرتفع وحتى 10,000 طلقة في الدقيقة لتأمين اعتراض الصواريخ المضاد للدروع ، كما هو الحال مع الفرنسي SS-10 الذي تبلغ سرعة طيرانه 80 م/ث . نظرياً ، قدر المصممين السوفييت الحاجة لإنفاق نحو 1100 طلقة من هذا السلاح لمواجهة هجمات من أربعة صواريخ من نوع SS-10 ، مع نسبة نجاح لنحو 70% قبل أن تبلغ المقذوفات هدفها المدرع . على أية حال ، استخدام مدفع رشاش لتدمير الصواريخ الموجهة المضادة للدروع ATGM كان يتطلب زيادة الذخيرة المخصصة في وحدة التغذية ، التي هي بالأساس مقيدة بالحجم والحيز الداخلي المحدودة أصلاً للدبابة limited volumes ، مما أدى إلى تخفيض مخزون الذخيرة لنحو 25% (ناهيك عن حجم أجهزة الكشف والتصويب الملحقة بالنظام) . علاوة على ذلك , أعتقد المصممين السوفييت أن زيادة في سرعة طيران الصواريخ الغربية الموجهة المضادة للدروع ستكون محتملة ومتوقعه ، وبالتالي سيكون من الضروري تحقيق زيادة أخرى مماثلة في معدل نيران السلاح ، ومن ثم في مخزون الذخيرة الداخلي .



جهود البحث السوفييتية في مجال منظومات الحماية النشيطة استأنفت في السبعينات وأثمرت عن نظام آخر أطلق عليه "Rain" أو المطر . هذا النظام الذي طور في معهد البحث العلمي VNIITM في لينغراد العام 1970 ، كان من أوائل الأنظمة التي حملت مجسات ووحدة سيطرة إلكترونية آلية وذخيرة وقائية من النوع الدفاعي . البناء العام اشتمل على وحدات فردية منفصلة ، كل منها يشتمل على أداتين أنبوبيتين قابلتين للانزلاق خارجياً مع اشتمال كل منها على شحنة متفجرة وعنصر تشظي sliding charges . هناك أيضاً مجس راداري ينصف موضع الأنبوبين الإنزلاقيين وتجهيزات كهربائية أخرى للسيطرة على مجمل النظام . واحدة من هذه الوحدات وضعت في مقدمة الهيكل وأخرى ثبتت في المؤخرة . هناك أيضاً وحدتين وضعت على جانبي الهيكل من ناحية المقدمة .. خلال الوضع أو الموقف القتالي combat situation ، أحد الأنابيب الإنزلاقية التي تحمل الذخيرة الدفاعية ستكون ممتدة للخارج ، في حين يعمل المجس الراداري على بث إشاراته باستمرار حتى مسافة 2.2 م من حافة الهيكل لكشف التهديدات القادمة على العربة المدرعة . بعد ذلك عملية الاعتراض والاشتباك مع المقذوف في مساره تتم خلال فترة زمنية مقدرة بنحو 0.001 ثانية . إن انفجار الشحنة الدفاعية سيتسبب في تطاير وتناثر الشظايا بشكل شعاعي radially dispersion مما ينتج عنه حرف أو تحطيم المقذوف المعادي حتى لو بلغت سرعته القصوى 1200 م/ث . في سنوات التسعينات وعلى أساس هذا النظام ، طورت أوكرانيا نظامها الدفاعي الخاص المدعو Zaslon (بالأوكرانية تعني المانع أو المعرقل Barrier) وذلك بعد أن حسنت من أداء الشحنات الإنزلاقية والتجهيزات الإلكترونية ونظام التعقب لتمييز الأهداف الصغيرة مثل الرصاص وشظايا القذائف التي لا تشكل تهديد حقيقي للعربة المدرعة ، عن المقذوفات الصاروخية وقذائف المدفعية ذات الخطر الجدي (نظام Zaslon عرض لأول مرة على الملأ في معرض IDEX-2003 في أبو ظبي) .


هناك تعليقان (2):