1‏/4‏/2014

محركات الدبابات المبردة بالهواء مقابل مثيلتها المبردة بالسائل .

محركـات الدبابـات المبـردة بالهـواء مقابـل مثيلتهـا المبـردة بالسائـل


بينما تولد المحركات أثناء إدارتها قوة ميكانيكية mechanical power ، فإنها في نفس الوقت تعمل على توليد طاقة حرارية heat energy متزايدة ، لذا هي تحتاج للتبريد لحمايتها من التسخين المفرط أو التلف والتحطم حتى . هناك نوعان من المحركات عند الحديث عن هذا الجانب ، وبمعنى آخر محركات مبردة بالسائل وأخرى مبردة بالهواء . المحركات المبردة بالسائل تستعمل في الغالب خليط أو مزيج من الماء والمواد الكيميائية الأخرى مثل مضاد التجمد anti freeze ومانعوا الصدأ والإهتراء rust inhibitors بغرض تبريد المحرك والمحافظة عليه . على النقيض من ذلك ، المحركات المبردة بالهواء تستخدم الهواء لكن دون الماء أو أية مواد كيميائية أخرى لتبريد أنفسهم . إن عمل المحركات المبردة بالهواء يعتمد على فكرة دوران وتوزيع circulation الهواء مباشرة على الأجزاء الساخنة من المحرك لتبريدهم . فمعظم محركات الاحتراق الداخلي الحديثة في الحقيقة مبردة من قبل دائرة مغلقة closed circuit تحمل سائل التبريد خلال قنوات كتلة المحرك ورأس الاسطوانة ، حيث يمتص محلول التبريد الحرارة بواسطة التبادل الحراري heat exchanger (المبادل الحراري هو مكون يستخدم لتغيير درجة حرارة الموائع عن طريق تمريرها في أنابيب تتخلل وسط آخر) أو شبكة تبريد الراديتر Radiator حيث يحرر المبرد الحرارة ويطلقها إلى الهواء . هكذا ، ولأنهم يبردون في النهاية بواسطة الهواء نتيجة دائرة التبريد السائلة ، فإنهم معروفين بالمبردين بالسائل liquid-cooled . على النقيض من ذلك ، الحرارة المولدة بواسطة محرك مبرد بالهواء يتم تحريرها مباشرة إلى الهواء . نموذجياً هذه مسهلة عن طريق الزعانف أو الأجنحة المعدنية التي تغطي المنطقة الخارجية للأسطوانات ، والتي تزيد المنطقة السطحية surface area التي يعمل الهواء عليها .. في جميع محركات الاحتراق الداخلي ، نسبة مئوية عظيمة من الحرارة المتولدة (نحو 44%) تهرب وتنفذ من خلال العادم exhaust ، وليس من خلال السائل الذي يبرد النظام أو من خلال الزعانف المعدنية للمحرك مبرد بالهواء (12%) . كما أن نحو 8% من طاقة الحرارة تجد طريقَها إلى الزيت ، الذي على الرغم من أن هدف وضعه أولياً هو بغرض التشحيم lubrication ، إلا أنه يلعب دوراً مهماً أيضاً في تبديد وتشتيت الحرارة عن طريق خاصية تبريده .


محركات الدبابات في بدايتها كانت جميعها مبردة بالسائل ، لكن بديل عنهم في هذا المجال ظهر العام 1923 في بريطانيا مع إطلالة الدبابة Vickers Mark I المتوسطة ، التي جرى تشغيلها وتسييرها بواسطة محرك جوي V-8 مبرد بالهواء بقوة 90 حصان . هذا المحرك أنتج من قبل شركة "أرمسترونغ سايدلي" Armstrong Siddeley ، واستطاع دفع الدبابة بسرعة 24 كلم/س . محرك آخر أكثر قوة بكثير بلغت قوة خرجه 370 حصان ذو 12 اسطوانة V-12 مبرد بالهواء تم إنتاجه من قبل نفس الشركة البريطانية في العام 1926 للدبابة متعددة الأبراج المستقلة التجريبية والمسماة Vickers A1E1 وكان قادراً على دفع الدبابة بسرعة قصوى حتى 32 كلم/س . كما تم بناء محرك آخر V-8 بقوة 180 حصان مبرد بالهواء لصالح الدبابة A6 Sixteen-Tonners .. في الجانب الآخر ، دائرة مدفعية الجيش الأمريكي واصلت تفضيل المحركات المبردة بالهواء لدبابات الجيش الأمريكي ، وقررت العام 1943 تطوير محركات جديدة مبردة بالهواء لصالح هذه الدبابات . المتطلبات حددت أيضاً الترتيب "V" أو الترتيب الأفقي متعارض الاتجاه horizontally opposed والخاص بالاسطوانات بدلاً من الترتيب الدائري التقليدي الذي استخدم لفترة من الزمن لكنه أثبت أنه أقل من مناسب لتثبيته على الدبابات ، أساساً بسبب ارتفاعه . محركات الدبابات الأمريكية الجديدة طورت من قبل شركة Continental Motors كجزء من عائلة محركات مبردة بالهواء مستندة على حجم اسطوانة مشترك . الأكبر والأكثر أهمية من هذه المحركات كان الطراز AV-1790 ، ذو 12 اسطوانة مع حجم إزاحة للمكبس swept volume أقصى يبلغ 29.36 ديسيمتر مكعب (حجم الإزاحة هو مفهوم يشير لإزاحة المكون الهوائي المساوي أو المضاهي إلى حجم المكون الحالي المغطى من قبل المكبس ، بمعنى هو حجم إزاحة الاسطوانة بواسطة المكبس خلال الحركة من النقطة الميتة إلى واحدة أخرى) . المحرك كان قادراً على توليد قوة خرج حتى 810 حصان (2,800 دورة/دقيقة) ، حيث بدأ إنتاجه في العام 1949 ، وخصص أولياً لصالح الدبابة المتوسطة M46 . المحرك استخدم لاحقاً لدفع الدبابات الأمريكية المتوسطة M47 و M48 بعد أن جرى تحويله من محرك إيقاد بواسطة الشرارة spark-ignition العامل بالبنزين إلى محرك AVDS-1790 العامل بالديزل . حيث ثبت على سلسلة دبابات المعركة M60 التي أنتجت من العام 1960 وحتى العام 1987 . بالإضافة لذلك ، محركات AVDS-1790 استخدمت في نحو أربعة بلدان مختلفة لاستبدال محركات دباباتهم من طراز Centurion التي كانت تعمل في الأساس بمحركات مبردة بالسائل من نوع Meteor . لقد قامت شركة Continental Motors بالإضافة لمحركاتها سالفة الذكر المبردة بالهواء ، بتطوير محركات أخرى ضمن نفس السياق . بشكل خاص ، خلال منتصف الستينات عندما طورت المحرك الجبار AVCR-1100 . هذا المحرك المبرد بالهواء ذو 12 اسطوانة مع حجم إزاحة للمكبس يبلغ أقصاه 23.2 ديسيمتر مكعب وناتج خرج من 1475 حصان (معدل القوة للوزن بلغ 29,2 حصان/طن) . استخدم هذا المحرك لتشغيل النماذج الأمريكية من الدبابة المشتركة MBT-70 وتحقيق سرعة قصوى لنحو 69 كلم/س ، بينما النماذج الألمانية من الدبابة كانت مع محرك مبرد بالسائل من نوع MB 873 Ka 500 أنتج من قبل شركة MTU . المحرك AVCR-1100 طور لاحقاً أثناء السبعينات إلى النسخة الأكثر تقدماً AVCR-1360 مع قابلية خرج من 1500 حصان ، الذي شغل نموذج دبابة شركة جنرال موتورز XM-1 الأمريكية .



الاعتراضات والشكاوي المبكرة إلى المحركات المبردة بالسائل وجهت في أحد فرضياتها لخطر تجمد محلول التبريد في الشتاء ، وهذه أمكن التغلب عليها وتجاوزها مع إضافة مادة مضادة للتجمد لسائل التبريد يطلق عليها "غليكول الإثيلين" Ethylene glycol (مركب عضوي مضاد للتجمد شائع الاستخدام ، وهو عديم الرائحة واللون كما أنه سام جداً عند ابتلاعه) . هذه المادة تستطيع عند إضافتها تخفيض نقطة التجمد freezing point لمحلول التبريد إلى ما دون -54 درجة مئوية للعملية القطبية . في نفس الوقت خطر خسارة محلول التبريد أيضاً خفض وقلل باستخدام أنظمة التبريد محكمة الغلق (مانعة للتسرب) . هذه الأنظمة كانت ذات قيمة ومنفعة كبيرة إلى المحركات المبردة بالسائل أثناء التشغيل في البيئة الصحراوية أو في المناطق القاحلة ، حيث يكون من الصعب إعادة ملئهم بماء التبريد .. نظرياً ، المحركات المبردة بالهواء لها ميزة وأفضلية في كون زعانف التبريد الخاصة باسطواناتها ، قادرة على العمل في درجات حرارة أعلى من تلك الخاصة بأسطح شبكة التبريد الراديتر radiator . هذا يتضمن الاختلاف والتفاوت العظيم بين درجة حرارتهم وبين الهواء البارد ، لذلك هواء أقل يتطلب هنا لحمل وتوجيه الحرارة بعيداً . في المقابل ، منظومات التبريد بالسائل يمكن أن تحول وتنقل الحرارة إلى الهواء البارد عملياً أكثر مما تستطيع اسطوانات المحركات المبردة بالهواء .. بعض المصادر حقيقة تحدثت عن اختلاف وتفاوت بين مقادير هواء التبريد cooling air المستلزم للنظامين . إذ قدرت هذه أن المحركات المبردة بالهواء تواجه صعوبة أكبر في تحقيق التبريد الكلي أو الشامل ، وذلك بسبب عدم توفر تدفق أو غمر آني وفوري للمبرد باتجاه البقع الساخنة hot-spots . لهذا السبب المحركات المبردة بالهواء لم تعتبر على أنها الأفضل والأكثر تأهلاً من ناحية قدرة الخرج النوعية العالية عند مقارنتها بالمحركات المبردة بالسائل (مع ذلك وربما كاستثناء ، أحد المحركات الدبابات العاملة بالديزل والمعروفة بقابلية الخرج الأعلى المنتجة هو المحرك Teledyne من طراز AVCR-1360 الذي يبرد بالهواء) . نقطة أخرى تتعلق بقياسات المحركات المبردة بالهواء ، والتي هي بلا شك أكثر طولاً بعض الشيء من المحركات المبردة بالسائل ، وذلك لأن اسطواناتهم يجب أن تباعد أكثر عن بعضها البعض بسبب زعانف التبريد cooling fins . لكن عندما تضاف شبكات التبريد "الراديتر" إلى المحركات المبردة بالسائل والنوعان يضاهيان بعضهما مع أنظمة التبريد الخاصة بكل منهما ، فإن هناك اختلاف قليل نسيباً بين معظم هذه المحركات من ناحية الحجم . نفس الأمر ينطبق إلى الوزن الكلي total weight لنوعي المحركات ، على الرغم من أن المحركات المبردة بالهواء تبدو إجمالاً أخف وزنا ، إلا أنهم في المقابل يعتبرون أغلى كلفة من ناحية الإنتاج والتصنيع .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق