25‏/2‏/2013

الدبابات والدعم الناري في المدن .


دبابـــــة المعركـــــة الرئيســـــة .. الدعــــم النــــاري في المــدن
مظاهر القوة .. ومقيدات الاستخدام


يمكن القول أن مدفع دبابة المعركة الرئيسة سلاح دقيق وقاتل جداً في المديات والمساحات الممتدة حتى 3-4 كلم ، خصوصاً مع دعم منظومة اكتساب الأهداف البصرية ومحددة المدى الليزرية LRF التي تعين المدى بشكل دقيق وموثوق . هذا السلاح الذي يتراوح قطر سبطانته بين 120 و125 ملم في أفضل الأحوال ، يتحصل على مخزون من الذخيرة يتراوح بين 40-44 قذيفة متعددة المهام . مع ذلك الباحثين أن الأدوار المناطة بالدبابات أثناء المعارك وحرب المدن تتبدل ، فيكون الدور الرئيس لمدفعها أثناء القتال الحضري مرتكزاً على تزويد نيران مباشرة ثقيلة ضد المباني والمناطق المحصنة strong points المعينة كأهداف من قبل أفراد المشاة . في المقابل يمكن القول أن فقط المباني المرتفعة والإنشاءات الخرسانية الثقيلة في هذه التضاريس يمكنها توفير الحماية لشاغليها تجاه نيران الدبابات . الدبابات مزودة عموماً بمنظومة استقرار stabilized من أجل تصويب سلاحها الرئيس ، تتيح لها إطلاق نيرانها عملياً عند الانتقال والحركة عبر الأراضي المختلفة ، وبالسرعة المرتفعة نسبياً ، ناهيك أن أبراج الدبابات الحديثة تستطيع الاستدارة لدورة كاملة وتغطية 360 درجة خلال 8-9 ثوان فقط . هذه الميزة حقيقتاً وغيرها ، تبقى الدبابة كأحد أفضل الأسلحة المضادة للدبابات في ساحة المعركة . الرشاشات المختلفة ، كالسقفية عيار 12,7 ملم ، والمحورية عيار 7,62 ملم ، توفران مقدار ومعدل مرتفع من النيران المساندة للمشاة . كما تتجاوز قابليات اكتساب الهدف للدبابات ، قدرات جميع الأنظمة البرية الأخرى المماثلة . فمنظومات الرؤية الحرارية thermal sight تزود قابلية هامة للمراقبة والاستطلاع . هي يمكن استخدامها أيضاً خلال ساعات النهار لتمييز مصادر الحرارة (أفراد وعربات) ، حتى من خلال الأحراش والأغطية النباتية ..


ومع ذلك فإن الأمر لا يقتصر على الايجابيات فقط ، بل هناك المعوقات أيضا ، أحدها ما يتعلق بظروف القتال في التضاريسِ الحضرية المعقدة ، خصوصاً حين يصعد المقاومون من هجماتهم في المناطق التي تحتوي على سكان مسالمون غير مقاتلون أو من الضعفاء وكبار السن ، هنا تصبح فوائد القوة النارية للمدافع الرئيسة مخفضة لحد كبير . تبرز هذه المعضلة بصورة رئيسة لأن أنواع الذخيرة المتوفرة للدبابات أكثر مناسبة إلى المعارك التقليدية (حيث هي صممت) . لذا يشعر الكثير من قادة الدبابات بالحرج من استخدام مدافعهم القوية جداً في البيئات الحضرية ، مما قد يحمل معه مستويات مرتفعة من الضرر الإضافي الذي ببساطة يحد كثيراً من قابلية الاستخدام .


عندما يطلق المدفع الرئيس نيرانه ، فإنه يحدث كرة نارية fireball وغمامة دخان كبيرة تغطي المنطقة المحيطة (ضغط الانفجار المفرط يمكن أن يتسبب في تحطيم زجاج نوافذ المباني المحيطة حتى مسافة 200 م) ، وتوصى جميع القوات المترجلة العاملة قرب الدبابات بوجوب تفادى قوس الدبابة الأمامي لنحو 60 درجة أثناء الإطلاق . وفي نطاق منطقة إنشائية مبنية built-up area ، فإن غبار البناء والأوساخ المتطايرة أيضاً ، يضيفان تأثيراً إضافيا إلى الغيمة ، للحد الذي يمكن معه حجب الهدف بالدخان وغبار الانفجار . واعتماداً على الشروط والظروف المناخية المحيطة ، فإن هذا الحجب والغطاء قد يستمر لحوالي 1-2 دقيقة أو نحو ذلك ، تكون معه الدبابة عرضة للهجوم المضاد . نظام السيطرة على النيران fire control system بحد ذاته لا يستطيع توفير بيانات باليستية مناسبة لأقل من 200 م لصالح سلاح الدبابة الرئيس (مع ذلك ، مدى رؤية بصري لساحة المعركة حتى 300 م ، سيمكن الأطقم من مشاغلة الأهداف بسلاح الدبابة الرئيس بشكل مباشر ، وبالتالي توفير زمن اشتباك أسرع) .


أمر آخر يتعلق بذخيرة الدبابة ، فمن المعروف أن الحمولة القياسية لأي دبابة معركة ترتكز على ذخيرة الطاقة الحركية النابذة للكعب المثبتة بزعانف APFSDS ، وهذه ليست فعالة ضد المخابئ والاستحكامات ، المباني والإنشاءات ، أو أفراد ومشاة العدو . ناهيك عن إنهم يعانون أيضاً من مشكلة الأمان والسلامة عند إطلاقهم فوق رؤوس المشاة المكشوفين ، بسبب أجزاء القبقاب المنبوذة sabot pieces الساقطة على الأرض (هذه الأجزاء منبوذة في منطقة ممتدة لنحو 70 م إلى جانبي السلاح الرئيس ، وحتى مدى كيلومتر واحد من محور الرمي كما هو الحال مع قذائف الطاقة الحركية للمدفع الأمريكي M256 عيار 120 ملم) . كما ينصح أفراد المشاة المتواجدين خارج الدبابة (والمتقدمين معها) بوجوب البقاء على مسافة لا تقل عن 50 م من الدبابة في كل الاتجاهات لتجنب استقبال التأثيرات الضارة الناتجة عن إطلاق النار ، مثل الضوضاء الشديدة والضغط المرتفع over pressure . أيضاً بعض أنماط قذائف الطاقة الحركية التي تضرب الأهداف المقساة في الزوايا أكثر من 25 درجة ، تواجه انخفاض قليل في قابلية الاختراق ، في حين أن مهاجمة هذه الأهداف بزاوية تتجاوز 45 درجة تخفض الاختراق بنسبة أكبر بكثير .


في المقابل ، الذخيرة شديدة الانفجار المضادة للدبابات HEAT تزود تأثيرات تدميرية أفضل على الأهداف المذكورة أعلاه مقارنة بقذائف APFSDS ، ماعدا أفراد العدو في العراء ، التي تكون رشاشات الدبابة أكثر فاعلية تجاههم كما أظهرت الخبرات العملية . ومع أن هذه المعضلة أمكن تجاوزها جزئياً مع تزويد الدبابات الغربية بذخائر حديثة متعددة الأغراض مضادة للدبابات MPAT ، التي تتضمن غلاف خارجي مسبق التشظية ، من أجل مواجهة أكثر فاعلية تجاه الأهداف الناعمة والأفراد ، إلا أن ذلك قد يكون على حساب قدرة الدبابة الحقيقية والفاعلة على مواجهة دبابات المعركة الرئيسة الأخرى المعادية في ساحة المعركة (حجم رأسها الحربي الصغير يعني قدرات اختراق أقل less penetration مما هو متوفر للقذائف المتخصصة) . الذخيرة شديدة الانفجار المضادة للدروع HEAT قادرة هي الأخرى على فتح ثقوب أكبر قطراً في تراكيب البناء أو الإسمنت المسلح من قذائف MPAT أو MPAT-OR (XM908) ، وهذه تسلح رأسها الحربي على مسافة 12 م من فوهة السبطانة ، بحيث تسمح للدبابة بالاشتباك مع الأهداف في المسافات القصيرة . إن إعادة تجهيز وتحميل كامل الذخيرة للدبابة ، عملية صعبة وشاقة وتتطلب دعماً لوجستياً logistic support من الكتيبة الرئيسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق