31‏/1‏/2013

أنظمة الإتصال والوعي الموقعي .. مستقبل واعد .


أنظمـــة الإتصــــال والوعـــي الموقعـــي .. مستقبـــل واعـــد
 Situational Awareness


العديد من دبابات المعركة الرئيسة الحديثة تزود بمنظومة تحديد للمواقع العالمية GPS ، وأنظمة أخرى للملاحة بالقصور الذاتي POS/NAV ، تسمح لدبابات اليوم بقابلية حركة فاعلة ، والتوجه عملياً لأي موقع بالسرعة والدقة الكافية أكثر من أي وقت مضى . هذه الأنظمة توفر بيانات الموقع واتجاه العربة إلى القائد والسائق ، ويمكن أن تزيد من سرعة حركة العربة بشكل ملحوظ خلال التضاريس المختلفة ، بما في ذلك تلك الوعرة والشائكة . هذه المعلومات يمكن أن تستخدم بالارتباط والتزامن مع مجموعة مؤشرات الطريق waypoint (المصطلح يشير لنقاط أو مؤشرات مرجعية في الفضاء الطبيعي مثل خطوط الطول وخطوط العرض ، تستخدم لأغراض الملاحة navigation) ، التي تسمح للقائد باختيار الطريق المناسب وبعد ذلك تترك مهام الملاحة إلى السائق . كما أتاح استخدام الإشارات البصرية visual signals وأنظمة الراديو أحادية القنوات المحمولة أرضاً وجوا SINCGARS (نظام اتصالات خاص بساحة المعركة ، مستعمل من قبل القوات العسكرية الأمريكية وحلفائها ، يضمن معالجة بيانات الاتصال الصوتية بشكل موثوق) ، أتاحت إجراء عمليات اتصال آمن وسريع عند ورود الطلبات أو توجيه الأوامر .



في الدبابة الأمريكية M1A2 Abrams على سبيل المثال يتوافر نظام الاتصال الراديوي التكتيكي SINCGARS الذي يلاءم وينسجم مع وحدة توصيل مشتركة interface unit للسماح بإرسال وتدفق البث الراديوي المشفر إلكترونياً بين العربات المختلفة ، وكذلك الخرائط والمعلومات التخطيطية والنصية textual information (يسمح النظام بالعمل بشكل مستقل وفي نفس الوقت يستخدم لتناقل البيانات مع مكونات أخرى عن طريق نظام للمدخلات والمخرجات) ، بالإضافة إلى الاتصالات الصوتية ضمن التردد الطبيعي (FM) . جميع العربات ستكون مرتبطة ومتصلة بشبكة راديو أحادية ، تقوم بشكل تلقائي باستقبال البيانات المعاد بثها automatically rebroadcast ، وذلك بهدف التغلب على التداخل والتشويش الناتج عن الشروط الأرضية أو العمليات المعادية . رسائل مسبقة التهيئة والإعداد يمكن أن تعدل باستخدام إجراءات القوائم المعدة menu-driven ، حيث يكون لكل نوع رسالة ، تقارير الحالة والموقف ، متطلبات الوقود ، درجة الخسارة أو الإصابة ، رمز أو كود تأشير مختلف . هذا النظام يسمح للعربات الأخرى بتخزين آخر نوع من الرسائل المستقبلة من أي عربة متواجدة على الشبكة . بهذه الطريقة ، قائد الدبابة يمكن أن يستدعى المعلومات المناسبة بدلاً من فقدها في فوضى المعركة battle chaos . هذه القابليات سمحت لأطقم الدبابات بحشد تأثير أسلحتها بسرعة أكبر عندما تكون في مواضع متفرقة ضمن نفس القطاع ، مع تخفيض تأثيرات أسلحة العدو المضادة .


كما تعرض الجيوش الحديثة الآن أنظمة رقمية متقدمة إلى قواتها المدرعة (تدخل ضمن اصطلاح أنظمة إدارة ساحة المعركة BMS) . مثال على ذلك ما يقدمه الجيش البريطاني ويطلق عليه اسم Bowman ، وهو نظام اتصالات تكتيكي رقمي ، يعمل على الموجات الراديوية HF, VHF, UHF لتوفير الاتصال الصوتي والمعلوماتي الآمن للعمليات المشتركة ، ومرتبط في عمله بمستقبل GPS أو نظام تحديد المواقع العالمي ، الذي يزود معلومات حية ومتجددة خلال حركة العربة . هذا النظام ملحق بنظام آخر من تطوير شركة جنرال داينمكس ، معتمد في الدبابة Challenger 2 ، يطلق عليه PBISA ، والأحرف اختصار لجملة "برنامج تطبيق نظام معلومات ساحة المعركة" ، الذي يعرض خريطة أو مخطط رقمي لساحة المعركة (معروف باسم الوعي الموقعي Situational Awareness) . كما يدمج النظام وحدة ملاحة بالقصور الذاتي inertial navigation وحاسوب معالجة بيانات يعرض معلوماته لقائد الدبابة وبعض أفراد الطاقم ، بحيث يسمح لطائفة العربة المدرعة بتبادل الرسائل البريدية الإلكترونية بين بعضهم البعض وإعادة إرسال تقارير الاتصال الفورية إلى المقر العام . يسمح النظام للقائد أيضاً بالإشارة إلى أي بقعة أو مكان على الخارطة الرقمية ، ويرسل طلب الذهاب إلى شاشة عرض السائق ، الذي يظهر له الأمر على هيئة سهم توجيه مشتمل على المدى إلى تلك البقعة ، بالإضافة إلى أفضل طريق للوصول إليها .

30‏/1‏/2013

نعيق الغراب .. التجربة القتالية الأولى في أفغانستان .


نعيــق الغــراب .. التجربــة القتاليــة الأولــى فــي أفغانستـــان

 

شهدت الحرب السوفييتية في أفغانستان أول استخدام عملياتي لطائرة Su-25 التي لقبها السوفييت بإسم Grach وتعني "الغراب" Rook ، وذلك عندما أنتقل أول سرب جوي في تاريخ 19 يوليو من العام 1981 لقاعدة "شنداند" Shindand في غرب أفغانستان . انحصرت مهمة هذه الطائرات في توجيه الضربات الجوية للمواقع العسكرية الجبلية والمواقع الأخرى المسيطر عليها من قبل المجاهدين الأفغان ، حيث سلحت الطائرات Su-25 بالإضافة لتجهيزها الرئيس ، بحاويات مقذوفات غير موجهة من طراز UB-32A وB-8M1 ، التي زودت الطائرة بقابلية توجيه رشقات نارية مؤثرة لأهدافها أشبه بأداء بطاريات المدفعية . ويؤكد السوفييت أن طائرتهم العتيدة Su-25 أطلقت خلال أشواط ومراحل الحرب الأفغانية ما مجموعه 139 صاروخ موجهة guided missiles من مختلف الأنواع ضد مواقع المجاهدين الأفغان ، وأن معدل الغارات السنوية التي أدتها هذه الطائرات بلغ 360 غارة ، مما جعلها الأعلى مقارنة بأي طائرة سوفييتية أخرى شاركت في العمليات . وعند نهاية الحرب كان هناك نحو 50 طائرة Su-25 منتشرة في قواعد جوية أفغانية نفذت ما مجموعه 60.000 غارة ، ولم يفقد خلال كامل العمليات القتالية لهذه الطائرة على مدى سنوات الحرب التي شاركت بها (بين العام 1980 وشهر فبراير 1989) سوى 23 طائرة فقط . كما فقد عدد إضافي وجرى تحطيمه وهو على الأرض بقذائف الهاون والهجمات الصاروخية للمجاهدين ، كما حدث في يونيو 1988 عندما هاجمت قوات المجاهدين بالمدفعية الصاروخية مطار كابول ودمرت ثمانية طائرات Su-25 . خسارة ثلاثة وعشرون طائرة Su-25 في أفغانستان مثلت نحو 10% من جميع خسائر الطائرات ثابتة الجناح السوفيتية في أفغانستان . المعدل كان خسارة واحدة لكل 2,800 ساعة قتالية ، حيث قدر الملاحظين أن الطائرة كانت تحتاج لحوالي 80 ضربة لإسقاطها ، بينما طائرات الهجوم الأخرى أمثال Su-17 وMiG-21 يمكن أن تسقَط مع فقط 15-20 ضربة مباشرة . وبالقياس مع معايير حرب فيتنام ، فإن نسبة الخسارة هذه ما كانت مرتفعة جداً ، لكن بالنسبة للسوفييت كان هذا رقم خطير .


لقد وفرت لنا الحرب السوفيتية في أفغانستان الكثير من المعلومات حول التكتيكات السوفيتية لاستخدام قوتهم العسكرية . لقد سمحت هذه الحرب لمخططي الجيش السوفييتي تعلم العديد من الدروس والخبرات وتطبيق التكتيكات المختلفة ، وكذلك اختبار وتجربة العديد من الأسلحة . من أهم هذه الأسلحة والتكتيكات التي اختبرها السوفيت في أفغانستان كانت تلك المتعلقة بسلاحهم الجوي . ومع أن المروحيات كان العنصر الأساس لقوة سلاحهم الجوي في أفغانستان ، إلا أن السوفيت حرصوا على نشر واختبار قاذفاتهم المقاتلة fighter-bombers أوليا في عملياتهم الجوية على أفغانستان العام 1979 . لقد استخدمت هذه الطائرات في أدوار جو-أرض للقصف الشامل وبث الذعر وتدمير الأرض بقصد إرهاب أو تدمير الروح القتالية للمجاهدين . لقد أجريت هذه العمليات بالتنسيق والدعم المشترك للمروحيات الهجومية ، وفي الحقيقة بدا لهم الأمر فرصة لاختبار طائراتهم وتكتيكاتهم .


في بداية الحرب اعتمدت القوات السوفيتية على المقاتلة MiG-21 Fishbed ، حيث جهزت المقاتلة من ضمن تسليحها بمدفع ذو سبطانتين من عيار 23 ملم ، مع مخزن ذخيرة من 200 طلقة . كما زودت الطائرة بأربعة حاويات قذائف غير موجهه rocket packs من عيار 57 ملم ، وأربعة قنابل حرة السقوط ، اثنتان بوزن 500 كلغم والأخرى زنة 250 كلغم ، أو حمل أربعة صواريخ جو-أرض من عيار 240 ملم في تشكيل مهمة هجوم أرضي مثالية . الاستخدام التكتيكي لهذه الطائرة كان يعتمد على الاستخدام الزوجي pairs لها في الهجوم ، مع قيام كل منها بالهجوم على انفراد ، حيث تقوم كل طائرة بالتناوب في إطلاق صواريخها وقنابلها ، وبعد تحرير أسلحتها ، تعمد إلى إطلاق ثلاث مجموعات كل منها يتكون من أربعة شعلات خداعة حرارية decoy flares ثم ترتفع بعيداً ، الهدف بالتأكيد كان تجاوز وتفادي مخاطر الصواريخ الكتفية أمثال SA-7 وRedeye وStinger التي كان يستخدمها المجاهدين الأفغان . ومع ذلك أثبتت الطائرة MiG-21 فشلها في أفغانستان ، ولم تحقق ما كان يصبوا إليه السوفيت ، فصواريخ الطائرة أطلقت في أغلب الأحيان من مسافة 2000 م ، مما تسبب في عدم دقة ضرباتها ، أو محدودية تأثيرها ، كما أن العديد من القنابل التي أطلقتها MiG-21 ، أخفقت في الانفجار عند اصطدامها بالأرض ، بالإضافة إلى فشل العديد من القنابل العنقودية في الانتشار والتبعثر deploy and scatter . كما لوحظ أن التضاريس الجبلية الأفغانية (ارتفاعها قد يبلغ 10000ـ20000 قدم) التي كان يختبئ ويستتر بها أفراد المقاومة الأفغانية ، جعلت من الضربات الجوية غير مؤثرة وأقل فاعلية . وساهمت أسباب أخرى في فشل أداء ومحدودية تأثير المقاتلة MiG-21 ، منها كونها بالأصل طائرة قتال جوي ومناسبة لعمليات جو-جو ، ثانياً احتراف المقاومة الأفغانية لفن التملص والمراوغة عند شعورهم بقرب الضربة الجوية السوفييتية ، ثالثاً التضاريس الجبلية mountainous terrain ساهمت في توفير مواقع آمنة للمجاهدين ، قياساً بالمواقع الأرضية سهلة الرصد والوصول . واجهت MiG-21 مع سرعتها العالية صعوبة في عمليات الالتفاف والانعطاف خلال الوديان شديدة العمق والانحدار ، مما دفع الطيارين السوفييت للضغط على طائراتهم لتحصيل أعلى قدرات مناورة ممكنة . كما افتقرت المقاتلة السوفييتية لقدرات العمل الليلي أو في كافة الظروف الجوية .


لجأ السوفيت بعد ذلك وبسبب سوء أداء طائرة MiG-21 ، إلى طائرة الدعم الجوي القريب Su-25 Frog-foot المصممة لنفس استخدامات الطائرة الأمريكية A-10 ، حيث تميزت هذه الطائرة بقدرتها وقابليتها الممتازة على المناورة maneuver ability ، الذي مكنها الطيران وتوجيه الضربات في الوديان الصغيرة والممرات الجبلية التي كانت صعبة الوصول لطائرات الهجوم ثابتة الجناح الأخرى . واشتغلت Su-25 عادة في تشكيل زوجي pairs ، ففي حين تتولى طائرة واحدة الهجوم على الهدف ، فإن الطائرة الثانية كانت توفر غطاء أعلى ، وتحذر من التهديدات المحتملة ، مثل النيران المضادة للطائرات أو الصواريخ المطلقة من الكتف المضادة للطائرات . التشكيل المقاتل الآخر كَان يضم أربعة طائرة Su-25 . هذا التشكيل عمل كأزواج مقاتلة أحدهما للهجوم والثاني للدعم . كما عملت الطائرة في كثير من الأحيان بالتنسيق مع المروحية الهجومية Mil Mi-24 لتزويد قوة نيران ثقيلة ومعالجة الأهداف التي كان ليس بمقدور المروحيات معالجتها بمفردها ، وحققت معظم هجماتها بالقنابل الصماء dumb bombs والمقذوفات غير الموجهة . وفي آخر مراحل الحرب استخدمت صواريخ AS-14 Kedge الموجهة ليزرياً . كما جهزت الطائرة في أحيان كثيرة بحاويات مدافع خارجية ثنائية ، من عيار 23 ملم مع 260 طلقة لكل حاوية ، هذه الحاويات GSh-23 كانت منصوبة وهي تميل لأسفل الهيكل الطائرة لنحو 30 درجة ، كما كان يمكن تثبيتها للخلف من جسم الطائرة ، لتوفير حماية وتغطية نارية للطائرة Su-25 عند مغادرتها موقع الهجوم . في الحقيقة هذا الإجراء كان في كثير من الأحيان يعيق ويمنع المجاهدين من إطلاق النار على مؤخرة الطائرة ويجبرهم على الاختباء لفترة من الزمن (أشارت بعض التقارير لقيام السوفييت بوضع حاويتي المدافع بشكل متعاكس ، بحيث يرمي أحدهم للأمام والآخر للخلف) .


الاستخدام الأول بالأعداد الكبيرة للطائرة Su-25 حدث في أبريل العام 1984 ، عندما أطلقت القوات السوفييتة هجوم أرضي كبير باتجاه وادي بانشير Panjshir valley ، الموقع المدافع عنه ببضعة عشرات من الرشاشات الثقيلة . لقد كان هذا الموقع على درجة كبيرة من الأهمية الإستراتيجية ، حيث مثل خط المرور الرئيس لشاحنات الإمدادات من الإتحاد السوفيتي إلى العاصمة الأفغانية كابول Kabul . في أبريل من العام 1986 ، أثناء حملة Zhawar التي هدف السوفييت منها تحطيم قاعدة إمدادات المجاهدين الأفغان مع الحدود الباكستانية ، استخدمت طائرات Su-25 خلالها لأول مرة القنابل الموجهة ليزرياً ، حيث وجهت هذه الأسلحة وكذلك القنابل العنقودية نحو مواقع الثوار المحصنة في الكهوف . ومع تزايد وتوسع عمليات استخدام الطائرة ، دخلت أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف ، مثل الأمريكي Redeye لساحة المواجهة ، وعاني السوفيت من بعض الخسائر . ففي العام 1984 فقدت طائرتي Su-25 عندما استخدم المجاهدون الصاروخ Redeye . لاحقاً ، في أكتوبر 1986 ، الدفعة الأولى التي ضمت نحو 200 صاروخ "ستينغر" FIM-92 Stinger المضادة للطائرات سلمت للمقاتلين الأفغان . النظام ستينغر كان سلاح أكثر قتلاً من سابقه Redeye ، فباحثه كان حساس بما فيه الكفاية للتصويب على الهدف في مدى أوسع من الزوايا . رأسه الحربي كان أكثر فعالية وهو يميل للانفجار بشكل أقرب إلى الطائرة المهاجمة ، مما يزيد ويضاعف من تأثيره . باحث الصاروخ كان لديه أيضاً نظام ترشيح فعال لمنع خداع القذيفة بأنواع الشعلات المتوهجة ، التي قلصت في المقابل من قدرات النظام الروسي المشابه SA-7 Grail .. لقد لاحظ السوفيت أن المحركات الموضوعة بالقرب من بعضها البعض في Su-25 كانت تتسبب بخسارة الطائرة بكاملها عند إصابة واشتعال احدها ، وفي إحدى مراحل الحرب ، فقد السوفيت أربعة طائرات Su-25 خلال يومين فقط مع مقتل طياريها . لقد دفع هذا الأمر مصممي شركة سوخوي لدراسة قدرات الطائرة من جديد ، وإدخال عدة تعديلات لتحسين قابلية بقاء الطائرة ، خصوصاً عندما اكتشفوا أن صاروخ ستينغربعد إصابته لأحد المحركات ، فأنه يشعل خزان الوقود الموجود جهة اليمين ، فوق عادم النفاث ، مما يسبب باشتعاله وتدمير كلا المحركين . لذلك قرر مهندسو الطائرة ، وضع صفيحة فولاذية تحت خلية الوقود لتوفير حماية إضافية . التعديل الأخر كان تثبيت صفيحة فولاذية بين المحركات ، لحماية المحرك من الاحتراق بعد إصابة الآخر . وعلى الرغم من تضاعف الإصابات الخطيرة للطائرات Su-25 في المعركة نتيجة الصواريخ الكتفية المضادة للطائرات أو النيران الأرضية ، إلا أن العديد منها استطاع العودة بمحرك شغال واحد ، أو حتى مع الكثير من الثقوب التي غطت أجنحتها وهيكلها .

28‏/1‏/2013

صعوبة الكشف والرصد .


الألغام الأرضية .. صعوبــــــــة الكشـــــــــف والرصـــــــــــد


النماذج الأحدث للألغام الأرضية تحتوي على النسب الأقل minimum amount من المواد والأجزاء المعدنية في بناءها العام ، وبعض التصاميم لا تحتوي تقريباً إلا على الجزء اليسير جداً من المعادن . نموذجياً ، هذا منجز باستخدام الجسم والهيكل الزجاجي أو الخشبي أو البلاستيكي لحمل الشحنة المتفجرة ، مع بضع المكونات المعدنية الصغيرة التي ليس من السهولة استبدالها بمواد أخرى غير معدنية ، مثل النابض اللولبي spring ، رأس الطارق striker tip ، وسلك القص shear wire . الألغام ذات المحتوى المعدني الأدنى صعبة الاكتشاف عند استخدام كاشفات الألغام المعدنية التقليدية metal mine detectors ، لكنها عرضة للكشف والتعيين باستخدام تقنيات عصرية باهظة الكلفة . في الحرب العالمية الثانية ، طور الألمان ألغام Glasmine 43 ، Schu-mine 42 ، Topfmine ، جميعها بأجزاء معدنية مخفضة . النوع الأول على سبيل المثال مضاد للأفراد وكان بهيكل كامل من الزجاج . في البداية استخدم معه آلية إشعال/إيقاد ميكانيكية mechanical igniters ، لكن لاحقاً تمت الاستعانة بآلية كيميائية chemical لنفس الغرض . هذه التصاميم كانت إما صعبة أو مستحيلة الكشف والإيجاد باستخدام كاشفات معادن الأربعينات .


العديد من الأنواع الأخرى للألغام مخفضة المعادن أنتجت في البلدان المختلفة على مر السنين . تتضمن هذه أمثلة حديثة نسبياً لألغام مضادة للدبابات مثل الأمريكي M19 مع أقل من 3 غرامات من المحتوى المعدني ، وكذلك الصربي TMA-3 الذي تقريباً بدون أي محتوى معدني Metallic content (هيكل من ألياف الزجاج المقواة) . اللغم البلاستيكي M19 مربع الشكل طور في الولايات المتحدة منتصف الستينات ، وله فقط مكونان معدنيان ، هما كبسولة المفجر النحاسية detonator capsule وإبرة الإشعال firing pin الفولاذية غير قابلة للصدأ ، الذين يزنان بالضبط 2.86 غرام . هذا اللغم ذو اللون الأخضر الزيتي الغامق صعب جداً للكشف بعد زرعه تحت الرمل ، حيث يجهز عادة بصمام ضغط مركزي من نوع M606 ، مجهز بمفتاح تسليح arming switch ذو وضعيتين ، "S" وتشير للوضع الآمن و"A" تشير لوضع التسليح وجاهزية العمل . هذه العلامات إما طليت باللون الأصفر أو نقشت على البلاستيك . عندما المفتاح موضوع A ودبوس الأمان مزال من مكانه ، اللغم سينفجر مباشرة إذا عجلات عربة تحركت أو عبرت فوقه . إن آلية الإشعال ستكون محفزة بتأثير نابض "بيلي فايل" Belleville spring ، حيث يتم قلب النابض والتسبب في نقر الطارق باتجاه الأسفل ، نحو فتيل التفجير الحساس الابتدائي ، ومن ثم تحفيز وتفجير الشحنة الرئيسة للغم . اللغم يجهز أيضاً بصمامين ثانويين (واحد في الجانب وآخر في القاع) ، الذي يسمحان لمواجهة أدوات ضد المعالجة anti-handling devices ، أحدهما M1 بصمام سحب Pull fuzes (الصمام يتم توصيله عادة إلى سلك رقيق ربط بالأرض ، حيث يسحب السلك تلقائياً إذا تم رفع اللغم ، وتتسبب هذه العملية في تحرير نابض الطارق ومن ثم إشعال الشحنة الرئيسة) ، والآخر هو صمام M5 ضد الرفع Anti-lifting fuzes والمسمى "مصيدة الفئران" mouse-trap . كلا الصمامين الثانويين على اللغم M19 يمكن أن يجهزا بأداة ضد المعالجة .هذا اللغم ينتج بترخيص في العديد من الدول ، مثل تشيلي وكوريا الجنوبية وتركيا ، كما يوجد نسخة منه منتجه في إيران . المخزون الأمريكية للغم بلغ تقريباً 74,000 قبل حرب الخليج 1990 وانخفض إلى 63,000 لغم بحلول العام 2002 . يبلغ وزن اللغم 12.56 كلغم ، منها 9.53 كلغم وزن المادة المتفجرة من التركيب B . ويحتاج اللغم لضغط نحو 118-226 كلغم للتحفيز والانفجار .


الإيطاليون بدورهم ومنذ السبعينات تزعموا إنتاج الألغام الأرضية على مستوى العالم ، فمنتجو هذه الألغام الذين اقتصروا على ثلاثة شركات إيطالية رئيسة هي Valsella ، Misar ، و Tecnovar ، بدءوا العمل على هذا النمط من الألغام مخفض المعادن في الغالب مع أوائل الثمانينات . فصنعت شركة فالسيلا اللغم VS-50 وVS-Mk2 . وأنتجت ميسار اللغم SB-81 وSB-33 . أما شركة تكنوفار فقد طورت الألغام TS-50 ، TC/3.6 ، TC/6 . مع ذلك كان بالإمكان رؤية ألغام منعدمة المعادن تماماً ، حيث ظهرت فعلاً فيما مضى نماذج وتصاميم ألغام لا تشتمل على أي نسبة معادن في تركيبها العام الخارجي والداخلي . نموذجياً ، مثل هذه التصاميم تستخدم قارورة زجاجية glass vial تحتوي تركيب مؤلف من خليط ناري حساس للاحتكاك ومسحوق زجاجي . الضغط السفلي المركز على القارورة يعمل على سحقها وتحطيمها ، مما يتسبب في إصدار وميض ناري يعمل على تحفيز المفجر detonator وإيقاد الشحنة المتفجرة الرئيسة . كاشفات المعادن لا تستطيع إيجاد هذا النوع من الألغام لأنه لا يحتوي في الأساس على أجزاء معدنية للكشف .

24‏/1‏/2013

منظومة المسارات/الجنازير .


منظومــــــــــــة المســــــــــــارات/الجنازيـــــــــــــر


منظومة جنازير الدبابة tank tracks يجب أن تؤدي وظيفتان أساسيتان ، أحدها نشر وتوزيع تأثير الحمل load acting الخاص بعجلات الطريق على مساحة كبيرة بما فيه الكفاية من الأرض ، وذلك لمنع غطس أو غوص الدبابات على نحو غير ملائم ومبالغ فيه خلال هذه الأرض متى هي ما كانت ناعمة أو رخوة soft ground ، وبالنتيجة توفير فرصة أفضل لحركة الدبابة خلالها . والوظيفة الأخرى للجنازير هي أن تنقل للأرض قوة الجر tractive effort (قوة الاحتكاك الممارسة من قبل الجنازير أو عجلات الطريق لمركبة متحركة على السطح الذي تسير خلاله) المولدة بواسطة محرك الدبابة ، وذلك لإنجاز قوة زخم كافية لدفعهاإلى مواجهة المقاومة إلى حركتها . ولمزيد من التوضيح نقول أن المنطقة السطحية الكبيرة للجنازير surface area تعمل على توزيع وزن العربة بشكل أفضل مما هو متاح للإطارات الفولاذية أو المطاطية على عربة مكافئة لها في الوزن . هي تمكن العربة من عبور واجتياز الأراضي الناعمة مع احتمالية أقل لمواجهة حالة الإنغراز أو التوقف stuck . لقد تركز تطوير الأجزاء أو القطع البارزة للصفائح المعدنية والملامسة لسطح الأرض لكي تكون قادرة على مقاومة الأضرار والتلف ومعامل اللإهتراء والتآكل الشديدين hard-wearing ، خصوصاً بالمقارنة مع الإطارات المطاطية . إن حركة الجنازير العنيفة ونمط عملها يوفر قابلية جر ممتازة للعربة على الأراضي الناعمة لكنها يمكن أن تتلف السطوح المعبدة paved surfaces . نقطة أخرى سجلت لمنظومات الجنازير الحديثة التي تزود بوسادات مطاطية خاصة rubber pads ، التي يمكن أن تركب أسفل صفائحها لاستعمالها على السطوح المعبدة ، وذلك لمنع الضرر الإضافي الذي يمكن أن تسببه صفائح الجنازير المعدنية بالكامل .



التقدم الرئيس الأول على النوع الأصلي للجنازير أنجز في العام 1919 من قبل المهندس والمصمم الأمريكي جون ولتر كرستي J W Christie . فجنزيره شمل وصلات صفيحة (من الفولاذ المسبوك) مع مداخل أو ثقوب متعددة لمشابك الربط . ولكونه خفيف الوزن نسبياً ، هذا الجنزير كان مناسب أكثر للاستعمال مع السرعات العالية . في الحقيقة ، جنازير كرستي سجلت في العام 1928 سرعة من 68 كلم/س ، التي كانت أعلى إلى حد كبير من السرعة القصوى لأي دبابة أنتجت في ذلك الحين . ونتيجة كفاءتها ، هي استخدمت بعد ذلك على سلسلة الدبابات السوفيتية السريعة Soviet fast tank ، على الأخص في الدبابات T-34 . مع ذلك ، ورغم أن التصميم تميز بالبساطة إلا أنه كان يعاني من ناتج الصوت المرتفع والصاخب noisy .. التقدم الرئيس الثاني على النوع الأصلي للجنازير أنجز في منتصف العشرينات بتقديمه على سلسلة عربات القتال المدرعة البريطانية "مصغرة الحجم" المدعوة Carden Loyd tankettes (كانت تستخدم بشكل رئيس لأغراض دعم المشاة الخفيف أو للاستكشاف) ، حيث كانت الجنزير خفيف الوزن ، قصير الانحدار أو الميلان ، مجهز بوصلات بسيطة من الحديد المسبوك الطيع/المرن malleable cast iron . هذا النوع من الجنازير أنتج بكميات كبيرة لصالح العربة Mark VI ، وكان بعرض 133 ملم .


بالنتيجة هذا النوع من الجنازير كان أهدأ بكثير من سابقه وأثبت نجاحه على الدبابات الخفيفة ، مما ساعدهم على إنجاز سرعة طريق حتى 40 كلم/س أو أكثر . لقد أثبت التصميم متانة نسبيه أيضاً ، وتقديمه ساهم كثيراً في تطوير الدبابات الأسرع . جنازير الحديد المسبوك الطيع استعملت أيضاً في بداية الحرب العالمية الثانية على عدد من العربات الأثقل ، مثل الدبابة البريطانية Cruiser Mk I وكذلك دبابة المشاة Valentine .. على أية حال ، نوع آخر وأفضل بكثير في ذلك الوقت من الجنازير كان قد قدم . من حيث المبدأ تصميمه كان مماثل لجنازير Carden Loyd ، لكن وصلاته الهيكليه كانت مصنوعة من فولاذ المنغنيز المصلب hardening manganese steel ، التي جعلته أكثر قوة ومتانة . هذا النوع من الجنازير قدم في العام 1928 على دبابات Vickers-Armstrongs ذات الستة أطنان ، وتم تبنيه بعد ذلك على النسخة السوفيتية T-26 ، بالإضافة إلى العديد من الدبابات الألمانية . نسخ هذه الجنازير استخدمت بكثافة خلال الحرب العالمية الثانية على الدبابات البريطانية والألمانية ، ثم استمر استخدامهم لاحقاً على الدبابات البريطانية مثل Centurion وعلى الدبابات السوفيتية مثل T-54 . هم ما زالوا يمثلون النوع أو النموذج الأخف لجنازير الدبابات ، لكن أجزاءهم الفولاذية الحادة أو grousers (أدوات منع الانزلاق على التربة والجليد) يمكن أن تلحق أضراراً حادة وقاسية إلى الطرق ، كما أن مفاصلهم المشبكية المنبسطة منفتح إلى دخول الرمال والأوساخ الكاشطة abrasive dirt ، التي يمكن أن تسبب الإهتراء السريعة للمشابك والثقوب في أطراف الوصلات .



19‏/1‏/2013

نظام إخماد النيران في الدبابات T-90/T-72B .


نظــــام إخمـــاد النيـــران فــــي الدبابـــات T-90/T-72B


بالنسبة للدبابات الروسية ، فقد كانت قابلية بقاء أطقم هذه العربات دائماً محل تشكيك وترهيب من قبل الغرب ، هذه ربما كانت نتيجة طبيعية لعدم عزل مقصورة تخزين الذخيرة عن مقصورة الطاقم ، حيث تكدس أغلبية الذخيرة على أرضية البرج (المقذوفات وشحنات الدافع) . وفي الصراعات التي شاركت بها ، أظهر برج بعض الدبابات مثل T-72 ميله للطيران والقفز بعيداً متى ما الدبابة اخترقت وحدث الانفجار ، حتى وصف أحد الضباط الروس أمر الجلوس فوق خزين الذخيرة بالجلوس فوق برميل من البارود powder keg . في الدبابات الروسية T-90/T-72 على سبيل المثال نجد أن خزين ذخيرة السلاح الرئيس ، بالإضافة إلى ما هو مخزن في صينية التلقيم الدوارة ، يوضب على أرضية الهيكل ، في جيوب عند الجهة اليمنى من خلايا الوقود الأمامية وخلف مقعد القائد وكذلك مباشرة خلف المدفعي وفي مواضع أخرى من هيكل الدبابة . في الحقيقة التجارب الميدانية أخبرت أن إيقاد واشتعال ذخيرة السلاح الرئيس كانت دائماً السبب الرئيس والمعتبر لخسارة الدبابة وطاقمها في أرض المعركة ، وليس أقل من ذلك مخزون الوقود الداخلي والسوائل القابلة للاشتعال .


فجزئية الوقود في الدبابات الروسية الرئيسة كانت هي الأخرى محل اهتمام ونظر من قبل المراقبين . إذ ترتبط محركات الدبابات T-90/T-72 على سبيل المثال في تشغيلها بنظام وقود ثنائي التغذية ، أحدها وهو الرئيس لا يمكن الاستغناء عنه وهو موجود ضمن تفاصيل تراكيب الهيكل ، في حين الآخر هو نظام فرعي يمكن التخلص منه قبل الدخول واقتحام ساحة المعركة . النوع الأول مرتبط بعدد أربعة خزانات وقود داخلية بسعة إجمالية تبلغ 705 لتر محمية بصفائح تدريع الهيكل . واحدة من هذه الخزانات مثبت على أرضية الهيكل في مقصورة الطاقم crew compartment ، بينما الثلاثة الأخرى موجودة في مقدمة الهيكل على جانبي السائق . خزانات الوقود الخمسة الأخرى الخارجية مع إجمالي سعة من 495 لتر ، موزعة على امتدادسقف الرف الأيمن لهيكل الدبابة فوق الجنازير . جميع هذه الخزانات مرتبط بعضها البعض بأنابيب توصيل وتغذية . النوع الثاني الفرعي مخصص لزيادة مدى الدبابة ، ويتمثل في برميلي تخزين وقود في مؤخرة الهيكل بسعة إجمالية من 390 لتر ، وهذا كما ذكر يمكن تحييده والاستغناء عنه عند اللزوم . الاستخدام العام للدبابة T-72 أثبت ارتفاع احتمالية إصابة الخزانات الخارجية ، خصوصاً الجانبية منها واختراق جدارها الرقيق نسبياً thin-walled ، مما يترتب عليه انسكاب مادة الوقود ، مع احتمالية اندلاع النيران نتيجة الأبخرة المتولدة أو اشتعال المحرك نتيجة الوقود المتسرب . إن خروج السائل القابل للاشتعال وانتشاره على صورة رذاذ أو بخار vapour يختلط مع الهواء ، يمكن أن يشكل خليط مناسب قابل للانفجار في حال توفر وسيلة إيقاد ناجحة . لذا ، كان هناك ميل وتوجه في أواخر الثمانينات لتجهيز دبابات المعركة الروسية الرئيسة بأنظمة الإطفاء الآلي ، خصوصاً بعد متابعة التجربة الإسرائيلية في هذا المجال على الدبابة Merkava عام 1982 والتي أثبتت فاعليتها . الدبابات الروسية من الفئة الأحدث والمطورة أمثال T-90/T-72B ، تتضمن نظام ZETS13-1 للإطفاء الآلي .


فلإخماد النيران ، هناك أربعة اسطوانات لمكافحة الحرائق ، اثنتان في حجرة الطاقم واثنتان في مقصورة المحرك ، تستخدمان مزيج كيميائي من مواد Halon 2402 وHalon 1301 للإطفاء والكبح الفوري . النظام يستخدم عدد عشرة مجسات بصرية ، وهذه تستخدم لتحويل إشعاع لهب الوقود وزيوت التشحيم المكتشف إلى إشارة كهربائية . هناك أيضاً خمسة مجسات حرارية temperature sensors ، وهذه مصممة لتحويل درجة حرارة اللهب المكتشفة (من خلال استشعار الاختلاف في درجات الحرارة) إلى إشارة وناتج كهربائي electrical signal يشير إلى بداية حدوث نشاط الحريق . المجسات الحرارية قادرة على استشعار وكشف الارتفاع الخطر والمتطرف لدرجات الحرارة حتى 150 درجة مئوية . إن نظام إخماد النيران معد لكي يشغل يدوياً أو آلياً من خلال الأزرار على لوحة السيطرة والتحكم في موقع القائد أو سائق الدبابة . بالإضافة لذلك ، مقصورة المحرك مجهزة بعدد 2 مطفأة حريق يدوية من ثاني أكسيد الكربون carbon dioxide extinguisher تستعمل عند اخفاق النظام الآلي . 

17‏/1‏/2013

ظاهرة "انحناء المسار البصري" .


ظــــاهرة "إنحنــــاء المســــار البصــــري"


يعرف أطقم الدبابات tank crews المتمرسين الذين قاتلوا في الظروف الصحراوية جيدا ظاهرة وهج موجات الحرارة ، التي تحدث عادة في منتصف النهار أو الليل وتحجب الرؤية ما بعد 1500 م . هذا التأثير يتضخم عندما تصبح موجات الحرارة أكثر شدة وتكون المراقبة عبر وسائل الرؤية المكبرة التقليدية . فمن المفاهيم الشائعة أن الرامي عندما يرغب في تصويب أي نيران مباشرة direct fire تجاه هدف ما ، فإن الهدف الذي يصوب تجاهه في خط مستقيم ويراه في منظاره البصري هي صورة الهدف الحقيقية ، لسوء الحظ هذه النظرة ليست صحيحة دائماً . فعند فقط مستوى الأرض ، تحدث حالة تبادل حراري بين الهواء والتربة ، مما يؤدي إلى عدم ثبات درجة الحرارة على سطح الأرض . وبينما يمر الضوء من خلال الهواء متغير درجة الحرارة ، فإنه ينحرف عن مساره . هذا يعني بأن خط البصر بين الدبابة والهدف لا يمر دائماً في خط مستقيم ومباشر . هذه الظاهرة المعروفة يطلق عليها ظاهرة "انحناء المسار البصري" optical path bending ، ويمكن أن تحدث في ساعات النهار والسماء صافية على تضاريس مستوية ومنبسطة مع سرعة رياح تبلغ 10 ميل/ساعة ، أو خلال ساعات الليل والسماء صافية على تضاريس مستوية مع سرعة رياح تبلغ 4 ميل/ساعة . وعندما تحدث ، فإن المدفع لا يمكن أن يمتد ويتوجه نحو هدفه عملياً طالما خط البصر إلى الهدف لم يعد بمسار مباشر . انحراف خط البصر هذا قَد يسبب مشاكل لأطقم الدبابات التي تحاول الاشتباك في المجاميع ما بعد 1500 م كما ذكر سابقاً . لذلك ، وللحصول على تقدير دقيق للمدى ، فإنه لا يمكن الاستغناء عن محددات المدى الليزرية الحديثة LRF .

13‏/1‏/2013

الاشتعال واستهلاك الوقود في محركات الديزلِ .


الاشتعـــال واستهـــلاك الوقـــود فـــي محركـــات الديـــزل


قد يتساءل البعض عن سبب تفضيل محركات الديزل على محركات البنزين للاستخدام في تسيير ودفع دبابات المعركة الرئيسة على الرغم من أن تصاميم محركات الديزل والبنزين الأساسية متماثلة ؟؟ لقد ذكرنا فيما سبق أن هناك اختلافان رئيسان بين تصميم محركات البنزين ومحركات الديزل . أولاً أن محركات البنزين تستخدم نظام الإيقاد بالشرارة spark ignition ، بينما تستعمل محركات الديزل نظام الإيقاد بالضغط compression ignition . في داخل المحرك ، الوقود يحترق لإصدار وتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية . وفي محركات البنزين تحديداً ، شمعة القدح spark plug تنتج شرارة لإشعال خليط البنزين والهواء . أما في محركات الديزل ، فإن الهواء يضغط إلى درجة حرارة عالية ، لذلك عندما غمامة أو رذاذ طفيف من الديزل يتم ضخه بواسطة الحاقن إلى الهواء المضغوط في غرفة الاحتراق ، فإن الحرارة المفرطة تتسبب في إشعال الديزل ، لهذا محرك الديزل يدعى أحياناً "محرك الإيقاد بالضغط" .الاختلاف الثاني يرتبط بحدود ومستويات نسب ضغط المحرك compression ratios . فلكي يصل الهواء ضمن حجرة الاحتراق في محرك الديزل إلى درجة حرارة كافية لحصول وتحقق آلية الإيقاد الذاتي ، فإن نسبة الضغط من الضروري أن تكون أعلى بكثير من تلك المتوافرة في محرك الإيقاد بشرارة . محركات الديزل مصممة للاشتغال في نسب الضغط الأعلى التي عادة ما تتراوح بين 16:1 إلى 24:1مع مستوى حرارة لنحو 900 درجة مئوية (درجة حرارة الإيقاد لمعظم مكونات وقود الديزل القابلة للاشتعال بسهولة هي فقط عند 250 درجة مئوية ، لذلك من السهل إدراك لماذا يحترق الوقود متى ما هو محقون بعد أن يرتفع المكبس في شوط الضغط compression stroke) ، وللمقارنة فإن محركات البنزين لها نسب ضغط أوطأ ، عادة ما بين 8:1 إلى 12:1 . وكما هو معروف فإن كفاءة المحرك تتناسب طرديا مع نسبة الضغط . ولتوضيح هذه الجزئية نقول أن نسبة الضغط في المحركات المكبسية هي النسبة بين حجم الاسطوانة وحجرة الاحتراق عندما يكون المكبس في أسفل شوطه ، وحجم حجرة الاحتراق عندما يكون المكبس في أعلى قمة شوطه . وللقارئ أن يتخيل اسطوانة وحجرة احتراقها مع المكبس وهو في أسفل شوطه محتوياً على 1000 سنتيمتر مكعب من الهواء (900 سنتيمتر مكعب في الاسطوانة زائداً 100 سنتيمتر مكعب في حجرة الاحتراق) . عندما المكبس ينتقل إلى أعلى قمة شوطه في داخل الاسطوانة ، والحجم المتبقي داخل الرأس أو حجرة الاحتراق يخفض ويقلل إلى 100 سنتيمتر مكعب ، فإن نسبة الضغط ستوصف بشكل متناسب على أنها تعادل 1000:100 ، أو بالتخفيض الجزئي 10:1هي نسبة الضغط . إن نسبة ضغط عالية مرغوبة لأنها تسمح للمحرك بانتزاع واستخراج طاقة ميكانيكية أكثر mechanical energy من كتلة معطاة من خليط الوقود الجوي وذلك بسبب كفاءتها الحرارية الأعلى .


ولكون المحركات ذات نسب الضغط الأعلى أكثر كفاءة حرارياً thermal efficiency ، فإن محركات الديزل لها عموماً كفاءة وقود أفضل من محركات البنزين . ولتشغيل عربة مماثلة في الحجم ، فإنه سيكون لمحرك الديزل أفضلية لنحو 30% أو أكثر في كفاءة الوقود مقابل محرك آخر يعمل بالبنزين . ولتبيان هذه الفكرة نقول أن محركات البنزين الحديثة لها كفاءة حرارية قصوى لنحو 25-30% عندما تستخدم على سبيل المثال لتشغيل المركبات تجارية . بمعنى أنه حتى عندما تعمل هذه المحركات عند مرحلة كفاءتها الحرارية القصوى ، فإننا نجد أن من إجمالي طاقة الحرارة الكلية المحررة والصادرة عن وقود البنزين المستهلك والمستنفذ ، فإن نحو 70-75% من هذه مطروحة rejected كحرارة دون أن تتحول إلى عمل حقيقي مفيد أو مجدي . تقريباً نصف هذه الحرارة المطروحة والمنبوذة تحمل بعيداً من قبل غازات العادم exhaust gases ، ونصفها يمر ويعبر عبر جدران الاسطوانة ، أو رأس الاسطوانة إلى نظام تبريد المحرك ، ومن ثم تعبر إلى الجو عن طريق نظام شبكة التبريد "الراديتر" radiator . أما في المحركات التي تستخدم دورة الديزل (دورة الديزل Diesel cycle هي دورة حرارية تستخدم في محركات الديزل الموقدة بالضغط ، حيث يتم إطلاق الوقود على هيئة رذاذ وبضغط عالي في الاسطوانة ، وعند هذه المرحلة يتم الإيقاد بدون شرارة) فإنها عادة ما تكون أكثر كفاءة وفاعلية ، على الرغم من أن دورة الديزل ذاتها أقل كفاءة من حيث نسب الضغط المساوية أو المضاهية ، ذلك لكون محركات الديزل تستخدم نسب ومعدلات ضغط أعلى بكثير (حرارة الضغط تستعمل لإشعال وقود الديزل بطيء الاحتراق) . تلك النسب العالية من الضغط تعوض كفاءة الدورة الداخلية الأوطأ ، بحيث تسمح لمحرك الديزل أن يكون أكثر كفاءة وفاعلية .


في الديناميكا الحرارية thermodynamics ، توصف الكفاءة الحرارية بأنها مقياس لأداة لابعدية تستخدم الطاقة الحرارية كما في محرك الاحتراق الداخلي لتوليد الطاقة الكهربائية والميكانيكية . والمصطلح يشير ببساطة إلى العلاقة بين الطاقة الكلية المحتوية والكامنة في الوقود ، وحجم الطاقة المستخدمة لأداء وانجاز عمل مفيد . ولمزيد من التوضيح حول هذه الجزئية نقول إن المحركات الحرارية تحول الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية أو عمل ، لكنهم عادة لا يستطيعون انجاز هذه المهمة بشكل مثالي ، حيث أن بعض طاقة الحرارة المدخلة سوف لن تحول إلى عمل كما هو مفترض ، لكنها سوف تبدد وتشتت كحرارة مهدرة ومهملة نحو المحيط الخارجي لبيئة التشغيل . هكذا فإن الكفاءة الحرارية لمحرك حراري هي النسبة المئوية من طاقة الحرارة heat energy التي تحول وتوجه إلى عمل منجز . وعدم الكفاءة هذه يمكن أن تنسب في بعض أسبابها إلى توفر أنواع معينة من المحركات لها حدود ومستويات منخفضة من الكفاءة بسبب عملية أو قابلية عدم الانعكاس irreversibility (لا يمكن إتمامها في الاتجاه العكسي) المتأصلة والمتلازمة لدورة المحرك المستخدم . سبب آخر يرجع للسلوك غير المتماثل للمحركات الطبيعية ، مثل الاحتكاك الميكانيكي mechanical friction والخسارة أو الفقدان خلال عمليات الاحتراق ، حيث تتسبب هذه في خسارة أكثر لعامل الكفاءة . على أية حال ودون الدخول في تفاصيل ميكانيكية ، محركات الديزل عملياً لها كفاءة أكثر لنحو 30-35% من محركات البنزين ، وذلك بسبب أن الوقود لا يقدم أو يدخل إلى حجرة الاحتراق حتى يكون مستلزم ومطلوب لعملية الاشتعال .


في الحقيقة السبب الرئيس للتوجه العام نحو محركات الديزل لتسيير ودفع دبابات المعركة الرئيسة وتفضيلها على محركات الإيقاد بالشرارة العاملة بالبنزين يرجع لقابليتهم على زيادة المدى التشغيلي والعملياتي operating range ، وذلك ناتج عن كفاءتهم الحرارية الأعظم ، وبالتالي استهلاكهم الأوطأ والأقل للوقود . بالنتيجة ، الاستهلاك الأدنى للوقود في المحركات الموقدة بشرارة ، المدارة والمشغلة بمزيج الوقود/الهواء المخفف والضعيف weak fuel-air mixtures يمكن أن يكون مخفضاً حتى 240 g/kWh (غرام لكل كيلووات بالساعة كمقدار للطاقة المولدة) ، لكنه بشكله العام يبلغ نحو 300 g/kWh . في حين أن استهلاك الوقود الأدنى لمحركات الديزل عادة لا يزيد عن 240 g/kWh ، ويمكن أن يبلغ فقط 200 g/kWh .. إن الاختلاف في استهلاك الوقود fuel consumption بين الدبابات المدفوعة بنوعي المحركات (الديزل والبنزين) عرض بشكل واضح في الاختبارات على الأراضي والتضاريس المختلفة التي نفذت مع دبابة أمريكية من طراز M48A2 مدفوعة بواسطة محرك AVI-1790 موقد بشرارة مع نظام حقن بالوقود Fuel injection (نظام تسليم الوقود الأساس في محرك الاحتراق داخلي بعد استبدال نظام الكربوريتر الأقدم خلال 80-1990) ودبابة أخرى من طراز M48A2E1 شغلت بمحرك ديزل من نوع AVDS-1790 ، حيث استهلكت محركات الدبابتين معدل من 9.2 و6.8 لتر لكل كيلومتر على التوالي (الدبابتين أعطيتا نفس حجم خزان الوقود) . هذه النتيجة عنت أن المدى التشغيلي للدبابة المدفوعة والمسيرة بمحرك ديزل كان أعظم بنسبة 35% من الدبابة المدفوعة بمحرك موقد بشرارة (محرك بنزين) . اختلافات وفروقات مماثلة عرضت وأثبتت لعملية استهلاك الوقود بين محركات موقدة بشرارة ونظيرتها محركات الديزل التي جهزت نسخ دبابة Scorpion البريطانية . متوسط استهلاك الوقود للنماذج الأولى المدفوعة بمحرك بنزين من نوع Jaguar J60 كان 0.65 لتر لكل كيلومتر ، في حين حقق محرك الديزل اللاحق لنفس الدبابة من نوع Perkins حقق متوسط استهلاك بلغ 0.49 لتر لكل كيلومتر على الطرق (استطاع توفير سرعة قصوى للدبابة حتى 80 كلم/ساعة ، وكان قادراً على توفير تعجيل من الصفر إلى 48 كلم/ساعة خلال 16 ثانية فقط) . هذه النتيجة عنت مرة أخرى أن المدى العملياتي للدبابة المدفوعة بمحرك ديزل كانت أعظم بنسبة 34% ، على الرغم من وزنه الأثقل قليلاً بالمقارنة مع نظيره محرك الإيقاد بالشرارة .

7‏/1‏/2013

أسلوب العمل واقتحام ساحة المعركة .


دبابــة المعركــة الرئيســة ..
أسلــــوب العمــــل وأخطــــار ساحــــة المعركــــة


نادراً ما تعمل الدبابات بمفردها أو على حدة ، حيث أدنى وحدة قتالية مستخدمة يجب أن لا تقل عن حجم فصيل platoon مكون من أربعة إلى خمسة دبابات (الفصيل في الجيش الأمريكي هو أصغر وحدة في سلاح الجيش والبحرية ، تكون تحت قيادة ضابط كجزء من تشكيل السرية company) . وتعمل دبابات الفصيل مع بعضها البعض لتزويد دعم متبادل ومشترك mutual support ، ففي الوقت الذي تقوم فيه دبابتان بالتقدم ، فإن الدبابات الأخرى تقوم بالتغطية ، ثم تتوقف هذه الدبابات لتزويد الغطاء الناري للبقية للتقَدم والتحرك نحو الأمام .. وهكذا . وفي العادة تعمل فصائل متعددة على التنسيق مع المشاة الآلي وتستخدم قابلية حركتها وقوتها النارية للاختراق والتغلغل من النقاط الضعيفة في خطوط العدو . وتساهم قابلية دبابة المعركة الرئيسة على إدارة برجها حتى 360 درجة كاملة في السماح بالحركة المنسقة بين الفصائل القتالية ، بالإضافة للدفاع ضد الهجمات الناجمة عن اتجاهات متعددة ومختلفة ، ومشاغلة engagin القوات والعربات المدرعة المعادية باستمرار دون الحاجة للتوقف أو إبطاء تقدمها .


عندما تكون في موقف الدفاع ، تنتظر الدبابات في المواقع مسبقة التحضير أو تستخدم أي عناصر تضاريس طبيعية ، مثل التلال الصغيرة بهدف الغطاء والتخفي . إن دبابة متموضعة خلف قمة تل في وضعية هيكل للأسفل hull-down ، تعرض بالنسبة للعدو فقط قمة برجها مع المدفع والمجسات ، فإنها في الحقيقة توفر الهدف الأصغر المحتمل ، بينما يسمح لها وضعها الدفاعي بمشاغلة قوات العدو على الجانب الآخر للتل بسهولة نسبية . الدبابات قادرة في العادة على تخفيض مستوى سلاحها الرئيس لبضعة درجات للأسفل ، في حين أن مقذوفاتها الحديثة ذات الطاقة الحركية لها تقريباً مسارات مسطحة flat trajectories ، بدون هذه الميزات هي قد لا تتمكن من استغلال مثل هذه المواقع .


توزيع الدرع حول الدبابة لا يكون عادة بشكل متماثل ، فالمقدمة تكون عادة مدرعة بشكل أفضل نموذجياً من الجوانب أو المؤخرة . وفقاً لذلك ، فإن الممارسة الطبيعية تحتم أن تبقي المقدمة في مواجهة العدو عند جميع الأوقات ، وتكون الأفضلية عند التعرض لهجوم مفاجئ في تراجع وتقهقر الدبابة للخلف لمسافة آمنة بدلاً من الاستدارة والالتفاف لتفادي ضرب النقاط الضعيفة . الجنازير والعجلات وأنظمة تعليق الدبابة suspension تكون خارج الهيكل المدرع وفي مواضع شديدة الحساسية وعرضه للهجوم . إن الطريق الأسهل لتعطيل دبابة معركة رئيسة (باستثناء ضربة مباشرة في منطقة ضعيفة بسلاح مضاد للدبابات) أن تستهدف الجنازير لتسجيل ما يطلق عليه "قتل الحركة" mobility kill ، أو استهداف جميع تجهيزات الرؤية البصرية الخارجية ، فالدبابة عندما تتعطل وتتوقف عن الحركة تسهل آلية تحطيمها . لذلك تعرض الحواشي أو الصفائح الجانبية side-skirts فائدة وميزة عظيمة ، فهي تستطيع حرف طلقات الرشاشات الثقيلة وكذلك التسبب في تحفيز المقذوفات شديدة الانفجار على الانفجار بمسافة قبل بلوغ وضرب عجلة الإدارة المسننة running gear . الأجزاء الضعيفة الأخرى للدبابة تتضمن منطقة سطح المحرك (بما في ذلك قنوات امتصاص الهواء ، شبكة تبريد المحرك .. الخ) وحلقة البرج turret ring ، حيث يلتقي البرج بالهيكل . إن توفير الحماية السقفية ، حتى إذا ما كانت بصفائح معدنية رقيقة جداً ، فإنها قد تكون مفيدة جداً ، فهي تستطيع المساهمة في تفجير الرؤوس الحربية ذات الشحنات المشكلة وتفادى ضرباتها المباشرة على قمة السقف ، حيث يمكن أن تكون الإصابات مميتة إلى الدبابات في هذه المنطقة نتيجة درعهم الأنحف . باختصار ، على أطقم الدبابات البحث عن الوسائل الممكنة والطرق المبتكرة قدر المستطاع لحماية مركباتهم من طيف واسع من التهديدات التي تعج بهما ساحة المعركة .


عندما تستخدم بشكل دفاعي ، الدبابات تنسحب في أغلب الأحيان إلى الخنادق أو توضع وراء الموانع والطيات الأرضية المرتفعة للمزيد من الحماية . الدبابات يمكن أن تطلق بضعة طلقات من موقعها الدفاعي defensive position ، ثم بعد ذلك تتراجع للخلف إلى الموقع المهيأ الآخر الأكثر بعداً للوراء . هذه المواقع يمكن أن تجهز عملياً من قبل أطقم الدبابات ، لكن التحضيرات تكون أفضل وأسرع إذا ما نفذت من قبل المهندسين المجهزين بالجرارات الجارفة (البلدوزرات bulldozers) .

تدخل الدبابات ساحة المعركة عادة وهي مسلحة بقذيفة جاهزة للرمي في عقب السلاح ، الهدف من ذلك تقليل وقت ردة الفعل عندما تصادف عدواً في الطريق أو هدفاً يستحق الاشتباك . المذهب الأمريكي في استخدام الدروع يدعو إلى أن تكون هذه القذيفة من النوع حركي الطاقة KE ، فزمن وتوقيت ردة الفعل أكثر أهمية عند الالتقاء بدبابات العدو للحصول على الرمية الأولى (ومن المحتمل حالة القتل الأولى) . أيضاً إذا صادف مرور قوات أو عربات خفيفة معادية ، فإن الرد الطبيعي هو استخدام هذا النوع من الذخائر ضدها ، على الرغم من أنها لا تشكل في الحقيقة أهداف مثالية لهذا النمط من المقذوفات . لكن بسبب الصعوبة وعدم الرغبة في إهدار الثواني الثمينة وربما الحاسمة في إزالة القذيفة التي هي سلفاً في عقب المدفع ، فإن قذيفة الطاقة الحركية ستطلق , لتلقم بعدها قذيفة شديدة الانفجار مضادة للدبابات HEAT لمواصلة الاشتباك .


استخدام دبابات المعركة الرئيسة يمكن أن يكون حاسماً في قتال المدن city fighting ، خصوصاً مع قدرتها على تحطيم الجدران (بفضل قوتها النارية) وإطلاق رشاشاتها المتوسطة والثقيلة في عدة اتجاهات وبشكل آني . من جانب آخر ، نواحي ضعف ووهن الدبابات بارزة إلى حد كبير في المعركة الحضرية ، فمن السهل جداً على مشاة العدو التسلل فوق مؤخرتها أو إطلاق النار على جوانبها حيث تكون ضعيفة جداً . بالإضافة لذلك ، فإن إطلاق النار للأسفل من المباني متعددة الأدوار multi-story buildings يسمح للمقذوفات بإصابة دروع البرج والهيكل السقفية الأقل سماكة . وحتى عند استخدام الأسلحة الأخرى غير الرئيسة مثل قناني المولوتوف Molotov cocktails ، فإن هذه إذا صوبت نحو محرك الدبابة ، فإنها تستطيع تعطيل دبابة المعركة ومنعها من الحركة . بسبب هذه التقييدات وأخرى ، فإن الدبابات صعبة الاستخدام في النزاعات الحضرية ، حيث المدنيين أو القوات الصديقة يمكن أن تكون قريبة من بعضها البعض ، لذا قوتها النارية firepower لا يمكن أن تستخدم عملياً لأقصى حد .


الدبابات والعربات المدرعة الأخرى أيضاً عرضة للهجوم من الجو لعدة أسباب . أحدها أنها قابلة للكشف والرصد detectable بسهولة نتيجة المواد التي هم يصنعون منها وتظهرهم بشكل جيد على الرادار ، خصوصاً إذا كانوا يتحركون في تشكيل منتظم . أي دبابة متحركة تنتج أيضاً الكثير من الحرارة والضوضاء والغبار . فالحرارة يمكن رصدها بواسطة منظومات الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء FLIRS والغبار يمكن مشاهدته بواسطة أنظمة الرؤية البصرية بوضوح أثناء ساعات النهار . ولكون تدريعهم السقفي محدود السماكة ، فإن اختراق برج دبابة من المنطقة العليا turret roof هي عملية سهلة نسبياً إذا ما أصيبت بصاروخ موجه مضاد للدبابات (من مروحية هجومية أو طائرة هجوم أرضي) أو ذخيرة فرعية موجهة/غير موجهة . الرشاشات الأوتوماتيكية machine guns والمدافع الآلية الصغيرة قوية بما فيه الكفاية لاختراق الأقسام الخلفية والعليا لمقصورة محرك الدبابة .

6‏/1‏/2013

الصــــــــــــــــــاروخ Metis-M .


من الصـــــراع الســـــوري .. بطـل خطـــــف الأضـــــواء
الصاروخ Metis-M


الصاروخ Metis-M هو مقذوف روسي موجه مضاد للدروع من الجيل الثاني ، صمم لهزيمة ودحر العربات المدرعة الحديثة والمستقبلية المجهزة بدروع تفاعلية متفجرة ERA ، بالإضافة للتحصينات والمخابئ حتى مدى قتالي يتراوح بين 80-1500 م ، خلال معظم الشروط البيئية وظروف الطقس السيئ . يطلق عليه في الغرب اسم AT-13 Saxhorn-2 وهو من تطوير مكتب تصميم الآلات Tula وتم تبنيه في العام 1992 . النظام مصمم لتجهيز الوحدات القتالية عند مستوى السرية في الوحدات الممكنة motorized units , وهو يضيف المزيد من التحسينات الجادة فيما يخص المدى والدقة والخطورة ، خصوصاً مع تحصله على نظام توجيه من النوع نصف الآلي ، الذي يرسل الأوامر عن طريق وصلة سلك wire link يتدلى من مؤخرة الصاروخ . فبعد خروج الصاروخ من حاويته ، يشتعل محرك الدفع الرئيس الذي يعمل بوقود صلب ، لتنفرد حينها زعانف الاتزان الخلفية للمحافظة على استقرار الصاروخ أثناء طيرانه . هذه الزعانف الثلاثية الكبيرة نسبياً (تصنع من شرائح الفولاذ الرقيقة) مجهزة في أحد أطرافها بوحدة خطاط tracer تسهم في قياس انحرافات الصاروخ عن خط البصر ، الذي يمكن تمييز (أي الصاروخ) من أسلوب طيرانه اللولبي spiral flying . تبلغ سرعة طيران الصاروخ Metis-M نحو 180-200 م/ث ، بحيث يبلغ مداه الأقصى خلال ثماني ثوان فقط ، وتعمل وحدة الاستقبال في منصة الاطلاق على تسلم معلومات حول الموقع الزاوي للصاروخ أثناء مرحلة طيرانه من خلال تتبع وحدة الخطاط ، ومن ثم اصدار الأوامر التصحيحية لوحدة السيطرة في الصاروخ عن طريق سلك التوجيه لإبقائه في مركز الشعيرات المتصالبة في منظار التصويب .


وبسبب الأبعاد الصغيرة ووزن مكوناته الخفيفة ، الصاروخ Metis-M قابل للحمل بسهولة من قبل الأفراد الراجلين ، حيث يمكن أن يحمل من قبل طاقمه في الحاويات المدمجة إلى مسافة طويلة نسبياً وعلى تشكيلة من التضاريس ، بضمن ذلك عبور الجداول أو المجاري المائية . استخدام النظام الذي يبلغ إجمالي وزنه 23.8 كلغم ، منها 13.8 كلغم هي وزن الصاروخ في حاويته ، يكون من قبل طاقم من ثلاثة رجال مع أسلحتهم الشخصية وحمولة ذخيرة من خمس قذائف . أحد أفراد الطاقم يحمل على ظهره قاعدة الاطلاق التي تزن لوحدها 10 كلغم وهي محملة بحاوية القذيفة ، مما يخفض من زمن تحضير النار إلى حد كبير ويسمح للطاقم بمشاغلة الأهداف engage targets خلال وضع المسيرة والانتقال . وفي حالة ظهور هدف مفاجئ ، المشغل يمكن أن يطلق النار من الكتف بعد اسناد القاذفة مع أي جسم قريب ، علماً أنه قابل للتوظيف القتالي في ظروف بيئية محيطة من -30 وحتى +50 درجة مئوية . يحمل فردي الطاقم الآخرين رزمة من صاروخين على ظهر كل منهما . التحول من وضع الانتقال والمسير إلى وضع إطلاق النار firing position (والعكس بالعكس) يستغرق نحو 15-20 ثانية ، مع معدل إطلاق نار يبلغ 3-4 قذائف بالدقيقة . كما يمكن إطلاق الصاروخ من وضع الوقوف أو الانبطاح بالإضافة إلى قابلية إطلاقه من المباني ، علماً أن الخاصية الأخيرة تتطلب توفر حوالي ستة أمتار من الفضاء أو الفسحة الخلفية للقاذفة . إن نظام السلاح معد للموالفة مع منظار تصوير حراري من طراز PBN86-VI1 يبلغ وزنه 5.5 كلغم (مع البطاريات ونظام التبريد) . هذا المنظار الذي يعمل ضمن مجال رؤية من 2.4×4.6 درجة ، يمتلك قابلية كشف للأهداف حتى مدى 3.2 كلم وتعريفها على مدى 1.6 كلم ، مما يتيح قابلية اطلاق الصاروخ في الليل حتى مداه الأقصى (يعمل في المجال الطيفي 8-13 مايكرو) . ولغرض زيادة تأثير المنظار ، هو يستعمل اسطوانة تبريد خاصة cooling cylinder ، التي تضمن التنشيط لفترة زمنية تبلغ 8-10 ثانية (بطارية التغذية قابلة للعمل لحد أقصى من ساعتين) .


الصاروخ أستخدم في حرب لبنان العام 2006 وضرب عدة دبابات إسرائيلية من طراز Merkava دون معرفة تفاصيل الهجمات ، حيث أنه معد كما يدعي مصمموه لمهاجمة الأهداف الثابتة والمتحركة التي تتنقل بسرعة لا تزيد عن 60 كلم/س . النظام استخدم أيضاً بفاعلية خلال الحرب الأهلية في سوريا 2011/2012 وحقق نتائج مثيرة تجاه دبابات الحكومة المركزية ، بما في ذلك النسخ المتقدمة T-72 . الرأس الحربي ذو الشحنة المشكلة للصاروخ يبلغ قطره 130 ملم ، وهو من النوع ثنائي الشحنة tandem warhead ، حيث يستطيع اختراق 850-900 ملم من التدريع المتجانس بعد تجاوز الدروع التفاعلية المتفجرة ERA ، أو ثلاثة أمتار من الخرسانة المسلحة reinforced concrete . كما يتوفر رأس حربي بمتفجر الوقود الجوي Thermobaric يزن 4.95 كلغم (مكافئ لنحو ستة كيلوغرامات من متفجرات TNT) مضاد للأفراد والأهداف خفيفة التدريع والتحصينات ، علماً أن نسخة أحدث تم تطويرها حملت التعيين Metis-M1 وهي بمدى 2000 م .. منظومة السلاح Metis-M بشكل عام قابلة للاستخدام من قبل أفراد مدربين أو غير مدربين فقط مع شرح مبسط . هو قابل للشحن بأي نوع من وسائل النقل ، كما يمكن اسقاطه من الجو air-dropped . حالياً النظام مستخدم من قبل كل من روسيا ، أوكرانيا ، جورجيا ، كرواتيا ، هنغاريا ، إيران ، سوريا ، المغرب ، ماليزيا ، كوريا الجنوبية وتنظيم حزب الله اللبناني .

3‏/1‏/2013

أنظمة التعليق لدبابة المعركة الرئيسة .


أنظمـــــة التعليـــــق لدبابـــــة المعركـــــة الرئيســـــة


بشكل عام لا تتوقف الحركية العالية لدبابة المعركة الرئيسة MBT على زيادة القوة الميكانيكية للمحرك وعلبة التروس ، بل يجب أن تتوفر للسائق فرصة المحافظة على السرعة القصوى ، حتى أثناء اجتيازه العوائق في الأراضي الوعرة نسبياً . ومع نظام تعليق محدود الأداء في المركبة ، يجد السائق نفسه مضطراً لأن يرفع قدمه عن دواسة التعجيل ليقلل من سرعة اندفاع المركبة تفادياً للاهتزازات والصدمات العنيفة .. لقد وجد أن السطوح التي يتطلب من دبابات المعركة الرئيسة السير والتنقل فوقها تكون عادة غير مستوية أو منتظمة uneven surfaces ، بالنتيجة هم يتسببون في حدوث اهتزازات شديدة نسبياً ، تؤثر بجدية على أفراد الطاقم للحد الذي تخفض فيه أو تحدد من أدائهم العملياتي . شدة الاهتزازات vibrations severity تعتمد بالدرجة الأولى على طبيعة وقسوة السطوح التي يتطلب من دبابة المعركة التحرك عليها وكذلك على السرعة التي تتنقل خلالها الدبابة من موضع لآخر . وأخيراً وليس آخراً ، هي تعتمد أيضاً على نظام تعليق الدبابة tank suspension . إن طبيعة السطوح الأرضية التي تسبب الاهتزازات تتفاوت إلى حد كبير ، فبعض أسطح الطرق تتميز بقسوتها ووعورتها rough surfaces ، بينما آخرون يشتملون على سطوح متموجة من الرمال الناعمة soft soils . إلا أن الأكثر صعوبة للعبور من حيث نسبة الاهتزازات ، هي الأسطح المهشمة والمتصدعة أو المتصلبة بشدة ، التي يمكن أن تحدد وتقيد سرعة الدبابات فوقها على نحو كبير . قيود أخرى على السرعة يمكن أيضاً أن تفرض بميزات ومعالم التضاريس الأرضية مثل الخنادق والحفر ditches .


مصطلح "منظومة التعليق" Suspension يشير إلى أداة تخفيف الصدمات والاهتزازات عن طريق الروابط أو الوصلات الميكانيكية التي تصل العربة إلى عجلاتها وتسمح بالحركة النسبية بين الاثنان . أنظمة التعليق لها غرض ثنائي مرتبط بعضه البعض ، فهي من جهة تساهم في جعل العربة على اتصال دائم مع الأرض أو السطح السفلي ، ومن جهة أخرى هي مسئولة عن إبقاء شاغلي العربة بوضع أكثر راحة ، وعزلهم لحد معقول من ضوضاء الطريق والصدمات والاهتزازات vibrations ، الخ . ففي أثناء انطلاق وحركة المركبة , وبسبب وعورة الطريق والمنعطفات , أو بسبب منظومة السير وعدم توازنها , أو بسبب قوى العمل , تؤثر في المركبة قوى وعزوم ديناميكية عدة Dynamics forces/torques , يمكن تحديدها استناداً إِلى جملة إِحداثيات من حيث حركتها هي : المحور الطولي الموافق لاتجاه حركة المركبة X ، والمحور العرضي للمركبة والموازي لسطح الطريق Y ، والمحور الشاقولي للمركبة والعمودي على سطح الطريق Z , وينتقل تأثير هذه القوى من خلال مجموعة التعليق إِلى جسم المركبة فتسبب إِزاحات خطية وزاوية لأجزاء المركبة , مما يؤدي إِلى اهتزازات في كلاً من كتلتي المركبة الفوقية والسفلية وتمرجحهما . وتتلخص المهمة الأساس لمجموعة التعليق في ضمان سلاسة حركة المركبة وثباتها قدر الإِمكان , وتحقيق راحة القيادة وسلامتها , وذلك بتخفيض تأثير القوى الديناميكية ونقلها بمرونة معينة في اتجاه محدد مع امتصاص الاهتزازات المرافقة لها وإِخمادها , لاسيما اهتزاز الكتلة الفوقية في الاتجاه الشاقولي . وكلما كانت نسبة الكتلة السفلية إِلى الكتلة الفوقية أقل ، ارتفعت درجة سلاسة حركة المركبة على أن تكون مؤشرات مرونة عناصر مجموعة التعليق وقدرتها على الإِخماد متناسبة مع كتلتي المركبة .


هكذا فإننا نجد أن نظام التعليق suspension عنصر أساس في تقويم حركية العربة المدرعة . إذ تلعب هذه الأداة بشكل عام دوراً ثابتاً بإتاحة أفضل توزيع للحمولة ، ودوراً ديناميكياً في تحقيق عزل الاهتزازات والصدمات الناتجة عن عملية الحركة . أيضاً هو يتيح لترس العجلات متابعة تموجات الجنازير tracks دون أن تصل تلك التموجات إلى هيكل الدبابة . كما أن نظام التعليق يقلل من حركة الهيكل إلى أقصى حد ممكن ، ويقيده بمسافة ثابتة عن الأرض . هو أيضاً يساهم في تحسين مستوى الحماية والقوة النارية (من حيث دقة الرمي) ، فمن شأن الحركية العالية high mobility التقليل من احتمالية إصابة العربة لدى عبورها مركزيين محميين ، وامتصاص الصدمات التي تسببها وعورة الطريق ، وكذلك إعطاء فرصة أفضل لفتح النار بالسرعة المطلوبة ، مع حظ وافر لإصابة الهدف حتى أثناء عملية اجتياز العوائق أو الأراضي القاسية rough ground .