16‏/12‏/2012

مهاجمة الأهداف المدرعة من الجو .


مهاجمــــــــة الأهــــــــداف المدرعــــــــة مــــــــن الجــــــــو
القنابـــــــــــل العنقوديـــــــــــة


أحد حلول مشاكل التصويب بالقنابل الصماء ، تمثل باستخدام ما يسمى بالقنابل العنقودية Cluster bombs ، فهذه القنابل تنثر وتبعثر ما في داخلها من ذخيرة فرعية sub-munitions (قنيبلات bomblets) لتدمر منطقة شاسعة أو أهداف متفرقة. لقد طورت هذه الأسلحة أصلاُ لتكون سلاح هجوم على منطقة تحشدات ومواقع المشاة وتشكيلات الدبابات والمدفعية وقوافل العربات خفيفة التصفيح soft-skinned . ومنحت فعالية الذخيرة الصغيرة ، المستخدمة ضد الدروع الخفيفة ، منحت القنبلة العنقودية قابلية فعالة ضد الدبابات ، وذلك إن سقوط الذخيرة عمودياً من الأعلى الهدف ، يساعدها على مهاجمة الدرع الخفيف في القمة . وتصمم القنابل العنقودية الحديثة كي تطلق من ارتفاعات منخفضة وبسرعة دون صوتية ، أو تطلق أثناء تسلق الطائرة القاذفة (وهنا تكون الطائرة بعيدة عن الهدف بعدة كيلومترات) وعند فترة زمنية محددة مسبقاً بعد الإطلاق ، يقوم الصمام الالكتروني والمبرمج بواسطة حاسب صغير ، بفتح غلاف القنبلة الخارجي في الفضاء ، ومن ثم تقذف الذخيرة الفرعية من حاوية القنبلة بواسطة قوة الطرد المركزية centrifugal force الناتجة عن دوران القنبلة حول محورها ، وكقاعدة عامة كلما زادت سرعة دوران القنبلة حول محورها كلما زادت مساحة التفرق والتشتت للقنابل الفرعية . إن تخفيف القنيبلات الصغيرة من سرعتها يتم إما عن طريق مظلة كابحة صغيرة retarders parachute ، أو عن طريق زعانف إعاقة fins أو شريط ملون streamers ، وذلك من أجل إبطاء هبوطهم وتحقيق أقرب زاوية سقوط عمودية ممكنة ، وفي معظم النماذج فإن الذخيرة يتم تسلحها وتصبح جاهزة للانفجار مباشرة بعد عملية الإطلاق ، لتنفجر الشحنة الجوفاء بمجرد التماس . إن عدد الذخائر التي تحملها القنابل العنقودية يتباين بين سلاح وآخر ، والرقم يتراوح بين 50 إلى 2000 قنيبلة ، وليس هناك حاجة بالطبع إلى تسديد دقيق كما في الأسلحة الذكية ، فالقنبلة مصممة بحيث يغطي تدميرها مناطق واسعة وبطريقة مكثفة ، بحيث يتضاعف التأثير إلى أقصى حد ممكن . وتستطيع معظم الطائرات حمل العديد من هذه القنابل في كل طلعة ، التي يمكن أن تطلق بتتابع سريع .


لقد أطلق الطيارون الأمريكان خلال حرب الخليج ، والذين استخدموا هذا النوع من الأسلحة في الاشتباك اسم "قصف بنادق الرش" shotgun bombing على أسلوبهم هذا في مهاجمة القوات العراقية . فبعد إلقاء القنبلة العنقودية مثل البريطانية BL-755 ، أو سلسلة القنابل الأمريكية CBU-52/59 Rockeye 2، تنفتح حاوية القنبلة عند ارتفاع محدداً سلفاً ، وتنشر مئات القنابل الصغيرة فوق منطقة الهدف . وقد تكون هذه القنيبلات مضادة للأفراد ، فتنفجر وتملأ منطقة واسعة بشظايا ملتهبة قاتلة . أما القنيبلات المضادة للدبابات ، فتكون مجهزة برؤوس قتالية ذات شحنة جوفاء لاختراق المنطقة العليا ضعيفة التصفيح في البرج مع دمج خاصية التشظي fragmentation لمواجهة المشاة المرافقين لسلاح الدروع . وتكون نسبة معينة من القنيبلات مجهزة بصمامات ذات فعل متأخر delayed action fuses ، تحول منطقة الهدف إلى مكان خطير بالنسبة إلى كل من بقي حياً بعد الضربة الأولى . استخدمت القنابل العنقودية على نطاق واسع للمرة الأولى في حرب الخليج لتحقيق تأثير مدمر ، وأطلق الجنود العراقيون الذين تعرضوا لوابل هذه القنابل عليها اسم "المطر الأسود" black rain . وفي سير المعارك تبين أن بالإمكان استخدام هذه القنابل لضرب أهداف لم تكن محددة لها أصلاً ، فقد وجدت أسراب Wild Weasel التابعة لسلاح الطيران الأمريكية أن هذه القنابل ذات فعالية كبيرة في تدمير منصات صواريخ SAM العراقية المضادة للطائرات ومواقع الرادارات التي كانت ضعيفة بالنسبة إلى هوائياتها وأجهزتها الإلكترونية . كما تبين لطياروا البحرية الأمريكية أن هذه القنابل مفيدة في ضرب زوارق الدورية العراقية والقواعد البحرية الكبيرة . وبينت التحليلات التي أعقبت حرب الخليج ، أن 20% من ذخيرة هذه الأسلحة لم تنفجر كما خطط لها ، وهكذا تركت الكثير من أجزاء الصحراء الكويتية مفروشة بالذخائر القاتلة المبعثرة غير المتفجرة (إحدى الدراسات الحديثة تؤكد أن نسبة الإخفاق في اشتعال الذخيرة الفرعية fail to ignite يمكن أن تتراوح بين 5-30% من إجمالي ذخيرة القنبلة) هذه المشكلة تمت مواجهتها بإضافة مفجر زمني ، يضمن تدمير القنيبلة بعد وقت محدد حال وصولها للأرض وإخفاقها في الانفجار .


من أبرز القنابل العنقودية المضادة للدروع وأكثرها شهرة الأمريكية Mk-20 Rockeye II (تعرف أيضاً باسم CBU-100) . هذه القنابل التي استخدمت في حرب فيتنام من إنتاج شركة ISC الأمريكية ، ويرجع تطويرها إلى عام 1963 على يد مركز الأسلحة والذخائر التابع للبحرية الأمريكية . ظهر الإنتاج الأول عام 1967 تحت اسم Rockeye I ، وفي عام 1968 دخل الطراز الأحدث Rockeye II الذي تميز عن سابقة بقدرة تدميرية وتغطية أكبر . وتعتبر Rockeye سلاحاً صغيراً ، وأكثر خفة من معظم القنابل العنقودية الأخرى المشابهة . هي سلاح مضاد للدبابات بصورة خاصة (مع اشتمالها على قدرة إضافية مضادة للأفراد) ولهذا فهي تحمل ما مجموعة 247 قنيبلة ثنائية الغرض dual-purpose ضد الدروع وضد الأفراد من نوع Mk 118. لقد أسقطت الطائرات الأمريكية خلال عمليات عاصفة الصحراء Desert Storm نحو 27.987 قنبلة عنقودية من هذا الطراز ضد أهداف معادية متنوعة ، شملت المدفعية والدروع وأهداف تابعة للمشاة العراقي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق