26‏/11‏/2012

بطن العربات المدرعة والضعف المتأصل .


بطـن العربـــات المدرعـــة والضعـــف المتأصـــل


دراسة حديثة جداً تناولت تأثير انفجار ألغام العصف blast mines المضادة للدروع على منطقة أسفل العربات المدرعة ، حيث تعتبر هذه المنطقة من أضعف مواضع الحماية في دبابات المعركة الرئيسة والعربات المدرعة بشكل عام ، وتحدثت الدراسة عن أربعة أنواع من النتائج (1) تأثيرات موضعية (2) تأثيرات شاملة (3) تأثيرات السقوط للأسفل (4) تأثيرات لاحقة .
النوع الأول المرتبط بالتأثيرات الموضعية Local Effects يتحدث عن المرحلة التي تتبع تحفيز اللغم الأرضي وانفجاره أسفل العربة , حيث تتشكل موجات اهتزاز صدمية shock waves ناتجة عن شحنة التفجير المتفجرة . تضرب موجة الاهتزاز هذه الصفيحة السفلية للعربة خلال فترة زمنية مقدرة بنحو 0.5 ميلي ثانية (ميلي ثانية millisecond هي وحدة قياس زمنية ، وتساوي جزء من ألف جزء من الثانية) لتنعكس بعد ذلك مسببة ضغط بالغ الذروة وكبير جداً يؤدي إلى تعجيل موضعي على الصفيحة السفلية bottom plate للهدف المدرع . وخلال نحو 5 ميلي ثانية بعد الانفجار ، يحدث تقوس وانحناء للصفيحة السفلية في كلتا النطاقات المرنة elastic واللدنة plastic (في الفيزياء وعلم المعادن اللدونة هي خاصية تشويه توجد في كثير من المواد ، فعند تعرض هذه إلى ضغوط وتغيرات خارجية فإنها لا تعود إلى حالتها الطبيعية عند زوال المؤثر الخارجي ، وعلى العكس من ذلك تماماً مفهوم المرونة) وذلك بالاعتماد على عوامل الشكل والسمك والمادة المعدنية والتدعيم الإضافي additional stiffeners . أحياناً أخرى يتجاوز تشويه الصفيحة السفلية النطاق أو الحد المرن ، مما يتسبب في حدوث مظاهر تمزق وتصدعات ، وبالنتيجة (1) زيادة في الضغط المحتمل (2) عامل تجزؤ وتشظية (3) حرارة وتأثيرات سامة داخل العربة المصابة . تتسبب موجة الاهتزاز أيضاً في توليد صدمة ميكانيكية mechanical shock في المادة الهيكلية أو الإنشائية العربة ، حيث تتحرك الموجة بسرعة عالية نسبياً يمكن أن تبلغ 5000 م/ث خلال تراكيب الهيكل الكامل ، وتسبب اهتزازات وتذبذبات عنيفة في جميع أجزاء العربة المصابة . واعتماداً على شروط الحد ، فإن انحناء الصفيحة السفلية قَد يسبب تشوهات deformations في الجدران الجانبية للعربة . كما أن جميع الأجزاء والقطع المصعدة على أو مباشرة فوق الصفيحة السفلية ، مثل قضبان الالتواء الخاصة بأنظمة التعليق torsion bars ، يمكن أن تضرب وتُسرع (تقذف) في اتجاه السقف الأعلى .


النوع الثاني من النتائج يطلق عليه التأثيرات الشاملة Global Effects ، فبسبب موجة الانفجار المنعكسة أسفل العربة , فإن قوى الضغط تتصرف سريعاً على كامل مقطع الجزء السفلي للعربة . إن حمل وعبء الاندفاع الكلي والأقصى لقوى الضغط هذه ، يقاس بالسرعة العمودية الأولية المتسببة عن قفز وارتقاء كامل جسم العربة (تتبع قانون الاندفاع لحركة الجسم المتصلب rigid body motion ، والذي ينص على أن تأثير قوة أو مجموعة قوى على جسم ما تكسبه تسارعاً ، يتناسب مع محصلة أو حجم القوى المؤثرة عليه) . ويعتمد ارتفاع القفزة على الكتلة الكلية ، والتحميل غير المتماثل ، وكذلك على عزم القصور الذاتي Moment of inertia حول مركز الثقل . وبشكل عام ، فإن الأمر يستغرق ما بين 10 إلى 20 ميلي ثانية بعد الانفجار قَبل أن يبدأ كامل هيكل العربة بالحركة ، وما بين 100 إلى 300 ميلي ثانية قَبل بلوغ هيكل العربة ارتفاع القفزة الأقصى .


النوع الثالث من النتائج هو المتعلق بتأثيرات الهبوط أو السقوط للأسفل Drop Down Effects . فبعد وصول القفزة لارتفاعها الأقصى ، فإن العربة ستتهاوى وتسقط مرة أخرى للأسفل بسبب تأثير الجاذبية gravity . في الحوادث الحقيقية والواقعية ، العربة التي تطأ لغم أرضي أثناء القيادة والحركة سوف لن تهبط في المكان الأصلي الذي وقع به الانفجار ، بل أبعد منه بمسافة قليلة . بينما في الاختبارات التجريبية ، العربات عادة ما تكون مختبرة وهي في وضع التوقف والسكون static situation . لهذا السبب ، فإن من المحتمل أن العربة سوف تهوي في حفرتها الخاصة ، مما يؤدي إلى حالة تحميل عمودي Vertical loading أعلى وأكبر من حادثة واقعية . لقد أظهرت اختبارات شاملة وتجريبية لتحري قابلية ألغام العصف الأرضية (تعتمد على شحنة شديدة الانفجار بدل الشحنات الثاقبة التقليدية) أهمية واعتبارية قوى التحميل loadings أثناء مرحلة الهبوط للأسفل . مع ذلك وفي معظم الأحوال ، هذه ما كانت مهمة كما هي تلك المتولدة والمنتجة في المرحلة الأولية أو الابتدائية . فإذا تعرض نظام الوقاية للضرر أثناء المرحلة الأولية (مرحلة ارتقاء العربة وصعودها نتيجة شدة الانفجار) ، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى حدوث إصابات أعظم للركاب من حالة الارتطام والاصطدام الواقع أثناء مرحلة الهبوط للأسفل . ومن خلال اختبارات مرحلة الهبوط للأسفل ، بدا من الضروري الأخذ بالحسبان الموقع الأولي للراكبين الذي هو غير مستند على قوى تحميل اللغم المتفجر ، بل على الموقع الذي يشغله الركاب في العربة .


النوع الرابع من النتائج يتحدث عن التأثيرات اللاحقة Subsequent Effects التي تتبع حالة الهبوط أو السقوط للأسفل ، وهذه يمكن أن تبلغ حد انقلاب العربة على جانبها أو أن تستقر على سقفها rollover إذا كان انفجار اللغم الأرضي على درجة عالية من الشدة والعنف ، بالإضافة إلى احتمالية الاصطدام الأمامي بأي جسم . هذا الأمر يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في تحقيقات ما يطلق عليه اصطلاحاً crashworthiness أو "قدرة التركيب على حماية شاغليه أثناء الاصطدام" . ومما يجب ملاحظته هنا أنه بالإضافة إلى موجة الانفجار التي تؤدي إلى تعجيل قذف العربة والراكبين ، فإن تأثيرات أخرى للراكبين يمكن أن تحدث أيضاً ، خصوصاً عندما يكون اللغم من النوع الخارق المشكل انفجارياً EFP أو لغم الشحنة المشكلة shaped charge مما يؤدي لإحداث ثقب في صفيحة هيكل العربة السفلي . في هذه الحالات ، الأجزاء والشظايا الناتجة والأدخنة والغازات السامة وزيادة ضغط وعصف الانفجار والحرارة ، جميعها تهديدات خطرة وجدية serious threats للجسم الإنساني أيضاً .


24‏/11‏/2012

الدخان وزيادة فرص النجاة .


الدخـــــــــــان وزيـــــــــــادة فـــــــــــرص النجــــــــــــاة


إن الطرق والأساليب التقليدية لمقابلة التهديد الموجه للعربات المدرعة وطواقمها ، قد تتضمن تحسين وتطوير بناء العربة المدرعة والحفاظ على سلامة الطاقم ، وذلك باتخاذ أساليب تقليدية ، مثل التدريع أفضل والسرعة الأكثر والمرتسم الأكثر انخفاضاً ، ناهيك عن نظام سيطرة محسن للعربة نفسها ، إلا أنه هناك بالتأكيد وسائل أخرى لتدعيم عنصر الحماية ، من هذه الوسائل ، تبرز أنظمة قذف قنابل الدخان smoke grenade launchers الحديثة ، التي تقدم أساليب إضافية لزيادة إمكانية النجاة للعربة ، حيث أن انتشار الدخان بصورة جيدة ، يقلل احتمالات إصابة العربة في الأماكن الضعيفة منها ، وذلك عن طريق إخفاء حركة هذه الأهداف hide movement عن رصد ونظر العدو . ولأجل أن تكون سحابة الدخان مؤثرة وفاعلة ، فإنه يقتضي أن تكون منظومة توليدها على درجة عالية من الكفاءة ، وموضوعة بصورة جيدة وذات انتشار سريع ، بحيث تعمل على إغراق المنطقة المحيطة surrounding area بالدخان ، حتى في ظل وجود رياح خفيفة . ويعبر الخبراء العسكريون الروس عن فائدة وقيمة الدخان بهذا التعليق "الآن عندما يكون تأثير جميع الأسلحة ينمو باضطراد ، فإن إنشاء سحابات حاجبة conceal بواسطة الدخان يلعب دوراً أكثر بروزاً وأهمية في حماية القوات المدرعة المتحركة في جبهات القتال ، وإنها - أي سحابات الدخان smoke screens- تجعل الرصد والنار المصوبة والسيطرة على الوحدات التعبوية صعبة ، وتجعل من غير الممكن الاستفادة من الأشعة تحت الحمراء ، التلفزيون ، الليزر وغير ذلك من المعدات البصرية بالشكل المطلوب" . وفي الحقيقة فإن الروس يعتبرون أيضاً أن استخدام الدخان لإعماء المواضع الدفاعية defense positions ، سوف يقلل من كفاءة أسلحة المدافعين بما يقارب عشرة أضعاف . وقد أظهرت لعب الحرب التي جرت بواسطة الكمبيوتر ، هي الأخرى أن خسائر القوات الصديقة يمكن إنقاصها وتقليلها بنسبة 25% ، عند استعمال الدخان ، ويمكنها أيضاً أن تبطئ من معدل سرعة تقدم العدو بحوالي 50% .


ومع أن الدخان استخدم منذ أزمنة قديمة ، إلا أنه لم يستخدم بصورة نظامية إلا في الحرب العالمية الأولى ، عندما قضت الحاجة إلى حجب وخداع وحماية تنقلات احتياطي المشاة من رصد العدو . إن هذه المقاصد كانت أقصى ما يهدف إليه استخدام الدخان ، وبدا ذلك جلياً عندما استخدم الإنكليز سحابات الدخان في سنة 1917 ، لحجب تقدم الدبابات في معركة "سكارب" Scarb . وكانت أنواع الدخان التي بدأ استعمالها في الحرب العالمية الأولى من النوع الأسود ، وقد أثبتت أنها لا يمكن الاعتماد عليها لأنها غير مستقرة . وفي الحرب العالمية الثانية ، ومع تطور وتبدل أساليب التعبئة ، أصبح الدخان شيئاً نافعاً ، ومصدر قوة يمكن استخدامه في التعرض ، كما تبين أن الانفتاح المؤثر للدخان يعتمد على معرفة طبيعة الأرض والظروف الجغرافية واتجاه الريح وحالة الأنواء الجوية .ففي أكتوبر من العام 1943 استخدام الجيش الأحمر السوفييتي ستارة دخان smoke screen لجبهة امتدادها 30 كلم ، وذلك لعبور نهر Dnieper . كما عمدت القوات الأمريكية إلى إنشاء سحابة دخان على طرف ساحل Anzio في العام 1944 ، لمنطقة بطول 25 كلم ، لمدة شهرين كاملين ، وذلك بهدف منع الألمان من مراقبة ما يجرى في الميناء من عمليات استعداد .


ومع تطور استخدام منظومات الأسلحة المتقدمة ، بداء الدخان يلعب دوراً أكثر حيوية ، ففي شهر أكتوبر 1973 مع بداية الحرب العربية الإسرائيلية ، دمرت الصواريخ الموجهة المضادة للدروع العربية نحو 130 دبابة إسرائيلية من اللواء المدرع 190 خلال ساعتين فقط . لقد فشل الإسرائيليين في تقييمهم لقابلية الصاروخ السوفيتي AT-3 Sagger ، وكادوا أن يخسروا إلا قليلاً معركة سيناء وقناة السويس ، باستخدامهم الأساليب التعبوية القديمة . ومع ذلك فقد أدركوا بسرعة أن وجود الدخان لإعماء رماة هذه الصواريخ الموجهة هو أمراً فعال ومفيد جداً . فحالما بدأ الإسرائيليون بإسناد دروعهم بالمشاة ، وبدءوا باستخدام الدخان ، فقد استطاعوا التغلب على منظومات الصواريخ المضادة للدروع الموجهة (أن الصاروخ Sagger يمكن أن يقطع مسافة 1000 م في 6 ثوان ، في حين تستطيع منظومة الإنتاج السريع للدخان ، تأمين إنشاء الحجاب خلال ثلاثة ثوان فقط ، وعليه فإنه يمكنها أن تفصل الصلة البصرية بين الصاروخ ومطلقه ، خلال منتصف فترة الطيران . ومع ذلك فإن على قائد الدبابة أن يحرك دبابته بأسرع ما يمكن لكي يجنبها الإصابة) . لقد كرر الإسرائيليون نفس الخطاء مع غزوهم للبنان في يوليو 2006 ، عندما أهملوا الجانب التكتيكي المؤثر لاستخدام الدخان ، مما ترتب عليه خسارتهم لعشرات الدبابات من طراز Merkava .


عموماً يعتمد استخدام الدخان بشكل مؤثر ، على الفهم الصحيح للإمكانات الحالية لاشتغال المنظومات الكهرو بصرية الصديقة والمعادية في محيط الدخان . فالقوات الأمريكية والروسية على سبيل المثال ، تستخدم معدات حديثة ذات تقنية عالية ، يمكنها العمل فيما وراء القسم المرئي من الطيف الكهرو- مغناطيسي electromagnetic spectrum . هذه الأنظمة من الجيل الثاني جعلت بالإمكان إطلاق قذائف دخان ، مضادة لرصد الأشعة تحت الحمراء anti-infrared ، يمكنها عمل ستارة تعمية وتغطية ، تعيق الاستطلاع بأنظمة الرؤية الليلية/النهارية ، كما يمكنها عرقلة إمكانيات العدو لاكتساب الأهداف الصديقة بالمقذوفات الباحثة عن الأشعة تحت الحمراء أو اللاقطة للحرارة heat seeking . لقد ساهمت مثل هذه الأنظمة فعلياً في زيادة قابلية البقاء لكل من الدبابة وطاقمها . فهي تستطيع إعماء عمليات الاستطلاع المعادية ، والتراجع في حال وجود تهديد معادي مباشر ، وكذالك استعادة دبابات أو عربات مصابة في ظل وجود أخطار مهددة (مادة الدخان يتم توليفها عن طريق خلط عدة عناصر ومركبات ، مثل كلوريت البوتاسيوم potassium chlorate وثاني كربونات الصوديوم sodium bicarbonate .. وغيرها) .


دبابات المعركة الرئيسة تزود عادة بعدد 6 قاذفات دخان على كل من جانبي البرج ، يصل مداها عند الإطلاق إلى 30-50 م . وتستطيع هذه تغطية مسافة طولية أمام الدبابة يبلغ عرضها 120م مع ارتفاع للغيمة بنحو 8 م . ويتفاوت عيار هذه القاذفات بين  66و76 و88 ملم . الدبابة الأمريكية M1 Abrams على سبيل المثال ، تحمل على جانبي البرج عدد حاويتي قذائف من طراز M250 كل منها مزود بعدد 6 عبوات دخانية من عيار 66 ملم يجري إيقادها كهربائياً electrical ignition . القذائف الدخانية التي يبلغ وزن كل منها 1.41 كلغم ، من طراز M82 ، وهي مجهزة بمادة ثاني أكسيد التيتانيوم Titanium dioxide ، أو الفسفور phosphors لإخفاء وتخفيض الإشارة الحرارية thermal signature عن رصد العدو . تحتاج المقذوفات لفترة زمنية من ثانيتين فقط لإنشاء الغيمة الدخانية ، ليمتد تأثيرها الفعال لنحو 45-60 ثانية . علماً أن مدى القذف الأقصى يمكن أن يبلغ 30 م . بالإضافة لذلك تلجأ بعض دبابات العركة الرئيسة لإنشاء حاجب دخاني من خلال منظومة تشغيل المحرك engine operated system وحقن الوقود في أنبوب العادم ، حيث يمكن توليد ستارة دخانية بطول يتجاوز 200 م ، تدوم لدقائق معدودة (يعتمد الأمر على شدة الرياح) ، ويعاب على هذا النمط استهلاكه العالي للوقود ، مما يستوجب من السائق تخفيض التعجيل لمنع نفاذ الوقود .


ويستطيع الدخان أن يحبط بصورة مؤثرة ، أو يقلل من فعالية منظومات التوجيه بالليزر ، والتي يعين ويحدد فيها الهدف بصورة تقليدية بواسطة نقطة الليزر . ويتحكم بهذه المنظومات الرامي نفسه أو راصد خارجي designator . إن الباحث الموجود في مقدمة الصاروخ أو قذيفة المدفعية ، يتحسس شعاع الليزر المرتد فيوجه هذه المقذوفات نحو الهدف . ويؤثر الدخان على هذا النوع من المنظومات بوسائل عدة ، إما عن طريق اعتراض صورة الهدف لدى المشغل الذي يقوم بتشغيل محدد الأهداف الليزري ، أو عن طريق إضعاف طاقة الليزر الأساسية أو المنعكسة إلى المستوى الذي لا يتمكن فيه الباحث seeker من كشفها واستبيانها ، أو عن طريق عكس نقطة الليزر وجعلها تظهر للباحث وكأنها الهدف ، وعندئذ ينساق المقذوف إلى حافة غيمة الدخان بدلاً من التوجه للهدف الحقيقي .

20‏/11‏/2012

الكثافــــــــة المقطعيـــــــة وعامـــــــل الشكــــــل .


الكثافـــــــــــة المقطعيـــــــــة وعامـــــــــل الشكـــــــــل


تعتبر سرعة الفوهة عامل مهم عند تصميم القذائف ، فتقصير زمن الطيران يبدو مطلباً مرغوباً فيه بشدة لأنه يزيد احتمالية الإصابة ويسطح مسار المقذوف . هو يؤدي أيضاً إلى أن يضرب المقذوف الهدف بالسرعة الأعلى والتأثير الأعظم (بينما فوائد سرعة الفوهة الأعلى واضحة ، فإن الأضرار أيضاً لا يمكن إغفالها ، مثل الحاجة لدافع أكثر قوة ، سبطانة أطول ومن ثمة أثقل ، قوى ارتداد أعظم) . وللاستفادة القصوى من سرعة الفوهة ، نحتاج لانجاز معامل بالستي ballistic coefficient عالي لأقصى حد عند تصميم المقذوف لتقليل الإعاقة والمقاومة الهوائية ، لذلك هناك عنصران يقرران قيمة المعامل البالستي ، هما (1) الكثافة المقطعية (2) عامل الشكل . مصطلح الكثافة المقطعية Sectional density يشير لنسبة كتلة المقذوف إلى منطقته العرضية أو قطره ، أو بصيغة أخرى كيف ستتوزع الكتلة على الشكل النهائي للمقذوف للتغلب على مقاومة جزيئات الهواء air resistance . وللتوضيح تستطيع إبرة الخياطة ثقب وسط الهدف مع أقل قوة ، مقارنة بعملة معدنية بنفس الكتلة لكنها تعجز عن فعل ذات الأمر . فعندما يكون المقذوف في وضع الطيران ، فإن كثافته المقطعية هي من يحدد كفاءة تغلبه وقهره لقوى المقاومة الهوائية . ويمكن حساب الكثافة المقطعية بطريقة بسيطة ، عن طريق ضرب وزن المقذوف بالغرامات في الرقم 1.422 ، ثم تقسم النتيجة على مربع القطر بالمليمتر . لهذا ، مقذوف قطره على سبيل المثال 12.7 ملم ووزنه 40 غرام ، فإن معادلة إيجاد كثافته المقطعية تكون كالتالي :

(40×1.422) ÷ (12.7×12.7) = 0.353 كثافة مقطعية

وكقاعدة عامة ، المقذوف الأعلى في كثافته المقطعية ، الأعظم في احتفاظه بسرعته ، عند افتراض تماثل عوامل الشكل ، وكذلك الأمر في الاختراق ، فمقذوف بكثافة مقطعية أعظم ، هو الأقدر على تحقيق اختراقات أعمق . فما تقيسه الكثافة المقطعية هو الوزن (أو الزخم momentumعند الانتقال والحركة) وراء كل مليمتر مربع من قطر المقذوف ، أو بمعنى آخر ، المقطع العرضي cross-sectional للمقذوف .


أما عامل الشكل form factor ، فإنه يقيس الديناميكا الهوائية لمظهر أو قالب المقذوف (يصعب حسابه دون الرجوع لبيانات المنتجين ، لذلك يكون الأمر عرضة أكثر للتقدير) . فمقذوف مع أنف مدبب سيكون لديه مقاومة جوية أقل من مقذوف على هيئة اسطوانة تقليدية ، لذلك هو لديه عامل شكل أفضل . ومع الأجسام الحادة أو المدببة ، تنشأ موجة الاهتزاز عادة عند أنف المقذوف ، لذلك فإن موجة الاهتزاز تكون ملحقة ومتصلة ، في حين إذا كان للجسم مقدمة خشنة أو زاوية أكبر ، فإن موجة الاهتزاز تتشكل عند موضع متقدم من الجسم ، لذا موجة الاهتزاز تكون منفصلة ومستقلة . ومع ذلك عندما ندخل في التعيين أكثر نبدأ في مواجهة العقبات ، فمثلاً نجد أن عامل الشكل عند الحديث عن السرعات دون سرعة الصوت subsonic ، يختلف عنه عند تناول السرعات التي تفوق سرعة الصوت supersonic . فشكل المقذوف الذي يعمل جيداً في السرعات دون سرعة الصوت لا يكون بالضرورة الأفضل أداء في السرعات التي تتجاوز سرعة الصوت ، لكون عائق المقاومة drag (مصطلح يستخدم في علم ديناميكا الموائع يشير إلى القوى التي تعيق مرور جسم خلال مادة مائعة ، غازية أو سائلة) يحدث نتيجة منطقة الضغط المنخفض خلف قاعدة المقذوف ، ويمكن تحقيق تخفيضات هامة ورئيسة في قوة الإعاقة هنا عن طريق تنقيص وتخفيض أطراف هذه المنطقة . أما في السرعات الأعلى من الصوت ، فإن شكل أنف المقذوف يكون قضية حرجة وحاسمة لأقصى حد ، حيث يتطلب الأمر هنا أنوف بهيئة رفيعة ومدببة ، في حين تكون النهاية الخلفية أقل اهتمام (بعض التخفيض في منطقة القاعدة الخلفية يبدو مفيداً ، لكن زاوية الإستدقاق والتخفيض مختلفة عن تلك المستخدمة مع مقذوفات دون سرعة الصوت) .

19‏/11‏/2012

ذخيرة القـاذف الكتفـي الروسـي RPG-7 .


ذخيرة القـاذف الكتفـي الروسـي المضـاد للـدروع
 RPG-7


إن أهم ما يميز السلاح RPG-7 هو تنوع مقذوفاته التي تتراوح أقطارها بين 40-105 ملم ، وأوزانها بين 2-4.5 كلغم ، وربما كان من المفيد استعراض أنواع هذه القذائف والمهام المناطة بها ..


للأعلى مخطط القذيفة القياسية ذات الشحنة المشكلة هي PG-7V التي دخلت الخدمة مع السلاح العام 1961 . هذه بقطر 85 ملم ووزن 2,2 كلغم ، حيث يمكن تمييزها عن طريق عدد من الأخاديد المختومة على المخروط الأمامي . هي قادرة على اختراق 260 ملم من التصفيح الفولاذي أو متر واحد من الخرسانة . رأسها الحربي اشتمل على صمام صدمي من نوع VP-7 وآخر كهربائي للتدمير الذاتي self detonates ، ينشط بعد تجاوز القذيفة مداها الأقصى البالغ 920 م ، أو زمن طيران لنحو 4-6 ثانية . علماً أن الصمام يسلح نفسه تلقائياً بعد مغادرته سبطانة القاذف بمسافة 2,5-18 م .


في العام 1969 طور المصمم السوفييتي V. I. Medvedev قذيفة شحنة مشكلة جديدة ، أطلق عليها PG-7VM . هي كانت بقطر 70 ملم وطولها يزيد بنحو 52 ملم عن القذيفة القياسية ، ووزنها بلغ 1,98 كلغم (منها 1.6 كلغم هي وزن المقذوف فقط) . وبدلاً من الأخاديد المختومة على المخروط الأمامي ، فإن هذا الجزء من جسم المقذوف كان أملس وشبه مصقول . تترك القذيفة جسم السبطانة بسرعة 140 م/ث ، لكنها تبلغ نفس سرعة طيران القذيفة السابقة PG-7V المحددة بنحو 300 م/ث . هي كما أظهرت الاختبارات أكثر دقة وموثوقية وكذلك أخف وزنا ، وهي أقل تأثراً بالرياح من سابقتها . تحصلت هذه القذيفة التي استمر إنتاجها حتى العام 1976 على قابلية اختراق لنحو 300 ملم في صفائح الفولاذ المتجانس مع صمامها المحسن من نوع VP-7M ومتفجراتها من نوع RDX . كما أثبتت القذيفة أنها تستطيع اختراق نحو 0.46 م من الإسمنت المسلح ، أو 1.52 م من الحواجز الرملية .


في العام 1972 دخلت الخدمة قذيفة ذات شحنة مشكلة من تطوير المصممين VP Zaitsev وO. Dzyaduh. أطلق على القذيفة الجديدة اسم PG-7VS وبلغ قطرها 72 ملم ووزنها 2 كلغم . هذه حملت شحنة متفجرات زنتها 340 غرام أكثر قوة من نوع OKFOL (مادة متفجرة تستخدم في تراكيب الشحنات المشكلة ، تشمل عادة 95% من HMX و5% شمع ، لها سرعة تفجير حتى 8,670 م/ث) أتاحت لها مع الصمام VP-7M تحقيق قابلية اختراق حتى 400 ملم من الفولاذ المتجانس . كما جرى أيضاً اعادة تصميم الزعانف الخلفية وتحوير زوايا ميلها لنحو 8-10 درجات ، وذلك لتخفيض عامل الدوران من 5-6 دورات/ثانية إلى 2-3 دورات/ثانية ، وبالتالي تقليل قوة الطرد المركزي centrifugal force التي تؤدي عادة إلى تشتت نفاث الشحنة المشكلة .


ألحقت هذه القذيفة في العام 1977 بواحدة أكثر قدرة على الاختراق أطلق عليها PG-7VL ، وهي من تصميم المهندس VM Lenin ، . بلغ وزن هذه القذيفة 2.6 كلغم ، وقطرها 93 ملم ، قادرة على اختراق 500 ملم من التصفيح الفولاذي المتجانس (شحنة ناسفة من نوع OKFOL زنتها 730 غرام) ، أو 1.1 م من الإسمنت المسلح ، أو 2.5 م من الحواجز الرملية . وقد جرى تزويد القذيفة بصمام تفجير جديد من طراز VP-22 من أجل الأمان والثقة المتزايدة ، كما أن مداها حدد وقيد نتيجة الوزن الإضافي بمسافة 300 م . القذيفة امتلكت للأسباب سالفة الذكر سرعة اطلاق مخفضة بلغت 112 م/ث ، وسرعة طيران لنحو 200 م/ث فقط .


القذيفة المضادة للدروع PG-7VR التي صممها AB Kulakovsky وقدمت في العام 1988 . يبلغ وزن هذه الذخيرة 4.5 كلغم ، وهي مخصصة لمواجهة ودحر الدروع التفاعلية المتفجرة ERA بواسطة رأس حربي ترادفي tandem charge . بلغ قطر القذيفة 105 ملم ، في حين بلغ قطر الشحنة الابتدائية في مقدمة الرأس الحربي 64 ملم . الشحنة الرئيسة في الرأس الحربية قادرة على اختراق 600 ملم من التصفيح المتجانس بعد تجاوز الدروع التفاعلية المتفجرة عند المدى الأقصى للمقذوف البالغ 200 م (قابلية اختراق 750 ملم بدون مواجهة دروع تفاعلية متفجرة) . كما تستطيع الرأس الحربية اختراق متران من طابوق البناء ، ومتر ونصف من الأسمنت المسلح ، ومتران ونصف من الرمال . سرعة إطلاق القذيفة بلغت 112 م/ث ، وسرعة طيرانها 200 م/ث ، أما طولها الأقصى فقد بلغ 1306 ملم .


تتوفر أيضاً قذيفة متفجرات الوقود الجوي thermobaric بقطر 105 ملم ، يطلق عليها TBG-7V . هذه القذيفة التي تم تبنيها في العام 1988 وتزن 4.5 كلغم ، صممها V.A.Kulakovsky وهي مخصصة لمهاجمة الأهداف التركيبية والإنشائية وكذلك المشاة المتحصنون في الخنادق والملاجئ ، خصوصاً في المعارك الحضرية حتى عملياتي مدى أقصى يبلغ 500 م . يصل نصف قطر دائرة القتل لهذه القذيفة إلى 10 م ، وتعادل كفاءتها كفاءة قذيفة هاون من عيار 120 ملم . ويؤكد الروس أن فعالية هذا الرأس الحربي تعادل 2 كلغم من مادة TNT ، وهو قادر على نسف غرفة بمساحة 300 م3 . هو قادر أيضاً على اختراق دروع بسماكة 10-20 ملم ، وإحداث ثقوب بقطر 150-170 ملم .


أما القذيفة المخصصة لمواجهة المشاة الراجلين في العراء والأهداف خفيفة التدريع ، فقد قدمت في العام 1988 وأطلق عليها اسم OG-7V . يبلغ وزن هذه القذيفة 2 كلغم (منها 400 غرام مواد شديدة الانفجار) ومداها الأقصى 700 م ، مع سرعة إطلاق تبلغ 150 م/ث (تفتقد للمحرك الصاروخي) .أما قطرها فيبلغ 40 ملم وطولها 595 ملم ، وهي من تصميم MM Konoval ، حيث تعتمد هذه على نشر وتفريق نحو 1000 شظية داخلية مسبقة التحزيز ، يبلغ تأثيرها القاتل حتى دائرة نصف قطرها 70 م .

17‏/11‏/2012

التسـديد واكتسـاب الأهـداف المدرعـة مـن الجـــو .


التسـديد واكتسـاب الأهـداف المدرعـة مـن الجـــو


بشكل عام ترتبط مهمة مقاومة الدروع عموماً بثلاثة أنواع من الطائرات ، أولها السريعة (المقاتلات النفاثة التكتيكية على مستوى منخفض وسرعة دون صوتية) والثانية هي الطائرات البطيئة (طائرات الدعم الجوي القريب CAS) ومعروف منها نوعان ، الأمريكية Fairchild A-10A والسوفيتية Sukhoi SU-25 الملقبة "قدم الضفدع" frog-foot . النوع الثالث والأخير هو المروحيات الهجومية ، التي يدخلها البعض أيضاً ضمن تصنيف الطائرات البطيئة .. النوع الأول المختص بالطائرات السريعة يصعب تعداد أنواعه ، ويفضل عدم الحديث عنه ، لأن له العديد من الوظائف الأخرى التي ستعتبر أكثر أهمية ، حيث يعتمد هذا النوع من الطائرات على السرعة العالية (وهنا تتضاعف صعوبات اكتساب الهدف Target acquisition والتسديد عليه) والطيران المنخفض في عمليات الدعم الجوي القريب ، وهو بذلك لا يمنح دفاعات العدو المضادة فرصة كبيرة لمهاجمته . عموماً فإن عنصر السرعة هو سلاح ذو حديين ، فالسرعة لا تترك للطائرة فرصة لإجراء أي تعديل على مسار طيرانها بحيث تقف فوق الهدف ، ويعتمد نجاحها بالدرجة الأولى على قدرتها في الهجوم من الاتجاه الصحيح وفي الوقت المناسب ، وربما تكون أفضل الأسلحة لهذا النوع من الهجوم ، هي الأسلحة ذات الانتشار الواسع والتي لا تتطلب البقاء لفترة طويلة فوق الهدف ، وبالتالي تتجنب سلبيات التسديد . أحد أبرز هذه الأسلحة ذات الانتشار الواسع هي القنابل العنقودية Cluster Bombs ، ومن أمثلتها القنبلة الأمريكية Rockeys MK20 التي تستطيع حمل 247 ذخيرة فرعية مضادة للدروع . هذه الأسلحة تعطي أفضل فرصة لتدمير عدة دبابات وأهداف أخرى مدرعة في كل جولة ، حيث يمكن أن يتم الهجوم بشكل موجات يتألف كل منها من أربعة طائرات ، تندفع من اتجاهات مختلفة وبتتابع سريع ، وهنا يفضل استخدام حواضن المقذوفات غير الموجهة رغم أن هذه ستعتمد على الأهداف الفردية الواقعة ضمن نقطة الموت Death Dot ، أو نقط التأثير المحسوبة خلال جولة الطائرة المهاجمة ، ويمكن أيضا استخدام مدفع الطائرة لإحداث تأثير جيد ضد حاملات الجنود ذات التدريع الخفيف وكذلك الأمر بالنسبة لمنظومات الدفاع الجوي ، إن دخلت أي منها ضمن دائرة تأثير أسلحة الطائرة المهاجمة .


وبشكل عام يؤكد الخبراء العسكريون أن أفضل استخدام للطائرات السريعة في دور مضاد للدروع سيكون خلف منطقة المعركة ، عندما ترتفع الطائرات إلى الأعلى وتضرب نقاط التجمع والاختناق asphyxia points ، حيث نجد ميلاً نحو التكدس وبالتالي تتوفر أهداف جيدة . ويبني هؤلاء الخبراء رأيهم هذا على أساس القاعدة الحسابية التقريبية التي تقول أنه مقابل كل 100 كلم تتحركها القوة المدرعة ، فإن ثلث هذه القوة ستعاني من انكسار أو صعوبات من نوع ما . وفي الأساس فإن القوات المدرعة والدبابات لا تسير كثيراً ، وذلك حتى تحافظ على حركيتها عند وصولها لساحة المعركة ، وهذا يعني بالضرورة أنها تحتاج لأن تجلب إما جواً بواسطة الطائرات أو براً بواسطة ناقلات الدبابات ، أو حتى بواسطة السكك الحديدية ، والتي تعتبر أكثر كفاءة وأقل كلفة ، إلا أنها في المقابل أكثر عرضة للتدمير ، وناقلات الدبابات بدورها أقل عرضة للخطر ، إلا أنها تتطلب جهوداً تعبوية هائلة وتتطلب توفر طرق سالكة ، وحتى هذه الطرق إذا ما تركز السير عليها فإنها تصبح عرضة للاختناق المروري ، ونقاط الاختناق هذه تعتبر من الأماكن المفضلة للهجوم الجوي المعادي . يمكن الإشارة أيضا إلى أن الفرق المدرعة تحتاج كماً هائلاً من الذخائر لضمان بقائها ، وكذلك تحتاج إلى الوقود ودهون التشحيم fuel and grease ، وغير ذلك من قطع الغيار وأدوات الإدامة ، والدبابات بدون هذه المقومات الأساسية تصبح ديوناً أكثر منها ممتلكات ، وبدون تعزيزات أو تجهيزات مساندة يتوقف أي اندفاع مدرع ، وهنا يبرز دور المقاتلات السريعة في التعرض وتدمير أي تعزيزات قد تصل ، وبالطبع فإن مثل هذه الأهداف لا تحتاج إلى التسديد المباشر ، بل إن الرمي الحر free fall يمكن أن يكون مؤثراً بما فيه الكفاية .


خلال حرب الخليج الأولى 1991 على سبيل المثال ، اكتشف أطقم الطائرات الغربية أن ظروف الصحراء أوجدت الكثير من الفرص المميزة لاستخدام الأسلحة الموجهة بالتصوير الحراري thermal imaging والتي تشتمل على باحث يعمل بالأشعة تحت الحمراء IR . فساعات الفجر الأولى والهجمات الليلية أثبتت أنها مدمرة لحد كبير ، وذلك راجع لمستوى الفرق والتفاضل في التبريد بين معادن العربات والتجهيزات الأخرى مقارنة بخلفية الصحراء والرمال ، هذا التباين ينتج عنه نبضات حرارية أعلى بكثير من حرارة الصحراء في الليل . لقد تحدثت أطقم طائرات F-111F عند عودتها من إحدى العلميات النهارية عن مشاهداتها ، حين لاحظت أن الدروع المدفونة تحت الرمال يمكن كشفها بأجهزة FLIR (نظام الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء) وذلك لأن الأسطح المعدنية للأهداف المدرعة ، تبرد بشكل أبطأ من الرمال المحيط بها . وبعدها بعدة أيام ، هاجمت طائرات F-111F محملة بأربعة قنابل موجهه ليزرياً LGB من نوع GBU-12 وبحاويات استهداف نوع Pave Tack ، دبابات عراقية في مواضع شبه مدفونة وتم تدميرها . عملية الاستهداف تبدأ مع تعيين مشغل منظومات الأسلحة في الطائرة جهاز التعيين الليزري على الهدف ، ثم يطلق قنبلته التي تزن 227 كلغم من طراز GBU-12 فتتوجه هذه متتبعه طريق قوسي حتى وصولها للهدف وتدميره . لقد دفعت تكتيكات التدمير المنظم هذه بأحد الضباط العراقيين الأسرى للقول "إثناء الحرب مع إيران ، كانت الدبابة صديق الجندي ، يجلس بداخلها كمكان أمن من نيران العدو أثناء ليالي الصحراء الباردة ، لكن أثناء عمليات عاصفة الصحراء الجوية ، كانت الدبابة عدوة هذا الجندي ، لأن الطائرات المقاتلة كانت تدمرها بدون سابق إنذار .. لقد أضطر الجنود لترك دباباتهم التي استمرت في الانفجار والعيش في خنادق تبعد 30 متراً عنها" .


كانت قيادة القوة الجوية الأمريكية كانت راضية جداً عن فعالية عملياتها الجوية ، واستطاعت في الأيام التسعة عشر قبل بدأ العمليات البرية ، تمييز المئات من عمليات التدمير المنظم للدبابات العراقية ، أو "قطف والتقاط دروع العدو" Picking off enemy armor ، التي قامت بها الطائرات F-15 E و A-6 و F-111F ، وهذه الأخيرة أثبتت جدارتها عندما قامت اثنتان منها بحمل 16 قنبلة وتدمير 16 دبابة عراقية في جولة واحدة . الطائرة F-111 صممت للقيام بعمليات القصف الإستراتيجي بعيد المدى ، لا أن تدمر دبابة واحدة أو أهداف مدرعة أخرى مفردة ، ورغم ذلك وعندما دعت الحاجة ، طورت أطقم هذه الطائرات بعض التكتيكات لمواجهة أهداف مفردة ، واستطاعت F-111 تحقيق نتائج ممتازة في هذا المجال . وفي أحدى المناسبات قامت طائرتي F-15E تحملان ما مجموعه ثمانية قنابل من نوع GBU-12 بتدمير 16 عربة مدرعة عراقية في هجمة واحدة . لقد عبر العديد من الطيارين عن ارتياحهم لمشاغلة أهدافهم إما من ارتفاعات عالية جداً أو من ارتفاعات منخفضة جدا ً ، حيث أثبتت الدفاعات العراقية عن عدم جاهزيتها . وشكلت القنابل الذكية من نوع GBU-12 نحو 50% من القنابل دقيقة التوجيه التي أطلقتها القوة الجوية الأمريكية .


في الجهة المقابلة تمتلك الطائرات البطيئة ، أو طائرات الدعم الجوي القريب CAS التي هي مدار اهتمامنا هنا ، فاعليات قتالية مميزة لتدمير الأهداف المدرعة ، أكبر من تلك التي تمتلكها الطائرات السريعة ، ذلك لأنها مجهزة لإحداث أضرار على أهداف فردية ، بأسلحة مصممة خصيصاً لهذه المهمة ، أي أنها مزودة بتشكيلة من الأسلحة دقيقة التوجيه ، تستطيع مهاجمة هدف معزول أو أهداف مجتمعة بدقة كبيرة ، فهي ليست مصممة لأسلوب نثر الذخيرة وتشتيتها scattering ، كما في الطائرات السريعة ، على أمل إصابة هدف أو اثنين ، رغم قدرتها على ذلك .. لقد جاء اعتماد مصطلح الدعم الجوي القريب CAS لنعني به تلك الطائرة المخصصة لإلقاء القنابل وإطلاق الصواريخ ونيران الرشاشات على قوات العدو بكافة أصنافها وتشكيلاتها من مشاة ودروع ومراكز قيادية وغيرها في جبهات القتال ، كذلك مهاجمة خطوط الإمداد والتموين في الخطوط الأمامية . حيث تتصف عمليات الهجوم والدعم الناري عند هذه الحدود بسرعة التقلب والتبدل ، فبغض النظر عما تحمله الطائرة في خارجها من تجهيزات وأسلحة ، فإن قدرتها على الاستمرار في تنفيذ المهمة تتغير باستمرار ويتغير أداؤها بفعل عدة عوامل ، منها السرعة والارتفاع وحرارة الهواء المحيط والضغط الجوي ، في الوقت الذي ينخفض فيه وزن الطائرة طردياً مع احتراق الوقود واستهلاكه .


وفي مهمة نموذجية وظروف جوية ملائمة ، تقلع الطائرة وهي ثقيلة الأحمال ، وتتخذ مساراً حاد الميل نحو الارتفاعات العالية فوق الأراضي الصديقة ، وعندما تصل إلى الارتفاع المحدد ، فإنها تنطلق بسرعة اقتصادية ، يتناقص فيها استهلاك الوقود ، حتى وصولها إلى الأراضي المعادية ومنطقة الهدف ، هنا تتخذ الطائرة مساراً انحدارياً ، لتصل إلى مستوى تحليق منخفض من أجل تفادي الرادارات والنيران المضادة للطائرات ، كما وتحرص الطائرات في هذه المرحلة على التخلص وإلقاء خزانات الوقود الإضافية ، لتخفيض حمولة الأجنحة ومعه تخفيف قوة الجر . وبينما تخترق الطائرة منطقة الهدف المعادي بسرعة عالية وعلى مستوى منخفض مع إحراق الوقود بأعلى معدل ، فإنها تبدأ في إلقاء حمولتها على مواقع العدو ، وبالنتيجة ينخفض وزن الطائرة وتنخفض مقاومة الهواء لها . وبعد إنجاز العملية ، تعود الطائرة أدراجها بسرعة كبيرة وعلى مستوى منخفض ، وحالما تصل الطائرة إلى الأجواء الصديقة ، تتجه صاعدة إلى الارتفاعات العليا ، حيث تحلق وتطير بسرعة مثالية بالنسبة لاستهلاك الوقود ، وتكون ردة فعل الرياح (نتيجة اختراق الطائرة السريع للهواء) مقياساً لمستوى راحة الطيار في التحليق ، فعندما تكون سرعة الرياح منخفضة ، يتفادى الطاقم الاهتزازات العنيفة والتي تخفض فاعليتهم بشكل واضح وخطير .


يرى الخبراء العسكريون إنه وفي الوقت الذي تستطيع فيه طائرات الدعم الجوي القريب CAS تحقيق هجمات دقيقة ، على أهداف ميدانية ربما تكون بعيدة مئات الأميال وخلال ساعات محدودة ، إلا أنها ليست الدواء الشافي العام لجميع الأمراض ، فلهذه الطائرات نقاط قوتها ، ولكن ضمن حدود معينة ، وربما تكمن درجة ضعفها الأبرز في عدم قابليتها على العمل في جميع الأحوال الجوية weather conditions بذات الكفاءة ، كما هو الحال عند العمل خلال النهار أو مع السماء الصافية . عموماً تتضرر القوات البرية كذلك بهذه الظروف ، ولكن ليس إلى نفس الحد . إن المعركة البرية ليست مجرد أنظمة مضادة للدبابات مقابل تشكيلات مدرعة ، إنها صراع متداخل ومتمازج بين كل الأسلحة ، فالدبابات لا تدخل المعركة دون أسلحة إسناد تدعمها ، بل تعمل بالتنسيق مع الإسناد الجوي القريب والمدفعية والمشاة الآلي وأنظمة الدفاع الجوي المؤلفة من صواريخ ومدافع .. وأمام هذه الخلفية يجب دراسة قدرات طائرات الدعم الجوي القريب CAS في الدور المضاد للدروع . فعلى الرغم من التقدم المدهش للأسلحة الحديثة ، التي سمحت تقريباً لأي طائرة بأن تجهز بأسلحة مضادة للدروع (بينما القليل منها فعال حقاً) ، إلا أن المهمة لا تقتصر على إيجاد الهدف وضربه ، بل إن العملية أكثر تعقيداً من ذلك ، حيث يواجه هذا النوع من الطائرات تهديدين رئيسيين في ساحة المعركة ، أولهما مقاتلات العدو المتقدمة ، والآخر الدفاعات الأرضية ، فمن الطبيعي استحالة تأمين الدعم الأرضي المطلوب بالطائرات المخصصة ، في غياب تفوق جوي air superiority على الخصم ، على الأقل مؤقتاً ضمن منطقة العمليات ، وبعد انتزاع التفوق الجوي من العدو ، يبقى التهديد الرئيس الباقي وهو أنظمة الدفاع الجوي الحديثة ، التي تشتمل عادة على بطاريات مدفعية مضادة للطائرات وصواريخ موجهة أرض-جو surface-to-air missiles . وينحصر الدفاع الأساس لمواجهة هذه الأخطار ، في استخدام السرعة القصوى المتاحة وتفادي الإطباق على الطائرة من قبل أنظمة توجيه النيران المعادية على المستوى الأكثر انخفاضاً ، بالإضافة إلى المناورة الجيدة . ولكي تجد الطائرة هدفها وتقتنصه ، فإنها بحاجة إلى استخبارات دقيقة ، وأنظمة كشف وتحسس يعتمد عليها ، وبالتأكيد فإن المطلب الأساس هو طيارين حادي النظر وذوي مهارات جبارة . ولكي تضرب الهدف (والذي نتحدث عنه الآن هو تشكيل مدرع وليس دبابة مفردة) فإن اختيار السلاح هو مطلب مهم ، بالإضافة إلى نظام دقيق لتحديد الأهداف وتعيينها Accurate Aiming System . فالبقائية هي مجموع السرعة ، المناورة ، الطيران الجيد ، العمل الجماعي ، والإجراءات المضادة والاختفاء .

16‏/11‏/2012

محـــــرك الدبابـــــة الفرنسيـــــة Leclerc .


محـــــرك الدبابـــــة الفرنسيـــــة Leclerc
V8X-1500


في فرنسا هناك ثلاثة من منتجين رئيسين لمحركات الديزل الخاصة بالدبابات والعربات المدرعة الأخرى ، هما شركات : SACM ، Baudouin ، Renault . من ضمن هذه الأسماء يبرز اسم تجمع SACM كمنتج رئيس لمحركات الديزل الخاصة بدبابات المعركة الرئيسة (محرك الدبابة الوحيد الذي صنع بشكل خاص من قبل شركة رينو كان HS 110 ، الذي دفع عائلة الدبابات AMX-30) . هذه الشركة (SACM) تم اختيارها لتجهيز محرك دبابة المعركة الرئيسة الفرنسية AMX Leclerc . محرك الديزل الذي طور أطلق عليه V8X-1500 وهو ذو ثمانية اسطوانات بتقنية "سورالمو هايبربار" Suralmo hyperbar مع قوة خرج حتى 1500 حصان . في الحقيقة هو أحد أكثر محركات الديزل غير العادية اليوم ويعرض حجم صغير نسبياً مع قوة خرج وعزم دوران مرتفع جداً . إن المبدأ الأساس الثوري لعمل هذا المحرك بسيط إلى حد ما ، حيث أنه مجهز بنظام شحن توربيني turbo charging الذي يعزل تقريبا بالكامل عن عملية الاحتراق الطبيعية . هذا يسمح بتسليم ضغط عالي بشكل دائم عند جميع مستويات السرعة . المبدأ نفسه أختبر أيضا في ألمانيا ، لكنه رفض واستبعد بسبب استهلاك الوقود الأعلى . لقد أتاح المحرك الجديد لدبابة لوكليرك الوصول وتحقيق سرعة قصوى على الطرق حتى 72 كلم/س ، و55 كلم/س عبر التضاريس الوعرة . المدى الأقصى المسجل بلغ 550 كلم ، ويمكن أن يمدد إلى 650 كلم بخزانات الوقود الخارجية القابلة للفصل removable tanks . نظام هايبربار يكامل ويدمج مع نظام الشاحن التوربيني TM 307B ، مما يتيح عند الضرورة عدم ادارة أو تشغيل المحرك الرئيس والاستعانة بالشاحن التوربيني لتوليد أكثر من 9 كيلووات من الطاقة المتطلبة لتشغيل أنظمة الدبابة الرئيسة ، مثل الأجهزة الكهربائية ومنظومة السلاح . إن اسم هايبربار يجيء من الناتج المرتفع جداً للضغط الفعال متوسط الكبح والبالغ 32.1 بار. وللمقارنة ، فإن أكبر محرك ديزل لدبابة في العالم له ضغط فعال متوسط الكبح من 18.6 بار . قدرات المحرك طورت بعد أن زيد حجم الإزاحة swept volume لاسطواناته الداخلية من 13.96 إلى 16.47 ديسيمتر مكعب (قطر ثقب الاسطوانة زيد من 135 ملم إلى 142 ملم ، وطول الشوط زاد إلى 130 ملم) ليولد 1100 كيلووات عند 2500 دورة في الدقيقة . المحرك V8X-1500 يوفر للدبابة لوكليرك التي تزن 56 طن أحد أفضل معدلات القوة للوزن بين الدبابات الغربية ، وتبلغ هذه 27 حصان لكل طن ، مما يجعلها قادرة على الانطلاق بتسارع من صفر إلى 32 كلم/ساعة خلال فقط 5-6 ثواني . إن المحرك مجهز أيضا بنظام سيطرة إلكتروني من شركة SAGEM ، يستخدم حاسوب للسيطرة على تشغيل وإدارة المحرك ، ومتطلبات التجهز بالوقود وكذلك السيطرة العامة على كافة عمليات المحرك . علماً أن المحرك كما يؤكد مصمموه قادر على العمل في ظروف ودرجة حرارة خارجية من -30 درجة مئوية وحتى +150 درجة مئوية .

14‏/11‏/2012

خاصيـــــة التعجيـــــل وخفـــــة الحركـــــة .


دبابة المعركة الرئيسة ..
خاصيـــــة التعجيـــــل وخفـــــة الحركـــــة


بالمقارنة مع مفهوم السرعة القصوى ، الذي تم تداوله والاستعانة به منذ البدايات الأولى كخاصية لتوصيف قابلية حركة الدبابات ، فإن عامل التسريع والتعجيل acceleration لم يبدأ بلفت الانتباه والاهتمام حتى بداية الستينات . لقد جاء الاهتمام بهذه الخاصية نتيجة العناية الكبرى لجانب خفة حركة الدبابات tanks agility ورشاقتها التي جرى اعتمادها كقاعدة عامة لمناورات المراوغة والتملص evasive manoeuvres . هذا المفهوم يعني بتقليل فرص تواجد الدبابات الصديقة في مواضع محددة وثابتة في ساحة المعركة ، وبالتالي تزايد احتمالية تعرضها لضربة مباغتة ومفاجئة (التجارب والخبرات الميدانية القتالية أظهرت إمكانية مضاعفة قابلية الدبابات على البقاء والنجاة survivability مع هذه الخاصية) . إن خفة حركة الدبابات ترتبط بشكل كبير جداً بمسألة التعجيل ، وهذه الأخيرة أصبحت المقياس الرئيس لعنوان خفة الحركة ، بالإضافة إلى كونها الجزء الأكثر شمولية في وصف وتمثيل الأداء الآلي للدبابات . ويمكن أن نضرب بعض الأمثلة الحديثة ، إذ تستطيع الدبابة الروسية T-90بلوغ تعجيل من 0-32 كلم/س خلال فقط 12 ثانية ، في حين دبابة المعركة الرئيسة الفرنسية Leclerc تستطيع تحقيق نفس النتيجة خلال زمن قدره 5 ثواني فقط ، والأمريكية Abrams خلال 7,2 ثانية ، أما الإسرائيلية Merkava Mk 3 فقادرة على تحقيق هذه النتيجة من التسارع والتعجيل خلال فقط 10 ثوان .


وبالمقارنة مع السرعة ، فإن التعجيل أكثر صعوبة للتقدير والحساب ، حيث من الواضح أنه يعتمد على القوة المتوفرة لدفع عربة وتسييرها وعلى قصورها الذاتي inertia ، كما يرتبط أيضاً بالقوى التي يمكن أن تتولد وتنشأ على أسطح التماس interface بين الدبابة والأرض . ويمكن إرجاع معظم هذه القوى لوزنِ الدبابة ومعامل الجر coefficient of traction (القوة الاحتكاكية القصوى التي يمكن أن تنتج بين سطحي جسمين بدون انزلاق ، ويمكن اكتساب قيمة قوة الجر عادة خلال حالة تشغيل طبيعية) ، الذي يعتمد على طبيعة الأرض وإلى حد ما أيضاً على نوع الجنزير الذي تستخدمه الدبابة . وفي حالة جنازير دبابات مجهزة بمساند أو مخامد مطاطية rubber pads ، تتحرك على طريق بسطح إسمنتي جاف ومصلب ، فإن معامل الجر المأخوذة بشكل عام يكون عند حدود 0.7-0.8 ، وهي الحدود القصوى لقيم الجر المسجلة في أغلب الحالات .


في النتيجة ، ولتحقيق الأداء الأقصى ، فإن المعدل العام لتخفيض السرعة في الترس السفلي لناقل حركة الدبابة ، يجب أن يكون عند مستوى جهد الجر الكلي والنهائي net traction effort ، الذي يتم تزويده وتوفيره من قبل المحرك (هذا المصطلح معرف كالاختلاف بين جهد الجر المتوفر والمقاومة المختلفة لتسلسل الحركة . ويمكن تعريفه أيضاً بأنه تلك القوة التي تخلق وتحدث التعجيل) . فإذا كان جهد الجر الكلي مرتفع جداً مع وضع الالتصاق أو الالتحام adhesion بين أسطح الجنزير وأرضية الطريق ، فإن الدبابة تتعرض لخطر فقَدان أو انزلاق slipping جنازيرها ، ناهيك عن إهتراء وتآكل وسائدها المطاطية بدون زيادة تذكر في القوة الدافعة للدبابة . أما على الطرق المقساة ذات الأسطح الصلبة ، فإن معامل الجر يمكن أن يكون إلى حد كبير أقل من 0.7 . فعلى سبيل المثال ، على الأسطح المتجمدة icy surfaces هي يمكن أن تكون منخفضة حتى 0.2 ، أو حتى 0.1 إذا كان الثلج رطب أو مبلل . إن تساوي جهد الجر الكلي في الترس السفلي لناقل الحركة لنحو 0.7 مرة من وزن الدبابة ، يؤدي أيضاً لتلبية وموافقة المتطلبات المشتركة لتلك الدبابات في وجوب كونها قادرة على تسلق climb وتجاوز منحدرات سطحية من 30 درجة أو 60% (في الحقيقة ، يتم التأكيد عند تطوير دبابات المعركة الرئيسة على قابليتها في تسلق ميول بحدود 35 درجة ، التي تبدو بشكل واضح ، أقصى قدرة يمكن تحصيلها) .

12‏/11‏/2012

فيزيــاء الإختــراق لمقذوفــات الطاقــة الحركيــة .


فيزيــاء الإختــراق لمقذوفــات الطاقــة الحركيــة
APFSDS


يمتلك الخارق في ذخيرة APFSDS الحديثة طول لنحو 60-80 سم من الرأس للذنب ، وقطر أقصى لنحو 2-2.5 سم . وهناك وصلة ألمنيوم خفيفة الوزن وكبيرة ، تسمى القبقاب sabot ، تثبت حول المقطع الوسطي للخارق ، بهدف سد الفراغ بينه وبين جدران السبطانة . إن القبقاب يصنع من ثلاث أجزاء متماثلة تسمى petals (المعنى الحرفي للكلمة هو الأوراق التويجية) ، التي تلاءم حول جسم الخارق وتتشابك مع مجموعة الأسنان threads أو الأخاديد البارزة عن سطحه . أما قضيب الخارق ، فإنه يصنع عادة من مواد عالية الكثافة ، مثل اليورانيوم المستنزف Depleted Uranium أو سبائك التنغستن Tungsten alloys ، حيث تستطيع الخوارق المصنوعة من هذه المواد عند سرعتها القصوى ، اختراق الفولاذ التقليدي المقسى بسهولة شديدة ، كما يخترق نصل السكين قالب الزبد . فعند إطلاق المدفع ، يعمل ضغط الغاز المتولد والناتج عن احتراق شحنة الدافع إلى دفع مؤخرة القبقاب وإجباره للتقدم للأمام في سرعة مرتفعة حاملاً معه الخارق . إن التعجيل acceleration في هذه المرحلة يكون هائل ، وقد يبلغ نحو 80,000 G أو أكثر ، بحيث تكون سرعة المقذوف عند وصوله لفوهة السبطانة ، نموذجياً عند 1550-1750 م/ث كما في بعض المقذوفات ، أو تقريباً 5 ماك . تعمل بعد ذلك قوى الديناميكا الهوائية Aerodynamic forces على نزع وطرح أوراق القبقاب التويجية في لحظة واحدة ، وتجبرهم للتراجع باتجاه الخلف بينما يبتعد المقذوف عن فوهة السلاح . فبعد نبذهم ، تبدأ هذه الأوراق خفيفة الوزن بالتباطؤ بسرعة ، ويتساقطون على الأرض ضمن بضعة عشرات الأمتار من الفوهة . هذا يتيح للمقذوف ذو العائق المنخفض ، الطيران نحو هدفه باستقلالية أكبر ، مع الاستفادة من زعانف ذيله tail-fins للاستقرار .



إن قابلية اختراق الدروع بالنسبة لخارق المقذوفات APFSDS تعتمد على طاقتها الحركية ، التي تستمد وتشتق من سرعة الخارق العالية جداً وجسمه المعدني عالي الكثافة ، بالإضافة إلى شكله المطول . فعندما يضرب القضيب عالي الكثافة الواجهة الأمامية للهدف ، فإن طاقته الحركية العالية تسمح له بدفع مادة الدرع إلى الجوانب ، بحيث يصنع هذا حفرة بقطر ضيق نسبياً narrow crater في الدرع . وبينما يواصل القضيب تقَدمه للأمام ، فإنه يضغط بقوة هائلة وشديدة تجاه قاع الحفرة ، بحيث يدفع بشكل مستمر على جانبي مادة الدرع ويجعل الحفرة أعمق وأعمق .. في الحقيقة مع اعتماد هذا النوع من المقذوفات على عاملي السرعة وكثافة مادة الخارق ، فإنه يعمل على توفير موجات اهتزاز صدمية shock waves تنتقل عند الاصطدام خلال كتلة الدروع ، مما يؤدي إلى نسف جزء من سطحه الداخلي ، فتتولد شظايا قاتلة تلحق أضراراً كبيرة وجدية بالطاقم والتجهيزات الداخلية خلف الدرع . وتتمثل فرصة التدريع الوحيدة لمواجهة خطر هذا النوع من الأسلحة ، في تمزيق أو تحطيم Fracturing الخارق عند مرحلة الارتطام الابتدائي . وقد لاحظ الخبراء والباحثين إن الموجات الصدمية رغم أنها تنتقل وتتحرك بسهولة في المواد المتجانسة ، إلا أنها تتعرض للبعثرة والتفرق مع الانعكاس الداخلي المتكرر في الوسط المتجانس الناقل . وهكذا فإن البحث عن مادة مثالية قادرة على مواجهة هجوم الموجات الاهتزازية الصدمية ، توقف عند استخدام التدريع المركب متعدد الطبقات ، الذي يعمل على امتصاص طاقة الارتداد لموجات الاهتزاز واستيعاب معظم قواها ضمن طبقات تركيبه .


على أية حال ، تتعرض مقدمة القضيب بشكل مستمر للانهيار والتقلص خلال عملية الاختراق ذاتها ، ويتناقص حجم القضيب ويقل أكثر فأكثر مع تباطؤ سرعته بشكل تدريجي . هذا السباق بين تآكل مادة القضيب وتنامي الحفرة يقرران سواء الهدف سينجو أم يتعرض للثقب . ففي حالة نجاح الدرع في عمله ، فإن الأجزاء المتآكلة للقضيب سوف تتوقف وتتعثر بشكل غير ضار في أسفل الحفرة . أما في حالة إخفاق الدرع فإن القضيب المتقلص سوف ينفث ويلفظ أجزاءه خلف طبقة الدروع ، بحيث يمطر مقصورة الدبابة برذاذ قاتل من الأجزاء المعدنية المنيرة incandescent fragments .. لذلك جهود نشيطة بذلت لتحسين أداء قضبان قذائف APFSDS ، من خلال سلسلة مبادلات ، بين السرعة ، الطول ، والقوة . فالقضيب الأطول هو القضيب الأكثر تحملاً وتجاوزاً لعملية التآكل والحت erode ، وكذلك هو الأعمق في اختراق كتلة هدفه . لذلك يحاول المصممون جعل مقذوفات هذا النوع من الذخائر أكثر طولاً طالما كان ذلك ممكناً . في المقابل ولسوء الحظ ، زيادة طول قضيب الخارق penetrator تزيد وزنه أيضاً بالضرورة ، وبينما يتزايد وزن المقذوف فإن سرعة الفوهة تتناقص . لذا ولمواجهة هذا التعارض فإن المصممين يحرصون على جعل القضبان أنحف في نفس الوقت الذي تكون فيه أكثر طولاً ، بحيث يبقي معدل تنامي الوزن وخسارة السرعة في حدوده الدنيا .

10‏/11‏/2012

تطور ذخيرة الدعم الجوي .


تطــور ذخيـرة الدعـم الجـوي .. حـرب الخليـج


في حرب الخليج الأولى 1991 وفرت الطائرات المتقدمة قابليات لإسقاط قنابل صماء غير موجهة ضمن دائرة نصف قطرها 5 أمتار عن الهدف ، إلا أن الدفاعات الجوية العراقية التي تميزت بالاعتماد على الأعداد الكبيرة من قذائف أرض-جو والمدافع سريعة الطلقات المضادة للطائرات ، لم تسمح ببساطة بالاستخدام التقليدي للهجوم من الارتفاعات المنخفضة ، في حين أن عمليات القصف من الارتفاعات المتوسطة ولأكثر من 5000 م بواسطة الأسلحة غير الموجهة كانت أيضاً مرفوضة ، خصوصاً عند الرغبة بمهاجمة أهداف نقطوية ، أو توجيه ضربات مباشرة ضد المخابئ والدبابات والمدفعية . لقد تمثل الحل في استخدام الذخيرة دقيقة التوجيه precision munitions ، التي وفرت الكثير من الجهد والمخاطر على أطقم الطائرات المتحالفة . وتشير العديد من الدراسات لتأثير الحملة الجوية الأولى air campaign التي عملت على تحييد مراكز القيادة والسيطرة العراقية ، بالإضافة لمنظومات الدفاع الجوي . لقد استطاعت الهجمات الدقيقة ضد طائرات القوة الجوية العراقية تدميرها وهي في حظائرها ، وعجلت هذه الضربات في النزوح الجماعي للطائرات إلى إيران . الهجمات الدقيقة أيضاً ضد الجسور ، قيدت حركة القوات العراقية البرية ، وفرضت عليها وضع التكدس ، أو ما يطلق عليه "عنق الزجاجة" bottleneck ، مما حدا بالكثير من الجنود العراقيين للهرب مع بدأ عمليات القصف المركز . وتشير دراسة وضعت بعد الحرب ، أن قدرة القيادة العراقية على تحريك قواتها للمسرح الكويتي ، انخفضت من 216.000 طن متري في اليوم (على ما مجموعه ستة طرق رئيسه ، وخط سكة حديد) إلى فقط 20.000 طن متري في اليوم على طريقين اثنين فقط . أي نسبة التخفيض وصلت تقريباً إلى 91% من قابليات النقل والدعم العملياتي . واستطاعت حملات التحريم interdiction campaigns تحقيق هذه المستويات باستخدام الأسلحة دقيقة التوجيه . واحتاجت الطائرات الأمريكية المحلقة على ارتفاعات متوسطة أو عالية ، إلى بضعة دقائق لاكتساب أهدافها بنجاح ، ثم بعد ذلك لتعيينها بالشعاع الليزري المشفر . وينبغي على مشغل نظام التعيين في الطائرة أن يحافظ على استمرارية إضاءة illuminated الهدف بشعاع الليزر ، وهذا يتطلب تركيزاً عالياً من طاقم الطائرة ، ويعرضهم إلى مخاطر الإصابة بالصواريخ المعادية المضادة للطائرات أو بالأسلحة المضادة الأخرى .


وأكدت القوات الجوية الأمريكية أن معظم قنابلها الموجهة ليزريا سقطت على أهدافها مباشرة في حرب الخليج ، لكن هذه القنابل لم تكن أسلحة عجيبة إنما كانت تحتاج إلى مهارة عالية وظروف مناخية مثالية لضمان نجاح الضربة . وكان الطيارون بحاجة إلى معلومات إستخباراتية عالية الدقة لضمان تحديد الأهداف على نحو صحيح في الليل باستخدام المجسات sensors . فإذا حجبت الغيوم الهدف ، فإنه تصعب رؤية وتحديده من قبل المعين الليزري laser designator ، وإذا عبرت غيمة خلال خط مسير حزمة الأشعة الليزرية ، فإنها عندئذ قد تمنع وصول الحزمة الليزرية التي يعكسها الهدف ، وخاصية الإطباق والقفل على الهدف ستتعثر ، فتصبح القنبلة عندئذ حرة السقوط وخاضعة لتأثيرات عوامل القذف البالستية . ويعتقد بعض الخبراء أن فشل أنظمة التوجيه لهذه الأسلحة من الممكن أن يسبب خسائر أعظم من تلك التي تسببها القنابل الصماء غير الموجهة ، إذ أن أخطاء القنبلة الصماء يمكن أن تتوزع حول نقطة الهدف aim point ، في حين أن خلل نظام التوجيه في القنابل الذكية (ينتج عادة عن إخفاق نظام توجيه الزعانف أو فشل الحاسوب أو فقدان إشارة التوجيه المنعكسة) يمكن أن يوصلها إلى أماكن بعيدة ، قد تكون مدنية أو صديقة . ولهذا السبب يعمل المنتجون باستمرار على تزويد الطائرات الهجومية بمعدات استشعار رفيعة تكنولوجياً ، لتمكينها من إصابة أهدافها بدقة عالية في جميع الظروف الجوية خلال ساعات الليل المظلمة ، وتستخدم لهذا الغرض تقنية التصوير الحراري أو الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء FLIR ، حيث تعمل هذه التقنية على تحويل الإشعاع تحت الأحمر إلى صور شبيه بصور التلفزيون وعرضها في كبينة الطيار . وتوفر الأنظمة الحالية مثل نظام LANTIRN تصويراً يمتاز بجودة تكفي للسماح للطائرة الهجومية بأن تحلق بشكل آمن على علو منخفض في الظروف الجوية المتباينة . هذه المنظومات وعند إقرانها بأجهزة التعيين والتحديد الليزرية أمثال AVQ-23 PAVE SPIKE أو AVQ-26 PAVE TACK ، فإنها تسمح بتوجيه القنابل الذكية ليلاً بدقة شديدة . وكانت الصور التلفزيونية النقية والواضحة التي زودتنا بها القنابل الموجهة ليزريا خلال حرب الخليج ، قد سُجلت بواسطة منظومات الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء FLIR .


رادارات الاستهداف targeting radars الحديثة هي الأخرى وفرت معلومات حيوية للطائرات غير المزودة بأجهزة تصوير حراري ، التي تعمل في الليل أو في ظروف الطقس القاسي ، إذ توفر رادارات التعقب وتتبع التضاريس الأرضية terrain-following الحديثة لطواقم الطائرات ، خرائط واقعية للأراضي التي يحلقون باتجاهها ، فتعرض لهم التلال والأنهار والأبنية والتضاريس الأخرى البارزة بدقة تسمح بتنفيذ عمليات القصف الفوري . الكثير من طائرات سلاح الجو الأمريكي أصبح الآن مزوداً بأنظمة تحديد المواقع العالمية بواسطة الأقمار الصناعية GPS ، الذي يطلق عليه NAVSTAR ، وهكذا صار بإمكان الطيارين التقاط المعلومات الملاحية من الأقمار الصناعية وهي في مداراتها ، واستخدم نظام تحديد المواقع العالمية GPS بفعالية كبيرة في حرب الخليج .


بلغت نسبة الذخيرة الذكية التي أطلقتها الطائرات الأمريكية بكافة أنواعها في حرب الخليج الأولى نحو 8% ، منها 4.3% عبارة عن قنابل موجهة ليزرياً laser guided bombs ، والتي ارتبط أسمها فعلياً بنحو 75% من الخسائر الأرضية العراقية . أما النسبة المتبقية من الذخيرة الذكية ، فقد شملت صواريخ Maverick وHellfire بالإضافة لصواريخ Cruise والصواريخ المضادة للإشعاع الراداري anti-radiation . لقد استخدمت القنابل الموجهة ليزرياً في ضرب مراكز القيادة والمطارات والجسور وأهداف مدرعة عراقية متنوعة ، حيث تمت عمليات الإطلاق من قبل طائرات عدة ، أبرزها F-111F وطائرة الدعم الجوي القريب A-10A وطائرات F-15E (هذه الخيرة قامت بالتنسيق مع طائرة القوة البحرية A-6E واستطاعت تحقيق 30 إصابة ضد قطع مدفعية وأهداف مدرعة أخرى عراقية في إحدى ليالي الحرب الحالكة) . وتم إطلاق صواريخ Maverick المجهزة بمجسات حرارية تعمل بالأشعة تحت الحمراء وأخرى بمجسات كهروبصرية ، من الطائرات F-16 وA-10A .


الذخيرة الموجهة ليزرياً في عمليات حرية العراق Iraqi Freedom ، كانت أيضاً عماد ومرتكز أسلحة القوة الجوية الأمريكية ، خصوصاً في جهد تحريم ساحة المعركة ، والدعم الجوي القريب close air support المنجز في التضاريس الريفية والحضرية . هذه الذخيرة شملت القنابل الموجهة ليزرياً لكامل عائلة السلسلة Paveway (بما في ذلك قنبلتي GBU-10 وزن كل منها 950 كلغم ، أسقطت على هدفين في بداية الحملة الجوية على أهداف في منطقة تكريت) بالإضافة لأعداد كبيرة من الصواريخ الموجهة ليزرياً AGM-65E Maverick لطائرات البحرية الأمريكية من طراز F/A-18 وAV-8B .

استخدمت الأسلحة والذخيرة الذكية مرة أخرى خلال الحملة الجوية لقوات حلف شمال الأطلسي NATO ضد القوات الصربية في يوغسلافيا من 30 أغسطس وحتى 14 سبتمبر العام 1995 ، وقامت 293 طائرة مقاتلة للحلف بعمل نحو 3.515 غارة مختارة في العملية المسماة Deliberate Force على أهداف صربية مختارة ، وأعادت هذه العمليات القتالية تأكيد نتائج وخبرة حرب الخليج . من هذه العمليات كان هناك نحو 700 غارة ضد مراكز القيادة والسيطرة command and control بالإضافة لخطوط الاتصال وأهداف أخرى مهمة ، مثل أنظمة الدفاع الجوي air defenses . ما مجموعه 67% من الأهداف التي تمت مشاغلتها تم تدميرها بالكامل ، 14% من الأهداف أصيبت بأضرار حادة ، 16% أصيبت بأضرار خفيفة ، ونسبة 3% لم يمسسها أي ضرر . لقد استخدمت طائرات حلف الأطلسي الكثير من الأسلحة الذكية في هذه المهمات ، وفي الحقيقة فإن ما نسبته 98% من الذخيرة دقيقة التوجيه المستخدمة كانت من قبل سلاح الطيران الأمريكي . فمن مجموع 622 ذخيرة ذكية ، كان هناك 567 قنبلة موجهة بالليزر من الأنواع GBU-10 وGBU-12 وGBU-16 وGBU-24 ، بالإضافة إلى 42 قذيفة كهروبصرية electro-optical موجهة بالأشعة تحت الحمراء ، من طراز SLAM وGBU-15 وصواريخ Maverick . بالإضافة لعدد 13 صاروخ جوال للهجوم الأرضي من طراز Tomahawk . وتم إسقاط فقط 12 قنبلة صماء من نوع MK-83 و CBU-87 . وفي الوقت الذي أثبتت فيه هذه الأسلحة مكانتها المرموقة ، فإن الكثير يشتكي من غلاء أسعارها ، ويبرر الصناع هذا الغلاء بالنتائج العملياتية المضمونة ، فقنبلة GBU-27 على سبيل المثال التي دمرت مبنى الاتصالات في بغداد خلال حرب الخليج الأولى يبلغ سعرها 69.000 دولار ، في حين بلغت تكلفة المبنى المستهدف عشرات الملايين من الدولارات .





9‏/11‏/2012

القاذف الأسطورة RPG-7 .


قصة ولادة سلاح .. القاذف الأسطورة RPG-7


في أوائل الخمسينات كان هناك ثلاثة أسلحة مضادة للدبابات متوفرة لفصيل المشاة في الجيش السوفييتي ، القاذف الكتفي RPG-2 ، وقذيفة البنادق المضاد للدروع VG-45 المطلقة من البندقية الهجومية AK-47 ، والقنبلة اليدوية المضادة للدروع RKG-3 . في العام 1954 دراسة عهد إليها تقرير فاعلية هذه الأسلحة والتحقق من قدراتها واقتراح البدائل إن كانت ضرورية . وفي العام 1958 قامت اللجنة الرسمية لمعدات الدفاع باختيار مكتب التصميم GSKB-47 في موسكو لقيادة مشروع تطوير نظام صاروخي متطور مضاد للدبابات بالتعاون مع معهد البحث الهندسي Engineering Research Institute ومؤسسات علمية أخرى انضمت للعمل في منطقة Krasnoarmeysk خارج موسكو بقيادة رئيس المهندسين V. K. Firulin ومجموعة من المهندسين الكبار .وهكذا عندما بدأت عمليات تطوير بديل للسلاح RPG-2 في شهر مايو من العام 1958 ، فإن هدف مكتب التصميم GSKB-47 كان تحسين مفهوم سلاحالقاذف RPG-2 بزيادة المدى ، وتعزيز عامل الدقة ، وتأمين رأس حربي أكثر قتلاً . وبعد اختبارات مكثفة خلال الفترة 25 فبراير إلى 11 يونيو 1960 ، أظهرت تبني السلاح لجميع المواصفات المطلوبة ، تم تبني القاذف الجديد في العام 1961 تحت مسمى RPS-250 ، الذي تم تعيينه لاحقاً باسم RPG-7 ، كما قذيفته ذات الشحنة المشكلة أطلق عليها PG-7 .


لإنجاز التحسينات المطلوبة ، تبنى السوفييت عدة مفاهيم تقنية متداخلة لتحسين كل سمة من سمات السلاح ، حيث دمجت هذه التحسينات لكل من القاذفة والقذيفة . فلتحقيق جزئية زيادة المدى على سبيل المثال ، جرى توسيع وتمديد غرفة الاحتراق chamber التي حصرت وأدرجت في مركز السبطانة ، وذلك لتوفير سرعة فوهة أعلى . كما طورت خرطوشة دافعة أساسية أكبر مع دفع محسن بكثير . المحرك الصاروخي الرئيس للمقذوف اعتمد على حبيبات دافع من النوع المفرد التي توفر مستويات تصاعديةمن الضغط ، حيث دمج هذا المحرك إلى ذراع الذيل الممتد ، مما ضاعف من السرعة بعد الانطلاق ، كما كان للتصميم البالستي المحسن لجسم المقذوف دور كبير في زيادة مداه . أما التحسين الرئيس ، فكان في البحث عن دقة أعظم لتصويب السلاح ، من خلال إضافة منظار تلسكوبي بصري optical telescopic sight ، مع مهداف حديدي أحتفظ به للإسناد . السلاح جهز بقبضة يدوية ثانية لتأمين استقرار أكثر عند الرمي ، بالإضافة لتوفير حارف انفجار مخروطي الشكل وطويل ، لوئم إلى عقب السلاح لتقليص عرض منطقة العصف الخلفي وتسهيل التفريق العاجل للغازات ، ومن ثم ضمان تخفيض الارتداد .وتم طلاء تجويف السبطانة الفولاذية وكذلك القمع المخروطي بمادة الكروم لإطالة عمرها التشغيلي وتسهيل عملية التنظيف .. لقد تم انجاز جميع أهداف التصميم بنسبة كبيرة ، بحيث منحتالمنشأة المسئولة عن تصميم القاذف RPG-7 جائزة لينين للتقنية Lenin Prize for Technology في العام 1962 .


شوهد القاذف RPG-7 لأول مرة في العرض العسكري الذي أقيم في الساحة الحمراء في موسكو العام 1961 (في حين قدم القاذف RPG-7V في العام 1970 وصمم لقبول منظار رؤية ليلي) ، وهو كسابقه عديم الارتداد recoilless ، ويتميز بوجود سبطانة ملساء فولاذية بقطر 40 ملم ، مع مقذوف يثبت ذيله وزعانفه الأربعة القابلة للطي في مقدمة القاذف ، بينما يبدو بدن المقذوف ورأسه الحربي ظاهراً خارج السبطانة . هو مزود بواقية انفجار مخروطية وعلى شكل قمع في مؤخرة السبطانة (خرطوم تنفيس ventilate nozzle يفرض الابتعاد عن مؤخرة القاذف مسافة 20 م أثناء الرمي بالسلاح) . وقد جرى تغليف جزء كبير من جسم القاذف بالخشب وذلك للوقاية من الإحماء . تتم عملية الرمي في السلاح RPG-7 بعد إدخال القذيفة في فوهة القاذف ، ويتبع ذلك إزالة صمام أو شريط الأمان من مقدمة الرأس الحربي ، وتجهيز نظام الإيقاد الميكانيكي mechanical ignition ، وهو عبارة عن طارق يدوي منتصب فوق مقبض التصويب ، فيسحب الرامي الزناد ويطلق السلاح (يفترض أن تكون الإصابة دقيقة في حالة عدم وجود رياح عرضية cross wind أو عكسية) . ويمكن أن تستغرق عملية الاشتباك بأكملها نحو 14 ثانية أو أكثر بقليل ، ابتداء من عملية إعادة التحميل ، اكتساب الهدف ، التصويب عليه ، ثم إطلاق النار . في الحقيقة ، براعة الرامي ومهارته لا تتطلب الكثير من التدريب ، فأي رجل قادر على إطلاق النار من بندقية لن يواجه أي مشكلة حتمية في استخدام قاذف RPG . إن إطلاق عدد ثلاثة إلى ستة قذائف ستجعل أي مقاتل ماهر أو بارع بما فيه الكفاية لإصابة الأهداف حتى مدى 150 م أو أقل . وبعد إطلاق دستتين أو ثلاثة من القذائف ، فإن الرامي سيكون قادراً على مشاغلة الأهداف حتى 300-500 م .


يزود القاذف عادة بمنظار بصري من نوع PGO-7 بقدرة تكبير 2.7× مع مجال رؤية حتى 13 درجة . هذا المنظار الذي يزن 0.5 كلغم ، يثبت على الجانب الأيسر للقاذفة بين المقبضين ، يشتمل على مقياس مدى للأهداف المثالية ، كالدبابات بارتفاع 2.7 م ، وجدول مدرج لحساب تأثير الرياح (خلال رياح سرعتها 10 كلم/ساعة ، فإن نسبة إصابة هدف على مسافة 180 متراً بالإطلاقة الأولى تبلغ 50% فقط) كما يمكن تزويد القاذف بمنظار تصويب عامل بالأشعة تحت الحمراء infra-red sight للاستخدام الليلي ، حيث يتوفر أربعة أنواع لهذا الغرض ، بعضها يعمل بالأشعة تحت الحمراء infrared مثل المنظار NSP-2 وبعضها يعمل بتكثيف الضوء المتوافر ، مثل المناظير PGN-1, 1PN58, 1LH52.


يبلغ طول القاذف RPG-7 بدون تسليح 95.3 سم ، ووزنه قبل تجهيزه للرمي 7 كلغم ، بحيث يمكن استخدامه من قبل فرد واحد ، إلا أن طاقمه يضم عادة مساعد للرامي ، من أجل القيام بمهمة التلقيم والتغطية النارية (تستغرق عملية التلقيم والتسديد نحو 14 ثانية كحد أدنى) وعادة ما يحمل الرامي قذيفتين إضافيتين ، في حين يحمل المساعد ثلاثة قذائف إضافية بالإضافة لسلاحه الشخصي ، ويمكن الرمي بالسلاح من أوضاع مختلفة . إن أهم ما يميز السلاح RPG-7 هو تنوع مقذوفاته التي تتراوح أقطارها بين 40-105 ملم ، وأوزانها بين 2.5-4.5 كلغم . القذيفة القياسية هي PG-7V ويبلغ عيارها 85 ملم ، وتشتمل هذه على نظام دفع يتكون من مرحلتين ، الأولى هي الشحنة المعززة booster charge لإخراج القذيفة من سبطانة القاذف ، وهي عبارة عن شحنة دفع من البارود الأسود بطول 264 ملم ، معبأة في كيس كرتوني قابل للاحتراق ومغطاة بمادة راتنجية عازلة للماء . توفر هذه الشحنة سرعة إطلاق تبلغ 115-117 م/ث (تترك أثر على شكل غمامة خفيفة خضراء مائلة للزرقة) وهي في وضعها تكون منفصلة عن القذيفة ، ولكن يلزم شدها وتثبيتها إلى قاعدة ذراع أو عارضة ذيل القذيفة tail boom قبل التحميل ، ثم يحشر الاثنان بعد ذلك معاً في مقدمة سبطانة السلاح ملساء الجوف (يوجد في مؤخرة قضيب المقذوف انتفاخ خاص بمادة الخطاط الأحمر tracer لتتبع أثر المقذوف أثناء طيرانه) . الشحنة الثانية هي المحرك الصاروخي rocket motor بطول 250 ملم ، وتستخدم لإيصال القذيفة لهدفها النهائي البالغ 500 م ، وبسرعة طيران قصوى حتى 295 م/ث . هذه الشحنة موضوعة في اسطوانة مجوفة ، وهي تعمل تلقائياً بعد أن تتجاوز القذيفة مسافة 10-15 م من القاذفة ، بهدف حماية الرامي من اللفح والعصف الخلفي (بعض مغايرات القذائف ، مثل المتشظية OG-7V ، ليس لديها محرك صاروخي وتستخدم فقط شحنة دافع) . ومع احتراق شحنة الدافع ، فإن ثقوب تنفيس أو تصريف vents ، مثبته خلال ستة زوائد وتدية الشكل في النهاية الأمامية لعارضة الذيل ، تبدأ عملها في تسيير غازات الدافع للخلف . هذه المصرفات موضوعة مباشرة خلف قاعدة الرأس الحربي ، عند زاوية 18 درجة للخارج . ويساهم موضعها بالقرب من منتصف مركز ثقل جسم القذيفة في تحقيق استقرارها وتوازنها أثناء الطيران . ويسمح هذا الترتيب في إحداث وإيجاد عزم دوران عكسي لحالة الدوران الممنوح من قبل الزعانف الكبيرة ، وبالتالي تخفيض معدل التسارع المغزلي للقذيفة .


وفور انطلاق القذيفة ، تتكفل زعانف خلفية صغيرة بمهمة توفير معدل دوران متوازن طوال مرحلة طيران المقذوف . وتعمل هذه على توفير دوران بطيء لجسم القذيفة بمعدل عشرة دورات بالثانية عكس عقارب الساعة ، بحيث تحقق مسير أكثر تسطحاً Flatter Trajectory ودقة أفضل . كما وتنفرد أربعة زعانف اتزان كبيرة مطوية للأمام من مؤخرة ذراع المقذوف . هذه الزعانف لا تزود استقراراً تجاه مقاومة الهواء فقط ، لكنها مصممة لتمنح معدل دوران بطيء للمقذوف (أي رياح عرضية crosswind ستميل لممارسة ضغط على زعانف الاستقرار ، مما يتسبب في توجه وتحول القذيفة إلى الريح . وبينما محرك الصاروخ ما زال قيد الاحتراق ، فإن ذلك سيتسبب في تقوس وانحناء مسير الطيران باتجاه الريح .. عموماً الرماة مدربين على تجاوز هذه المعضلة جزئياً) .

الذخيرة القياسية للسلاح RPG-7 هي القذيفة ذات الشحنة المشكلة PG-7V التي تم تبنيها في العام 1961. هذه بقطر 85 ملم وطول 899 ملم ، ويمكن تمييزها عن طريق عدد من الأخاديد المختومة على المخروط الأمامي . هي قادرة على اختراق 260 ملم من التصفيح الفولاذي ، حيث يحتوي الرأس الحربي على صمام صدمي وآخر كهربائي للتدمير الذاتي self detonates ، ينشط بعد تجاوز القذيفة مداها الأقصى البالغ 920 م ، أو زمن 4.8 ثانية . علماً أن الصمام يسلح نفسه تلقائياً بعد مغادرته السبطانة بمسافة 2,5-18 م . لقد حرص المصممين السوفييت على تركيز جهودهم في تطوير الرأس الحربية للمقذوف ، وتصميم الشحنة المشكلة shaped-charge لتكون أكثر فاعلية . فبالإضافة إلى البطانة النحاسية للمخروط ، كان هناك مبطن ألمنيوم على هيئة بوق في المخروط الأمامي . لقد ساعد هذا الترتيب على تركيز موجة الانفجار إلى نفاث ثاقب أكثر تركيزاً . وتم استخدام صمام تفجير قاعدي piezoelectric (المصطلح يشير لعنصر يعمل على تحويل موجة الاهتزاز الميكانيكية mechanical shockwave الناتجة عن الاصطدام بالهدف إلى إشارة ناتجة لإشعال المفجر) بالارتباط مع سلك معدني مثبت في أنف المقذوف لإكمال الدائرة الكهربائية . فعندما يصطدم المقذوف بالهدف ، تبدأ عملية الاتصال الكهربائي خلال جسم الرأس الحربي الخارجي ، الذي بدوره يتصل بصمام تفجير مثبت في قاعدة الرأس الحربي .
  

كما يتوفر للقاذف تشكيلة أخرى متنوعة من الذخائر ، أهمها القذيفة المضادة للدروع PG-7VR التي صممها AB Kulakovsky وقدمت في العام 1988 . يبلغ وزن هذه الذخيرة 4.5 كلغم ، وهي مخصصة لمواجهة ودحر الدروع التفاعلية المتفجرة ERA بواسطة رأس حربي ترادفي tandem charge . يبلغ قطر القذيفة 105 ملم ، في حين يبلغ قطر الشحنة الابتدائية 64 ملم . وتبلغ قدرة اختراق الشحنة الرئيسة بعد تجاوز الدروع التفاعلية المتفجرة نحو 600 ملم من التصفيح المتجانس عند المدى الأقصى البالغ 200 م (قابلية اختراق 750 ملم بدون مواجهة دروع تفاعلية متفجرة) . كما تستطيع الرأس الحربية اختراق متران من طابوق البناء ، ومتر ونصف من الأسمنت المسلح ، وثلاثة أمتار من الرمال . تتوفر أيضاً قذيفة متفجرات الوقود الجوي thermobaric بقطر 105 ملم ، يطلق عليها TBG-7V وتم تبنيها في العام 1988 . وتخصص هذه القذيفة التي صممها V.A.Kulakovsky ، لمهاجمة الأهداف التركيبية والإنشائية وكذلك المشاة المتحصنون في الخنادق والملاجئ ، خصوصاً في المعارك الحضرية حتى مدى أقصى يبلغ 500 م . يصل نصف قطر دائرة القتل لهذه القذيفة إلى 10 م ، وتعادل كفاءتها كفاءة قذيفة هاون من عيار 120 ملم (يؤكد الروس أن فعالية هذا الرأس الحربي تعادل 2 كلغم من مادة T.NT) وهو قادر على نسف غرفة بمساحة 300 م3 . هو قادر أيضاً على اختراق دروع بسماكة 10-20 ملم ، وإحداث ثقوب بقطر 150-170 ملم . أما القذيفة المخصصة لمواجهة المشاة الراجلين في العراء ، فيطلق عليها اسم OG-7V ويبلغ وزنها 2 كلغم ، ومداها الأقصى 700 م (تفتقد للمحرك الصاروخي) . قدمت هذه القذيفةالتي يبلغ قطرها 40 ملم في العام 1988 ، وهي من تصميم MM Konoval ، حيث تعتمد هذه على نشر وتفريق نحو1000 شظية داخلية مسبقة التحزيز ، يبلغ تأثيرها حتى دائرة نصف قطرها 70 م .