5‏/8‏/2012

العوامل التي تؤثر على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة في ساحة المعركة

العوامل التي تؤثر على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة في ساحة المعركة
وتأثيرات منظومات الليزر


اختراع دبابات المعركة الرئيسة MBT كان خطوة ضخمة وحاسمة لكسب النصر وإلحاق الهزيمة بالعدو . الدبابات تعتبر أدواة الضرب والتدمير الرئيسة لسحق القوات الأرضية المعادية ، وهذه أكدت وأثبتت في الكثير من النزاعات ، خصوصاً تلك التي جرت في الشرق الأوسط ، حيث لعبت الدبابات دورها الكبير للنيل والظفر على خصومها في ساحة المعركة . من وجهة النظر تلك ، بدا من المهم لمهندسي الدبابة تحسين وتعزيز قابلية بقاءها survivability وقابليتها للصمود بوجه التهديدات القاتلة ، وعلى نحو استثنائي تجاه الأخطار المفروضة من قبل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ATGM . ويؤكد المنظرون العسكريون على بضعة عوامل يمكن أن تؤثر على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة ، مثل تدريب الأطقم ، تصميم العربة ، الدروع السلبية ، الإجراءات المضادة ، منظومات الحماية النشيطة . بالنسبة للجزئية الأولى المتعلقة بالأطقم ، فيمكن القول أن أعضاء طاقم الدبابة يحرصون على العمل كفريق متكامل integrated team على الرغم من أن كل واحد منهم له واجباته الأساسية . يعتمد نجاحهم على تأثيرهم وفاعليتهم في العمل كمجموعة واحدة في المعركة والاشتغال سوية لإبقاء وصيانة دبابتهم وأجهزتهم . التدريب Training مهم جداً لجميع أفراد الطاقم ، خصوصاً تدريبات العبور والاشتباك ، لذا هم يمكن أن يعملوا في أي موقع . العوامل المهمة الأخرى لنجاح الطاقم مرتبطة بالقيادة الفعالة effective leadership والتحفيز العالي . التدريب يجب أن يهيئ الأطقم للعمل في أرض ذات قابلية عدائية من كافة الاتجاهات . أما بالنسبة لتصميم العربة ، فهناك ثلاثة قواعد رئيسة يجب مراعاتها عن تناول هذا الأمر ، أولها القوة النارية Firepower . فتصميم الدبابة يجب أن يوفر القدرات لمواجهة الأهداف في المسافات القصوى ، بحيث يمكن مشاغلتها engaged بدقة نسبية معتبرة ، وكذلك مهاجمة الأهداف المتحركة وتدمير الأهداف المتعددة مع اختصار وقت المعالجة ، حتى في ظل الأضرار والعطل القائم . ثانياً الحماية Protection ، وهذه تعتبر العامل المهم الآخر في تصميم الدبابة ، من حيث اختيار نوع التدريع وطريق ترتيبه وكمية الحماية المطلوبة لكل موضع من العربة . أخيراً قابلية الحركة والمناورة manoeuvre ability ، فتصميم دبابة يجب أيضاً أن يأخذ في الاعتبار والحسبان المدى أو حدود التضاريس التي يتوجب تغطيتها ، كذلك حجم العقبات والموانع obstacles مثل الخنادق وبرك المياه التي يمكن التغلب عليه وتجاوزها ، والمسافة القصوى التي يمكن بلوغها وانجازها قبل أن تكون الحاجة لإعادة التزود بالوقود re-fuelling ضرورية وملزمة . إن المساومة والتوفيق Compromising بين هذه المبادئ الثلاثة مهم جداً في تصميم العربة ، بحيث لا تؤثر خاصية على خاصية أخرى تفقدها أهميتها .


العامل الآخر الذي يمكن أن يؤثر على قابلية بقاء دبابة المعركة الرئيسة هو الدروع السلبية Passive Armour . فالعربات مدرعة والدبابات هي متطلبات رئيسة في الجيوش الحديثة . إن العربة والطاقم عرضة للتهديدات المختلفة مثل قذائف الطاقة الحركية المطلقة من الدبابات الأخرى ، الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات المقذوفة من المشاة أو الطائرات ، الألغام المضادة للدبابات ، القنابل الطرق الأكبر وضربات المدفعية المباشرة . لقد بدا أن دبابات المعركة الرئيسة يمكن أن توفر حماية نسبية جيدة من شظايا نيرات المدفعية والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات ، لكنها للأسف لا تستطيع توفير الحماية تجاه جميع التهديدات الأخرى المحتملة . فهم يمكن أن يعطلوا أو يدمروا بالأنواع المختلفة الثقيلة من الأسلحة المضادة للدبابات على الرغم من درعهم السميك .

الإجراءات المضادة counter-measures هي سلوك يقصد منه القيام بتدابير واستعدادات معينة لتخفيض قابلية الاستهداف من قبل المنظومات المعادية ، مهما كان مصدرها أو آلية عملها . واحدة من هذه التدابير يتعلق بإنشاء ستارة حاجزة من الدخان smoke-screen . إذ يمكن استخدام الدخان لإخفاء التحركات وتغطية مواقع الوحدات العسكرية مثل المشاة أو الدبابات أو الوحدات الداعمة الأخرى . أي ستارة دخان ستمكن الدبابة من أداء مناورات المراوغة والتملص evasive manoeuvres لمواجهة تهديدات ساحة المعركة . وبشكل عام يمكن نشر غمامة الدخان بواسطة إما قذائف المدفعية أو بواسطة مطلقات خاصة على جانبي برج الدبابة . القذائف تصدر غيمة كثيفة جداً من الدخان ، صممت لملئ المنطقة المحيطة حتى في ظل توافر رياح خفيفة . وبينما ستائر دخان تستعمل أصلاً لإخفاء نشاط الحركة عن تقنيات العدو البصرية الحديثة ، فإن ذلك عنى ببساطة أنهم متوفرون أيضاً بأشكال جديدة . هم يمكن أن يعرضوا ستارة حاجزة في طيف الأشعة تحت الحمراء بالإضافة إلى الطيف المرئي للضوء visible spectrum (الطيف المرئي هو جزء من الطيف الكهرومغناطيسي لأن الضوء المرئي ما هو إلا موجات كهرومغناطيسية) وذلك لمنع الكشف بالمجسات أو المناظير تحت الحمراء . كما يعرضون أيضاً حاجز إعاقة كثيف للعربات تجاه ما يستخدمه العدو من معدات ليزرية ، مثل منظومات التعيين أو محددات المدى أو منظومات ركوب الشعاع laser beam-riding . الإجراءات المضادة المتوفرة حالياً في الأسواق التجارية تتضمن الدخان متعدد الأطياف multi-spectral المستمد من الفسفور الأحمر . فعالية هذا الإجراء المضاد اختبرت في تجارب بمجسات الليزر ، حيث أثبت دخان الفسفور الأحمر red phosphorus فاعليته في إخفاء وحجب منصة إطلاقه مع تخفيف وبعثرة طاقة الليزر .


بشكل رئيس هناك ثلاثة من أنواع أنظمة الليزر يمكن أن تستعمل بالتأثير الأعظم ضد المنصات الأرضية (عربات ودبابات وغيرها) هي :


- أنظمة التعيين الليزرية : تستخدم المعينات الليزرية laser designators لإنارة أو تأشير هدف محدد بطاقة شعاع الليزر ، ليتعقب باحث القذيفة بعد ذلك آلياً طاقة الليزر المنعكسة reflected وصولاً إلى مركز ذلك الانعكاس (طاقة الشعاع المرتدة عن الهدف وليست الصادرة عن منظومة التعيين الليزرية ، كما هو الحال مع تقنية ركوب شعاع الليزر) . القذيفة ومصدر الإضاءة الليزرية ليس بالضرورة أن يكونا في نفس المكان أو مدمجين في وحدة الإطلاق ، حيث يتوفر للمشغل قبل إطلاق القذيفة القدرة على إعداد أو الضبط المسبق ومزامنة التردد التكراري النبضي pulse repetition frequency من المصدر الليزري (وحدة إطلاقه) مع التردد النبضي المنصب في الصاروخ . هذه القدرة على الضبط المسبق للتردد تزود القابلية بشكل آني ومتزامن لشغل هدف كبير بحجم دبابة معركة من زوايا مختلفة بأنظمة أسلحة الليزر المختلفة . ويمكن أداء هذه العملية بدون تداخل أو تعارض أنظمة السلاح المختلفة مع بعضها البعض . إن أنظمة التعيين الليزرية تعمل عادة ضمن تردد تكراري نبضي لنحو 7-20 هيرتز ، والبعض تعمل بحدود 30 هيرتز (سلسلة نبضات مشفرة coded pulses غير مرئية) . ويتراوح المدى الفعال النموذجي إلى ما بين 10-15 كلم ، وبعض المجهزين يدعون توفير أنظمة حتى مدى 20 كلم اعتماداً على الشروط البيئية environmental conditions . إن عمل منظومات التعيين الليزرية أفضل ما يكون في الأحوال الجوية الصافية ، أما في حال توافر غطاء من الغيوم أو المطر أو الدخان ، فإن عملية التعيين سوف تواجه صعوبة في إنجاز مهامها ، تصل ربما لحد الاستحالة .


أنظمة ركوب الشعاع الليزري : تتطلب عملية ركوب الشعاع beam-rider توافر قذيفة ومصدر ليزري مع تنظيم العملية بينهما . ففي حالة ركوب الشعاع ، مصدر الليزر يوجه نحو الهدف طوال مرحلة الاشتباك ، في ذات الوقت الذي ينير شعاعه المشفر كاشف مثبت في مؤخرة القذيفة ، حيث يتولى المصدر الليزري توجيه القذيفة نحو الهدف بإرسال المعلومات إلى ذلك الكاشف (فوق ، إلى الأسفل ، إلى اليسار ، إلى اليمين والمركز) . إن الكاشف الخلفي للصاروخ مقسم لأربعة أرباع four quadrant وعلى شكل دائرة مثبته في نهايتها على مركز الهدف target center (قاعدة المخروط المثبتة على الهدف) وكل ربع دائرة يستقبل جزء مشفر من طاقة الليزر من إجمالي الشعاع المسلط من وحدة الإطلاق وبشكل متساو . المدى الفعال المنجز effective range لهذا النوع من أنظمة التوجيه مقدر بنحو 5-8 كلم أو أكثر بقليل . ويتفاوت التردد التكراري النبضي لمصادر ركوب الشعاع المختلفة ، إجمالاً بين بضعة مئات الهيرتزات وحتى 20 KHz . في حين تتراوح أطوال الموجة المثالية المستخدمة لمصادر هذا التوجيه بين 0.904 مايكرو و1.064 مايكرو (micro هي وحدة طول في النظام الدولي للوحدات وتعادل جزء من المليون من المتر أو 0.001 ملم ، يرمز إليها بالرمز µm) .  أنظمة ركوب الشعاع صعبة الكشف والرصد ، إذ أن طاقة إشعاعهم radiated power تبلغ نموذجياً أقل من 100 وات .


محددات المدى الليزرية : للعديد من التطبيقات العسكرية military applications ، مثل توصيل وتسليم قذائف الرماة الموجهة وغير الموجهة ، فإنه من الضروري أن تتوافر القدرة والقابلية على قياس المدى بدقة . هناك عدة طرق التي يمكن فيها إنجاز هذه المهمة ، فالطريقة التقليدية تتركز على استخدام محدد مدى بصري optical range-finder . هذا أما يقيس الزاوية المقابلة أو الممتدة عبر نقطة بعيدة من قبل الخط الأساس البصري المثبت (بمعنى زاوية رؤية الهدف بالنسبة لعين المراقب وتفاوتها أو تبدلها مع عامل المدى) ، أو يقيس الزاوية المقابلة للمشغل من قبل هدف معروف الحجم . اختيار الليزر ووحدة النظام بشكل عام ، يعتمد لدرجة كبيرة على التطبيق والتوظيف المطلوب . عموماً لمحددي المدى ، العامل الأكثر أهمية هو المدى الأقصى العملياتي . حيث يعمل محددو المدى الليزري عادة في المديات بين 7 و10 كلم ، وبعضها يمتلك مدى أعظم من ذلك . إن قوة خرج وإنتاج كبيرة جداً output power مطلوبة للاشتغال والعمل إلى ما بعد هذا المدى ، حيث يعمد النظام إلى إرسال شعاع كثيف عالي التوازي Collimated light (بطيء التفرق والانتشار خلال انتقاله عبر المسافة) من النبضات القصيرة . استخدمت الأنظمة المبكرة لتحديد المدى ليزر الياقوت ruby laser لكن الآن أوقف استخدام هذا النوع من الليزرات لمصلحة الأنواع النبضية ذات الكفاءة الأعلى ، مثل ليزر النيوديوم- ياغ Nd-YAG الذي يعمل في الطول الموجي 1.064 مايكرو (طاقة الخرج القصوى لكل نبضة هي التي تقرر وتحدد المدى الأقصى الذي سيتم بلوغه) . ويتميز شعاع هذا الليزر بأنه من النوع المخفي invisible ، لذا لا يمكن أن يرى من قبل العدو ، وأقل خطر إلى العين البشرية . ورغم أن ليزرات النيوديوم- ياغ شائعة الاستخدام في منظومات محددات المدى الليزرية ، إلا أن أنواع أخرى متضمنة خدمة العين الآمنة eye-safe مثل ليزر الإربيوم Er:glass (1.550 مايكرو) وثاني أكسيد الكربون CO2 (10.6 مايكرو) أيضاً مستخدمة ، وهذا الأخير له قابلية اختراق أفضل في حالات الطقس غير الملائمة ، وله مخاطرة أقل بنحو أربعة مرات للعين البشرية من ليزر النيوديوم- ياغ. هذا يعني بأن عملية إيجاد المدى يمكن توفيرها بسلامة في المناورات التدريبية دون الخوف من التسبب في إلحاق أضرار غير مقصوده لعيون المشاركين . وعلى الرغم أن تجهيز محددات المدى الليزرية لا يمثل في حد ذاته خطر مباشر للمنصات الأرضية ، إلا أنه عادة ما يعمل مع منظومات أخرى موجهة أكثر فتكاً في ساحة المعركة ، لذا مجسات التحذير الليزرية مصممة لكشف شعاعه العامل ضمن طيف من الأطوال الموجية ، وحسب نوع الليزر المستخدم .


تقسم منظومة محدد المدى الليزري عملياً إلى أربعة أقسام (i) مرسلة transmitter (ii) مستقبلة receiver (iii) أداة عرض وقارئة display/readout (iv) منظار تلسكوبي sighting telescope . عمل المحددة الليزرية يضاهي ويماثل مبدأ عمل الرادار ، مع الاستفادة من الملكيات المميزة لشعاع الليزر . في النظام ، يتم تسديد نبضة من شعاع الليزر موجهه نحو هدف ، والضوء المنعكس reflected light عن ذلك الهدف مستلم ومستقبل من قبل نظام بصري الذي يتولى عملية الكشف . الزمن المستغرق لانتقال شعاع الليزر ذهاباً وإياباً من المرسلة إلى الهدف يتم قياسه . وهكذا عندما نصف الوقت المسجل تتم مضاعفته multiplied بسرعة الضوء ، فإن الناتج يعرض المدى ، وبمعنى آخر المسافة إلى الهدف (إن سرعة توليد وانتشار الموجات الكهرومغناطيسية في الفراغ ، تساوي سرعة ثابتة طبيعية تبلغ 299,792.458 كلم/ث ، والتي هي سرعة الضوء بالضبط) .. وللمزيد من التوضيح العلمي نقول ، أن المرسلة تستخدم لإطلاق الليزر محول كيو Q-switched (أداة لجعل وتشكيل شعاع الليزر ليصدر على هيئة نبضات ضوئية light pulses عالية الطاقة ، وأكثر بكثير من قابليات نفس الليزر لو أنه مرسل في نمط الموجة المستمرة والخرج الثابت constant output) ، الذي يرسل نبضة قصيرة مفردة ومتوازية من الإشعاع الليزري إلى الهدف . شبكة بعثرة سلكية توجه مقطع صغير من الضوء من نبض المرسلة إلى الكاشف الفوتوغرافي photo-detector ، الذي بعد التكبير والتضخيم يغذيها إلى المقياس حيث يبدأ هذا المقطع من الضوء في العد . النبضة المرتدة والمستلمة من قبل المنظار التلسكوبي ، تمرر من خلال مرشح أو فلتر تداخل interference filter (مرشح ضوئي يقوم بعكس نطاق أو أكثر من خطوط الطيف ، ويسمح بمرور الخطوط الأخرى من دون إضعاف خطوط الضوء المطلوبة) لإزالة أي إشعاع غريب أو غير مرغوب فيه ، بعد ذلك هو مسلط ومركز إلى الكاشف الفوتوغرافيِ الآخر . إن الإشارة الناتجة تغذى إلى العداد/المقياس counter ، ويتولى نظام رقمي تحويل الفاصل الزمني إلى مسافة . هكذا ، المدى المقرر بالمقياس معروض في القارئة . النسخ الأحدث من محددات المدى الليزرية تستخدم إما ليزر النيوديوم ياغ Nd:YAG laser ذو النبض التكراري العالي ، أو ليزر ثاني أكسيد الكربون carbon dioxide ، وهذا الأخير هو الأفضل لتحديد مدى الأهداف البعيدة حتى 10 كلم ، مع عامل دقة ضمن حدود 5 م يمكن تحصيله بسهولة .

ولحساب المسافة أو المدى إلى الهدف (من خلال حساب الزمن المستغرق لنبضة مفردة single pulse تنتقل إلى الهدف وتعود لمصدر إطلاقها) فإننا نستخدم المعادلة التالية : D = ct / 2 ، حيث أن ((c هي سرعة الضوء ، (t) هي مقدار الزمن لرحلة الذهاب والإياب بين الهدف والمرسلة . ولو أخذنا مثال عددي لتقدير الزمن المستغرق لنبضة ليزر وحيدة لتضرب هدف معين عند مسافة 1.5 كلم ، فإن المعادلة تكون كالتالي :
 


ويلاحظ أن الزمن المسجل (10 مايكرو/ثانية) أو عشرة من المليون من الثانية هو أكثر من جيد من حيث ردة فعل الأجهزة الإلكترونية القياسية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق