24‏/8‏/2012

الخارق المشكل انفجارياً .

الخــــــارق المشكـــــل انفجاريــــــاً EFP 


هناك نوع من أنواع الرؤوس الحربية تستخدمه بعض الصواريخ والذخائر الفرعية المضادة للدروع ، يطلق عليه اسم explosively formed penetrator وهو اختصار الخارق المشكل انفجارياً EFP . كما يطلق عليه أسماء أخرى مثل الشظية المشكلة ذاتياً self-forging fragment .. وفي جميع الحالات فإن الاسم يعكس حقيقة تكوين هذه الرأس الحربي ، فهو شكل من أشكال الشحنات المشكلة ، طور أثناء الحرب العالمية الثانية بهدف زيادة التأثير التدميري على الهدف من مسافة مباعدة قصوى . هذا التأثير درس واختبر من قبل مهندس المتفجرات الهنغاري "جوزيف ميزناي" Jozsef Misznay ، وخبير المقذوفات الألماني المهندس "هوبرت سكاردين" Hubert Schardin الذين أرادا أولياً تطوير لغم مضاد للدبابات أكثر فاعلية لقوات ألمانيا النازية . كما اختبرت قدرات الشحنة التدميرية حديثاً في العراق وأفغانستان على الكثير من أسلحة الطرق . إذ كشفت إحصائيات ساحة المعركة الأمريكية لشهر يوليو 2007 بأن شحنات EFP كان لديها كفاءة قاتلة تجاه الأهداف المدرعة لنحو 23% ، بينما الأنواع الأخرى من قنابل الطرق كان لديها كفاءة أقل لنحو 4% فقط . لقد لوحظ من خلال التجربة والتكرار أن مخروط الزاوية الأكبر والأكثر اتساعاً وأشكال البطانات الأخرى مثل الطبقية dishes أو الصفيحية plates ، لا تتدفق على هيئة نفاث ، لكنها بدلاً من ذلك تعطي قذيفة مشكلة إنفجارياً عالية السرعة . ومع أن قابلية اختراقها للأهداف أقل بكثير من تلك المحصلة عن طريق النفاث ، إلا أن قطر الثقب الناتج هنا سيكون أكبر اتساعاً مع المزيد من عامل التشظية في الدرع الداخلي والضغط الإضافي over-pressure (شحنات EFP غير متأثرة نسبياً بقراميد دروع الجيل الأول التفاعلية المتفجرة ، وتستطيع تجاوزها) .


يشتمل بناء السلاح EFP بشكله العام على اسطوانة معدنية دائرية محشوة بمادة متفجرة مناسبة ، يلحق بها تجويف ضحل في إحدى نهايتها الطرفية ، مجهز ببطانة معدنية رقيقة مقعرة dished concave liner . السلاح مصمم عملياً لاختراق الدروع من مسافة مباعدة أكثر طولاً great standoffs مما يتوافر للشحنات المشكلة التقليدية ، وذلك عن طريق إعادة ترتيب زاوية المخروط التقليدية وجعلها أكثر اتساعاً أو على شكل صحن أو طبق غير عميق shallow dish . ففي حين تبلغ مسافة المباعدة في الشحنات المشكلة التقليدية عدة سنتيمترات مع قابلية اختراق لنحو 4-10 مرات من قطر الشحنة ، فإنها في شحنات EFP يمكن أن تبلغ بضعة عشرات الأمتار مع قابلية اختراق لنحو 0.4-0.8 مرات من قطر الشحنة المستخدمة . لقد أظهرت اختبارات حديثة أن سبيكة التنغستن/النحاس يمكن أن تزيد عمق الاختراق لهدف فولاذي متجانس من قبل عامل 1.3 مع زاوية مخروط للبطانة يتراوح بين 140 إلى 160 درجة . الاختبارات أظهرت أيضاً أن زاوية بطانة دون 140 درجة ستميل أكثر نحو التشكل بهيئة مخروط ، مما يترتب عليه خلل في تشكيل الكتلة المطلوبة (بشكل عام ، شحنات EFP تتطلب بطانة مقعرة غير عميقة ، نموذجياً أقل من 0.25 من قطرها ، في حين تتطلب بطانة الشحنة المشكلة التقليدية ذات النفاث مخروط الذي عمق تجويف المبطن فيه أعظم من 0.4 من قطرها) . وعند إيقاد وتحفيز المادة المتفجرة في مؤخرة الاسطوانة ، فإن موجة الانفجار تتحرك نحو البطانة المعدنية لتنهار وتتشوه ، لكن بدل أن تتحول لتدفق أو نفاث jet كما في الشحنة المشكلة التقليدية ذات البطانة المخروطية ، فإنها تتحول إلى كتلة مقذوف مضغوط compact slug عالي السرعة ، وبفكره مشابهه لعمل خارق الطاقة الحركية ، بحيث تتحرك هذه بسرعة عالية جداً ، مقدرة بنحو 1500-2000 م/ث أو أكثر من ذلك (نتائج انهيار المبطن تعتمد في أحد أوجهها الرئيسة على شكل البطانة المستخدمة) لتسدد طاقة ميكانيكية عالية لجسم الهدف . مع وجوب ملاحظة أن سرعة المقذوف تعتمد على نسبة سماكة طبقة المتفجرات إلى البطانة المعدنية (سماكة البطانة عادة في هذا النوع من الشحنات تكون أكبر من تلك المستخدمة مع الشحنات المشكلة التقليدية ذات الناتج النفاثي) .


المقذوف المشكل انفجارياً يجب أن يكون مستقر ومتوازن وهو في وضع الطيران aerodynamically stable ، وذلك لكي يضرب الهدف ضمن احتمالية إخفاق محدودة ، أو مع زاوية انحراف صغيرة . في العمل الشامل ، ركز المطورون على أن يتحصل تشكيل EFP على زعانف مائلة canted fins بدرجة مناسبة ، لتوفير معدل دوران أعلى . فعند الرغبة في التعامل مع هدف عند مسافة 100 م ، يحتاج المقذوف للاتزان وتجاوز احتمالية الانحراف أو الانجراف drift ، حيث يمكن تكوين زعانف الاستقرار بإعادة تشكيل أو صياغة موجة الانفجار لإعاقة أو إبطاء التعجيل acceleration في نقاط معينة من البطانة بإضافة المزيد من الكتلة (يوجد هناك على الأقل دستة طرق مسجلة كبراءة اختراع لكيفية توفير الزعانف المشكلة لكتلة المقذوف) . ومع هذا الناتج ، أمكن الحصول على تحسينات أفضل في الاستقرار الديناميكي الهوائي لسلاح EFP .

23‏/8‏/2012

أهمية العقبات والحواجز المانعة .

أهميــــــة العقبــــــات والحواجــــــز المانعــــــة


الصورة الأولية لأكثر العقبات obstacles والقدرة الظاهرة والاستثنائية لدبابات المعركة الحديثة لقَهرها وتجاوزها ، تعطي "انطباع مظلل وخادع" misleading impression أن هذه الموانع والعقبات المضادة للدبابات لم تعد ذات قيمة عظيمة . فعلى مدى التاريخ ، العقبات سواء الطبيعية منها أو الصناعية ، استمرت في لعب دورها الرئيس لأي خطة مضادة للدبابات . وبشكل عام هناك متطلبان أساسيان لنجاح أي من هذه العقبات : هي يجب أن تكون جزء من خطة متكاملة ، وكذلك هي يجب أن تغطى بنيران المراقبة المنظورة .العقبات الطبيعية Natural obstacles تتضمن مجاري الأنهار ، القنوات والأنفاق ، الغابات الكثيفة والبحيرات والمباني ، لكن عملياً جميع هذه العقبات تتطلب نوع من التحسين والتطوير الاصطناعي لتعزيز قابليتها المضادة للدبابات . ويذكر لنا التاريخ خطورة الثقة الزائدة التي يمكن أن تنشأ عن المناعة الظاهرة apparent impregnability للعقبات كما صور الأمر في حرب أكتوبر العام 1973 . حيث امتدت حدود إسرائيل الغربية على قناة السويس , التي شكلت مانع طبيعي بالتأثير العظيم . مع ذلك ، بدا الإسرائيليون غير راضين عن مستوى الحماية هذا ، فعمدوا على أية حال لتعزيز جانبهم من القناة مع حائط أو جدار رملي sand wall بارتفاع 15-21 م وبعرض كبير جدا ً ، مع زاوية انحدار لنحو 45-65 درجة . طول الجدار العازل بلغ نحو 160 كيلومتراً على طول قناة السويس ، باستثناء البحيرة المرة (حيث كان عبور القناة مستبعد بسبب عرض البحيرة) . الجدار الرملي والذي وصف من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان بأنه "أحد أفضل الخنادق المضادة للدبابات في العالم" والدفاعات المشيدة في الموقع سميت في مجموعها بخط بارليف Bar-Lev Line وكانت رائعة التصميم في الحقيقة ، لكنها لسوء الحظ أثارت إعجاب الإسرائيليين أكثر مما أثارت خصومهم المصريين . عندما أقترح ضابط مصري برتبة رائد في سلاح الهندسة المصري استخدام خراطيم المياه ذات الضغط المرتفع high pressure hoses لجرف رمال الجدار الرملي ، مما حقق وأنجز كلتا المفاجآت الإستراتيجية والتكتيكية . الجدار الرملي ودعاماته الخرسانية كانت كفيلة كما قرر مصمموه منع وإعاقة أي وحدات مسلحة أو برمائية من الإنزال على الضفة الشرقية لقناة السويس بدون تحضيرات هندسية مسبقة . وقدر المخططون الإسرائيليون بأنه يتطلب من المصريين على الأقل 24 ساعة ، ومن المحتمل 48 ساعة كاملة لاختراق وعمل ثغرة في حائط الرمل وتأسيس جسر عبر القناة .. وهكذا ساهمت الإتكالية الإسرائيلية والاعتماد على مميزات الجدار ، في تقنين عوامل وأدوات التغطية النارية في الوقت الحرج والحاسم لهذا الموقع الدفاعي تجاه هجوم المشاة المصري في يوم السادس من أكتوبر العام 1973 . واستطاع سلاح المهندسين المصري سوية مع استخدام الأدوات التقنية البسيطة على نحو بارع ، استطاع تمهيد الطريق أمام الفرق المدرعة المصرية للعبور الآمن والتقدم في صحراء سيناء Sinai Desert .


تصور هذه الحادثة نواحي القوة والضعف في "عقلية وذهنية العائق" barrier mentality ، خصوصاً في المعركة المضادة للدبابات . النوع الصحيح والمناسب للموانع والعقبات يجب أن يكون فعال ، لكن كما عرض من قبل المصريين ، ليس كل ترتيب يمكن أن يكون فعال ومؤثر كلياً . فالمانع أو الحاجز يجب أن يراقب ويحمى كأي موقع دفاعي آخر وبجميع الوسائل المتاحة . إن إنشاء وتكوين العقبات الاصطناعية والمفتعلة artificial obstacles كجزء من خطة الدفاع المضادة للدبابات هي الشغل الشاغل لجميع أفراد سلاح الهندسة في الجيوش النظامية ، في الوقت الذي حتى العقبات الطبيعية natural obstacles تحتاج إلى شكل من أشكال التحسين والتطوير لزيادة تأثيرهم . إن الشكل الأكثر بدائية من العوائق والعقبات هو الخندق المضاد للدبابات anti-tank ditch ، لكن هذا الشكل البسيط جداً من العوائق يبدو حالياً مرفوض ومستبعد كأحد أسلحة الحرب الحديثة من قبل العديد من جيوش العالم المتقدمة . الإسرائيليون على أية حال ، استخدموا الخنادق المضادة للدبابات بالتأثير الأعظم على مرتفعات الجولان Golan Heights في حرب أكتوبر 1973 . هم حفروا خندق طويل لمسافة نحو 55 كلم ، بعرض 10-12 م وعمق 4 م عبر الهضبة المفتوحة التي تمتد من الجبل الشيخ Mount Hermon في الشمال إلى منطقة الرفيد‎ في الجنوب . وعلى الرغم من بساطة المفهوم ، إلا أن الخندق أثبت جدواه ، واضطرت الدبابات السورية المهاجمة للاستعانة بالعمليات الخاصة لإنجاز عملية عبور الخندق واستخدام الجسور المحمولة متعددة الطبقات bridge-layers . نحو 1,700 دبابة سورية هاجمت القوة المدرعة الإسرائيلية المدافعة عن الجولان والمجهزة بعدد 175 دبابة Centurion وM48 (هذه القوة كانت ضرورية للاحتفاظ بخط الدفاع حتى وصول الاحتياطيات) . وعلى الرغم من ضراوة الهجوم ومباغتته الإسرائيليون ، إلا أن هؤلاء ضلوا ثابتين في العديد من المواقع ، كما عبر السوريون الخندق بالتأكيد في العديد من الأماكن ، لكن الكلفة والخسائر في الدبابات والأطقم وربما الأهم من ذلك "الوقت" time ، حتى كانت النهاية بنتائج مدمرة . وفي الوقت الحالي يتم تجهيز وتأمين سلاح المهندسين engineer corps بالكثير من المعدات لمساعدتهم في تهيِئة وإنشاء العقبات . مثل هذه المعدات تتضمن الجرارات مدرعة armoured tractors ، الحفارات كبيرة الحجم عالية التحمل heavy-duty diggers ، ويمكن اللجوء وسحب العديد من العربات الثقيلة مباشرة من قطاع البناء المدني .

21‏/8‏/2012

الإستقرار الساكن للمقذوفات .


هذا النوع من نمط الاتزان يطلق عليه "الاستقرار الساكن" static stability ، حيث تستخدم وسيلة الاستقرار الزعنفي Fin Stabilisation في الكثير من مقذوفات الأسلحة ، مثل قنابل الطائرات والهاون ومقذوفات المدفعية ، والأهم من ذلك مقذوفات الطاقة الحركية للدبابات ، نوع APFSDS (اختصار خارقة للدروع مثبتة بزعانف نابذة للكعب) .. ويعتقد البعض أن الغرض من هذه الزعانف هو تحقيق معدل دوران منتظم لضمان أستقرار المقذوف ، إلا أن هذه الجزئية قد لا تعكس حقيقة وواقع أو حتى دقة في الفهم .

معضلة ضمان أن المقذوف سيجتاز مراحل طيران عدة طوال فترة مسيره ، كانت مع الإنسان منذ الأزمنة الأولى . الأسهم Arrows والرماح javelins كانت من المحتمل المقذوفات الممتدة الأولى في المدى التي أستخدمها الإنسان ، ثم أدرك مع الممارسة أن تزويدها بكتلة أمامية في مقدمتها وزعانف ذيليه tail fins تمنحها الاستقرار المطلوب لإيصالها لأهدافها بدقة محسنة .. في سهم النبلة يكون G هو مركز كتلة السهم (كما هو موضح في الرسم أعلاه) فإذا انحرف عمود السهم وبدأ في التحرك بشكل مائل ، فإنه ونتيجة المنطقة السطحية الخلفية الأكبر ، يبدأ ضغط الهواء في التصرف والتأثير خلال النقطة P في مؤخرة السهم عند زعانف الاتزان ، حيث يتحول مركز الضغط centre of pressure لمنطقة سطوح الذيل ، وتتأرجح قصبة أو عمود السهم حول النقط G ويبدأ في موازنة مساره من جديد . فطالما أن مركز الضغط يتمحور خلف مركز ثقل الجاذبية gravity centre ، فإن المقذوف سيحاول قيادة وتطيير ورفع المقدمة أولاً . إن الزعانف تكون ملائمة ومتوافقة أكثر مع المنطقة الخلفية للمقذوف ، لزيادة المنطقة السطحية خلف مركز الكتلة ، وبهذه الطريقة يتم تقديم النقطة P خلف النقطة G لتوفير طيران متوازن للمقذوف .

الصورة للأسفل تعرض مقذوف APFSDS ويلاحظ زعانف الاتزان التي تعمل وفق نفس مبدأ الفكره المعروضة أعلاه .


18‏/8‏/2012

صفائح التدريع .. عرقلة أم امتصاص .

صفائـــــح التدريـــــع .. عرقلـــــة أم امتصـــــاص


بشكل عام تتوفر الدروع الحديثة ضمن نمطين مميزين ، فأما أن تكون هذه الدروع سلبية بليدة Passive armor ، أو أن تكون نشيطة فاعلة active armor . الدروع السلبية تعمل على إيقاف المقذوف المعادي بالاعتماد على الملكيات والخصائص المادية لمكونات الدرع وحدها ، حيث تصنع هذه المواد من تشكيلة مدهشة من المواد الغريبة ونصف الغريبة . هي قاسية جداً ، حيث تقوم فكرة عملها على امتصاص الضربات واستيعاب طاقتها. وعلى النقيض من ذلك فإن فكرة عمل الدروع النشيطة (تعرف كذلك باسم الدروع التفاعلية ، الدروع الذكية ، الدروع الكهربائية ...) تقوم على التفاعل والاشتباك مع المقذوف قبل وصوله لصفيحة التدريع الرئيسة للهدف ، بهدف عرقلة وتعطيل تقدمه عن طريق حرفه أو تحطيمه . وهكذا فإن مواد الدروع بشكلها العام يمكن تقسيمها لنموذجين مختلفين من حيث أسلوب التعامل مع تهديدات طاقة المقذوف ، فهذه إما أن تكون "معرقلة" disruptive أو "ممتصة" absorbing . حيث تميل المواد المعرقلة لأن تكون مصنعة من مواد عالية القوة مثل الفولاذ عالي التصليد high-hardness والمواد الخزفية . إن الغرض من هذه المواد في التدريع متعدد الطبقات هو تمزيق أو تشظية المقذوف القادم وكذلك إبطاء سرعته وإضعافها . وبكلمات أخرى ، تشتيت وتبديد الطاقة الحركية للمقذوف بواسطة مادة الدرع ، من خلال تحطيمه وإعادة توجيه طاقة الأجزاء والشظايا الناتجة بعيداً عن التركيب المحمي . من ناحية أخرى ، تعمل المواد الممتصة على استيعاب الطاقة الحركية للمقذوف من خلال المقدار الكبير من التشويه اللدائني ، وتحويلها لشكل أدنى من أشكال الطاقة مثل الحرارة . وتعمل المواد المقساة والمواد المركبة كأدوات امتصاص جيدة لطاقة المقذوفات الحركية ، رغم أن لها قدرة تمزيقية أيضاً . وضمن هذه التصنيف يمكن القول أن صفائح الفولاذ المقسى والمصلد في الطبقة الخارجية من منظومة التدريع وكذلك الوحدات الخزفية أو ألياف الزجاج ، تعتبر عامل عرقلة لأي تهديد قادم من الخارج ، في حين تعمل طبقة المطاط التي تليها وكذلك بطانة التشظية spall liner كعامل امتصاص ، حيث تعمل هذه على تخفيض تأثيرات التشظية بعد ثقب صفائح الدرع (يتضمن تركيبها نسيج أو ألياف صناعية معززة بمركبات أخرى ، بما في ذلك ألياف البوليثيلين polyethylene) .


وهكذا يحرص المهندسون عند تصميم وتوزيع دروع دباباتهم وعرباتهم المدرعة ، على مواجهة شكلين مختلفين من أشكال التهديدات المحتملة ، قذائف الطاقة الحركية Kinetic Energy وقذائف الطاقة الكيميائية Chemical Energy . من ناحية تهديدات مقذوفات الطاقة الحركية ، فإنها تستخدم طاقة الاصطدام المرتفعة لتحقيق النفاذ ، والنوع الوحيد تقريباً الذي له القدرة على اختراق قوس برج الدبابة الأمامي الثقيل ، هو الخارق للدروع المثبت بزعانف النابذ للقبقاب APFSDS ، حيث يصمم المقذوف عموماً لتركيز مستوى مرتفع جداً من الطاقة الحركية على مقطع عرضي صغير لأقل ما يمكن على سطح الهدف لكي يتحقق الاختراق الأعمق . ولأن الطاقة الحركية للمقذوف تتعلق بشكل مباشر بكتلته ، فإن مصممو السلاح يجاهدون لزيادة الكثافة المقطعية sectional density للمقذوف ، التي تعرف بأنها كتلة المقذوف إلى منطقته العرضية (كقاعدة عامة ، المقذوف الأعلى في كثافته المقطعية ، الأعظم في قدرته على تحقيق اختراقات أعمق) . فمع انتقال وتحرك المقذوف بسرعات مرتفعة جداً ومفرطة hypervelocity ، فإن قوة مادة الدرع عند الارتطام تصبح مهملة ، حيث أن كلتا المقذوف والدرع سيذوبان ويتصرفان مثل السوائل ، وتصبح فقط كثافة المنطقة أو الكثافة السطحية Surface density هي العامل الأهم (المصطلح يشير لكل وحدة منطقة في كتلة جسم ما موزعة على السطح ، وهذه مصورة بالكيلوغرامات لكل متر مربع ، حيث يمكن إيجاد الكثافة السطحية بأخذ كتلة جسم وتقسيمه على منطقته) . في هذه الحالة المحددة ، المقذوف بعد اصطدامه بجسم الهدف سيواصل عملية الاختراق حتى يتوقف عن تحويل زخمه واندفاعه الحركي إلى مادة الهدف . في هذه الحالة المثالية يكون فقط ، الزخم ، مقطع المنطقة العرضي ، الكثافة ، والسماكة المنظورة هي العوامل ذات الصلة والمرتبطة بموضوع تتميم حالة الاختراق ..


وللتبسيط نقول أنه عند حدوث التماس المادي بين الخارق عالي السرعة وكتلة الهدف ، فإن الطاقة الحركية للقضيب ستحول كطاقة اصطدام إلى الهدف impact energy . وستتولد موجات اهتزازية/صدمية في الهدف وكذلك موجات صدمية انعكاسية reflected shock wave ستتولد على امتداد قضيب الخارق . كلا القضيب والهدف سيواجهان ويتحملان مستويات الضغط المرتفع في منطقة الاصطدام ، كما ستتولد موجات خلخله Rarefaction waves على جوانب منطقة الاصطدام . وبينما تتعرض المادة عالية القسوة للفك والتحرر خلال حركة تقدم قضيب الخارق ، فإن تدفق لدن plastic flow يمكن أن يحدث وأيضاً فشل أو إخفاق هيكلي للمادة كما عرضت النتائج . وبعد الاصطدام ، يمكن تمييز حفرة أو منطقة التأثير المشكلة (موضع اصطدام وارتطام الخارق) بواسطة حافتها البارزة ومركزها المخروطي المرتفع . في الحرب العالمية الثانية كانت القذائف المثالية الثاقبة للدروع على هيئة رصاصة bullet-shaped ، وكان لديها سرعة أوطأ بكثير مما تتحصل عليه القذائف في زمننا الحالي ، بحيث أن ارتطامها بالدرع لم يكن يؤدي لإنجاز حالة الذوبان للقذيفة والدرع . في هذه الظروف ، قوة مادة التدريع وصلادتها تصبح العامل الأهم ذو الصلة . فإذا كان المقذوف خفيف وبطيء نسبياً ، فإن قوة التدريع قَد تتسبب في تحصيل أضرار ربما لا تتجاوز حد التشويه المرن elastic deformation أو التشويه اللحظي ، بحيث تهزم القذيفة وتدحر دون أضرار فاعلة على كتلة الهدف .

17‏/8‏/2012

تقسيمات ومبادئ عمل الأسلحة الكتفية .

تقسيمات ومبادئ عمل الأسلحة الكتفية المضادة للدروع


يمكن تقسيم الأسلحة المضادة للدروع الكتفية إلى نوعين مختلفين من حيث إمكانية الاستخدام . النوع الأول ذو الطلقة الواحدة ، أمثال القاذفات LAW وAT4 و RPG-18، وهذه تكون غير قابلة للاستخدام disposable بعد الرمية الأولى ، أي تنتفي الحاجة منها بمجرد إطلاق المقذوف ، وهذا النوع لا يصلح إلا للذخائر التي شحن فيها أصلا . وقد صنعت تلك القواذف كليا أو جزئيا من الألياف الزجاجية Fiberglass الذي لا يصلح للاستعمال المتكرر ، وميزتها الأساسية خفة وزنها . وقد يتساءل البعض عن سبب كون معظم الأسلحة الكتفية المطروحة أو تلك قيد التطوير ، من النوع الذي "ترمى بعيدا" Throw-away بعد إطلاقها (على الأقل في الجانب الغربي) ، ما دام تموين العتاد بالنسبة للأسلحة المضادة للدروع التي تستخدم لأكثر من مرة واحدة لا يعد من الناحية الإدارية أكثر تعقيداً وصعوبة من تموين أسلحة كاملة (القاذف والمقذوف) تستخدم لمرة واحدة . إن التبرير المنطقي الوحيد لذلك ، هو إمكانية استعمال أسلحة الرمية الواحدة الكتفية من قبل جميع الجنود ، أي إعطاؤهم الفرصة الجيدة لمقاتلة دروع العدو ، ثم العودة إلى واجباتهم وأسلحتهم الأصلية . ويعزز من هذه الفكرة ، أن نتذكر الدور الدفاعي للأسلحة المضادة للدروع هذه ، لاسيما في تعزيز تسليح فرق صيد الدبابات ، أو مجموعات القتال الصغيرة .


أما النوع الثاني ، فهو المعد للاستخدام المتكرر من نفس السبطانة reusable launchers (تصنع عادة من سبيكة فولاذية شديدة الصلابة ، أو من خليط الألياف الزجاجية مع بطانة فولاذية مقساة ، قادرة على تحمل ضغوط الاستخدام المتتالي) مع ذخائر متنوعة لأهداف مختلفة . وأنابيب الإطلاق المتعدد ، يمكن معها استخدام أجهزة تصويب بصرية دقيقة وأخرى ليلية night vision ، كما أن بعضها يحمل أجهزة تصويب آلية صغيرة لعمليات السيطرة على النيران . وتكمن الفكرة من وراء تطوير هذا النوع من القاذفات ، هو في أنك لو أردت مهاجمة مخبأ معادي بدرزينة مقذوفات ، فإنك يجب أن تحمل درزينة قاذفات الرمية الواحدة !! في حين لو كنت تحمل قاذفة واحدة متعددة الاستعمال ، فإنك لن تحتاج لأكثر من كيس مملوء بالرؤوس الحربية . من أنجح القواذف الكتفية ذات الاستخدام المتعدد السوفييتي RPG-7 ، هذا السلاح نال شهرة واسعة نتيجة استخدامه في معظم صراعات القرن الماضي ، ابتداء من الحرب الفيتنامية وحتى الآن . كما يوجد هناك القاذف الصاروخي السويدي M2/3 الذي يشتمل على ميكانيكية للإطلاق وجهاز تصويب بصري تلسكوبي ، وأنواع مختلفة من القذائف ، كشديدة الانفجار والدخانية والمضادة للأفراد . القواذف متكررة الاستخدام عادة ما تستخدم من قبل فريق عمل يضم الرامي ، الذي يتولى التصويب وإطلاق النار ، وفرد آخر لحمل الذخيرة الإضافية وإعادة تحميل السلاح .


بالإضافة للعربات المدرعة ، هذه الأسلحة مفيدة لمهاجمة النقاط الصلبة المحصنة ، كأكياس الرمال والحواجز والأهداف الخرسانية ، ويجب الحذر عند استخدامها من موجة اللفح الخلفي الذي يسببه انطلاق المقذوف ، وربما تكون هذه قاتلة بالنسبة لشخص يقف خلف السلاح أثناء الإطلاق ، ولذلك بعض هذه الأسلحة لا يصلح استخدامه من داخل المباني أو الغرف المغلقة (وإلا سيرتد اللفح والعصف الخلفي نحو الرامي) ، والبعض الآخر مثل Armburst يمكن استخدامه بفضل نظام إطلاقه المتطور القائم على مبدأ الكتلة الموازنة Counter Mass. وتعمل المقذوفات الكتفية أو أسلحة LAW بشكل عام وفق ثلاثة مبادئ رئيسة هي :

المبداء الصاروخي Rocket : تعمل معظم الأسلحة المضادة للدبابات الكتفية ، وفق المبدأ الصاروخي والدفع النفاث jet propulsion ، حيث أن الضغط الخفيف نسبيا الذي يتولد نتيجة اشتعال الشحنة الدافعة الصلبة solid propellant ، يسمح باستخدام قاذف أنبوبي بسيط للغاية وخفيف الوزن من الألياف الزجاجية ، مع خاصية عدم الارتداد Recoilless . ومع ذلك لا يخلو هذا النظام من بعض المعوقات ، إذ يصعب إخفاء الآثار الجانبية الناتجة عن عملية الإطلاق ، مثل الدخان والغبار والعصف الخلفي Back blast ، كما لابد من اشتعال كامل الشحنة الدافعة قبل خروج المقذوف من الفوهة الأمامية واشتعال المحرك الصاروخي Rocket motor بعد ذلك ، لتجنب إصابة الرامي بأي أذى أو حروق . وتحدد هذه المتطلبات قطر وطول الأنبوب القاذف ، كما وقد تحدد أيضا على المدى البعيد متطلبات أخرى مثل قطر الرأس الحربي ، الذي يتحكم بدوره بقطر القاذف ، طالما أن المقذوف سيوضع داخل الأنبوب القاذف . إلا أن التوسع غير المحدود في أقطار الرؤوس الحربية التي هي في الخدمة حاليا ، سيفرض بدوره زيادة مماثلة في أقطار القاذفات ، وبالتالي إعادة النظر في التصميم الكلي لمنظومة السلاح ، أو البحث في تصميم سلاح كتفي جديد مضاد للدروع . من الأسلحة المصممة وفق المبدأ الصاروخي ، القاذف الأمريكي M72 ، الفرنسي Apilas ، البريطاني LAW-80، وغيرهم الكثير ..


مبدأ عدم الارتداد Recoilless : تعمل بعض الأسلحة الغربية التي ترمي من الكتف ، وفق هذا المبدأ ، مثل الإيطالي Folgore ، والسويدي Carl Gustav. وتعتمد آلية الإطلاق في هذا النظام ، على نوع من التعادل أو التعويض ، إذ وفى اللحظة التي يترك فيها المقذوف الفوهة الأمامية للسلاح ، تندفع كمية من غازات الدفع من النهاية الخلفية لصمام التنفيس rear venting ، وهذه مساوية ومعادلة لنفس القوة والزخم المخصص لدفع المقذوف للأمام . إن الضغط العالي الذي يتولد لحظة الإطلاق ، سيكون من الشدة بحيث يتطلب أن يكون القاذف شديد الصلابة ، ومن الصلب المقاوم جدا ، وليس من الألياف الزجاجية ، مثلما هو الحال مع الكثير من الأسلحة المضادة للدروع الكتفية ، خصوصاً عقب السلاح breech (هي لا تواصل الاحتراق بعد خروجها من سبطانة السلاح كما هو الحال مع المقذوفات الصاروخية) ، مما يفرض زيادة في الوزن ومحدودية في الحركة ، كما أن كلفة إنتاج مثل هذه السبطانة ، والتي تصنع على أساس إعادة استخدامها مرة أخرى ، ستكون مرتفعة جداً ، وبشكل عام فإن القواذف العاملة بمبدأ Recoilless تحتاج لصيانة مكثفة .

لقد أمكن تذليل معضلة الوزن في القاذف Carl Gustav على سبيل المثال ، بتطبيق ما يعرف بنظام المستويين (العالي-المنخفض High-Low) حيث توضع الشحنة الدافعة في حاوية من سبيكة ألمنيوم ، وهي حاوية قابلة للاحتراق كليا ، وترتبط الشحنة مع المقذوف بموصل رخو قابل للقطع ، موضوع داخل السبطانة ، وعند الإطلاق ، فإن الغاز عالي الضغط المتفاعل داخل الحاوية القابلة للاحتراق ، سيتمدد إلى داخل الأنبوب القاذف بعد تقلص شدة الضغط فقط . يعاب على الأسلحة التي تستخدم هذا المبدأ في الرمي ، اللفح أو العصف الخلفي Back blast ، الذي يحدث أثناء الإطلاق ، ويفرض هذا عدم استخدام السلاح في المناطق المغلقة والمحصورة confined spaces كالخنادق والغرف والأبنية ، وبالتأكيد فإن ذلك يحد كثيرا من استخدامات السلاح ويقلل من مرونة استخدامه .


مبدأ ديفز (الكتلة الموازنة Counter Mass) : طور هذا النظام من قبل المهندس الأمريكي Davis في العام 1941 ، وقد طور هذه الفكرة بهدف إطلاق المقذوفات من داخل الطائرات المقاتلة ، ويتم التعويض عن العزم المفقود نتيجة خروج المقذوف والغاز من أنبوب القاذف ، بالطرد العكسي لكتلة الموازنة Counter Mass من الفوهة الخلفية ، وبفكرة مشابهه لفكرة عمل الأسلحة عديمة الارتداد recoilless . إن نظام الكتلة الموازنة يقدم إمكانيات أكبر لمصممي الأسلحة الكتفية المضادة للدروع ، إذ يمكن زيادة عيار الرأس الحربي ، دون أية تحويرات كبيرة على التصميم الأساس للسلاح ، وبتغيير وزن الكتلة الموازنة ، يمكن تغيير العزم ، حيث يترك المقذوف والكتلة الموازنة أنبوب القاذف من الفوهة ، والفتحة الخلفية على التوالي . إن مبدأ الكتلة الموازنة وحيد في كونه يسمح بإطلاق آمن للأسلحة المضادة للدروع من داخل الغرف والخنادق والميادين المغلقة ، وهذا يتطلب أن يكون الرأس الحربي خارج الفسحة (خارج فتحة الرمي أو الشباك) لمنع مخاطر اللفح والعصف الناتجة عن دافع المقذوف . ويعمل كل من سلاحي Jupiter و Armbrust المتشابهين إلى حد بعيد ، وفق نظام الكتلة الموازنة Counter Mass المحور . وعند الإطلاق يندفع مكبسان Pistons بفعل وقوة الغاز الدافع ، ويتولى المكبسان دفع المقذوف من الفوهة الأمامية ، ودفع الكتلة الموازنة من الفتحة الخلفية ، وحركة المكبسين محدودة ولا يسمح لهما بالاندفاع خارج الأنبوب القاذف ، إذ يتوقفان بعد انزلاقهما لمسافة معينة ومحددة مسبقا (هناك شقان يمسكان بالمكبسين لمنع اندفاعهما) وبذا يشكلان منظومة غلق تامة ومحكمة .

ومع أن لهذا التصميم ميزة مهمة للغاية ، في أنه يشكل حجما أصغر قياسا بالأسلحة المشابهة الأخرى ، إلا أنه هو الآخر له بعض المعوقات . فبعد إطلاق المقذوف ، تتبقى كمية من الغاز عالي الضغط محصورة داخل الأنبوب القاذف ، مما يستلزم التخلص منه ورميه بعيدا . ولهذا السبب لا يمكن العمل بنظام Davis مع الأسلحة المضادة للدروع الكتفية التي يرمى بها أكثر من مرة . المعضلة الأخرى ، هي ماذا سيحدث إذا أصيب أحد المكبسين أو كلاهما بأية أضرار ، طالما يتعذر فحص أو تفتيش السلاح من الداخل ، ثم ماذا سيحدث إذا أصيب الأنبوب نفسه بأية أضرار من الداخل أو الخارج ، كالتآكل أو الكسر ، أو أية أعراض فنية أخرى . ومع أن خفض أبعاد الحجم يعد بحد ذاته ميزه مهمة للغاية ، إلا أن المعوقات التي لوحظت ، دفعت بالكثير من الشركات المنتجة للأسلحة المضادة للدروع الكتفية ، للتخلي عن فكرة تطوير أسلحة تعمل بنظام الكتلة الموازنة .

16‏/8‏/2012

ذخيرة الطاقة الحركية الروسية APFSDS .

ذخيــرة الطاقــة الحركيــة الروسيــة APFSDS


ارتبطت محدودية أداء مدافع الدبابات الروسية 2A46 فيما مضى ، من ضمن أمور أخرى بسوء تصنيع ذخيرتها ، وتحديداً قذائف APFSDS (اختصار خارقة للدروع مثبتة بزعانف نابذة للكعب) . ولا يزال هناك بعض الموانع والمعوقات التقنية technical hurdles أمام التجديد ، ربما كان أبرزها حجم وأبعاد منظومة الملقم الآلي autoloader التي تجهز الدبابات الروسية الحديثة أمثال T-80 وT-90 ، إذ تقف هذه حجر عثرة أمام تقديم حلول جذرية للمشكلة ، وتفعيل معادلة الطول/القطر اللازمة لزيادة الطاقة المنقولة بواسطة خوارق الطاقة الحركية . من ناحية أخرى ، ارتبطت محدودية الأداء في مراحلها الأولى من الإنتاج ، بضعف المواد المستخدمة في تصنيع هذا النوع من الذخائر ، فالسوفييت عندما اعتمدوا الذخيرة APFSDS للاستخدام ، خصيصاً مع دباباتهم متوسطة الحجم T-62 ، كان ذلك بغرض الاستفادة من سرعتها العالية ونيرانها المباشرة بعيدة المدى لتحقيق ضربات مؤثرة . فقد سلحت هذه الدبابة التي دخلت الخدمة في بداية الستينات ، بمدفع أملس الجوف عيار 115 ملم من طراز U-5TS(2A20) ، كان قادراً في وقتها على إطلاق قذائف طاقة حركية مثل القذيفة BM-6 ، بسرعة فوهة أعلى من تلك التي تحققها المدافع الغربية من عيار 90 ملم و105 ملم . إلا أن السوفييت لجئوا لسبائك الفولاذ في تصنيع خوارق مقذوفاتهم ذات الطاقة الحركية بدلاً من التنغستن tungsten ، وذلك على ما يبدو نتيجة حاجتهم لكميات كبيرة من هذه المادة مكلفة الإنتاج (أنتجوا من النوع T-62 فقط ، نحو 20.000 دبابة) ، وهكذا لعبت اعتبارات التصنيع دوراً مهماً في إنتاج ذخائرهم . وحتى عندما بدءوا تطوير مقذوفات المدفع 2A46 من عيار 125 ملم ، فإنهم استهلوا عملهم على الخوارق المصنعة من سبائك الفولاذ ، كما في القذيفة 3BM9 التي قدمت في العام 1962 . فالفولاذ متوفر بكثرة ويسهل تصنيعه ، كما أنه يتميز بصلابة عالية ، مما هيأه أكثر للعمل كخارق penetrator لمقذوفات الطاقة الحركية . وعلى الرغم من انخفاض فاعلية تأثيره واختراقاته على الأهداف المقساة والمصلبة ، مقارنة بالمعادن الأخرى الأكثر كثافة ، إلا أن فاعلية إطلاقاته في السرعات العالية في ذلك الوقت كانت مقبولة نسبياً . إن مقذوفات أمثال 3BM9 و3BM12 أثبتت عند اختبارها في الغرب أفضلية عند إطلاقها حتى مسافة 1900 م ، حيث امتلكت هذه خصائص طيران أفضل على سبيل المثال من تلك التي تمتلكها قذيفة الطاقة الحركية الألمانية DM-13 . إلا أنه لوحظ أن هذه المقذوفات بعد قطعها مسافة 1800-1900 م ، تميل للهبوط بحدة مع تزايد مقاومة الهواء air resistance ، ويبدأ المقذوف بالانحدار أسرع مما هو متحصل مع خارق القذيفة الألمانية DM-13 . وسبب هذا في أحد أوجهه على ما يبدو ، يعود إلى أن المصممون السوفييت توقعوا مديات اشتباك عند هذه الحدود في أي نزاع محتمل ضمن ساحات أوربا الوسطى . ولمراقَبة اتجاه طيران المقذوف ، فقد جهزت مؤخرته بخطاط راسم tracer ، الذي يشتعل تلقائياً في تجويف السبطانة أثناء الإطلاق . احتراق مادة الخطاط لنحو 2-3 ثانية يترك أثر مرئي من النار الحمراء على طول مسار المقذوف .


لضمان تحقيق سرعة الفوهة العالية ، حرص السوفييت على اختيار تصميم للقبقاب يتصف بخفة الوزن ، أطلق عليه "القبقاب الحلقي" ring sabot والذي يضع قرصاً محصوراً حول مركز الخارق عند المقدمة . يستعين هذا النوع من القباقيب بمجموعة زعانف اتزان خلفية rear fins التي تأخذ نفس قطر السبطانة (عادة تتكون هذه المجموعة من خمسة أنصال) للمساعدة على تمركز وثبات الخارق في قلب السبطانة . ويشكل القبقاب ذو الثلاثة مقاطع ، حلقه دائرية وحيدة رقيقة تحيط بقضيب الخارق ، كما تمنع هذه هروب غازات الدافع وتعمل على تثبيت مركز مقدمة الخارق في السبطانة . تنفصل أجزاء هذا القبقاب وتسقط على الأرض بسبب قوة الطرد المركزية centrifugal force الناتجة عن دوران حلقة الارتكاز الرئيسة ، بحيث تتفرق عند ± 2 درجات من اتجاه الطيران على مسافة من 150-1000 م . ومع أن وزن هذا القبقاب أخف كثيراً من نموذج "البكرة" spool قيد الاستخدام الآن مع خوارق الطاقة الحركية في الغرب ، حيث استطاعت مقذوفات APFSDS المبكرة للمدفع 125 ملم ، تحقيق سرعة فوهة عالية جداً ، بلغت نحو 1800 م/ث ، إلا أن استخدام هذا التصميم عنى أن زعانف الذيل وكذلك القبقاب ، كان لا بد أن تكون على اتصال وتماس مع حيطان جوف السبطانة ، لإبقاء القذيفة مصطفة بشكل صحيح وملائم طالما هي لا تزال في داخل السبطانة . لقد تسببت هذه الزعانف الكبيرة ، كما في المقذوفات 3BM-15 و3BM17 و3BM22 .. وغيرها من النماذج اللاحقة ، في إحداث قدر كبير من المقاومة والإعاقة البالستية ballistic drag ، للحد الذي تبدأ معه مقذوفات APFSDS بالتباطيء والهبوط بشدة خلال مراحل طيرانها الطرفية ، رغم سرعة فوهة الإطلاق العالية (بشكل عام تبلغ معدلات خسارة السرعة velocity loss بالنسبة لمقذوفات الطاقة الحركية ما بين 60-140 م/ث لكل كيلومتر ، وذلك حسب تصميم الخارق وسرعة الفوهة) مما خفض معه من قدرات اختراقها penetration ، خصوصاً على المدى البعيد .


العامل الآخر الذي أثر حقيقتاً على فاعلية تأثير قذائف APFSDS الروسية هو طبيعة التصميم . فهذه الذخائر مصممة من جزأين غير متصلين ، حيث يخزن المقذوف وشحنة الدافع الرئيسة بشكل مفصول عن الآخر ، ويتم شحنهما في عقب السلاح الواحد بعد الآخر من قبل منظومة تلقيم آلية autoloader . الجزء الأول للذخيرة ، هو عبارة عن حاوية اسطوانية التي تدخل ابتداء لعقب السلاح وهي تحمل شحنة الدافع الإضافية . مادة الدافع عبارة عن مسحوق أنبوبي وضع بانتظام حول جسم المقذوف وبين أنصال زعانف الاتزان . أسفل هذه الاسطوانة يوجد فتحة مركزية ، جرى سدها وختمها مع نسيج قماشي عازل. هذا التصميم عني بأن قضيب خارق الطاقة الحركية للمقذوف ، مرتبط بطول حاويات الخزن stowage cells في الملقم الآلي . في الدبابة T-72 على سبيل المثال ، نجد أن أبواب رافعة الذخيرة مهيأة للسماح بمرور مقذوف بطول 677 ملم فقط خلالها ، وهكذا لو قررنا على سبيل المثال استخدام القذيفة الأمريكية M829A1 مع الملقم الآلي للدبابة الروسية ، فإن مقطع الخارق الذي يبلغ طوله 780 ملم من إجمالي طول القذيفة البالغ 98.4 سم ، لا يمكن ببساطة موائمته مع هذا النظام (تطلب الأمر بعض التحسين في ملقم الدبابة T-90 لاستقبال مقذوفات بطول 750-770 ملم ، مما أتاح استخدام الخارق الأطول للمقذوف 3BM42M) . ويرى الخبراء أن هذه النقيصة تكمن في أساس تصميم الدبابة وليس في ذات المدفع ، وهذا يمثل جزء من الثمن الذي دفعه الروس مقابل دمج وضغط الملقم الآلي في هيكل الدبابة .

15‏/8‏/2012

نظام السيطرة على النيران في الدبابة M1 Abrams .

نظــام السيطــرة علـى النيــران في الدبابــة M1 Abrams


امتلاك السلاح الأقوى والذخيرة ربما الأخطر في العالم ، لا يعني الكثير حقيقتاً بدون قدرة طاقم الدبابة عملياً على اكتساب acquire ، وتعقب track ، ومشاغلة engage أهداف العدو تحت ظروف المعركة المختلفة وضمن مدى الأسلحة الرئيسة . لإنجاز هذه المهام مجتمعة ، تجهز دبابات المعركة من الجيل الحالي بأنظمة حديثة للسيطرة على النيران FCS . فمن الناحية التاريخية ، المهمة الأساس لدبابات المعركة الرئيسة أن توفر نظام أسلحة متنقل مع قابلية صدمة عظمى . وفي العديد من حروب والمعارك اللاحقة التي تلت الحرب العالمية الثانية ، عندما كلا الجانبين في النزاعات المختلفة امتلك عربات شديدة التدريع ، وأصبح الاشتباك ومواجهة الدبابات مع بعضها البعض tank vs. tank engagement أمراً لا مفر منه . في مثل هذه الاشتباكات ، المفتاح الأول إلى النجاح كان أن تقتل هدفك (الخصم) قَبل أن يقتلك . لذا بدا أن بعض المواصفات القياسية كان لابد من توافرها لدى دبابة المعركة الرئيسة ، مثل (1) قابلية التعقب الكاملة fully tracked (2) الصورة الجانبية/الظليه المنخفضة low-profile (3) الحماية المدرعة للحد الأقصى المتاح (4) القوة النارية الفاعلة مع قابلية الرمي أثناء الحركة shoot-on-the-move (5) درجة عالية من قدرة المناورة maneuver-ability وخفة الحركة التكتيكية (6) طاقم بتجهيزات متكاملة تتيح مشاغلة طيف متنوع وواسع من أهداف العدو الأرضية ، والأهداف الأخرى النقطوية pointtargets .


في الدبابة الأمريكية M1 Abrams يظهر الغرض الرئيس من توفير هكذا أنظمة في تمكين طاقم الدبابة من التهديف والتصويب بدقة وإطلاق نيران السلاح الرئيس والرشاشة المحورية ، حيث تعمل سوية مكونات سبعة أنظمة فرعية لإنجاز هذا الغرض ، هي (1) منظومة الرؤية البصرية sighting system(2) محدد المدى الليزري laser range-finder(3) نظام التصوير الحراري thermal imaging(4) نظام الحاسوب البالستي computer(5)نظام مراجعة الفوهة muzzle reference(6 ) نظام قيادة وتدوير البرج/المدفع gun/turret drive(7) نظام الاستقرار وتوجيه السلاح لخط البصر stabilization) . حيث يجمع النظام بياناته من عدد من مصادر الإدخال والمجسات بهدف معالجة بعض العناصر الهامة المرتبطة بعامل الدقة ، مثل مدى هدف ، السرعة النسبية ، الظروف البيئية ، نوع الذخيرة ، حالة ووضع الدبابة سواء كانت متحركة أم ثابتة ، زاوية التسديد ، الخ . النظام يعالج هذه المعطيات بموجب مجموعة تعليمات التي تحول وتنقل إلى حاسوبه البالستي ، بحيث يتولى هذا الأخير إصدار الأوامر لأجهزة وأدوات الإنتاج والتفعيل ، التي تباعاً تحرك البرج أو المدفع إلى موقع الرمي الصحيح للقذيفة proper position التي يفترض بها إصابة الهدف المعين عندما تكون مطلقة . إن مفهوم التوجيه الآلي في نظام السيطرة على النيران يشير لمغزى تصويب السلاح الرئيس باتجاه هدف أمامي متحرك ، بمعني التماس زاوية التوجيه lead angle المثلى لسبطانة المدفع حيث يمكن لمقذوفه بلوغ الهدف وإصابته أينما كان . ولأسباب بالستية معروفة ، فإن ارتفاع المدفع يتم تعديله وضبطه لتسديد السلاح جزئياً فوق الهدف (الأمر مرتبط بالمسافة الفاصلة عن الهدف) وإلا فإن المقذوف سيسقط في طريقه وقبل بلوغه الهدف .


منظار المدفعي الأساس GPS في الدبابة أبرامز يتولي تكبير مشهد الهدف ويعرضه في شبكية التسديد reticle . فبعد أن يدخل المدفعي يدوياً نوع الذخيرة المطلوبة للرمي ، فإنه يضع شبكية التسديد في منظاره البصري على الهدف ، ليقوم الحاسوب البالستي التابع لنظام السيطرة على النيران بحساب نقطة التسديد والتصويب الفضلى ، ويحرك المدفع خلال التعويضات الضرورية للإبقاء والمحافظة على دقة التسديد (شبكية التسديد في مركز المنظار البصري تشمل صندوق توجيه بحجم واحد ميلي ردان mill radian ، حيث تكافئ وحدة الزاوية هذه هدف بعرض 0.914 م عند مسافة 914م ، حيث يقابل الميلي الواحد تقريباً متر واحد على مسافة ألف متر) . منظار المدفعي الأساس يشتمل في بنائه العام على مرآة mirror التي تضبط خط البصر في الارتفاع ، هذا الترتيب يبقي شبكية التسديد ثابتة على الهدف ، حيث يعمل نظام السيطرة على النيران على تحسس زاوية هذه المرآة (ارتفاع خط البصر) ، كما يتحسس senses زاوية ارتفاع المدفع أيضاً ، ليبدأ النظام بعد ذلك بنقل وتحفيز حركة المدفع ، وبالتالي زاوية ارتفاع السلاح تهبط إلى خط تسديده gun aim line . في الحقيقة ، الدبابة أبرامز عندما تتحرك ، فإن نظامها للسيطرة على النيران يبقي على ثبات واستقرار ما يعرضه منظار التصويب ، وذلك بتصحيح زاوية سمت البرج/المدفع وكذلك زاوية ارتفاع منظار المدفعي الأساس . النظام يحافظ أيضاً على ثبات السلاح الرئيس في الارتفاع ، بحيث يسمح هذا للمدفعي بتعقب الهدف بيسر وسهولة وإبقاء المدفع على نقطة التسديد aiming point ، حتى في حال حركة الهيكل واهتزازاته .


منظومة الرؤية للنسخ المبكرة من سلسلة الدبابات أبرامز حددت بقدرات تكبير بصري حتى 3× أو 10× ، بسبب التصميم المحدود للكاشفات الحرارية thermal detectors قيد الاستخدام في ذلك الوقت . التجربة المكتسبة خلال حرب الخليج الأولى 1991 أظهرت أن المدى الفعال الأقصى للذخيرة المطلقة من المدفع الرئيس عيار 120 ملم على الدبابة M1A1 تجاوزت كثيراً قابلية وقدرة الطاقم على تمييز الأهداف إيجابياً بمنظار التصوير الحراري الحالي . لتصحيح هذا العيب أو النقيصة ، منظار تصوير الحراري من الجيل الثاني أكثر قدرة وقابلية طور لصالح الدبابة الأحدث M1A2 SEP . وعلى خلاف المناظير البصرية السلبية passive optical sights المستخدمة من قبل الدبابات العراقية في كلتا حرب الخليج الأولى والثانية ، التي يمكن أن تخفض قابليتها بواسطة الدخان ، الغبار ، المطر ، الضباب الرقيق ، النباتات الخفيفة ، شبكات التمويه ، فإن منظار التصوير الحراري ذو التأثير المتفوق للدبابة أبرامز يمكن أن يميز بشكل واضح الجنود والعربات خلال أنواع متباينة من ظروف الرؤية في ساحة المعركة . على الرغم من ذلك ، الكثيرون يقرون بأن أنظمة التصوير الحراري المتوفرة لدبابات الأبرامز وغيرها ليست معصومة أو منيعة عن التأثر بالممارسات المعادية ، فقد طورت العديد من الشركات المتخصصة إجراءات مضادة حرارية thermal counter-measures لهزيمة ودحر هذا النمط من التجهيزات . أحد هذه الوسائل المستخدمة لكبح الرصد الحراري هي تلك المرتبطة بعمل الدخان ، إذ تستطيع هذه ترك غيمة أو سحابة من الجزيئات التي تعيق انتقال الطاقة الحرارية . إن إشعال النيران في أنحاء متفرقة من ساحة معركة يمكن أن يكون إجراء مضاد فعال آخر إلى منظومات التصوير الحراري . فهذه النيران قادرة على خلق بقع ساخنة hot spots يمكن لها حجب الأهداف عن طريق زيادة مستوى الحرارة الخلفية وإجبار أداة التصوير الحراري للوصول لحالة التشبع saturation .

14‏/8‏/2012

Su-25 .. المشاركة في معارك الشرق الأوسط .

Su-25 .. المشاركة في معارك الشرق الأوسط


شهد عقد الثمانينات فصول الحرب العراقية الإيرانية Iran-Iraq War واستخدام  الطائرة Su-25 في العمليات العسكرية ، عندما أصبح العراق زبون التصدير الأول لهذ الطائرة خارج حلف وارسو Warsaw Pact (شحنت Su-25K بحراً في صناديق العام 1985 للخدمة بسلاح الجو العراقي) حيث شوهدت الطائرة Su-25 بعد ذلك خلال السنين الأواخر للحرب التي امتدت من العام 1980 وحتى العام 1988 . وصول Frog-foot إلى العراق لم يكن مفاجئة ، خصوصاً وأن الإتحاد السوفيتي كان مجهز الأسلحة الرئيس لهذا البلد العربي ، فحوالي 53% من الأسلحة التي جهز بها العراق في الثمانينات جاءت من الإتحاد السوفيتي ، تليه في ذلك فرنسا التي جهزت حوالي 20% من احتياجات العراق العسكرية .الطيارون العراقيون تدربوا على أيدي مدربين سوفيت مقيمين في العراق ، على أية حال ، أغلب هؤلاء الطيارين افتقروا إلى الثقة والخبرة ، واحتاجوا إلى تدريبات أولية رئيسة لتنفيذ عمليات ومهام الهجوم الأرضي على المستويات المنخفضة . وبالنتيجة ، المدربين السوفيت لقنوا الطيارين العراقيين تكتيكات الهجوم من الارتفاعات المتوسطة والعالية . مع ذلك لم تشهد هذه الطائرة سوى استخدام محدود في الحرب (الطائرة بالأساس كانت تفتقد آنذاك للتجهيزات الداخلية الحديثة وإلكترونيات الطيران avionics ، بما في ذلك أنظمة السيطرة على النيران وأدوات الرؤية الليلية .. وغيرها) ، حيث اعتمد سلاح الجو العراقي أكثر على الطائرة المروحية Mi-24 Hind لتنفيذ مهام الدعم الجوي القَريب ، بدل الاعتماد على الطائرات ثابتة الجناح .


التسليح القياسي المحمول من قبل Su-25K أثناء الحرب مع إيران كان حاويات المقذوفات غير الموجهة من نوع UB-32 عيار 57 ملم ، وقنابل السقوط الحر المختلفة . كما يعتقد أن السوفييت سلم العراق صواريخ جو-أرض من نوع AS-14 Kedge لكن يعتقد بأن هذا السلاح لم يستخدم قط . تحدثت بعض التقارير أيضاً عن استخدام الطائرات العراقية Su-25 لإطلاق وإسقاط قنابل كيميائية محلية الصنع زنة 500 كلغم (هذه القنابل كانت ترتكز في تصنيعها على القنابل الأسبانية شديدة الانفجار من نوع BR-500التي تنتجها شركة EXPAL) . لقد كان هناك ما مجموعه ثلاثون طائرة Su-25 سلمت إلى العراق ما بين السنوات 1985-1987 ، حيث خصصت هذه الطائرات إلى التشكيلات المستقلة المسندة في المطارات المختلفة في كافة أنحاء البلاد ، وعندما توقفت الحرب العام 1988 ، كان لا يزال هناك نحو عشرون طائرة في الخدمة العملياتية .وفي حادثة واحدة موثقة ، أسقط الإيرانيون طائرة Su-25 عراقية بواسطة صاروخ أرض-جو من نوع Hawk ، لكن الطيار أستطاع القفز بمظلته والهبوط بسلام .


الاستخدام العملياتي العراقي الثاني للطائرة Su-25 كان خلال حرب الخليج وعمليات عاصفة الصحراء Desert Storm ، فنتيجة للتفوق الجوي الهائل لقوات التحالف ، لم تستطع طائرات Su-25 العراقية مغادرة مخابئها ودشمها الخرسانية . كما ساهمت عمليات قوات التحالف في تحطيم أغلب شبكات الاتصال العراقية ، وبالتالي تعقيد توجيه الطائرات Su-25 أو تسييرها في أي شكل من أشكال الهجوم تجاه تجمعات القوات المتحالفة ، ولهذا السبب ، أغلب الطائرات العراقية بقيت على الأرض . في 25 يناير من العام 1991 استطاعت سبعة طائرات من هذا النوع الهروب من قواعدها العراقية والهبوط في جمهورية إيران المجاورة ، مما اضطر سلاح الطيران الأمريكي لعمل دوريات جوية في شمال شرق العراق بهدف منع الطائرات العراقية المقاتلة من الهروب والوصول بأمان إلى إيران . أغلب الطائرات الهاربة هبطت لدى القواعد الإيرانية في تبريز وهمدان وديزفول . وفي مساء 6 فبراير من ذات العام ، بعد فترة قليلة من شروق الشمس ، استطاعت مقاتلتين تابعتين لسلاح الجو الأمريكي من نوع F-15C Eagle ، تعملان في قاعدة الخرج الجوية Al Kharj Air Base في المملكة العربية السعودية ، اعتراض زوج من طائرات MiG-21 وزوج آخر من طائرات Su-25 العراقية ، وتم إسقاط جميع الطائرات الأربعة بواسطة صواريخ Sidewinder (طائرات Su-25 سقطت في الصحراء عند منطقة قريبة من الحدود العراقية الإيرانية) .

13‏/8‏/2012

الدروع التفاعلية المتفجرة ERA .

الــــدروع التفاعليــــة المتفجــــرة ERA
.. البحــث والتطويــر


يتحدث ضابط مصري عن وقائع هجوم مدرع على موقع إسرائيلي محصن خلال حرب أكتوبر 1973 فيقول "أصبحت السماء فجأة مليئة بالكرات الحمراء التي تتجه نحو دباباتنا ، وأصيب الكثير منها واشتعلت فيها النيران" ويعترف المصريون أن صواريخ TOW الموجهة سلكياً ، دمرت الكثير من دباباتهم . وفي المقابل كانت فرق صيد الدبابات المصرية في الأيام الأولى للحرب ، تطلق نحو ثلاثة صواريخ مضادة للدروع ، توجه آنياً نحو كل دبابة إسرائيلية منظورة !! أما مقذوفات RPG-7 ، فكانت تطلق بمعدل 4-3 قذائف توجه إلى كل دبابة ، وذلك من مسافة 100 متر تقريباً . ويؤيد الصحفيون الذين زاروا جبهات القتال هذا القول ، إذ يقول أحدهم انه شاهد الكثير من دبابات Centurion الإسرائيلية وهي محترقة ، وبها ثقب صغير حفره الصاروخ في برجها ، ولقد التفت عليها أسلاك توجيه الصاروخ .. لقد كانت خسائر الدروع الإسرائيلية شديدة ، وتم استشعار النتائج بعمق في القيادة الإسرائيلية كأمة عاجزة عن قبول وتحمل إصابات خسائر المعركة القاسية .

المشهد تكرر مرة أخرى في حرب 1982 والاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية ، عندما ظهرت الدروع الإسرائيلية ضعيفة أمام أسلحة الكتفية المضادة للدروع للمقاومة الفلسطينية ، كالقاذف السوفيتي RPG-7 ، وفي الحقيقة فان الأسلحة الكتفية المستخدمة في هذه الحرب ، هي ذاتها تلك التي استخدمت في حرب 73 ولكن بظروف مختلفة كليا (بلغ عدد القوات الإسرائيلية في هذه الحرب نحو 170 ألف جندي ، تساندهم 2800 دبابة وعربة مدرعة ، وسلاح الطيران والبحرية بأكملهما) حيث تركزت الأعمال القتالية على التضاريس الحضرية ، حيث المباني والأزقة الضيقة ، مما أدى إلى خسائر كبيرة في سلاح الدروع الإسرائيلي . ويعطي النقيب "دانيل بينتو" من سلاح الدروع الإسرائيلي صورة حية لأعمال القتال ، فيقول : عند محور قرية حاصبيا Hasbaiya وقعت دباباتنا في كمين فلسطيني ، لقد كان كميناً حقيقياً ، كان هناك 13 فلسطينيا يحملون جميعا قذائف RPG-7 جاهزة للعمل ، وكان هناك رفاق لهم لم اعرف عددهم بالضبط ، كانوا مزودين بمدافع رشاشة ثقيلة ومتوسطة ، لقد ترك هؤلاء الفلسطينيون طلائع دباباتنا تمر بسلام ، وشعر الذين كانوا ضمن أطقم هذه الدبابات بالأمان التام ، واعتقدوا أن المنطقة خالية تماماً ، وكانت البسمات العريضة تعلو وجوه جميع أفراد أطقم الدبابات ، لكن فجأة هبت العاصفة الساخنة ، وانطلقت مقذوفات RPG-7 اللعينة تحطم دباباتنا ، كل قذيفة كانت تدمر أو تعطب دبابة ، ذلك أن المسافة ما بين دباباتنا وأفراد الكمين الفلسطيني ، كانت قريبة جداً لا تزيد عن 15 متر ، وفي بعض الأحيان كانت تصل إلى ثلاثة أمتار !! في هذه الحالة تكون الإصابة دقيقة مئة بالمائة ، كما أن الدبابات كانت تسير ببطء وحذر تحسباً لوقوع هجمات فلسطينية مفاجئة ، وحين تسير الدبابات ببطء ، تكون إصابتها مضمونه تماماً .. لقد غرق رتل الدبابات الإسرائيلية في الجحيم ، الدبابات التي أعطبت أو دمرت بقيت في أماكنها دون حراك وأغلقت الممرات ، وكانت هناك 18 دبابة مدمرة معظمها من نوع Merkava ، لقد أثارت إنفجاراتها الضخمة ، الرعب في قلوب الكثيرين من الجنود وأفراد الأطقم ، أما الذين استطاعوا الخروج من هياكل دباباتهم التي اشتعلت فيها النيران ، فقد حصدتهم المدافع الفلسطينية الرشاشة ، وكان هناك الكثير ممن حاصرتهم النيران داخل دباباتهم ، ومصافحاتهم ، واحترقت أجسادهم فيها .


مشهد آخر مماثل في نفس الحرب ، يرويه الملازم الإسرائيلي "هنان" قائد إحدى الوحدات المظلية ، عن كيفية إصابته فيقول : أذكر أن أحدهم أطلق من داخل أحدى المباني قذيفة RPG فدمر أحدى الدبابات ، فحاولت أن أوجه نيراني إلى داخل المبني ، لكني ما كدت أضغط على زناد الرشاش الثقيل ، حتى تلقت دباباتي قذيفة أخرى إصابتها من الجهة اليسرى ، لقد لمحت فدائياً فوق سطح ذلك المبني ، لمحته يطلق النار بغزارة علينا ، لقد أطلقوا علينا عشرات من القذائف RPG التي أصابت دباباتنا نظراً لقرب المسافة ، وفجات شعرت بغباش كثيف يغطي عيني ، كانت دبابتي ما تزال تشتعل ، قلت لنفسي إذا لم أقفز منها فسوف أكون في عداد الأموات ، عندها تشبثت بيدي وأظافري بسطح برج الدبابة ، وجررت نفسي بصعوبة بالغة وتدحرجت عن الدبابة حيث وقعت أرضاً ، وواصلت التدحرج لأجد نفسي داخل قناة قريبة ، عندها انفجرت دبابتي ، لقد كانت مسألة ثوان معدودة تفصلني عن الموت ، كنت سأتفجر مع دبابتي المحترقة .. هذه بعض الصور الواقعية للأخطار المحدقة التي تواجه الدبابة وأطقمها في ساحة المعركة ، حتى أن الماريشال غريشكو Marshal Grechko وزير الدفاع السوفيتي آنذاك ، ذكر يومها "إن المعارك في الشرق الأوسط .. قد أثارت مجدداً قضية العاقة بين الهجوم والدفاع . لقد أصبحت الدبابات أكثر عرضة للنيران ، وأصبح استخدامها في أرض المعركة أكثر تعقيداً" .


في أواخر الستينات ظهر اتجاه جديد في ميدان أبحاث التدريع ، أطلق عليه "الدروع النشيطة" energetic armours ، الذي هدف لمواجهة خطر مقذوفات الشحنة المشكلة shaped charge عالية الطاقة . فمع ظهور قذائف الطاقة الكيميائية تلك وتحسن قدرات اختراقها ، بدا جلياً أنه من العبث مواجهتها بإضافة المزيد من صفائح الفولاذ ، لأنها ستخترق سماكة أي دروع تقليدية يمكن للدبابة أن تحملها (استخدم الأمريكان خلال حرب فيتنام ، أكياس الرمل لتغطية الأجزاء المهمة من دباباتهم وذلك لإفشال ذخائر الشحنة المشكلة) وتحافظ في نفس الوقت على حجمها وحركتها . وكان باستطاعة زوار معارض صناعات الدفاع ، مشاهدة صفائح تدريع فولاذية ذات سماكة كبيرة ، وقد أحدثت فيها قذائف صاروخية ذات شحنات مشكلة ، منطلقة من على الكتف ، ثقوباً بقطر الإبهام . هدفت مثل هذه الدراسات جوهرياً لاستغلال الطاقة المسيطر عليها بطريقة ما ، لتحطيم تشكيل نفاث الشحنات المشكلة . منطقياً ، أغلب هذه الأفكار استخدمت الطاقة الكيميائية chemical energy المدخرة والمخزنة في المتفجرات ، لدفع نوع من أنواع الصفائح المعدنية إلى مسار سيل النفاث القادم . وهكذا ظهرت فكرة تطوير وحدات متفجرة ، تولد طاقة كافية في وقت قصير جداً ، كردة فعل فورية لدى اشتعال الشحنة المشكلة فوقها واختراق النفاث لطبقة التصفيح . وكان لابد من وجود ترجمة عملية لهذه الفكرة ، ومواجهة العديد من المتطلبات ، أولها كان التوصل إلى وحدات تدريع ذات حجم ووزن معقولين ، تحمل كمية صغيرة من المتفجرات تفي بالغرض ، أما الشرط الثاني فكان التوصل إلى مادة متفجرة مناسبة ، تفي بشروط السلامة والأمان المطلوبين . وكانت الشروط الهندسية تقضي بألا يزيد وزن هذه الوحدات ، عن جزء من عشرين من وزن التصفيح التقليدي المقابل . أما شروط السلامة والأمان فتقضي بأن تتحمل هذه المواد الظروف التالية دون أن تنفجر تلقائياً تحت ظروف نيران الأسلحة الخفيفة ، انفجار إحدى الألواح المجاورة ، الحرارة العالية والصدمة الحرارية ، النقل والارتجاج ، نيران القص والقطع واللحام الكهربائي ، وعليها أيضاً أن تكون عازلة للماء ، ولا تتأثر إلا قليلاً من جراء طول مدة تخزينها .


بداية البحث والتطوير :
يرجع الفضل في تطوير الدروع التفاعلية المتفجرة Explosive Reactive Armour أو اختصاراً ERA ، للعالم النرويجي الدكتور مانفريد هيلد Manfred Held ، الذي سجل براءة اختراعه في ألمانيا العام 1970 حين كان يعمل في شركة نوبل Nobel (لا غرابة في أن الخبرة التي تطلبت لإنتاج الدروع التفاعلية المتفجرة كانت مرتبطة بالأساس بشركات صناعة المتفجرات) . فبعد حرب الأيام الستة عام 1967 عكف مانفريد على دراسة حطام الدبابات T-54 وT-55 ، ولاحظ حينها أن بعض الدبابات العربية المصابة بمقذوفات الشحنة المشكلة كان لديها ثقب دخول دون أثر لثقب الخروج . لقد كانت هذه بعض استدلالاته بأن نفاث الشحنة المشكلة اصطدم بمخزون الذخيرة الداخلي في الدبابة المصابة ، وأن تأثير الانفجار عمل على تبديد طاقة النفاث وتحويلها بعيداً عن مسارها . عمل الدكتور مانفريد بعد ذلك لصالح شركة Rafeal الإسرائيلية لتطوير التدريع التفاعلي المتفجر المدعو Blazer ، الذي أنتج في العام 1978 ، وظهر أولاً على الدبابات الإسرائيلية Centurion وM60A1 وM48A5 في لبنان العام 1982 (بعد ذلك بسنة ، ظهر تدريع مماثل من حيث الفكرة على الدبابات السوفييتية T-80BV وبعد ذلك على الدبابات الأخرى) . فمنذ أول ظهور للدبابات المجنزرة في العام 1916 ، تولدت منافسة حامية بين كل من مصممي العربات المدرعة ، ومنتجي الأسلحة المضادة لها ، وبدا مع كل تطوير يجريه طرف ما ، كان هناك إجراء مضاد ووقائي يجريه الطرف الآخر .


في منتصف الستينات وأوائل السبعينات برزت في ساحة المعركة أعداد كبيرة من أشكال المقذوفات الصماء والصواريخ الموجهة المضادة للدروع ، المزودة برؤوس حربية ذات شحنة المشكلة . لقد وفرت هذه تهديداً رئيساً لأساطيل الدبابات الموجودة في العالم ، والتي اعتمدت في حمايتها بشكل قياسي على الفولاذ وصفائحه المتجانسة . تضمنت هذه الأسلحة منظومات رخيصة ، كتلك المطلقة من الكتف ، مثل السوفييتي RPG-7 ، وكذلك الأمريكي الخفيف M72 وغيرها الكثير .. كما اشتملت على منظومات موجهة أكثر تعقيداً وأغلي ثمناً مثل السوفييتي 9K11 Malyutka (التسمية الغربية AT-3 sagger) ، والأمريكي BGM-71 TOW . وعمل نجاح بعض تلك المنظومات المضادة للدروع أثناء حرب أكتوبر 1973 ، على دفع العديد من الخبراء والمصممين للبحث من جديد عن وسائل تعيد التوازن وتحسن مستويات الحماية لدباباتهم وعرباتهم المدرعة بشكل فعال . فكرة التهديد القائمة تركزت على الرؤوس الحربية ذات الشحنة المشكلة ، التي استخدمت أولاً خلال الحرب العالمية الثانية ، ثم بلغت قدراتها مستوى عالي الكفاءة في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات . هذا النوع من الذخائر يعمد إلى تحقيق ثقب ممتد في صفائح التدريع بواسطة طاقة نفاثة عالي السرعة ، الذي ينفذ بدوره لمقصورة الطاقم crew compartment ، مسبباً أضراراً شديدة للمعدات ، وإصابات جسيمة للأفراد المتواجدين داخل الهدف .


في حرب أكتوبر عام 1973 ، واجهت الدبابات الإسرائيلية كما وسبق ذكره ، خسائر جسيمة نتيجة الأسلحة السوفيتية المضادة للدبابات . هيئة سلاح الدروع الإسرائيلية كانت مصره وجادة في البحث عن وسيلة فعالة لحماية دباباتها من طراز centurion ، M60 ، M48 ، فاتجهت إلى مؤسسة "رافائيل لتطوير السلاح" Rafael Armament Development لتطوير ما أصبح يعرف بالتدريع "السترة" Blazer ، وهو أول شكل من أشكال الدروع التفاعلية المتفجرة التي تظهر للعلن . حيث استكملت عملية تطويره في العام 1978 ، وشاهد العالم الدبابات الإسرائيلية خلال غزو لبنان في 6 يناير العام 1982 (أو كما سميت إسرائيلياً بعملية سلام الجليل Peace for Galilee) وهى محاطة بقراميد أو بلاطات الدروع التفاعلية المتفجرة . عندها وجد الإسرائيليون التدريع Blazer فعال جداً في مواجهة واعتراض مقذوفات RPG-7 سيئة السمعة ، والمستخدمة بوفرة من قبل القوات اللبنانية والفلسطينية والسورية التي تدافع عن بيروت . كما اكتشفوا أن استخدام هذا النوع من الدروع ، يمكن أن يتحقق بدون مخاطر جدية للقوات الصديقة المرافقة والمتواجدة بالقرب من القراميد المتفجرة عند تنشيطها . وفي الحقيقة هذه الدروع صممت وفق حسابات واعتبارات خاصة ، بما في ذلك عدم تفاعلها مع الطلقات صغيرة العيار أو شظايا المدفعية .


إن الفكرة العامة أو مبدأ عمل الدروع التفاعلية المتفجرة ERA أو العناصر الديناميكية dynamic elements تجاه قذائف الطاقة الكيميائية ، قائمة على خطوات مسلسلة مدروسة . ففي هذا التصميم ، يجرى وضع صفيحتين معدنيتين مستطيلتين ، يحصر بينها طبقة مواد متفجرة بلاستيكية قوية . هذا الترتيب يوضع في صندوق معدني ، الذي يثبت بدوره على طبقة الدروع الرئيسة للعربة المدرعة بنحو مائل ومنحرف إلى الزاوية المتوقعة لهجوم نفاث الشحنة المشكلة ، وعادة ما تكون هذه عند زاوية 60 درجة . وبعد أن تضرب قذيفة HEAT بلاط الدرع التفاعلي المتفجر ، فإن نفاث الشحنة يثقب الصفيحة الفولاذية لوحدة الدرع التفاعلي ، ويتسبب بالتالي في تحفيز وإشعال الطبقة المتفجرة المحصورة بين طبقتي الصفائح ، ومع صعق وتفجير هذه طبقة ، فإن الضغط الناتج يجبر الصفائح المعدنية على الاندفاع بعيداً في اتجاهين متعارضين ، حيث تستكمل عملية التسارع وتعجيل المادة المتفجرة خلال 6 أجزاء من المليون من الثانية . ولأن الصفائح موضوعة بزاوية مائلة angle oblique باتجاه محور نفاث الشحنة المشكلة ، فإن الصفيحة الأمامية الطائرة تدخل وتقحم بشكل مستمر مادتها المعدنية في طريق النفاث الخارق عالي السرعة ، مما يؤدي لإرباكه وإقلاقه ومن ثم استهلاك جزء مهم من طاقته . النفاث المضطرب destabilised يصل في مرحلته الأخيرة للصفيحة المعدنية الخلفية ، التي تتحرك في الاتجاه المعاكس للصفيحة الأولى ، حيث تعمل القوة الممارسة من قبل الصفيحة الخلفية جوهرياً على إخماد طاقة النفاث المستلمة من الصفيحة الأمامية ، وهذا يتسبب في زعزعة سيل النفاث وتجزئته إلى قطع أصغر . جوهرياً ، رأس أو مقدمة النفاث هو أكثر أجزاءه كفاءة ، وهو من يسمح في الحقيقة بإزاحة مادة التدريع من طريق النفاث والسماح لبقية كتلته بالتكدس بشكل كفء في الثقب الناتج عن الاختراق الابتدائي . إن دور الدروع التفاعلية المتفجرة المصعدة فوق هيكل وبرج دبابة المعركة الرئيسة يتمثل في تخفيض قابلية اختراق نفاث الشحنة المشكلة ، بحيث يمنع بمادة الصفائح وطاقة الانفجار من تحقيق أي اختراقات هامة significant penetration في صفائح التدريع .

12‏/8‏/2012

قدرة المروحيات على البقاء والصمود .

قــدرة المروحيــات علــى البقــاء والصمــود


إن قابلية الطائرة المروحية على العمل في مناطق العمليات operation areas تعتمد في الحقيقة ولحد كبير على قدرتها على الصمود withstand ، ولا تعني هذه القدرة بحال من الأحوال إمكانية بقاء الطائرة في منطقة أو نقطة معينة لفترة طويلة من الزمن ، بل تعني فقط البقاء لأقل فترة زمنية كافية ، تستطيع فيها المروحية تعيين أهدافها وإطلاق أسلحتها دون التعرض لخطر الإصابة . وفي هذا المجال يمكن القول أن التطور التقني الحاصل في منظومات الاستشعار والرصد الأرضية ، قد عزز وضاعف من فاعلية منظومات الدفاع الجوي عموماً ، والصواريخ المطلقة من الكتف التي يحملها المشاة ضد الطائرات على وجه التحديد ، وبالتالي أثرت هذه بشكل مباشر على قابلية الطائرة المروحية وقدرتها على الصمود وجعلها أكثر قابلية للكشف detectable . لقد أشغلت أذهان الخبراء في السنوات الماضية ، قضايا تقليل عطب ووهن المروحية في ساحة القتال ، فرجل المشاة معرض للإصابة من كل سلاح ، ابتداء من العصا والحجارة فما فوقها ، ولكن بقاءه في ساحة المعركة يؤمن بواسطة استخدامه النار والحركة ، مع الاستفادة من الأستار والتمويه camouflaged، ومن الحكمة أن نقول أن على المروحيات أن تتمكن (بل يجب عليها ذلك) فن تطبيق نفس الأساليب التي يتخذها الإنسان لحماية نفسه . فالمروحية الهجومية غالية الكلفة وصعبة الإدامة ، ولذلك ليس من السهل فقدانها ، ولكي تحقق السبب الذي صنعت من أجله ، يتعين عليها تدمير أكبر عدد من دروع العدو ، والصمود لأطول فترة زمنية قبل إصابتها . ولذلك كان مبدأ قابلية الصمود withstand ability يمثل موقع الصدارة بين المبادئ الأخرى ، التي أخذت بنظر الاعتبار في فلسفة تصميم الطائرة ، ويمكن تلخيص شروط هذا المبدأ بما يلي :

* أن تبقي الطائرة المروحية مخفية عن نظر العدو .
* وإذا تم اكتشافها فيجب أن يكون من الصعب مهاجمتها .
* وإذا تم مهاجمتها فيجب أن يكون بإمكانها تفادي ذلك الهجوم .
* وإذا تمت إصابتها فيجب أن لا ينجم عن ذلك فقدان المروحية والطاقم كلياً .


فعلى سبيل المثال ، إن تزويد الطائرة بمحركين ، وفر لها عامل سلامة أكبر مما كان يوفره لها المحرك الواحد ، والأمر الذي يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار عند تزويد الطائرة بمحركين ، أن يكون بإمكانها عند إصابتها أو عطل أحد محركتها ، الحوم hovering على محرك واحد وبالوزن المطلوب ، وإلا فلا جدوى من تواجد محركين بطائرة مروحية على أية حال . فإن كان للطائرة محرك واحد قوي فهو خير من محركين ضعيفين ، حيث يوفر لنا المحرك الواحد ، بمثل هذه الحالة الكثير من الوزن والمكان . كما يتم التركيز في المروحيات الحديثة على تخفيض الإشارات أو البصمة الحرارية والرادارية وكذلك الحال بالنسبة للبصمة الصوتية ، وتتم معالجة الأولى جزئياً بتركيب حارفات وموزعات للغازات الحارة على عوادم المحركات ، وتعالج الثانية بطلاء المروحية بمواد غير عاكسة للموجات الرادارية non-radar-reflective ، بالإضافة لتطوير شفرات أو أنصال المروحة الرئيسة rotor blades ، وتخفيض ما يسمى اصطلاحاً "وميض الريش" blade flash . أما معالجة الجزئية الأخيرة الخاصة ببصمة الصوت ، فتكون تكون بتطوير تقنيات جديدة لدوار الذيل tail rotor ، الذي هو المصدر الأول للبصمة الصوتية (يدور بسرعة تعادل أربعة أضعاف سرعة المروحة الرئيسة) . وتراعى في التصميم البنيوي اعتبارات السلامة للمروحية والطاقم على السواء ، فعلى سبيل المثال تغلف الأقسام الهامة في المروحية بدروع مؤلفة من مواد مركبة لحماية الطاقم والمكونات الرئيسة ، كما تتألف كابينة القيادة من نوافذ غير قابلة على عكس أشعة الشمس ، ومن دروع مركبة تحمي الطاقم من ذخائر الرشاشات الثقيلة ولحد معين . وتصنع شفرات الدوار الرئيس من مواد مركبة باستطاعة بعضها تحمل طلقات مدفعية مضادة للطائرات حتى العيار 30 ملم . خزانات الوقود fuel tanks تصمم هي الأخرى بطريقة تسمح لها بإقفال ذاتي للثقوب الناتجة عن الاختراقات ، كما تصمم أنظمة نقل الحركة في بعض المروحيات على نحو تمكين الطائرة التحليق لمدة 30 دقيقة في حال نفاد الزيت فيها لسبب من الأسباب . ويراعي في تصاميم الهيكل والمقاعد المدرعة تزويدها بنظام امتصاص absorption system للقوى الصدمية عند سقوط المروحية وارتطامها بالأرض . كما وتجهز بعض المروحيات الهجومية ، كالأمريكية Apache بتجهيزات وقاية قياسية ، مثل تزويدها من الأسفل بألواح وصفائح دروع armor plates لحماية الطاقم من طلقات العيار 23 ملم ، وحماية جانبية لهيكل المروحية ضد طلقات 12.7 ملم ، كما يستطيع دوارها الرئيس تحمل طلقات حتى عيار 23 ملم . وهنا من المفيد التوضيح أن التدريع النسبي للطائرة المروحية ، من شأنه أن يزيد من قدراتها وقابليتها على تحمل نيران بعض الأسلحة الخفيفة والشظايا fragments في الميدان ، إلا أن التدريع الثقيل لبعض أجزاء الطائرة ، لحمايتها من نيران أسلحة المدافع الثقيلة ، كالعيار 14.5 ملم أو 23 ملم مثلاً ، بالإضافة إلى أنه عالي الكلفة ويزيد الطائرة تعقيداً ، فإنه غير مجد في نظر بعض المعنيين بشؤون الاستخدام التكتيكي للمروحيات الهجومية ، ذلك لأن إطلاقات هذه المدافع لا تأتي منفردة ، بل يأتي كل منها ومعه نحو 60 أطلاقة أخرى أو أكثر في الثانية الواحدة ، وهذا العدد من الإطلاقات المتتابعة في الثانية الواحدة ، كاف لإسقاط أي نوع كان من أنواع الطائرات ، خصوصاً إذا ضرب أحد التجهيزات الحيوية .


ومن شروط السلامة الاختيارية الأخرى ، توفر منظومة التعريف identification وتمييز الطائرات الصديقة عن تلك المعادية IFF ، وهذه الجزئية على درجة عالية من الأهمية ، إذ تكمن المشكلة في أن الوقت الفاصل بين اكتساب الهدف acquiring a target وزمن التأكد من هويته قبل لحظات من إطلاق النار ، زمن قصير جداً (التجربة العملياتية أثبتت أن القوات الأرضية تميل لضرب الهدف الجوي أولاً ثم التأكد من هويته بعد ذلك) ، ناهيك على أن السرعة العالية والتحليق بمستوى منخفض من الهدف والطيران نحوه بشكل مباشر كلها أسباب تجعل التحقق البصري visual identification صعب في أغلب الأحيان ، لذلك كان هناك حاجة ماسة لنظام تحقق الكتروني يعمل بشكل آلي للتعريف بالهدف الجوي .


إن سرعة المروحيات الهجومية متواضعة في أحسن لأحوال (قياساً بالطائرات المقاتلة ثابتة الجناح) فحتى الأنواع الأقوى منها ، لا تزيد سرعتها عن 300 كلم/س كأقصى سرعة متاحة . إن هذا الأداء عموماً ، وطريقة الهجوم ، والعلو المنخفض الذي يستدعيه عمل المروحية كل ذلك يجعلها هدفاً سهلاً أيضا لأسلحة غير متطورة ، مثل المدافع المضادة للطائرات بصرية التسديد وقذائف الصواريخ المضادة للدروع anti-tank missiles والرشاشات وحتى البنادق . ومما يزيد الأمر تعقيداً أن هذه الأسلحة التقليدية متوافرة بكميات كبيرة ويستحيل التشويش عليها . علاوة على ذلك ، تتمتع الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف shoulder fired missiles بنطاق اشتباك يشمل معظم حدود طيران المروحيات المعروفة تقريباً ، نقول تقريباً لأن الجيل الأحدث من المروحيات الهجومية حقق خطوات متقدمة باتجاه تحسين القدرة على البقاء وتقليص احتمالات التعرض لأذى فوق ميدان المعركة ، واللافت للنظر في الواقع تزايد عدد المروحيات التي تفلح في العودة إلى قواعدها بعد تعرضها لإصابات نافذة ، وهذا دليل واضح على نجاح معايير التصميم الجديدة . ومن حيث المعطوبية والأضرار damaging ، أفادت الحماية التي توفرها صفائح التدريع الخاملة للعناصر الميكانيكية في تأمين حماية واقية للمروحية ، خاصة من نيران الأسلحة الصغيرة التي تطلق من الخفاء . وفي موازاة مثل هذه التحسينات بشأن الحماية الخاملة ، أدخلت أنظمة نشطة لجعل إصابة المروحية بصواريخ أرض-جو أقل سهولة ، لاسيما الصواريخ قصيرة المدى التي تنشد الأشعة تحت الحمراء IR-seeking ، ومعظم المروحيات الهجومية الحديثة التي تعمل في مناطق خطرة مزودة الآن بأجهزة إنذار لتنبيه وتحذير الطاقم إلى وجود عدو يتعقب مروحيته برادار أو يطلق عليه صواريخ مضادة ، الأمر الذي يسمح بتشغيل أنظمة الرقائق المعدنية أو المشاعل الحرارية أو أنظمة التشويش بالإجراءات الالكترونية المضادة counter measures ، وهذه كلها وسائط أثبتت أنه لا غني عنها اليوم في ساحة المعركة .

ومع ذلك يمكن القول أن الحماية أو الدفاع الإيجابي عند المروحيات لا يحتل الأهمية التي يحتلها نفس الموضوع لدى الدبابات ، وستبقي المروحية في المستقبل القريب على الأقل من الأهداف الهشة غير المنيعة ، وان ما سيعزز قدرة المروحية على الاختفاء وعدم الانكشاف للعدو في مرحلة التقرب إلى الهدف ، هو خفتها ورشاقتها وقدرتها على الطيران بارتفاع منخفض جداً بين الطيات والتضاريس الأرضية Nap Of the Earth Flight . ولتأمين استثمار قابلية الحركة للطائرة المروحية إلى حدها الأقصى ، يجب أن يكون بإمكانها بلوغ منطقة العمليات بأقل ارتفاع ليلاً أو نهاراً وفي الأجواء الرديئة ، وأن يكون بالإمكان إبلاغ طاقم الطائرة بأي شيء يمكن أن يؤثر على خط طيرانها . ويتم جمع المعلومات اللازمة للطيار من قبل منظومات وأجهزة الاستشعار المختلفة ، والتي تتم معالجتها وعرضها على شاشات رقمية معينة عند الطلب في كابينة القيادة ، ويتم عرض المعلومات إما بشكل منفصل أو مجتمعة ، أو على شكل مخطط كالمعلومات الطبوغرافية ، أو بيانات التحذير من العوارض الخطرة التي تعترض خط الطيران (تعتبر خطوط الكهرباء Power wires أحد أبرز المخاطر التي يمكن تعترض طريق طائرة تتجول على ارتفاع منخفض جداً لذلك من المفيد جداً توفر خرائط خاصة للتضاريس التي ستتحرك بها المروحية) بالإضافة للمعلومات المتعلقة بموقع الطائرة المروحية ، أو تلك المتعلقة بالخطة الملاحية .

11‏/8‏/2012

القوة الجوية فوق ساحة المعركة .

القـــوة الجويـــة فـــوق ساحـــة المعركـــة ..
تجربة عاصفة الصحراء


عندما وصلت القاذفة B-52 إلى هدفها فوق العراق ، أسقط طاقمها ما بدا أنه قنبلة ضخمة زنتها 454 كلغم والتي يطلق عليها اسم CBU-105 . كانت هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا السلاح ، فبعد سقوط القنبلة بزمن محدد ، ينشطر جسمها ، لتظهر منه عشرة وحدات أصغر ، كل منها يهبط بموجب مظلة بيضاء صغيرة . وبينما هذه الوحدات تقترب من الأرض ، تنشطر هياكلها أيضاً ، ليظهر من كل واحدة أربعة ذخائر فرعية ذكية برؤوس مخترقة للدروع ، وبالنتيجة هنالك 40 انفجار انتشر على مساحة أكثر من 15 هكتار .. القنبلة العنقودية CBU-105 هي سلاح مطور خصيصاً لمهاجمة التشكيلات المدرعة في ساحة المعركة battlefield ، وذخيرته الصغيرة ، موجهة عن طريق باحث عامل بالأشعة تحت الحمراء IR ، يبحث من محركات الدبابات والآليات الأخرى ذات البقع الساخنة . وتحتوي كل واحدة من هذه الذخائر على زعانف توجيه صغيرة للتوجيه نحو أهدافها ، ومهاجمتها من الأعلى حيث أوهن التدريع .

عندما غزا العراق الكويت في 2 أغسطس من العام 1990 ، كان الجيش العراقي يمتلك أكبر قوة عسكرية مهيمنة في الخليج العربي ، وكان الجيش العراقي يومها الرابع على مستوى العالم من حيث حجمه وتسليحه . قواته النظامية تضاعفت من 180.000 رجل في بداية العام 1980 وقبل أن تبدأ الحرب العراقية الإيرانية ، وحتى 800.000 رجل في بداية العام 1990 . كان ذلك قبل أن يتخذ الرئيس العراقي الراحل قراره بغزو واحتلال دولة الكويت . كان للعراقيين القدرة على تعبئة نحو 2000.000 رجل مسلح ، أو ما يعادل 75% من الذكور الذين هم بعمر 18-34 سنة . الدبابات العراقية هي الأخرى تضاعف عددها من 2.700 وحتى 5.700 دبابة خلال السنوات من 1980-1990 . وإجمالي سلاح المدفعية ازداد خلال نفس الفترة من 2.300 وحتى 3.800 منصة مدفعية . لقد فرضت المعطيات الجديدة على مراكز القرار في قيادة القوة العسكرية الأمريكية ، دراسة قابليات المعركة الجوية/الأرضية Air Land Battle ، وإعادة التفكير في الدور الذي من الممكن أن توفره التكنولوجيا ، والأسلحة المشتركة ، والأسلحة الدقيقة .


لقد جمعت الحملة الجوية الإتلافية خلال حرب الخليج الأولى عدد 109.876 غارة خلال 43 يوم من العمليات الجوية ، وبمعدل 2.555 غارة في اليوم . أكثر من 27.000 غارة منها استهدفت منصات صواريخ Scud والمطارات ومنظومات الدفاع الجوي ومحطات الطاقة الكهربائية ومراكز الاتصال ومحطات تكرير النفط والكثير من المنشئات العسكرية الإنتاجية العراقية . وبلغ إجمالي ما تم إسقاطه من القنابل نحو 88.500 طن . إجمالي الحمولة المستهلكة من القوة الجوية خلال تلك الحرب يبلغ للمقارنة نحو 11% من تلك التي استهلكت فوق اليابان خلال الحرب العالمية الثانية (537.000 طن) ، وأقل من 4% من تلك المستهلكة فوق ألمانيا النازية (1.613,000 طن) ، وأقل من 1% من تلك الحمولة التي أسقطت في حرب جنوب شرق آسيا Southeast Asia . وتشير الدراسات الأمريكية التي أعدت بعد الحرب العالمية الثانية ، أنه كان يتطلب في الغالب تشغيل جناحين جويين كاملين يتكونان من عدد 108 قاذفة من طراز B-17 ، تطير في ستة تشكيلات قتالية يتكون كل منها من 18 طائرة ، مع طاقم من 1.080 طيار ومساعد ، وتسقط ما مجموعه 648 قنبلة (كل طائرة تحمل ستة قنابل ، زنة كل واحدة منها 1.100 رطل) لتحصيل وضمان تحقيق نسبة 96% من احتمالية إصابة قنبلتين فقط للهدف ، والذي هو عبارة عن محطة توليد كهرباء معادية power-generating plant (وهي الحد الأدنى الضروري من الذخيرة لتعطيل محطة تبلغ قياسات مساحتها 120×150 م) . في حين أحتاج الأمر خلال حرب الخليج لهجمة واحدة مع قنبلتين دقيقتي التوجيه لتحقيق نفس النتيجة .

لقد استطاعت الحملة الإستراتيجية الجوية strategic air campaign للمرة الأولى في التاريخ العسكري ، تجريد وتحريم الجانب العراقي من قدراته على النقل والإمداد لمسرح العمليات الكويتي . ففي بداية الحرب كان هناك عدد 54 طريق سكة حديد ، وطرق أخرى سريعة في نواحي متفرقة من العراق ، معظمها متصل بالجانب الجنوبي الشرقي لبغداد والبصرة ثم الكويت ، من هذه الطرق تم تدمير 41 طريق ، في حين تم تجاوز الطرق الأخرى لأسباب مختلفة . كما تم استهداف وتدمير 32 جسر عائم صنعها العراقيين للتعويض عن تلك الجسور التي دمرتها طائرات التحالف .


لقد عرضت عمليات عاصفة الصحراء Desert Storm في حرب الخليج الأولى 1991 ، ومحاولات العراقيين تحشيد قواتهم الأرضية ومواجهة قوات التحالف ، نتائج كارثية بعد تدخل سلاح الجو لقوات التحالف ، ومن أبرز هذه المواجهات ما تعرضت له القوات العراقية خلال معركة الخفجي السعودية Khafji ، وما تعرضت له قواتهم في شمال الكويت (أطلق عليه بعض المشاهدين مصطلح طريق الموت السريع highways of death) حيث عكست هذه العمليات خطورة تحشيد القوات في الهجوم أو الدفاع في مواضع مكشوفة ، واستطاعت العمليات الجوية التسبب في دمار شديد ومكلف للقوات المتحشدة . معركة الخفجي على سبيل المثال التي جرت في المرحلة من 29 يناير وحتى 1 أكتوبر من العام 1991 ، عرضت الاشتباك الأرضي الأهم خلال العمليات العسكرية والمناوشات مع القوات العراقية . بدأت الأحداث عندما حاولت الفرقة العسكرية الثالثة العراقية Iraqi 3d Division إغراء وجر القوات الأرضية الأمريكية لمعركة أرضية مبكرة باحتلال بلدة الخفجي السعودية . وعندما تطوير الهجوم ، قامت وحدات أخرى من فرقتين عسكريتين عراقيتين بالتحشد والبدء بالتحرك جنوباً لدعم وتعزيز الفرقة العراقية المعنية بالهجوم . اكتشفت طائرة JSTARS التحركات العراقية ، وأرشدت الطائرات الغربية لموقع الحشود العراقية . وقامت طائرات حربية من طراز F/A-18 تابعة للبحرية الأمريكية وطائرات F-15E وأربعة طائرات أخرى للدعم الجوي القريب من طراز A-10 بمهاجمة وبعثرة الحشود العراقية المتقدمة بشكل منتظم ، وعندما خطط العراقيين لتعزيز الهجوم ، تكبدوا المزيد من الخسائر لنحو 2000 إصابة في الأفراد ، ونحو 300 عربة مدرعة تم تدمير معظمها بفعل الضربات الجوية air attacks . نتائج هذا الهجوم الكارثي كانت هامة ، فالخسائر العراقية في المعدات خلال معركة الخفجي ، كانت تعادل نحو أربعة أضعاف تلك الخسائر التي تكبدوها خلال الحملة الجوية ، إذ فرض العمل الهجومي على العراقيين ضرورة تركيز وتعريض وحداتهم العسكرية المكشوفة لضربات القوات الجوية لطائرات التحالف ، حتى أن قائد عراقي تم أسره أخبر مستجوبيه "لقد تلقي لوائي ضربات وأضرار خلال نصف ساعة ، أكثر من تلك التي تلقاها خلال مجمل الثماني سنوات في الحرب السابقة مع إيران" .


لقد كان لمعركة الخفجي والضربات الجوية التي رافقتها ، العديد من النتائج على العمليات العراقية Iraqi operations اللاحقة في الحرب ، فلم يحاول الجيش العراقي مجدداً القيام بهجمات مكشوفة ، بالإضافة لحرصهم على بناء الخنادق والمواضع الدفاعية وحفر أكثر عمقاً لحماية وحداتهم المدرعة . التكتيكات العراقية الأخرى شملت مواكب عسكرية أصغر للحركة في المسرح الكويتي ، وتغيير مواضع القيادة العسكرية الميدانية بشكل مستمر ، وزيادة استخدام الفخاخ والخدائع في العديد من المناطق . لقد أظهرت معركة الخفجي وبما لا يدع معه مجال للشك أن حركة القوات الأرضية واسعة النطاق والحدود ، ستواجه عملياً بالتدمير المنظم من قبل سلاح الجو . وخلال جميع مراحل عمليات عاصفة الصحراء Desert Storm ، تمت مواجهة المحاولات العراقية للحركة الجماعية في أغلب الأحيان بالتدمير الشامل . وكانت البداية في 25 فبراير من العام 1991 عندما حطمت الطائرات ثابتة الجناح fixed-wing للتحالف أكثر من 1.000 هدف مدرع على مدى أربعة أيام على طريق الموت السريع في شمال دولة الكويت . وفي 26 فبراير لاحظ تشكيل من مروحيات الجيش الهجومية ، قوات وآليات عراقية تهرب للشمال ، فتم مواجهتها في اشتباكين منفصلين لأكثر من ساعة بقليل ، فجرى تدمير 33 دبابة ، وعدد 22 ناقلة جنود مدرعة ونحو 37 عربة مدرعة أخرى . وفي الحقيقة ، استطاعت القوة الجوية للتحالف تدمير معظم القوات العراقية الأرضية المتحصنة والمتخندقة ، وجعلت قدرات الجيش العراقي القتالية بشكل كبير غير مؤثرة أثناء مرحلة الحرب الأرضية . وطبقاً لتقديرات القيادة المركزية الأمريكية USCENTCOM التي نشرت آنذاك على عجالة ، فإن سلاح الجو الأمريكي استطاع تحطيم نحو 39% من سلاح الدبابات العراقي ، ونحو 32% من ناقلات الجنود المدرعة ، ونحو 47% من وحدات المدفعية العراقية خلال الحملة الجوية الإستراتيجية strategic air campaign (امتدت لستة أسابيع قبل أن تبدأ الحملة الأرضية) .

10‏/8‏/2012

الصاروخ الموجه المضاد للدروع AT-14 Kornet .

الصــاروخ الروســي الموجــه المضــاد للــدروع
 AT-14 Kornet


من أبرز أمثلة الصواريخ الموجهة المضادة للدروع العاملة بتقنية التوجيه بركوب شعاع الليزر ، الروسي AT-14 Kornet (النسخة التصديرية Kornet-E) فهذا الصاروخ بحاويته الأنبوبية المغلقة الجاهزة للنقل من تطوير مكتب تصميم الآلات KBP ، الذي بدأ أعمال تطويره في العام 1988 ، وعرض السلاح أولاً على الجمهور في أكتوبر العام 1994 في معرض مدينة Nizhny Novgorod . الغرض من تطوير الكورنيت كان استبدال الصواريخ الأقدم الموجه سلكياً AT-4 Spigot وAT-5 Spandrel التي قضت مدة طويلة في خدمة الجيش الروسي ، وكذلك ، تجاوز تقييدات استخدام الصواريخ الموجهة سلكياً المذكورة من ناحية المدى والسرعة ومرونة التشغيل ، مثل إطلاق القذيفة أثناء التحرك . لقد صمم هذا السلاح لتدمير كافة دبابات المعركة الرئيسة التي في الخدمة الآن ، بما في ذلك تلك المجهزة بدروع تفاعلية ERA ، حيث جهز الصاروخ برأس حربي ترادفي زنته 7 كلغم (وزن الشحنة المتفجرة 4,6 كلغم) مع صمامه تصادمية . وهو ذو شحنة مشكلة ثنائية الرؤوس tandem shaped charge ، قادرة على اختراق نحو 1000-1.200 ملم من التصفيح المتجانس (في حالة اعتراض دروع تفاعلية متفجرة فإن قابلية الاختراق تنخفض لنحو 980 ملم) ، أو 3000 ملم من الخرسانة المسلحة . كما يمكن تجهيزه برأس حربي لمتفجرات الوقود الجوي thermobaric زنته 10 كلغم ، لمهاجمة المخابئ والاستحكامات (النسخة المخصصة من الصاروخ لمهاجمة الدروع يطلق عليها اسم 9M133-1 ، في حين نسخة متفجرات الوقود الجوي يطلق عليها 9M133F-1) .


يمتلك الصاروخ توجيه ليزري بقيادة نصف آلية إلى خط البصر SACLOS ، مع مناعة عالية ضد التشويش jamming resistant . فبعد إطلاقه ، يحرص المشغل على إبقاء منظاره البصري مصوباً باتجاه الهدف لضمان إصابته ، حيث يقوم محرك صاروخي بوقود صلب بعملية الدفع وتسيير الصاروخ بسرعة طيران دون سرعة الصوت Subsonic speed . ويتولى عادمين مثبتين على جانبي البدن تأكيد عملية دوران الصاروخ حول مركزه أثناء مرحلة الطيران ، كما يتوفر زوج من سطوح السيطرة pop-out control surfaces في مقدمة الصاروخ للتوجيه . وتساعد أربعة زعانف إضافية في المؤخرة على تثبيت واستقرار الصاروخ أثناء طيرانه حتى بلوغه مداه الأقصى البالغ 100-5,500 م في النهار ، و100-3,500 م في الليل (في الارتفاعات يستطيع الصاروخ تغطية مدى من صفر وحتى 3000 م) . يثبت القاذف على حامل ثلاثي من طراز 9P163-1 يبلغ وزنه 26 كلغم ، ملحق به أيضاً منظار التعقب البصري من نوع 1P45-1 ، ومنظار الرؤية الحراري thermal sight لاكتشاف وتعقب الأهداف في الليل والنهار . المنظار الحراري هو من نوع 1PN79-1 ، هو من إنتاج المعهد الحكومي لتطبيقات البصريات في مدينة Kazan الروسية ويبلغ وزنه 11 كلغم .


يبلغ قطر الصاروخ 152 ملم ، وطوله 1200 ملم ، ويمكن تشغيل النظام بالكامل من قبل طاقم مؤلف من 2-3 أفراد ، مع زمن إعداد للإطلاق لا يتجاوز 1-2 دقيقة . وتؤكد الشركة المنتجة أن صاروخها لا يحتاج لفحص مسبق قبل الإطلاق ، حيث أنه معبأ في حاوية محكمة الغلق للنقل والتخزين ، يبلغ وزنها 29 كلغم ، أضف لذلك أن تدريب أي فرد على استخدامه لا يستغرق أكثر من 50-60 ساعة كأجمالي ، وهو قادر على العمل في درجات حرارة تتراوح بين -20 درجة و+60 درجة . جدير بالذكر أن الروس طوروا نسخ أخرى من الصاروخ ، أحدها أخف وزنا مع مدى مخفض بلغ 2-2.5 كلم وقابلية اختراق حتى 1000 ملم . النسخة التي حملت التعيين Kornet-MR يمكن حملها من قبل طاقم من فردين ، أحدهم لحمل نظام الإطلاق والآخر يحمل صاروخين ، وهي معدة لكي تستبدل مستقبلاً الصاروخ الأقدم Metis-M .


نسخة أخرى من الصاروخ كشف عنها مكتب KBP النقاب خلال معرض موسكو الجوي MAKS في أغسطس العام 2011 ، وأطلق عليها Kornet-EM مخصصة للمنصات المتحركة والعربات ، مثل الروسية متعددة المهام Tiger 4x4 أو غيرها من المركبات التي يتراوح وزنها بين 1.2-1.5 طن ، كما يمكن إطلاقها من على حامل ثلاثي الأذرع مع السيطرة عليه من بعد . هذه النسخة مع مدى مضاعف يبلغ أقصاه 150-8000 م للنوع المضاد للدروع ذو الشحنة المشكلة والرأس الحربي الترادفي ، ومدى أقصى حتى 150-10000 م للنوع المضاد للمباني والدشم والخنادق الذي يحمل رأس حربي بمتفجرات الوقود الجوي (مكافئ في قدراته لنحو 7 كلغم من متفجرات TNT) . الصاروخ يستعين بالتوجيه بركوب شعاع الليزر مع تقنية التتبع الآلي للهدف automatic tracker من خلال وحدة الإطلاق ، مما يجعله قابل للاستغناء عن عمل المشغل البشري أثناء عملية التوجيه ، وتطبيق مفهوم "أطلق وأنسى" fire-and-forget . العربة القاذفة المجهزة بمنظومتي إطلاق (كل منهما يحمل عدد أربعة صواريخ Kornet-EM) يمكن أن تطلق النار على هدفين منفصلين بشكل آني ، بمعنى صاروخ مستقل يطلق من كل منظومة . أو أن منظومة إطلاق واحدة توجه صاروخين في شعاع ليزري واحد one beam على ذات الهدف ، بحيث تتضاعف احتمالات الضربة ويسهل التغلب أيضاً على أنظمة الحماية النشيطة APS المرتبطة بالهدف . هذه التقنية وفرت زيادة لنحو 5 مرات في مستوى دقة تتبع الهدف أثناء الاستخدام القتالي ، واحتمال إصابة مرتفع لنحو الضعف بالمقارنة إلى النظام الصاروخي الحالي Kornet E ، ناهيك عن أن أسلوب الاشتباك والتتبع الآلي يخفض الإجهاد الطبيعي والنفسي الذي يمكن للمشغل مواجهته . ونتيجة لمدى النظام الطويل نسبياً ، الصاروخ قادر على الاشتباك ومهاجمة الأهداف السطحية والجوية ، بما في ذلك الطائرات من دون طيار والمروحيات من مسافة آمنة ، حتى مع كون سرعته لما دون سرعة الصوت subsonic ، أو 300 م/ث . ويؤكد مصمموه أن قدرة اختراق رأسه الحربية القصوى تتراوح بين 1100-1300 ملم . بقى أن نشير لجزئية واحدة ، وهي أن عملية اعتراض الأهداف الجوية تتم بالنسخة الحاملة للرأس الحربي thermobaric ، وهذه يبلغ مداها 10 كلم مع سرعة طيران تبلغ 320 م/ث . هذه النسخة التي يطلق عليها 9M133FM-3 ، تحتوي على مجس لاستشعار اقتراب الهدف ، يضمن الاشتباك engagement الموثوق من الهدف الجوي عند أي نقطة من مدى الصاروخ الأقصى . أما بالنسبة للرأس الحربي ، فهو مجهز بصمام تصادمي أو تقاربي ، قادر عند إخفاقه في تحقيق الاصطدام المباشر مع الهدف الجوي ، على تدميره عن طريق الانفجار على مسافة 3 أمتار منه بتأثير طاقة الضغط والعصف .


الاستخدام الأول العملياتي للصاروخ كورنيت في نسخته الكلاسيكية جرت خلال حرب لبنان 2006 ، عندما أطلقت منه قوات المقاومة اللبنانية العشرات على أهداف مدرعة إسرائيلية ، واستطاع تحقيق نتائج اختراق ممتازة ضد القوس الأمامي لأبراج الدبابات Merkava وتدمير عدة منها باعتراف القادة الإسرائيليين . مع ذلك تحدث أحد التقارير عن استخدام السلاح قبل ذلك في العراق أثناء عملية "حرية العراق" Iraqi Freedom العام 2003 ، عندما استطاع تعطيل الأقل دبابتي أبرامز وناقلة جنود برادلي في الأسبوع الأول من الحرب . كما استخدم السلاح في 6 ديسمبر العام 2010 عندما أطلق باتجاه دبابة من طراز Merkava MK III التي كانت تتحرك على طول السياج الإلكتروني electronic fence على الحدود مع غزة واخفق الرأس الحربي في الانفجار !! وذلك وفقاً للادعاءات الإسرائيليين التي ذكرت أن الحادث لم يتسبب في أية إصابات لطاقم الدبابة .


للمزيد من التفاصيل راجع الرابط التالي :
http://anwaralsharrad-mbt.blogspot.com/2015/10/1-9k135-kornet-kornet-cornet-at-14.html