29‏/7‏/2012

الألغــــام الأرضيــــة المضــــادة للدروع .

الألغــــام الأرضيــــة المضــــادة للدروع


الفقرة الثاني من معاهدة أوتاوا Ottawa Treaty الخاصة بتحريم استخدام الألغام المضادة للأفراد والموقعة بتاريخ 3 ديسمبر العام 1997 ، التزمت تعريف "اللغم" mine على أنه تلك ذخيرة المصممة والمعدة لكي توضع في الأسفل ، أو بالقرب من سطح الأرض أو على الأسطح الأخرى ، بحيث تنفجر بالضغط أو عند اقتراب أو احتكاك شخص أو عربة معها . بكلمة أخرى ، اللغم هو أداة مشتملة على مادة متفجرة ، وضعت داخل أو على الأرض لتحطيم الأفراد أو عربات العدو ، أو ربط تحت أو حتى عوم floating على سطح الماء لتدمير أو عرقَلة سفن العدو .اعتبرت الألغام كأسلحة مضاعفة للقوة ، فهي رخيصة الثمن بالمقارنة مع الأنواع الأخرى من الأسلحة ، وهي قادرة عند استخدامها على تغيير حسابات العدو أثناء الحركة والتقدم وإرباك خططه الهجومية من ناحية توقيت العمليات operation timing . هي قادرة على الدفاع عن المناطق الممتدة بسهولة وجهد نسبي أقل ، كما أنها تستطيع تحريم الأرض على قوات العدو وعرقلة disrupt تقدم قواته باستحداث العوائق والموانع التي يجب إما اختراقها أو تطويقها والدوران حولها . وعند إطلاقها من مسافات بعيدة نسبية بالوسائط القذفية المتعددة ، فإنها تستطيع إجبار تشكيلات العدو المدرعة للتحرك في الاتجاه المرغوب desired direction ، وتقسيم وفصل تشكيلاته ، أو حتى كشف وتعرية أجنحته . أما في حالة إيقاف أو إبطاء حركة العدو وإجباره على التركز في مناطق محددة ، فإن تلك ستكون فرصة لتغطية وشمول هذه المنطقة بنيران الأسلحة الأخرى القاتلة والنيران المباشرة direct fire . الألغام على أية حال ، سلاح ذو حدين عند نشرهم وبعثرتهم ، فهم يمكن أن يكونوا قاتلون إلى الجانب الذي وضعهم بينما هم كذلك أيضاً بالنسبة للعدو ، لذا من المتوقع أن يستمر تهديد هذا النوع من الأسلحة على المدى البعيد .




تستطيع أرتال الدبابات عبور حقول الألغام وذلك تحت قيادة دبابات مجهزة بمحاريث ألغام mine ploughs ، لكن في هذا الحالة سرعتها تكون مقيدة ومحصورة بسرعة الدبابة الجارفة للرمل (حوالي 4-8 كيلومتر في الساعة) ، وهكذا تكون هذه القوات المدرعة أهداف سهلة للنيران المضادة للدبابات . وفي الحروب التقليدية ، تنقسم حقول ألغام إلى تقسيمات وتشعيبات فرعية ، فهناك الألغام الحدودية ، الدفاعية ، الوقائية ، التكتيكية ، المزيفة ومصدر الإزعاج .. حقول الألغام الحدودية تكون طويلة الامتداد ، ومصممة لمنع تسلل القوات المعادية والناشطين الإرهابيين . حقول الألغام الدفاعية أيضاً طويلة الامتداد ، الهدف منها منع الهجمات الرئيسة بقوات العدو المدرعة .حقول الألغام التكتيكية ارتبطت بالعقبات والموانع الطبيعية natural obstacles ، وتهدف لحرف مسار العدو نحو مناطق القتل المطلوبة ، وهذه قادرة على تحريم الأرض على القوات المعادية لفترات محدودة . حقول الألغام الوقائية هي حقول ألغام صغيرة المساحة ، وضعت من قبل وحدات غير هندسية لتوفير حماية موضعية فقط . حقول الألغام المزيفة Phoney minefields كما هو واضح من اسمها ، هي حقول ألغام محدودة الأداء نوعاً ما ، بحيث توضع الألغام بعجالة على هيئة بضعة صفوف ، أو صف واحد على الأقل ، وذلك بسبب قلة الوقت أو المصادر لعمل حقل ألغام تكتيكي فاعل .




بعض حقول الألغام تعمد بشكل مقصود لإيقاع المشاة في المصائد والفخاخ لجعل عملية التطهير clearing أكثر خطورة ، حيث تدمج حقول الألغام المضادة للأفراد بأخرى مضادة للدبابات ، وتوضع الألغام الأولى أسفل الثانية ، ويتم ترتيب الصمامات بطريقة معينة لكي تعمل الألغام مجتمعة وفق الغرض منها . في أغلب الأحيان ، ألغام وحيدة مدعومة بأداة ثانوية مصممة لقَتل أو إعاقة الأفراد المكلفين بمهمة رفع وإبطال اللغم . يمكن دفن عدد من الألغام المضادة للدبابات في أكوام وفوق بعضها البعض ، حيث يمكن للغمين أو ثلاثة ألغام مجتمعة أن تضاعف القوة الثاقبة penetrating power . فمن الطبيعي أن يوجه اللغم المدفون في الأرض طاقة عصف الانفجار blast energy في اتجاه وحيد نحو قاع العربة المستهدفة أو على الجنزير . وبشكل عام يصنف الخبراء حقول الألغام ضمن خمسة أنواع رئيسة :


- ضد الإنزال Anti-landing : هذه مستعملة على طول الأشرطة الساحلية وضفاف الأنهار لمنع وتعطيل الهجمات البرمائية والمعابر النهرية .
- مضاد للأفراد Anti-personnel : مستعمل أمام حقول الألغام المضادة للدبابات والمواقع الدفاعية لمشاغلة أفراد سلاح الهندسة والمشاة المساندين .
- مضاد للدبابات Anti-tanks : مستعمل على طول الدروب والمسالك الرئيسة القريبة ، الأجنحة ، وعلى الحدود ، وأمام مواقع المواضع الدفاعية للحماية من اختراقات سلاح الدروع .
- مختلطة Mixed : هذه مستعملة عندما كلتا الألغام المضادة للأفراد والمضادة للدبابات تكون مطلوبة . مثال على ذلك ، تكوين حقل ألغام وقائي مستعجل أمام المواقع الدفاعية .
- خداعية Decoy : يستعمل هذا النوع من الحقول للتضليل أو التشويش على قوات العدو بالنسبة إلى موقع إنشاء حقل الألغام الفعلي .




وبصفة عامة ، هناك ثوابت نسبية يتطلبها العمل ، فعلى سبيل المثال حقول الألغام المضادة للأفراد تبدأ عادة أمام الحافة الأمامية forward edge لموضع زرع وطرح الألغام المضادة للدبابات ، وذلك بغرض حمايتها وتأمينها . هم يمكن أن يجعلوا من الألغام شديدة الانفجار ، أو المتجزئة والمتشظية ، أو من كلا النوعين ، مع الالتزام بالخصائص العامة التي تتضمن : تحديد مكان العمل على الحافة الأمامية للمواقع الدفاعية . أن يكون موضع نشر الألغام المضادة للأفراد على عمق 10-50 م ، مع عرض حقل يتفاوت حسب نوع وطبيعة التضاريس . وأن يكون هذا ضمن اثنان إلى أربعة صفوف ، مع فاصل بعدي بين الألغام لا يتجاوز متر واحد (بالنسبة لألغام العصف شديدة الانفجار blast mines) ، أو ضعفي نصف القطر التدميري بين ألغام التجزؤ والتشظية fragmentation mines . وأخيراً يفترض أن يشتمل الحقل المنشأ على نحو 2,000 إلى 3,000 لغم شديد الانفجار ، ونحو 100 إلى 300 لغم تشظية لكل جبهة كيلومتر واحد .


أما بالنسبة لحقل الألغام المضاد للدبابات فهذا يجب أن يبدأ أولياً في القطاعات المهددة threatened sectors من قبل الدروع المعادية ، أمام المواقع الدفاعية ، على الأجنحة ، على حدود الوحدة ، وأمام مواقع بطاريات المدفعية وكذلك مواقع القيادة . خصائص العمل تتضمن حقل ألغام بعمق 60-120 م ، مع عرض يتفاوت حسب نوع التضاريس المتاحة . الحقل يتضمن 3-4 صفوف ، مع مسافة بعدية بين الصفوف لنحو 20 إلى 40 م . أن يكون هناك مسافة لنحو 9 إلى 12 م بين ألغام مهاجمة البطن belly attack ، ونحو 4 إلى 5,5 م بين الألغام المخصصة لمهاجمة الجنازير anti-tracks . وأن يشتمل الحقل على نحو550-750 لغم مضاد للجنازير ، أو عدد 300 إلى 400 لغم هجوم بطن لكل جبهة كيلومتر للكثافة والتأثير الطبيعي ، أو أكثر من 1,000 لغم لكل جبهة كيلومتر للكثافة العالية والتأثير المتزايد increased effectiveness .




حقل الألغام المختلط هو النوع الأساس المستخدم لإنشاء العقبات والموانع الفاعلة في معركة الأسلحة المشتركة المعاصرة combined arms combat . هم فعالون جداً وسهلون للتركيب والنشر ، بحيث يصعب التغلب عليهم . مع ذلك فمن المفيد التوضيح هنا أن الألغام المضادة للدبابات وتلك المضادة للأفراد لا تخلط وتدمج عادة ضمن صف ألغام وحيد single mine row ، بل كما ذكر سابقاً هي مرتبة في صفوف كل نوع على حده .إن مؤشرات هذا النوع من حقول الألغام محكومة ومقررة بكثافة الألغام المضادة للدبابات التي ستنجز الأهداف الموضوعة من أجلها .


حقل الألغام الخداعي يعكسه مصطلح "ماسكيروفكا" Maskirovka ، الذي يشير إلى المكر والخداع العسكري في المذهب العسكري السوفييتي والروسي . الكلمة في حقيقتها مستعارة من الروسية maskirovka التي تعني بشكل حرفي التمويه والإخفاء ، لذا الأصل في إنشاء هذا النوع من حقول الألغام هو خداع العدو وصرف انتباهه عن المواقع الحقيقية لحقول الألغام الفعلية . هو قَد يتسبب في عرقلة وتعطيل disrupt حركة قوات العدو أو يجبر العدو على إنفاق أدواته لتطهير حقول الألغام بدون أي داع . تقنيات الخداع تتضمن حفر وتقليب تربة الأرض السطحية ، تركيب علامات حقل الألغام minefield markers ، والإشارات الأخرى التي تشير لعمل أفراد سلاح الهندسة .




إن فهم معمق وشامل لقادة المعركة ، يمكن أن يؤدي إلى توفير نظام عقبات وموانع obstacle system كفء ، يستخدم الألغام المضادة للدبابات (AT) أو المضادة للأفراد (AP) في بناءه . يبدأ سلاح الهندسة بتقييم المعلومات الاستخباراتية ودراسة أهداف العدو وقابلياته ، والعمل المحتمل . كما تبرز عناصر مهمة مثل الرصد والمراقبة ، الغطاء والإخفاء ، التضاريس الرئيسة ، العوائق ، والدروب أو طرق التقدم المقترحة . فالتحليل لا يستند فقط على خصائصِ وسمات الأرض ، لكن أيضاً على العدو ونية أو هدف القائد . ويتولى سلاح الهندسة تقديم النصح والمشورة بناء على تقديراته على موقع المعركة وتعيين منطقة الاشتباك engagement area المحددة ، بالإضافة إلى المعلومات الأولية الضرورية لتطوير خطة الموانع/الحواجز . إن خطة الموانع obstacles plan واستخدام الألغام ضمن هذه الخطة ، هو جزء مهم من عملية مواجهة قابلية حركة العدو الشاملة . وتتجه الرغبة الرئيسة في هذه العملية نحو مهاجمة قدرات العدو على تنفيذ خطته ، في حين تتجه الرغبة الثانوية نحو تحطيم أو تعطيل عرباته المدرعة ، ويمكن إنجاز وإنجاح هذا الأمر بشكل بارع ضمن نظام متكامل من الموانع التكتيكية tactical obstacles والنيران الموجهة . الموانع والعقبات التكتيكية تستخدم لتخفيض وتقليل قدرات العدو على المناورة maneuver ، التحشد mass ، تعزيز القوات reinforce ، وزيادة ضعفه ووهنه إلى النيران المقابلة .. في الختام يمكن القول أن حقول الألغام تشكل تحدي هام لجميع القوى المشاركة في العمليات ، بينما تكون عملية تقرير وتعيين حدود حقل ألغام من العقبات الأخرى أكثر صعوبة . ومهما كانت تقنية الاختراق المستخدمة عملياً ، سواء أكانت شحنات الحبال الرقيقة المتفجرة line charges ، المحاريث plows ، الدحاريج rollers ، أو تلك المنزوعة من قبل فرق الإزالة ، فإن الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على التحليل المركز السريع لنوعية حقل الألغام ، وأنواع الألغام المستخدمة في الحقل ، ونوع ومدى نيران التغطية الفعالة . وبغض النظر عن تقنية الاختراق المستخدمة ، فإنها يجب أن تتم دائماً من خلال التنسيق مع عمليات الأسلحة المشتركة Combined Arms Operations .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق